لا يكاد يختلف اثنان في معظم أنحاء العالم على تعاطفهم مع المدنيين في فلسطين الجغرافية، أو على ضرورة إيجاد حل سريع للوضع المأساوي لسكان غزة، والتوصل لتسوية سلمية، كمشاعر إنسانية عامة.
بريطانيا ليست استثناءً من تنامي شعور التعاطف، الذي اتخذ، لأربعة أشهر، شكل مظاهرات متكررة أثارت في الأسابيع الأخيرة انقسامات حادة، تركت أثرها في مشاهد غير مسبوقة في أم البرلمانات، في وستمنستر.
لماذا اخترنا العنوان؟ الموجه لمحبي السلام والساعين لحل عادل لجميع الأطراف، وخاصة منظمات الغوث والمعونات الإنسانية.
متابعتي لكثير من الحركات الاحتجاجية أو الداعية لأهداف إنسانية، تستخلص دروساً مهمة (وأركز هنا على بريطانيا، موطني لأكثر من ستة عقود متابعتي فيها بدأت مع مسيرات «حركة نزع الأسلحة النووية» التي انطلقت في نهاية الخمسينات).
حرية التعبير والاحتجاج والتظاهر من الحقوق المقدسة في بريطانيا، وكثير من حركات الاحتجاج تاريخياً تلتزم القانون، وبتقاليد المجتمع، البريطانية.في كثير من الأحوال الحركة بدأتها نواة من الأشخاص حركتهم إنسانيتهم بدوافع نبيلة، ولاقت تأييد جميع الأطياف بما فيهم الكنيسة الرسمية ورجال معظم الأديان والصحافة.
النواة، النبيلة الأهداف، كثيراً ما تجد نفسها، «تاهت في الزحمة».
المقصود بالازدحام هنا، تضخم المشاركين في الحركة، لاغتباط قادتها في البداية، حتى تجد الحركة الأصلية نفسها أقلية، وسط تيارات وحركات وتنظيمات وآيديولوجيات وأفراد، بينهم بالطبع المتعاطفون إنسانياً، وبعضهم لدوافع أخرى لترويج آيديولوجيات أو افتعال مواجهات أو إثارة أمور لا علاقة لها بالأهداف الأصلية الإنسانية. الأخطر بالطبع الجهل بالتفاصيل، وذوو المعرفة السطحية الذين يندمجون في الحركة بدوافع عاطفية ويندفعون بتحمس الجماعة إلى ارتكاب مخالفات قانونية تضر بالحركة الأصلية وتخسرها التعاطف الشعبي.
حرية التعبير والاحتجاج والتظاهر من الحقوق المقدسة في بريطانيا، وكثير من حركات الاحتجاج تاريخياً تلتزم القانون، وبتقاليد المجتمع، البريطانية.
مسعى المظاهرات جذب انتباه الرأي العام عن طريق الصحافة والإذاعات، ولذا ترى كثيراً من الدمى العملاقة والأقنعة الساخرة بشكل كاريكاتيري من الساسة؛ والأهم إقناع الجهة الوحيدة القادرة على إحداث التغيير المطلوب: نواب البرلمان في وستمنستر.
في الأيام القليلة الماضية، رأينا عدداً معتبراً من نواب مجلس العموم يشكون من «التخويف الاستفزازي» لحركات الاحتجاج، لدفعهم للتصويت في اتجاه محدد (وهو أحد الأسباب التي ساقها رئيس البرلمان في خروجه عن الأعراف البرلمانية الأسبوع الماضي). وتخصيص 31 مليون جنيه إسترليني يوم الأربعاء لحماية مخصصة لنواب البرلمان من تهديدات المحتجين.
شكوى النواب من تهديدات المحتجين كالصراخ في وجوههم بمكبرات الصوت، ومحاصرة منازلهم والهتافات المعادية بمكبرات الصوت (كما حدث مع النائب توبايز إيللوود وزير الدفاع السابق، ووزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية سابقاً، ولجنة شؤون الدفاع البرلمانية) ومحاصرة مكاتب الدائرة لعدد من النواب بسبب التزامهم خطَ الحزب في مناظراتهم البرلمانية (كما حدث للنائبة العمالية المسلمة روشانارا علي).
رئيس الوزراء ريشي سوناك استدعى مفوضي قوات البوليس وحثهم على عدم السماح «لسلطة الغوغاء» بأن تكون بديلاً عن «حكم الديمقراطية».
وزير الداخلية، جيمس كليفرلي، قال إن المظاهرات والمسيرات حققت الغرض من تعاطف الرأي العام، وناشد المتظاهرين التقليل منها، حيث تجاوزت تكاليف حراستها ورعايتها 24 مليون جنيه من ميزانية بوليس لندن، بجانب أنها تشغلهم عن متابعة الجريمة في أماكن أخرى.
بتشريح المسيرات والمظاهرات في الفترة الأخيرة تجد أن بها كثيراً من التيارات، لا علاقة لها بالفلسطينيين أو الإسرائيليين، وربما لا يعرف كثيرهم أين تقع غزة على الخريطة.
هناك الكثيرون من محترفي المظاهرات وتعطيل المرور، وأيضاً تنظيمات ليس في تاريخها اهتمامات بقضايا الشرق الأوسط كمحتجي البيئة، أو حركة منع التنقيب عن البترول، وحركات المثليين، لكنهم يركبون الموجة للدعاية لأنفسهم لتظهر الكاميرات لافتاتهم.
أما التيارات التي دفعت برئيس الحكومة للتحذير من «سلطة الغوغاء» وتخصيص الحراسة للنواب، فوراءها آيديولوجيات وتنظيمات سبقت نشاطاتها أحداث أكتوبر (تشرين الأول) الماضي المأساوية بسنوات؛ وهي حركات تتسم بالعنف، وليس بين أعضائها وناشطيها عرب. فمثلاً من يقفون بالميكروفونات ويدعون إلى «إعلان الجهاد العالمي» أو يحاصرون مكاتب النواب أو يهددون أسرهم، ينتمون تاريخياً إلى حركات، متطرفة أو مدرجة على قوائم الإرهاب، وعضويتها ممنوعة قانونياً. وهناك من لا يعرفون من اللغة العربية سوى نصوص بسيطة لترديد ما يلزم فقط لأداء شعائر الدين، ولذا فمعرفتهم بتاريخ مشكلات المنطقة وأسباب الخلاف، سطحي ومحدود بالترجمات الانتقائية.
الحملة الانتخابية بدأت بالفعل وأولوية الناخب الاقتصاد الذي يؤثر عليه سلباً تهديد الملاحة في البحر الأحمر، فماذا نتوقع رد فعل المواطن البريطاني لرفع أعلام الحوثيين في المسيرات؟
أو رد فعله لاستقطاع البوليس الوقت والميزانية من أمن المواطنين لحراسة المظاهرات؟
وكيف وصل الأمر بأن ترتبط في الأذهان عبارات «كسلطة الغوغاء» أو «تخويف النواب» بحركة بدأت أصلاً بنوايا نبيلة ولأهداف إنسانية؟
ولذا فمن الحكمة أن تبتعد حركة دعم السلام في غزة ومساعدة المدنيين، بنفسها عن التيارات والتنظيمات الغريبة جغرافياً وتاريخياً وفكرياً، التي تركب موجة الاحتجاجات لأغراض لا علاقة لها بالأهداف الأصلية الإنسانية.
المصدر: الشرق الأوسط
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة بريطانيا بريطانيا فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
شباب ورياضة سوهاج تعلن قبول أعضاء للمشاركة في برلمان الشباب
أعلنت إدارة البرلمان والتعليم المدني بمديرية الشباب والرياضة بمحافظة سوهاج برئاسة الدكتور محمد فريد شوقي وكيل وزارة الشباب والرياضة بالمحافظة وإشراف يسري كفافي وكيل المديرية للشباب عن قبول أعضاء جدد للإنضمام والمشاركة في أنشطة نموذج محاكاة مجلس النواب المصري "برلمان الشباب" وأنشطة التثقيف السياسي بمراكز الشباب .
وقال وكيل وزارة الشباب والرياضة بسوهاج أن برلمان الشباب برنامج أعدته وزارة الشباب والرياضة للشباب وهو أحد القنوات الشرعية للمشاركة الإيجابية والتعبير عن الرأي وعرض المشكلات واقتراح الحلول وصياغة التوصيات ومتابعة تنفيذها وهو بدوره يعمل على تدريب الشباب على القيادة .
وأضاف الدكتور محمد فريد شوقي أن برلمان الشباب هو برنامج تعليمي تثقيفي يهدف إلى تعريف الشباب بمشاكل مجتمعهم لكي يشارك الشباب في الحياة العامة والسياسية ومجالات العمل التطوعي داخل مؤسسات المجتمع وبالتالي لابد أن يحصل الشباب على قسط وافر من التدريب و التثقيف وكذلك لابد من المحاكاة و تمثيل الأدوار و ذلك عند المشاركة بفاعلية في برلمان الشباب .
وأوضح وكيل الوزارة أن البرلمان يعتبر آلية من آليات العمل التطوعي للعمل مع الشباب واستكمالا لبرلمان الطلائع بعد بلوغ سن 18 سنة يُعد برنامج تدريبي تثقيفى يعــبر فيه النشء والشباب عن آرائهم بحرية ويتدربون على الممارســة الديمقراطية، ويشاركون في صنع القرار من خلال مناقشات جادة وفعالة لقضـايا وطنهم بأسـلوب علمي حيث يعتبر نموذجًا تدريبيًا كصورة مصغرة من مجلس النواب أعضائه الشباب ويقوم بإعداد وتأهيل الشباب ليتولوا المناصب التشريعية والتنفيذية ويكونوا أعضاء فاعلين في بناء الجمهورية الجديدة .
وأشار الدكتور محمد فريد شوقي إلى أن وزارة الشباب والرياضة تقدم تدريبًا علميًا على ممارسة أدوات الرقابة البرلمانية ("السؤال وطلب الإحاطة والاستجواب الخ" والتعريف "بماهية البرلمان ودوره ووظائفه" "اللجان النوعية واختصاصاتها وكيفية سير المناقشات وكيفية إعداد التقارير والتدريب على نموذج المحاكاة لجلسات المجلس") وكذا التدريب من خلال أساتذة متخصصين في العلوم السياسية وخبراء برلمانيين من مجلس النواب .
وحددت الوزارة شروط ومعايير الالتحاق كالتالي :
1- السن لا يتعدى 25 عام ولا يقل عن 18 عام.
2- أن يكون عضوا بأحد مراكز الشباب وفى حاله عدم وجودها (التوجه لأقرب مركز شباب لعمل عضوية بالمركز) . .
3- الإشتراك من خلال الرابط التالى https://www.emys.app/youth/elecY_parliament_form
4-عقد مقابلات شخصية للمتقدمين بمدريات الشباب والرياضة في نطاق كل محافظة
5- فتح باب الإنضمام شهريًا من يوم 1 لــ 10 لإتاحة الفرصة لمشاركة الأعضاء .