تحليل: السرد الإعلامي المؤيد لروسيا يترسخ في مصر
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
ذكر تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست أن ما أسماه بـ"السرد الإعلامي" المؤيد لروسيا يتزايد في مصر، داعيا صناع السياسة في الدول الغربية إلى ضرورة الانتباه إلى "حرب الكلمات" التي يخسرونها "بشدة".
وأشار التقرير الذي أعده الأكاديمي الباحث، جوخان سينكارا، إلى أن "الروايات السائدة في مصر" المرتبطة بروسيا "ليست من قبيل الصدفة" خاصة في بلد يواجه قيودا على حرية الإعلام، إذ يمكن رؤية انتشار "الرسائل المعادية للغرب" في تناقض عن الرسائل التي تنقل "صورة" مختلفة لروسيا.
ويوضح مثالا بالتغطية الصحفية لوسائل الإعلام المصرية التي حظيت بها زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أواخر العام الماضي لدول الخليج، ليتم الترويج على اعتبار أنها توجه رسالة للغرب بأن دول المنطقة لم تعد تابعة للغرب وهي تبحث عن خياراتها بشراكات مع قوى عالمية أخرى مثل روسيا والصين.
ويستدل التقرير بـ"اشتعال" حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي بمقاطع وصور لـ"المصافحة الأخوية" الشهيرة بين بوتين وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ومقاطع من حفل الترحيب الذي أقامه الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، لنظيره الروسي، وجميعها مُحمَّلة برسائل "أن بوتين يتمتع بعلاقة مع من كانا يعتبران أقرب حلفاء أميركا في المنطقة".
ويشير الكاتب إلى أن "هذا لم يأت من فراغ"، إذ دأبت روسيا على ملاطفة قادة دول الخليج، مستفيدة من وضعها كشريك دولي بديل يمكن أن يوفر لهذه الدول الغنية بالنفط خيارات غير غربية.
روسيا ومصر تتمتعان بعلاقات إيجابية، أكانت عسكرية أو اقتصادية أو سياسية، ومؤخرا تم تعزيزها في مجال الإعلام، وهو ما يمكن رؤيته من خلال السرديات التي تنشرها وسائل الإعلام في مصر، بحسب الكاتب، والتي إما تسيطر عليها السلطات بشكل مباشر أو توجهها عن بعد، إذ يتم الاعتماد على وسائل إعلام تابعة للنظام الروسي في استعراض التقارير التي تتحدث عن الحرب في أوكرانيا واعتمادها كمصادر رئيسية للمعلومات.
ويقول سينكارا إن من أبرز القصص والرسائل التي تم الترويج لها عبر الإعلام المصري مؤخرا، كانت بنشر الرواية الروسية أنه "رغم العقوبات التي فرضها الغرب، ومذكرة الاعتقال في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن بوتين نجح في كسر الحصار الغربي، وأحبط الأجندة الرامية إلى تحويل النظام الروسي إلى نظام معزول".
ويصنف مؤشر الحرية العالمي الذي يصدر عن منظمة "فريدوم هاوس" مصر بين الدولة غير الحرة، حيث تهيمن وسائل الإعلام الموالية للحكومة على قطاع الإعلام المصري، وتم إغلاق معظم الوسائل الإعلامية الناقدة أو التي اعتبرت معارضة.
ويشير تقرير "فريدوم هاوس" إلى أن "وسائل الإعلام الخاصة في مصر مملوكة بشكل عام لرجال أعمال مرتطبين بالجيش وأجهزة المخابرات، وتحد أجهزة المخابرات من توافر المعلومات الموثوقة بينما تعمل على تشكيل مواقف المواطنين من خلال الترويج لنظريات المؤامرة، والمعلومات المضللة، والعداء للمعارضة السياسية".
كما تقمع السلطات التقارير المستقلة من خلال القوانين التقييدية والترهيب، فيما يواجه الصحفيون الأجانب العرقلة من قبل الدولة، وتسمح قوانين متعددة للسلطات بمراقبة المحتوى عبر الإنترنت من دون موافقة قضائية، كما يمكنها حظر أي موقع إلكتروني يرون أنه يشكل "تهديدا للأمن القومي".
وكان بوتين من أوائل من أشادوا بفوز نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي أعيد انتخابه لولاية ثالثة أواخر العام الماضي بنسبة 89.6 في المئة من إجمالي الأصوات.
وقال بوتين في بيان حينها: "لقد أصبح الفوز المقنع في الانتخابات دليلا واضحا على الاعتراف الشامل بمزاياكم في التصدي لمهمات السياسة الاجتماعية والاقتصادية والسياسة الخارجية في مصر".
وأثنى بوتين على "مساهمة" السيسي في التقارب بين البلدين، مؤكدا رغبته في "مواصلة العمل المشترك".
في أكتوبر عام 2018، وقع السيسي، الذي كانت بلاده لفترة طويلة حليفا رئيسيا للولايات المتحدة، اتفاق تعاون استراتيجي مع بوتين، بحسب وكالة فرانس برس.
وتعززت في السنوات الأخيرة العلاقات بين موسكو والقاهرة، وكان البلدان وقعا اتفاقا مبدئيا، في مارس عام 2015، لبناء أول محطة نووية في مصر يجري تنفيذها في الوقت الراهن.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وسائل الإعلام فی مصر
إقرأ أيضاً:
أسطول الأشباح.. حيلة جديدة لروسيا لإرسال أسلحة ومعدات عسكرية لحفتر
أثارت التقارير والوثائق المسربة حول لجوء روسيا إلى حيلة جديدة في البحر المتوسط لإرسال أسلحة ومعدات عسكرية لقائد القيادة العامة بشرق ليبيا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر بعض التساؤلات عن تداعيات الأمر وما إذا كان حفتر سيتعرض للمساءلة دوليا.
وكشف تحقيق استقصائي عن وثائق مسربة تشير إلى قيام روسيا باستخدام حيلة جديدة للهروب من العقوبات الدولية ضدها في البحر المتوسط عبر استغلال ما يسمى "أسطول الأشباح" الروسي لإرسال معدات عسكرية إلى حفتر، وأن سفينة الشحن "بارباروس"، التي ترفع العلم الكاميروني عبرت مضيق البوسفور التركي في طريقها إلى ميناء "طبرق" في شرق ليبيا.
في حين أظهرت وثائق مسربة من مهمة "إيريني" البحرية الأوروبية لجوء موسكو عبر حيلة "أسطول الأشباح"، وهو عبارة عن مئات السفن التجارية القديمة ذات ملكية غامضة، لتجنب الكشف أثناء شحنها معدات وأسلحة نارية إلى شرق ليبيا.
وكشفت الوثائق أن "الإنتربول أعد تقريرا عن سفينة بارباروس، كشف عن تلاعبها بنظام التعريف الآلي (AIS)، وهو الجهاز الذي ينقل معلومات عن موقع السفينة، في محاولة لإخفاء موقعها. كما كشف التقرير عن أن السفينة غيّرت اسمها ثلاث مرات، وسجلت نفسها تحت علم دولة أخرى عشر مرات على الأقل منذ عام 2013.
من جهته، كشف مركز "توموروز أفيرز" البريطاني أن "حفتر يقدم فرصة ووسيلة لتعطيل المصالح الغربية، واستغلال السياسة الليبية المتصدعة، وتوسيع نفوذ موسكو إلى أفريقيا، وأن دعم عمليات روسيا في أفريقيا يشكل سمة مهمة من سمات نقل الأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسطإلى ليبيا، وترسيخه في شرق ليبيا يعني تقصير طرق الإمداد للعمليات شبه العسكرية الروسية عبر أفريقيا.
وبحسب المركز إن النشر المحتمل لقوات روسية في شرق ليبيا من شأنه أن يتعارض مع المصالح التركية، وسوف يعتمد مدى قدرة موسكو على الاستفادة من دعم حليفها "حفتر"، من خلال نشر أسطولها المتوسطي في الجزء الذي يسيطر عليه من ليبيا إلى حد كبير على الجهات الفاعلة الأخرى في ليبيا"، وفق المركز البحثي.
ورأى الباحث الروسي بمركز الدراسات العربية الأوراسية، ديمتري بريدجيه أن "الكشف عن ما يسمى بأسطول الأشباح ومعروف أيضا بأسطول الظل الروسي في وثائق عملية إيريني يعكس طبيعة الاستراتيجية الروسية في إعادة تشكيل نفوذها الجيوسياسي خارج الأطر التقليدية التي كانت في السابق، خاصة في مناطق النزاعات التي تشهد فراغًا في التوازنات الدولية، كما هو الحال في ليبيا.
وقال في تصريحات لـ"عربي21" إن "هذه الاستراتيجية ليست مجرد تكتيك عسكري لنقل الأسلحة والمعدات إلى حلفائها في الشرق الليبي، بل تمثل امتدادًا لمنهج أوسع تتبعه موسكو في تجاوز العقوبات الغربية وتحييد أدوات الضغط الأميركية عبر استخدام أدوات غير نظامية، سواء من خلال الشركات العسكرية الخاصة أو الأساطيل التجارية التي تخفي الأثر المباشر للدعم الروسي"، وفق قوله.
وأضاف الباحث الروسي: "في السياق الليبي، تدرك موسكو أن البحر المتوسط يمثل ساحة صراع استراتيجي، حيث يتداخل النفوذ الروسي مع المصالح الأوروبية والأميركية، ومن هنا جاء خيارها بالاعتماد على عمليات لوجستية معقدة تعتمد على الإنكار المقبول، مما يتيح لها تعزيز حضورها في ليبيا دون مواجهة مباشرة مع القوى الغربية".
وتابع: "استخدام موانئ مثل طبرق ليس مجرد إجراء تكتيكي، بل هو استثمار في ترسيخ وجود دائم يمكن توظيفه مستقبلًا لتوسيع النفوذ في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل".
"تأثر حفتر ومساءلته"
وبسؤاله عن تداعيات هذه التسريبات على حفتر ومستقبله، قال بريدجيه إن "الكشف عن هذه العمليات يضع المشير خليفة حفتر وقواته تحت ضغط دولي متزايد، لكنه لا يشكل بحد ذاته دليلاً قاطعًا يكفي لإدانته قانونيًا، إذ إن أي إجراء قانوني يتطلب إثبات علمه المباشر وتورطه المنهجي في هذه العمليات"، وفق قوله.
لكنه استدرك قائلا: "غير أن تأثير هذه الوثائق يتجاوز البعد القانوني إلى الإطار السياسي، حيث ستستخدمها الأطراف المناوئة لروسيا في ليبيا كأداة ضغط لإضعاف موقع حفتر، كما أنها تمنح واشنطن والاتحاد الأوروبي مبررًا لتشديد المراقبة البحرية وتعزيز العقوبات المفروضة على الكيانات المرتبطة بموسكو، مما قد ينعكس بشكل غير مباشر على توازنات القوى داخل ليبيا"، كما صرح.
"تجسس ومنصة هجوم مؤقتة"
الباحث التونسي في العلاقات الدولية والملف الليبي، بشير الجويني قال من جانبه إن "استراتيجية روسيا في إيجاد موطىء قدم في المياه الدافئة أمر حيوي للعقيدة العسكرية الروسية لأسباب لوجستية وجيوسياسية ما يمكن تسجيله بعد التحولات في سوريا والتموضع في إفريقيا وهي رغبة روسية في موطئ قدم في ليبيا".
وأضاف في تصريحه لـ"عربي21": "وبعيدا عن شرعية ومشروعية ما يقوم به الدب الروسي فالسؤال الذي يطرح نفسه هل سيكون هذا الوجود مجرد محطة لوجستية لتموين وتوفير التجهيزات لعدد من الدول التي تتواجد فيها روسيا عسكريا في إفريقيا جنوب الصحراء أم هي منصات هجوم مؤقتة توجه فوهات بنادقها وتجهيزاتها التجسسية نحو شمال المتوسط مهددة قواعد الناتو والاتحاد الأوروبي؟، وحتى الإجابة عن التساؤل يبقى المجتمع الدولي وعجزه عن لجم سباق التسلح والتحالفات العسكرية في المنطقة"، حسب تقديراته.