كاتب أميركي: واشنطن تحاول كسب الوقت لصالح استمرار المجازر بغزة
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
سرايا - أكد الكاتب إمييل ألكالاي في تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني أن الحرب الإسرائيلية على غزة كشفت أن العالم يواجه نظاما يستهدف الإنسانية بشكل مباشر، متهما إسرائيل والولايات المتحدة بتقديم دروس جديدة في "الجبن والقسوة" وكسب الوقت لصالح تل أبيب.
وأوضح ألكالاي أن شعب غزة قدم من جهته أمثلة في المقاومة والإنسانية، داعيا لفضح هذه الإبادة الجماعية المستمرة، وإيجاد سبل للحفاظ على "إنسانيتنا" أثناء السعي إلى حل سياسي عادل لواحدة من أكثر الجراح المكشوفة والمتقيحة في العالم.
وإمييل ألكالاي هو شاعر وروائي ومترجم وكاتب مقالات وناقد وباحث أميركي من أصول يهودية، ولديه أكثر من 20 كتابا، وهو أستاذ في كلية كوينز، بجامعة مدينة نيويورك.
وتابع الكاتب بأنه بعد المناقشة والرد اللاذع من جانب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا على الفيتو الأميركي الأسبوع الماضي ضد القرار الجزائري لوقف إطلاق النار الفوري في غزة، عقدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، مؤتمرا صحفيا مقتضبا للغاية تحدثت فيه عن أهمية "الدبلوماسية المباشرة على الأرض حتى نصل إلى الحل النهائي"، وهو ما فحواه أنه لا يمكن أن يكون هناك "وقف فوري لإطلاق النار" لأن "الدبلوماسية المباشرة" قد تتأثر.
ضوء أخضر وذكر ألكالاي أن ذلك يعني بعبارة أخرى ضوءا أخضر لاستمرار الفظائع الإسرائيلية، ومجرد إعلان موجه للعالم بينما تُكسِب الولايات المتحدة وحلفاؤها إسرائيل المزيد من الوقت حتى تتمكن من تحقيق "أهدافها المزعومة".
وقال إن "مختبر تجريب الأسلحة والسيطرة على السكان والمراقبة في غزة، المفتوح للمستهلكين العالميين منذ عام 2007 على الأقل، والحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، قد انتقل بوضوح إلى مرحلة جديدة".
وأوضح أنه في الأيام التي تلت تكتيك المماطلة الذي اتبعته توماس غرينفيلد باستخدام حق النقض مرة أخرى ضد قرار وقف إطلاق النار وتصريحها عن "الحل النهائي"، بنت قوات الاحتلال الإسرائيلية طريقا يفصل شمال غزة عن جنوبها، بينما قصفت مرافق "الأونروا" ومأوى موظفي منظمة أطباء بلا حدود.
الأطفال يموتون جوعا وأكد أن قوات الاحتلال ما تزال تمنع وتوقف إمدادات الغذاء والدواء، وفي أعقاب تسجيل إحدى أولى حالات وفاة رضيع بسبب الجوع، بات 10 آلاف رضيع آخرين معرّضين لخطر الموت جوعا بسبب سوء التغذية ومن المرجح أن يتبعهم العديد من الأطفال وكبار السن.
وذلك في وقت يقترب فيه نحو نصف مليون شخص من المجاعة في شمال غزة، في الوقت الذي يقوم فيه القناصة الإسرائيليون بمهاجمة الفلسطينيين الذين يحاولون يائسين الوصول إلى المساعدات القليلة التي تتدفق.
وتحدث ألكالاي عن مزاعم تتحدث عن بناء "منطقة" يشار إليها بشكل غامض في صحراء سيناء المصرية على الحدود مع رفح، بينما أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا "خطة" غامضة للسيطرة على غزة بعد الهجوم.
وقال الكاتب إنه بحسب السيناريو المرسوم فإن الطرد الجماعي ليس ممكنا فحسب، بل أصبح معقولا أيضا، بينما يواصل الاحتلال والمستوطنون هجماتهم القاتلة في مختلف أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، وسط مخاطر متعددة محدقة بالمسجد الأقصى.
وأكد أنه من الصعب التغاضي عن إطالة أمد العذاب الذي يتعرض له الفلسطينيون، مؤكدا أنه اختبار حقيقي للإنسانية جمعاء، وأضاف بأنه "اختبار يسلط الضوء على مدى محدودية سلطاتنا السياسية، حتى في البلدان التي لديها ديمقراطية تمثيلية ظاهرية".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آدم راسجون وآرون بوكسرمان من القدس بناء على أكثر من 20 مقابلة مع مسؤولين وعمال إغاثة ورجال أعمال وسكان غزة قالا فيه إن العصابات تملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في بعض أجزاء جنوب غزة، وتختطف المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة.
فبينما كان حازم إسليم، سائق شاحنة فلسطيني، يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات نصب له لصوص مسلحون كمينا لقافلة الشاحنات التي كان فيها.
وقال، عبر الهاتف من غزة، إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، وأجبره على القيادة إلى حقل قريب حيث تم تفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبا من القافلة التي تضم نحو مئة شاحنة من المساعدات التابعة للأمم المتحدة، والتي تكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.
وقال إسليم، 47 عاما، الذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة أثناء نهبهم للدقيق: "لقد كان الأمر مرعبا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الطعام إلى الناس".
وينتشر الجوع على نطاق واسع بالقطاع، كما فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا على دخول المساعدات إلى غزة ومنع حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر إنها لن تسلم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين الاحتلال وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. وتتراكم مئات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة عند المعبر جزئيا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة ومقره مدينة رفح الجنوبية، إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجما للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من العام ــ غالبا من قِبَل سكان غزة الجائعين ــ أصبح الآن "نهبا منهجيا وتكتيكيا ومسلحا من قِبَل عصابات الجريمة" المنظمة. وأضاف: "هذه مجرد سرقة واضحة".
ويستند هذا التقرير إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة، وعمال إغاثة، وسكان غزة، ورجال أعمال فلسطينيين. كما استعرضت صحيفة نيويورك تايمز مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها.
تدهور الوضع في غزة بعد أن دخول الاحتلال الإسرائيلي رفح في أيار/ مايو الماضي، سعيا في القضاء على المقاومة في أحد معاقلها الأخيرة٬ واستغلت العصابات المنظمة ـ دون أن يوقفها أحد ـ الفراغ الذي حدث بعد غياب الإدارة المدنية٬ في اعتراض شاحنات المساعدات أثناء توجهها من معبر الحدود الرئيسي إلى جنوب غزة. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه العصابات تقوم بسرقة الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع وبيعها بأسعار فلكية.
وفي جنوب غزة، ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلا إلى ما يصل إلى 220 دولارا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط.
وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون الاحتلال الإسرائيلي بتجاهل المشكلة والسماح للصوص بالتصرف دون عقاب. ولا تسمح الأمم المتحدة للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.
وقد استهدف الاحتلال مرارا وتكرارا شرطة حماس، مما أدى إلى إضعافها بشدة، ويقول السكان إنه نادرا ما يُرى ضباط الشرطة في معظم أنحاء غزة.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، سمح الاحتلال لبعض شاحنات المساعدات بالسفر على طول حدود غزة مع مصر، وهو طريق جديد تسيطر عليه بالكامل القوات العسكرية الإسرائيلية. وتمكنت وكالات الأمم المتحدة من تجنب اللصوص وتقديم بعض الإغاثة.
ولكن هذا لم يكن كافيا لمعالجة النقص في المساعدات، كما تقول جماعات الإغاثة والسكان. وقد ساهمت الأسعار المرتفعة للسلع التي يبيعها اللصوص في خلق مشاهد يائسة بين سكان غزة العاديين الذين يكافحون من أجل الحصول على القليل من الطعام المتاح بأسعار معقولة.
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجمعت الحشود بالفعل عند مخبز "زادنا" في مدينة دير البلح بوسط غزة قبل ساعات من افتتاحه، على أمل شراء كيس من الخبز يحتوي على عشرين قطعة بسعر دولار واحد تدعمه الأمم المتحدة. وفجأة، اندلعت الفوضى عندما اندفع الناس العاديون في الحشد ــ بعضهم يحمل السكاكين ــ للوصول إلى مقدمة الصف، بحسب ما قاله عبد الحليم عوض، صاحب المخبز.
وأثناء الاضطرابات، دوت طلقات نارية. وقال إن امرأتين قتلتا وأصيبت أخريات، وتوفيت امرأة ثالثة في وقت لاحق متأثرة بجراحها. ومع تصاعد الاضطرابات، أغلقت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في جنوب ووسط غزة أبوابها في الوقت الحالي.
وقال عوض: "اليوم، أصبح حلم المواطن الغزي العادي وطموحه هو الحصول على قطعة خبز. لا أستطيع أن أقول أي شيء أكثر حزنا من ذلك".
يقول أصحاب شركات النقل في غزة وسائقو الشاحنات ومنظمات الإغاثة إن عصابات متعددة شاركت في عمليات النهب مؤخرا. لكن العديد من الأشخاص المشاركين في توصيل المساعدات أطلقوا على ياسر أبو شباب، 35 عاما، اسم الرجل الذي يدير العملية الأكثر تعقيدا.
يقولون إن عصابة أبو شباب تهيمن على جزء كبير من حي النصر في شرق رفح، والذي حولته الحرب إلى أرض قاحلة. ووصفه بيتروبولوس، المسؤول الأممي، بأنه "صاحب النفوذ في شرق رفح".
قال إسليم، سائق الشاحنة الذي تعرض لكمين في رفح، إن اللصوص الذين أسروه أخبروه أن أبو شباب هو رئيسهم. وقال عوض عبيد، وهو نازح من غزة حاول شراء الدقيق من عصابة أبو شباب في رفح، إنه رأى مسلحين يحرسون مستودعات تحتوي على صناديق مسروقة من المساعدات التي تحمل علامة الأمم المتحدة. وقال عابد: "طلبت من أحدهم كيسا من الدقيق لإطعام أطفالي، فرفع مسدسا في وجهي".
ونفى أبو شباب نهب شاحنات المساعدات على نطاق واسع، رغم أنه اعترف بأن رجاله ـ المسلحين ببنادق كلاشينكوف الهجومية ـ قاموا بمداهمة عددا من الشاحنات منذ بداية الحرب.
وقال في مقابلة هاتفية: "نحن نأخذ الشاحنات حتى نتمكن من الأكل، وليس حتى نتمكن من البيع"، مدعيا أنه كان يطعم أسرته وجيرانه. "كل شخص جائع يأخذ المساعدات".
إن سيطرة اللصوص على الإمدادات وارتفاع الأسعار تقوض حماس في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها. وفي 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس الحي الذي يقطنه أبو شباب، فقتلت أكثر من عشرين شخصا، من بينهم شقيقه، حسبما قال أبو شباب.
وأفادت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لحماس في ذلك الوقت أن قواتها قتلت عشرين عضوا من "عصابات اللصوص الذين كانوا يسرقون المساعدات".
ومع انتشار عمليات النهب في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل ظاهريا، اقترح سائقو الشاحنات وعمال الإغاثة أن الجيش الإسرائيلي يغض الطرف في الغالب عن هذه العمليات.
وقال بيتروبولوس: "إن القوات الإسرائيلية تتسامح باستمرار مع كميات غير مقبولة من عمليات النهب في المناطق التي تخضع ظاهريا وفعليا لسيطرتها العسكرية".
وفي بعض الأحيان، تنتشر الدبابات الإسرائيلية على طول الطرق الرئيسية التي تسافر عليها شاحنات المساعدات. وقال الوزراء الإسرائيليون إنهم ناقشوا تفويض شركات الأمن الخاصة بحماية قوافل المساعدات الدولية داخل غزة.