وول ستريت تواصل مكاسبها بدفع من الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
توجت وول ستريت أسبوعا حافلا آخر يوم الجمعة، حيث وصل مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) وناسداك إلى أرقام قياسية جديدة، مدفوعين بالارتفاع المستمر لأسهم الذكاء الاصطناعي.
ووفقا لأسوشيتد برس، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نسبة 0.8%، ليغلق عند 5 ملايين و137 ألفا و8 نقاط، بعد مسيرته الكبيرة التي بلغت 16 مكسبا في الأسابيع الـ18 الماضية.
ويعزو محللون تحدثوا لرويترز هذا الاتجاه الصعودي إلى مساهمة شركة "ديل تكنولوجيز"، إذ أعلنت عن قفزة ملحوظة بنسبة 31.6% في أسهمها بعد تجاوز توقعات المحللين للأرباح والإيرادات في الربع الأخير. وقد تم التأكيد على الطلب القوي على الخوادم المحسّنة للذكاء الاصطناعي، مما يشير إلى الطفرة المستمرة في القطاع. وشهدت "نت آب" أيضا قفزة بنسبة 18.2% بعد نتائج أفضل من المتوقع، مما يؤكد الزخم المستمر في مجال الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، واجهت الصناعة المصرفية سيناريو متناقضا، تميز بتراجع سهم نيويورك كوميونيتي بانكورب بنسبة 25.9%. وقد أثار كشف البنك المثير للقلق عن "نقاط الضعف المادية" في الضوابط الداخلية المتعلقة بمراجعة القروض، إلى جانب الرحيل الفوري لرئيسه التنفيذي، قلق المستثمرين وفقا لأسوشيتد برس. وأثارت القضايا في بنك نيويورك التجاري مخاوف بشأن التحديات الأوسع التي تواجهها البنوك، لا سيما في أعقاب أزمة الصناعة في العام الماضي وانهيار العديد من البنوك الإقليمية.
وبينما يفكر بنك الاحتياطي الفدرالي في إجراء تعديلات على أسعار الفائدة، تعززت الآمال في خفض أسعار الفائدة في يونيو/حزيران الماضي من خلال التقارير التي أظهرت انكماشا في الصناعة التحويلية الأميركية في فبراير/شباط الماضي للشهر الـ16 على التوالي. وعلى الرغم من علامات القوة الاقتصادية، كشف تقرير منفصل صادر عن جامعة ميشيغان عن معنويات أضعف من المتوقع بين المستهلكين الأميركيين. فيما استجابت سوق السندات بانخفاض عوائد سندات الخزانة، الأمر الذي يشير إلى تزايد التوقعات بخفض سعر الفائدة القادم.
وفي ضوء هذه التطورات، تشير رويترز إلى أن المخاوف لا تزال قائمة بشأن التأثير المحتمل على البنوك الإقليمية مثل بنك نيويورك التجاري، الذي يواجه تدقيقا متزايدا وتحديات من القروض المرتبطة بالمشاريع العقارية. وبينما يستمر قطاع الذكاء الاصطناعي في دفع أسواق الأسهم إلى أعلى مستوياتها، فإن التوازن الدقيق بين المرونة الاقتصادية والتضخم وسياسات أسعار الفائدة يظل نقطة محورية للمستثمرين.
اضطرابات في بنك نيويورك التجاريوسط نشاط السوق الأوسع، تعمقت مشاكل بنك نيويورك التجاري عندما قام باستبدال رئيسه التنفيذي، مما أدى إلى انخفاض أسهمه بنسبة 26% تقريبا. وفقا لرويترز، أعلن البنك عن خسارة في الربع الرابع تزيد بأكثر من 10 أضعاف عما تم الإعلان عنه في البداية. وأدى الكشف عن "نقاط الضعف المادية" في الضوابط الداخلية إلى تفاقم المخاوف، مما أدى إلى انخفاض أسهم بنك نيويورك التجاري بنسبة 65% خلال العام.
وتعرضت القيمة السوقية للبنك لضربة كبيرة، حيث انخفضت بنحو 900 مليون دولار يوم الجمعة وحده، مما أضاف ما يقارب من 5 مليارات دولار من إجمالي الخسائر منذ 31 يناير/كانون الثاني الماضي. وشدد كيث هورويتز، محلل سيتي جروب في حديث لرويترز على خطورة الوضع، مشيرا إلى أن التغييرات الكبيرة ضرورية في كيفية قيام بنك نيويورك المركزي مراقبة مخاطر الائتمان لاستعادة ثقة المستثمرين.
وأكد بنك نيويورك التجاري للمستثمرين أن نقاط الضعف التي تم الكشف عنها لن تؤثر على نتائجه المالية للعام المالي 2023، ويخطط لوضع الخطوط العريضة لخطة العلاج في تقريره السنوي القادم. في حين خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف البنك، إضافة إلى بنك فلاجستار التابع له، مما يعكس الشكوك المتزايدة من مختلف وكالات التصنيف.
واستجابة لهذا الاضطراب، أعلن بنك نيويورك التجاري عن سلسلة من التغييرات التنفيذية. وأعرب الرئيس التنفيذي الجديد، أليساندرو دينيلو، عن ثقته بتنفيذ خطة التحول لتحقيق قيمة متزايدة للمساهمين. وعلى الرغم من هذه الجهود، يظل محللو السوق حذرين، مشددين على التحديات التي يواجهها بنك نيويورك المركزي في استعادة الشفافية وثقة المستثمرين على ما رصدته روتيرز.
توقعات السوق وحذر المستثمرينوبينما يدفع قطاع الذكاء الاصطناعي سوق الأسهم إلى آفاق جديدة، فإن المخاوف المحيطة بالتضخم وأسعار الفائدة وصحة البنوك الإقليمية لا تزال قائمة. ويتوقع الاقتصاديون في دويتشه بنك خفضا بنسبة نقطة مئوية واحدة في سعر الفائدة الرئيسي للاحتياطي الفدرالي في عام 2024، ومن المحتمل أن يبدأ في يونيو/حزيران المقبل. ومع ذلك، يحذر كبير الاقتصاديين الأميركيين ماثيو لوزيتي من الإفراط في التفاؤل، مشيرا إلى أن أسعار الأسهم ارتفعت بالفعل، وانخفضت عوائد سندات الخزانة تحسبا لخفض أسعار الفائدة.
وأثارت التحديات التي يواجهها بنك نيويورك التجاري نقاشا أوسع حول صحة البنوك الإقليمية، على الرغم من أن محللي جي بي مورغان يعتقدون أن وضع بنك نيويورك التجاري محدد ولا يشير إلى ضغوط أوسع على البنوك الإقليمية.
وفي هذا المشهد الديناميكي، تبقي وول ستريت على استعداداتها للتقلبات المستمرة، حيث يشكل تقاطع البيانات الاقتصادية وقرارات أسعار الفائدة وأداء الشركات مسار السوق في الأسابيع المقبلة. وبينما يزن المستثمرون آفاق النمو القائم على الذكاء الاصطناعي في مواجهة الرياح المعاكسة التي تواجه البنوك الإقليمية، سيتم اختبار مرونة السوق في مواجهة الديناميكيات الاقتصادية المتطورة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإعلام السعودي
ما أشبه اليوم بالأمس، فاختيارات الإعلام العربي محدودة جدًا، إن هو أراد مواكبة العصر، وعدم التخلف عنه، فالإعلام “اليوم” لا يجد مفرًا من تفعيل برامج الذكاء الاصطناعي؛ لصناعة محتوى إعلامي جاذب، وهو الأمر الذي اضطر أن يفعله بالأمس، عندما اعتمد برامج تقنية جديدة، للدخول في صناعة إعلام حديث.
يقينًا، من الصعب قياس اهتمام الإعلام العربي ببرامج الذكاء الاصطناعي، إلا أنه في المجمل “ضعيف جدًا”، بالكاد تصل إلى 50% أو أقل في العموم، ففي مصر لا تزيد نسبة الاهتمام على 50 في المائة، وفي الأردن تلامس الـ60 في المائة، وتقل النسبة عن ذلك، في دول أخرى، مثل الجزائر وتونس وليبيا واليمن، ليس لسبب سوى أن هناك تحديات كبرى تواجه المؤسسات الإعلامية في هذه الدول.
وإذا كان مشهد الإعلام العربي “متواضعًا” في تفعيل برامج الذكاء الاصطناعي، نجد أن المشهد ذاته في المملكة العربية السعودية أفضل حالًا، بعدما نجحت رؤية 2030 في تأسيس بيئة ملائمة، يزدهر فيها الذكاء الاصطناعي في مفاصل الدولة؛ ومنها القطاع الإعلامي، ما دفع الدولة لتأهيل جيل جديد من الإعلاميين، قادر على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتطويعها في صناعة محتوى إعلامي رزين.
ومع تفاقم الاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عالميًا، زادت وتيرة الاستثمار في برامج الذكاء الاصطناعي في السعودية؛ لقدرته على تقديم مفهوم جديد، يرتبط بما يعرف بـ”الصحافة الخوارزمية” أو صحافة “الذكاء الاصطناعي”، التي تستدعي المستقبل، وتتوصل إلى نتائج وأرقام، تثقل من المحتوى الإعلامي.
وتماشيًا مع رؤية 2030، يُسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة الصحافة السعودية عبر دعم التحقيقات الصحفية، وتحسين تجربة الجمهور، واستشراف مستقبل الإعلام الرقمي، ومع استمرار الاستثمار في التقنيات الناشئة، يتوقع الخبراء أن يصبح الإعلام السعودي نموذجًا عالميًا في توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة المحتوى الصحفي، وتحقيق استدامته، وبقاء الصحفيين في الطليعة رغم مزاحمة التقنية.
ودعونا نضرب مثالًا توضيحيًا، بمحتوى فعاليات المنتدى السعودي للإعلام 2025 في نسخته الرابعة، التي انطلقت بالمملكة في فبراير الماضي، ومنها نستشعر الإقبال السعودي على كل حديث، خاصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذا المنتدى كشف- لمن يهمه الأمر- أن قطاع الإعلام السعودي أدرك أهمية التقنية وأثرها في صناعة مستقبل الإعلام، والفرص والتحدّيات في صناعة الإعلام الرقمي، واستخدام الذكاء الاصطناعي والابتكار في صناعة المحتوى.
ويراهن المسؤولون عن قطاع الإعلام السعودي، على الجدوى من الذكاء الاصنطاعي، ويؤكدون قدرة القطاع على توفير نحو 150 ألف وظيفة بحلول 2030، “ليكون بيئة حاضنة للمواهب ومنصة لتعزيز الابتكار”- بحسب وزير الإعلام السعودي يوسف الدوسري- الذي بعث برسالة، تلخص مستقبل القطاع الإعلامي، قال فيها:” إننا نبني الإنسان، ونلهم العالم، ونصنع المستقبل”.
نايف الحمري