الورد مقابل الدماء.. هكذا يقاوم شعب غزة ..!
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
بقلم: فالح حسون الدراجي ..
بسبب حساسيته الشعرية العالية، ومخيلته الخصبة، يحلق الشاعر في فضاءات الجمال بأجنحة مزاجه الفني الخاص، ويرى ما لا يراه الآخرون في الصورة التي ينظرون اليها جميعاً.. لذلك تراه يشتغل في منطقة لا تصل اليها أقدام غيره، باحثاً في معادلات غير منطقية وغير عقلانية، بل وسيصل إلى نتائج خارجة عن منطق جميع علوم الفيزياء والرياضيات والطبيعة.
وبين كل هذا الركام من الأسى والدم والدموع، ووسط هذا الكم الهائل من الاحزان والأوجاع والخيبات (العربية) التي يصاب بها شعب غزة كل يوم، ناهيك من شراسة الجوع والبرد والقلق والخوف من المجهول، إذ لا أحد يعرف ماذا يضمر المجنون نتنياهو في قلبه وعقله من خطط جهنمية لهذا الشعب الصابر .. وإزاء شعب يدفن أبناءه القتلى في باحات البيوت السكنية، بعد أن توقفت المقابر الجماعية عن استيعاب المزيد من الموتى، وفي مثل هذه الأوضاع الكارثية التي لا يمكن لمواطن أن يفكر بالفن والشعر والجمال والعصافير والورود .. إذ كيف يفكر ويحلم الجائع بغير رغيف الخبز الحار، وكيف يتقبل الأب شراء باقة ورد، وهو غير قادر على شراء قنينة دواء لطفله المريض، وكيف يتقبل فكرة إهداء وردة حمراء لحبيبته في عيد الحب، وهو لا يجد لهذا اليوم ذكراً في (روزنامة) الأيام الدامية التي يعيشها في غزة القتل والقصف والنار، نعم، وفي قسوة هذا المناخ، يبرز لك شاب يبيع الورد .. والغرابة لا تكمن في هذا الفتى المجنون، إنما تكمن في أهل غزة المجانين الذين تسابقوا على شراء الورد منه !!
فأي مزاج سريالي هذا ؟!
وأي جنون جميل هذا ؟! وهنا ستحدث الدهشة، بمعنى يحدث الشعر، وتولد وتتناسل الاسئلة، وما الشعر إلا هذه الاسئلة التي لن تجد أجوبة لها.. صدمتني الصورة، فقفزت من مقعدي كالملدوغ: يا الهي أي شعب هذا، وأي روحية فذة يمتلك، وأي حب يسري في دمه وشرايينه وأحلامه؟
الفلسطينيون مدهشون، مختلفون، ومجانين بكل معنى الكلمة.. وإلا ماذا تقول عن رجل يبحث عن وجه ولده الضائع في زحمة وجوه المهجرين والنازحين من خان يونس إلى رفح، فيتوقف عند بائع الورد، ويخرج من جيبه عملة نقدية، يناولها إلى البائع، ويحمل بيده وردة، وكأنه وجد ضآلته ورجاءه في أريج هذه الوردة الحمراء؟.
إنه أمر غير معقول في حسابات المنطق ..
لذلك وجدتني أكتب هذا المقال لأسطر من خلاله اعجابي بهذا الشعب البطل، رغم أني متأكد وواثق من أن بعض القراء سينتقدني بسبب هذا الاطراء، منطلقاً من ذكرياته المؤلمة عن مواقف بعض الفلسطينيين المؤيدة للطاغية صدام حسين، دون النظر إلى معاناة وعذابات الشعب العراقي وهو يواجه نظام صدام الفاشي الإرهابي ..!
وسيكون الحال مراً لدى هذا البعض من القراء حين يعلم أن قادة حماس كالشيخ احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهما، كانوا اكثر المتحمسين لتأييد صدام حسين، بل وإن هناك عشرات الآلاف من الفلسطينيين كانوا يخرجون بمسيرات كبيرة في شوارع مدن فلسطين، ومن بينها قطاع غزة، وهم يهتفون لصدام، حاملين صوره ومتوعدين بالانتقام والثار له .. والأشد مرارة إن الاف الناس في الضفة الغربية مازالوا حتى هذه اللحظة يرفعون صور هذا الطاغية في واجهات ومداخل بيوتهم ومحلاتهم.
وقد يتسامح المواطن الفلسطيني مع أي شخص وحول أي شيء، لكنه لن يتسامح قط مع من ينتقد أو يعارض صدام ..!
ومع ذلك، فإني استطيع تبرير هذه الأفعال بجملة واحدة، مفادها، أن صدام حسين محتال، وبهلوان حقيقي، نجح في الضحك على ذقون الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، ولا يصعب عليه الضحك على ذقون أبناء الشعب الفلسطيني ايضاً، سواء عبر الأكاذيب التي كان يبثها في خطاباته الفجة، حول فلسطين وتحريرها من النهر إلى البحر، وتسويقه لفيلم (صدام، الزعيم العربي الوحيد الذي ضرب تل أبيب بتسعة وثلاثين صاروخاً)، رغم أن الجميع يعرف أن العملية هزلية برمتها، لم تقتل فيها قطة اسرائيلية ولا كلب صهيوني واحد ..!
أو من خلال تقديم الرشى للسياسيين والإعلاميين، ودفع شيكات التعويض لعوائل الضحايا في مدن فلسطين المحتلة، مستغلاً الظروف المعيشية المرة التي كان يمر بها الشعب الفلسطيني.. لهذا وذاك يجب علينا ان نتفهم أوضاع وظروف اشقائنا، بل وأن نعذرهم أيضاً، مهما كان وجعنا كبيراً ..
فما مر عليهم، وما يمرون به اليوم على يد الصهاينة يدعوان كل عراقي إلى مسامحة اخيه الفلسطيني ومساعدته والوقوف إلى جانبه في محنته الحالية.. أما أنا فقد غسلت بدموع طفلة غزاوية جائعة، كل ما في قلبي من مرارة وعتب على الفلسطينيين- الأردنيين، الذين أساؤوا لي ولكثير من العراقيين المقيمين في عمان بسبب معارضتنا لصدام في تسعينيات القرن الماضي..
إن هدفي من هذا المقال يتحدد بدعم هذا الشعب البطل، المضحي، الذي ظُلم كثيراً، واتُهم وحورب وتعرض للإبادة والتهجير والتشريد لأكثر من ستة عقود قاسية، خاصة وأن لشعب فلسطين تأثيراً كبيراً على توجهاتي الثقافية لاسيما الشعرية..
إذ تعرفت على فلسطين الثورة والكفاح والشعر في أول شبابي، فقد عشقت الشعر والأدب والغناء الفلسطيني، خاصة الشعراء الشيوعيين محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد، والشاعر والكاتب معين بسيسو، الذي أصبح أمين عام الحزب الشيوعي في قطاع غزة، وغيرهم.. واتذكر أن أول ديوان شعر قرأته وكسبني لساحة الشعر، وأنا في السادسة عشر من عمري، كان (عصافير بلا اجنحة)، لشاعر المقاومة محمود درويش، وهو أول ديوان يصدره (الشاب) درويش.. وقد تنوعت قصائده على ما أذكر بين العمودى والتفعيلة.. ومنذ ذلك الديوان، وأنا على ولائي للشعر الفلسطيني الثائر..
لقد تذكرت كل هذا الجمال والروعة، وانا ارى ذلك الشاب الفلسطيني الذي يبيع الورد في اسواق وشوارع غزة المزدحمة بالدم والجوع والمقابر الجماعية.. فهل كان الورد يمثل قطب المعادلة المجنونة، التي تمثل الدماء قطبها الثاني؟!
فالح حسون الدراجيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
قيادة في «مهب الريح».. المستشار الألماني يقاوم ثورة خصومه داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحاول عدة شخصيات من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا التشكيك في إعادة انتخاب المستشار أولاف شولتز.
وفي عالم السياسة الألمانية المهذب، رأى البعض فى ذلك باعتباره محاولة "انقلاب". وتحديدًا، تحدث شخصان من الحزب الديمقراطي الاشتراكي حول جدوى إعادة انتخاب أولاف شولتز، بينما كان المستشار يشارك في قمة مجموعة العشرين في ريو، على بعد ١٠ آلاف كيلومتر من برلين.
وقال ديرك فيزه وفيبكي إسدار، نائبا الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البوندستاج عن شمال الراين وستفاليا: "إن سمعة أولاف شولتز الحالية مرتبطة بقوة بالائتلاف. ومع القليل من الإدراك، سيتم بالتأكيد الحكم على عمله وقراراته من أجل بلادنا بشكل أكثر إيجابية.. باختصار: لنترك للتاريخ الحكم على سجل المتقاعد المستقبلي شولتز، الذي قاد حكومته إلى الحائط، ولنجد بديلًا له بشكل عاجل، وهو في هذه الحالة وزير الدفاع بوريس بيستوريوس".
حالة اضطرابفي السابق، اتخذ العديد من ديناصورات الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بما في ذلك وزير الاقتصاد السابق زيجمار جابرييل والمستشار السابق جيرهارد شرودر، موقفًا أيضًا: الأول من خلال دعوة رفاقه إلى اتخاذ القرار بترشيح بديل عن شولتز، والثاني من خلال المطالبة باستمراره. لكن كلام النائبين من شمال الراين وستفاليا، وهي منطقة رئيسية في ألمانيا، وضع الحزب في حالة من الاضطراب. ومنذ ذلك الحين، يخشى الناشطون أن يكون الوقت قد فات، قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات، لتغيير مواقفهم.
وكانت إقالة أولاف شولتز لوزير المالية زعيم الحزب الليبرالي كريستيان ليندنر، سببًا في قرار البوندستاج بالدعوة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ٢٣ فبراير. وكان المستشار نفسه مبتهجًا بقراره، واعتبره علامة على إضفاء الشرعية الإضافية على ترشيحه، وإلغاء الفوضى التي ولدتها السنوات الثلاث التي قضاها في منصبه.
كما اعتقد كبار الشخصيات في الحزب، بما في ذلك زعيم كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البوندستاج، وممثل الجناح اليساري، رولف موتزينيتش، أنهم قادرون على التغلب على هذه الحلقة، من خلال الدعوة إلى استمرار الوضع الراهن. وقال "أنا على قناعة راسخة بأن أولاف شولتز قد فعل الخير لهذا البلد خلال السنوات الثلاث الماضية. وأنا شخصيًا مقتنع بذلك أيضًا".. على عكس الألمان أنفسهم حيث يقول ١٥٪ منهم فقط إنهم على استعداد للتصويت لصالح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في حين تراجع شولتز إلى المركز العشرين في تصنيف السياسيين المفضلين، فيما يأتى وزير الدفاع بوريس بيستوريوس في المقدمة.
الانزعاج منتشريجسد وزير الدفاع خطًا أكثر يمينية في مواجهة التقليد السلمي للحزب الذي لا يروق للعديد من المتعاطفين مع القضية الأوكرانية، إلا أن بوريس بيستوريوس لا يتمتع ببنية رجل دولة، كما يتردد داخل الحزب، وقد يواجه ترشيحه نفس مصير كامالا هاريس في الولايات المتحدة.
ويوضح الناشطون أن الحزب يجنى ثمار عدم شعبية شولتز، دون أن يتحمل قادته عناء مواجهة هذه الحالة المزاجية. وكانت هذه الأمور واضحة خلال الانتخابات الأوروبية، وتعززت خلال الانتخابات الإقليمية في ولايات جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة. وحرص ديتمار فويدكي، رئيس قائمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في براندنبورج، حيث ينتمي شولتز، فى دائرته الانتخابية على عدم الظهور أبدًا برفقة المستشار خلال الحملة الانتخابية. وقد أعيد انتخابه.
ومنذ ذلك الحين، استمر الإحباط في التصاعد. وقال نائب برلماني من ولاية راينلاند المنتهية ولايته، مستهدفًا "الأفيال" بالحزب بشرط عدم الكشف عن هويته: "يجب على قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن تُظهر للبلاد كيفية النقاش بشكل مفتوح وعادل والتوقف عن الرغبة في فرض ترشيحها بأوامر عليا كما لو كانت واجبة النفاذ"، فيما يتوقع البافاري باتريك ليتل أن "الرفاق سوف يتساءلون عما إذا كان الأمر يستحق توزيع منشورات في منتصف الشتاء تكرر أن شولتز هو الأفضل".. وعلى أية حال، الأيام المقبلة حبلى بما ينتظر الحزب الاشتراكى الديمقراطى من تطورات تنعكس على مستقبل الحكومة الألمانية القادمة وشكل تكوينها.