عربي21:
2024-10-05@14:17:18 GMT

بريطانيا وقضية التعاطف الشعبي

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

لا يكاد يختلف اثنان في معظم أنحاء العالم على تعاطفهم مع المدنيين في فلسطين الجغرافية، أو على ضرورة إيجاد حل سريع للوضع المأساوي لسكان غزة، والتوصل لتسوية سلمية، كمشاعر إنسانية عامة.

بريطانيا ليست استثناءً من تنامي شعور التعاطف، الذي اتخذ، لأربعة أشهر، شكل مظاهرات متكررة أثارت في الأسابيع الأخيرة انقسامات حادة، تركت أثرها في مشاهد غير مسبوقة في أم البرلمانات، في وستمنستر.



لماذا اخترنا العنوان؟ الموجه لمحبي السلام والساعين لحل عادل لجميع الأطراف، وخاصة منظمات الغوث والمعونات الإنسانية.

متابعتي لكثير من الحركات الاحتجاجية أو الداعية لأهداف إنسانية، تستخلص دروساً مهمة (وأركز هنا على بريطانيا، موطني لأكثر من ستة عقود متابعتي فيها بدأت مع مسيرات «حركة نزع الأسلحة النووية» التي انطلقت في نهاية الخمسينات).

حرية التعبير والاحتجاج والتظاهر من الحقوق المقدسة في بريطانيا، وكثير من حركات الاحتجاج تاريخياً تلتزم القانون، وبتقاليد المجتمع، البريطانية.في كثير من الأحوال الحركة بدأتها نواة من الأشخاص حركتهم إنسانيتهم بدوافع نبيلة، ولاقت تأييد جميع الأطياف بما فيهم الكنيسة الرسمية ورجال معظم الأديان والصحافة.

النواة، النبيلة الأهداف، كثيراً ما تجد نفسها، «تاهت في الزحمة».

المقصود بالازدحام هنا، تضخم المشاركين في الحركة، لاغتباط قادتها في البداية، حتى تجد الحركة الأصلية نفسها أقلية، وسط تيارات وحركات وتنظيمات وآيديولوجيات وأفراد، بينهم بالطبع المتعاطفون إنسانياً، وبعضهم لدوافع أخرى لترويج آيديولوجيات أو افتعال مواجهات أو إثارة أمور لا علاقة لها بالأهداف الأصلية الإنسانية. الأخطر بالطبع الجهل بالتفاصيل، وذوو المعرفة السطحية الذين يندمجون في الحركة بدوافع عاطفية ويندفعون بتحمس الجماعة إلى ارتكاب مخالفات قانونية تضر بالحركة الأصلية وتخسرها التعاطف الشعبي.

حرية التعبير والاحتجاج والتظاهر من الحقوق المقدسة في بريطانيا، وكثير من حركات الاحتجاج تاريخياً تلتزم القانون، وبتقاليد المجتمع، البريطانية.

مسعى المظاهرات جذب انتباه الرأي العام عن طريق الصحافة والإذاعات، ولذا ترى كثيراً من الدمى العملاقة والأقنعة الساخرة بشكل كاريكاتيري من الساسة؛ والأهم إقناع الجهة الوحيدة القادرة على إحداث التغيير المطلوب: نواب البرلمان في وستمنستر.

في الأيام القليلة الماضية، رأينا عدداً معتبراً من نواب مجلس العموم يشكون من «التخويف الاستفزازي» لحركات الاحتجاج، لدفعهم للتصويت في اتجاه محدد (وهو أحد الأسباب التي ساقها رئيس البرلمان في خروجه عن الأعراف البرلمانية الأسبوع الماضي). وتخصيص 31 مليون جنيه إسترليني يوم الأربعاء لحماية مخصصة لنواب البرلمان من تهديدات المحتجين.

شكوى النواب من تهديدات المحتجين كالصراخ في وجوههم بمكبرات الصوت، ومحاصرة منازلهم والهتافات المعادية بمكبرات الصوت (كما حدث مع النائب توبايز إيللوود وزير الدفاع السابق، ووزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية سابقاً، ولجنة شؤون الدفاع البرلمانية) ومحاصرة مكاتب الدائرة لعدد من النواب بسبب التزامهم خطَ الحزب في مناظراتهم البرلمانية (كما حدث للنائبة العمالية المسلمة روشانارا علي).


رئيس الوزراء ريشي سوناك استدعى مفوضي قوات البوليس وحثهم على عدم السماح «لسلطة الغوغاء» بأن تكون بديلاً عن «حكم الديمقراطية».

وزير الداخلية، جيمس كليفرلي، قال إن المظاهرات والمسيرات حققت الغرض من تعاطف الرأي العام، وناشد المتظاهرين التقليل منها، حيث تجاوزت تكاليف حراستها ورعايتها 24 مليون جنيه من ميزانية بوليس لندن، بجانب أنها تشغلهم عن متابعة الجريمة في أماكن أخرى.

بتشريح المسيرات والمظاهرات في الفترة الأخيرة تجد أن بها كثيراً من التيارات، لا علاقة لها بالفلسطينيين أو الإسرائيليين، وربما لا يعرف كثيرهم أين تقع غزة على الخريطة.

هناك الكثيرون من محترفي المظاهرات وتعطيل المرور، وأيضاً تنظيمات ليس في تاريخها اهتمامات بقضايا الشرق الأوسط كمحتجي البيئة، أو حركة منع التنقيب عن البترول، وحركات المثليين، لكنهم يركبون الموجة للدعاية لأنفسهم لتظهر الكاميرات لافتاتهم.

أما التيارات التي دفعت برئيس الحكومة للتحذير من «سلطة الغوغاء» وتخصيص الحراسة للنواب، فوراءها آيديولوجيات وتنظيمات سبقت نشاطاتها أحداث أكتوبر (تشرين الأول) الماضي المأساوية بسنوات؛ وهي حركات تتسم بالعنف، وليس بين أعضائها وناشطيها عرب. فمثلاً من يقفون بالميكروفونات ويدعون إلى «إعلان الجهاد العالمي» أو يحاصرون مكاتب النواب أو يهددون أسرهم، ينتمون تاريخياً إلى حركات، متطرفة أو مدرجة على قوائم الإرهاب، وعضويتها ممنوعة قانونياً. وهناك من لا يعرفون من اللغة العربية سوى نصوص بسيطة لترديد ما يلزم فقط لأداء شعائر الدين، ولذا فمعرفتهم بتاريخ مشكلات المنطقة وأسباب الخلاف، سطحي ومحدود بالترجمات الانتقائية.

الحملة الانتخابية بدأت بالفعل وأولوية الناخب الاقتصاد الذي يؤثر عليه سلباً تهديد الملاحة في البحر الأحمر، فماذا نتوقع رد فعل المواطن البريطاني لرفع أعلام الحوثيين في المسيرات؟
أو رد فعله لاستقطاع البوليس الوقت والميزانية من أمن المواطنين لحراسة المظاهرات؟
وكيف وصل الأمر بأن ترتبط في الأذهان عبارات «كسلطة الغوغاء» أو «تخويف النواب» بحركة بدأت أصلاً بنوايا نبيلة ولأهداف إنسانية؟

ولذا فمن الحكمة أن تبتعد حركة دعم السلام في غزة ومساعدة المدنيين، بنفسها عن التيارات والتنظيمات الغريبة جغرافياً وتاريخياً وفكرياً، التي تركب موجة الاحتجاجات لأغراض لا علاقة لها بالأهداف الأصلية الإنسانية.

المصدر: الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة بريطانيا بريطانيا فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مناظرة نارية في أمريكا.. والنزاع بين «والز» و«فانس» يشتعل حول إيران وترامب ‏وقضية الإجهاض

أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة SSRS الأمريكية بين مشاهدي المناظرة، بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس «تيم والز» و «جي دي فانس» انقسامًا كبيرًا حول أي المرشحين قام بعمل أفضل، وقد ترك الحدث للمشاهدين وجهات نظر أكثر إيجابية لكلا المرشحين مقارنة بما كانوا عليه قبل المناظرة.

ومن بين مراقبي المناظرة، يظل والز المرشح الذي ينظر إليه الناس بإيجابية أكبر، والذي يتواصل بشكل أكبر مع احتياجاتهم ورؤيتهم للبلاد.أما فانس، فقد عزز مكانته بين جمهور المناظرة، متجاوزًا التوقعات وكسب أرضية. كما كان يُنظَر إليه بفارق ضئيل على أنه يقوم بعمل أفضل من والز في الدفاع عن زميله في الترشح.

وبعد المناظرة، قال 51% من المشاهدين إن فانس كان أفضل أداءً، بينما اختار 49% والز. وفي استطلاع للرأي أجري بين نفس الناخبين قبل المناظرة، كان والز المرشح الذي توقعوا أن يؤدي أداءً أقوى، بنسبة 54% إلى 45%.

وانقسمت وجهات النظر حول المرشحين لمنصب نائب الرئيس إلى حد كبير بعد المواجهة: قال 90٪ من مشاهدي المناظرة الذين يؤيدون ترشيح ترامب إن فانس قام بعمل أفضل، بينما رأى 82٪ من أنصار هاريس الذين تابعوا المناظرة أن والز هو الفائز.

خط فاصل بشأن الإجهاض

حقوق الولايات المتحدة الأمريكية أم حقوق الإنسان؟ كان هذا هو جوهر المناقشة بين والز وفانس بشأن حقوق الإجهاض.

وبطبيعة الحال، جاء المرشحان مستعدين لمناقشة هذه القضية، ولكن ما كان لافتًا للنظر هو الوضوح الذي أبداه الطرفان.

وزعم فانس أنه بما أن الولايات المتحدة بلد متنوع للغاية في كثير من النواحي، فإن عملية وضع القواعد ينبغي أن تنتقل إلى أقصى حد ممكن ــ إلى الولايات، في رأيه.

وقال فانس، لدينا بلد كبير ومتنوع، وكاليفورنيا لديها وجهة نظر مختلفة حول هذا الأمر عن جورجيا، مشيرًا إلى موقف لم يكن ترامب واضحًا بشأنه.

وأكد «والز»، أن الولايات ستقرر ما هو مناسب لتكساس وقد لا يكون مناسبًا لواشنطن؟ هذه ليست الطريقة التي تسير بها الأمور. هذه حقوق إنسانية أساسية. لقد شهدنا ارتفاعًا حادًا في معدلات وفيات الأمهات في تكساس.

ولكن فانس، الذي قضى أغلب الليل في موقف دفاعي، كان أكثر حذراً أثناء هذا التبادل للآراء. ففي محاولة واضحة لإثارة مخاوف الناخبين المترددين، قال ــ كما وعد العديد من المدافعين عن مناهضة الإجهاض ــ إن الحزب الجمهوري يحتاج إلى بذل جهد أفضل في تعزيز السياسات "المؤيدة للأسرة"، بما في ذلك إتاحة الوصول إلى علاجات الخصوبة وجعل الإسكان أكثر يسراً.

من جهته، طُلب من والز مرارًا وتكرارًا الرد على ادعاءات كاذبة من ترامب بأن حاكم ولاية مينيسوتا يؤيد الإجهاض في الشهر التاسع. في إحدى أقوى لحظاته في تلك الليلة، أثار والز القصص الشخصية للنساء اللاتي واجهن أزمات صحية أو توفين بسبب حظر الإجهاض في الولاية.

وسُئل فانس عما إذا كانت حملة ترامب تريد إنشاء وكالة فيدرالية لمراقبة الحمل، في إشارة إلى ادعاء آخر سابق قدمه والز.

ورد فانس قائلاً: بالتأكيد لن نفعل ذلك.

إيران والوضع في الشرق الأوسط

وردًا على سؤال بشأن الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، قال المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس تيم والز، إن الالتزام بضمان قدرة إسرائيل للدفاع عن نفسها أمر رئيسي وإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة كذلك.

وشدد والز على أهمية القيادة الثابتة والرشيدة، مشيراً إلى أن ما تحتاجه أميركا في هذه اللحظات ليس دونالد ترمب البالغ من العمر 80 عاماً، وهو يتحدث عن حجم الحشود التي تحضر تجمعاته الانتخابية.

وقال: من هم قريبين إلى دونالد ترمب يعرفون كم هو خطر، بمن في ذلك مستشاره السابق للأمن القومي وكبير موظفيه السابق، ووزير دفاعه السابق.

وأضاف: أقرب الناس إليه حالياً، السيناتور فانس، قال إنه غير مؤهل للحكم.

وتابع: نحتاج قائداً يفهم أن حلفائنا مهمون. حين يرى حلفائنا ترمب يتحول إلى بوتين وكوريا الشمالية، نحن سنبقى ملتزمون بحلفائنا، وستكون هناك عواقب حين يتعرض حلفائنا لهجوم.

اقرأ أيضاًترامب: عندما كنت رئيسا كانت إيران تحت السيطرة الكاملة والآن العالم يحترق

الجارديان: قائمة السياسات الاقتصادية لـ «كامالا هاريس» أكثر شعبية من قائمة ترامب

«خائف».. ممثل الحزب الديمقراطي السابق يعلق على رفض «ترامب» إجراء مناظرة ثانية أمام «هاريس»

ترامب وفشل الملف النووي

وقال والز إنه حين كان دونالد ترمب في السلطة انسحب من الاتفاق النووي مع إيران، والذي نجحت مجموعة من الدول في عقده معها لتحجيم برنامجها النووي، ولم يعقد معها أي اتفاق آخر.

واعتبر أن إيران أصبحت أقرب إلى السلاح النووي من أي وقت مضى بسبب قيادة دونالد ترمب المتقلبة، وحين أسقطت إيران طائرة أمريكية في المجال الجوي الدولي، غرد ترمب على تويتر لأن هذه هي دبلوماسية ترمب، وحين أُطلقت صواريخ إيرانية بالقرب قوات أمريكية، وتسببت في أضرار دماغية لهم، اعتبر ترمب أنهم أصيبوا بصداع.

وتابع: حلفائنا يفهمون أن ترمب متقلب، وسيذهب إلى من يجاملونه، القيادة الرشيدة هي ما رأيته اليوم، تم صد الهجومين الإيرانيين على إسرائيل، والتحالف قوي، ونحن نحتاج القيادة الثابتة التي توفرها كامالا هاريس.

مقالات مشابهة

  • بداية ساخنة لمجلس النواب.. الوزير وعبد الغفار تحت قبلة البرلمان لهذه الأساب
  • العرفي: لا صحة لإلغاء البرلمان ضريبة النقد الأحنبي.. وسحب قرارات غفار ضربة موجعة للرئاسي
  • بليحق: ننفي صدور قرار عن رئيس البرلمان بإلغاء قرار فرض ضريبة على بيع النقد الأجنبي
  • هيئة الطرق: الطريق الساحلي السريع أحد أهم الطرق الرئيسية بمنطقة جازان التي أسهمت في دعم الحركة السياحية
  • مفتي راشيا: لنزول النواب فوراً الى البرلمان
  • «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية
  • كيف ألقت الأحداث الراهنة بظلالها على ملف رئاسة البرلمان العراقي؟
  • كيف ألقت الأحداث الراهنة بظلالها على ملف رئاسة البرلمان العراقي؟ - عاجل
  • «تشريعية النواب» توضح مصير قانون الأحوال الشخصية بعد سحبه من البرلمان
  • مناظرة نارية في أمريكا.. والنزاع بين «والز» و«فانس» يشتعل حول إيران وترامب ‏وقضية الإجهاض