اجتماعات حزب الأمة.. هل تحسم تأرجحه بين التحالف الديمقراطي والفلول؟
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
يعد حزب الأمة القومي من أكبر الأحزاب السياسية داخل تحالف الحرية والتغيير الأمر الذي جعله عرضة منذ اندلاع ثورة ديسمبر لمحاولات الاختراق والتجاذب
التغيير/ نيروبي/ أمل محمد الحسن
قبل أيام من انعقاد أول اجتماعات رئاسية داخل حزب الأمة القومي منذ اندلاع حرب الـ15 من أبريل تسعى جهات لإثارة الفتنة والانشقاقات داخل الحزب بحسب الأمين العام الواثق البرير لكنه لم يسمها!
ويعد حزب الأمة القومي من أكبر الأحزاب السياسية داخل تحالف الحرية والتغيير الأمر الذي جعله عرضة منذ اندلاع ثورة ديسمبر لمحاولات الاختراق والتجاذب.
وبعد حرب الجيش السوداني وقوات الدعم السريع راجت أنباء عن تورط قيادات داخل الحزب في محاولة فرض مشاركة حزب المؤتمر الوطني المحلول في العملية السياسية التي من المفترض أن تعقب إيقاف الحرب وتقود البلاد في فترة انتقالية ثالثة!
وتشير المصادر إلى تورط مخابرات دولة جارة أيضا في محاولة خلق انشقاقات داخل الحزب من أجل خلق حاضنة سياسية للجيش والانسحاب من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم).
4 مارسفي يوم غد الموافق 4 مارس من المقرر أن تعقد المؤسسات القيادية بحزب الأمة اجتماعاتها المباشرة الأولى بالعاصمة المصرية القاهرة.
وتضم هذه الاجتماعات مؤسسة الرئاسة التي تشمل الرئيس المكلف فضل الله برمة ناصر إلى جانب نوابه ومساعديه ومستشاريه.
بعد انتهاء اجتماعات مؤسسة الرئاسة تنعقد اجتماعات مجلس التنسيق الذي يضم مؤسسة الرئاسة إلى جانب الأمانة العامة (تشمل الأمين العام ونائبته)، ورئيس المكتب السياسي ونائبه ومقرر المكتب السياسي إلى جانب رئيس هيئة الضبط والرقابة.
وسيكشف الاجتماع الرئاسي المهم رؤية الحزب تجاه الحرب، وهل ستقف في موقف عدم تأييد أي طرف في الصراع الحالي كما كانت منذ 10 أشهر أم سيتغير موقفها من المواجهات العسكرية؟
رئيس المكتب السياسي بحزب الأمة لـ«التغيير»: ليس مطروحا انسحاب الحزب من (تقدم)من جهة ثانية يتطلع المجتمع السياسي والمدني السوداني إلى اجتماعات الحزب التي ستحسم استمرار الحزب كجزء من تحالف الحرية والتغيير داخل (تقدم) مع إشاعات حملتها بعض المنصات الإعلامية تشير إلى محاولات الخروج من (تقدم).
ولم يرد نواب رئيس الحزب المكلف، الفريق صديق ومريم الصادق، على سؤال «التغيير» حول نية الحزب الانسحاب من (تقدم) من عدمها.
فيما قطع رئيس المكتب السياسي محمد المهدي بأهمية التحالف، وقال لـ«التغيير»: “ليس مطروحا انسحاب الحزب من (تقدم)”.
من جهته أكد الأمين العام، الواثق البرير بعدم وجود جند للاجتماعات المقبلة بعنوان انسحاب حزبه من (تقدم). مؤكدا في الوقت نفسه على أهمية الاجتماع الذي تعثر قيامه سابقا بسبب ظروف الحرب ووجود قيادات الحزب في عدد من الدول.
بين (تقدم) والفلول الفريق صديق لـ«التغيير»: لا يوجد اتجاه لانشقاق داخل الحزب ونسعى إلى الوحدة ولم الشملوجود التجاذبات داخل قيادات الحزب أمر لا يخفى على أحد. ووجود تياران على أقل تقدير يمكن التفرقة بينهما بوضوح يسعى أحدهما للعمل مع القوى المدنية لإيقاف الحرب، وآخر يطالب الانسحاب من (تقدم).
وقالت مصادر لـ«التغيير» إن التيار الذي يسعى لإحداث انشقاق داخل الحزب يقوده نائب الرئيس الفريق صديق اسماعيل.
لكنه نفى بصورة قاطعة أن تكون لديه ميول انفصالية مشددا على عملهم على وحدة الحزب.
وقال في رده على سؤال «التغيير» حول وجود تيار انفصالي بقيادته: “نحرص ونعمل بكل الجد لتماسك حزب الأمة القومي ووحدته بل لم شمله”
الكتلة الديمقراطيةفي حال كانت هناك تيارات أخرى تحاول الانشقاق عن (تقدم) يكون السؤال الجوهري هو إلى أي تكتل سياسي أو مدني يمكن أن ينضم الحزب الذي يعتبره الكثيرون “رمانة ميزان” القوى المدنية.
وفيما تشير المعلومات إلى ميول بعض قيادات الحزب إلى الكتلة الديمقراطية التي ساندت بعض الحركات المسلحة داخلها الجيش في مؤتمر معلن (العدل والمساواة وحركة تحرير السودان) أكدت مصادر عليمة لـ«التغيير» عقد نائبة الرئيس المكلف مريم الصادق اجتماعا مع رئيس حركة تحرير السودان مني آركو مناوي بالقاهرة في الأسبوع الأول من فبراير الماضي.
وقالت المصادر إن الاجتماع كان بحضور اللواء عبد الرحمن الصادق، فيما رفض الاثنان الرد على سؤال «التغيير» حول تفاصيل هذا اللقاء.
من جهة ثانية؛ تشير المعلومات إلى أن هناك عدد من الأصوات التي تطالب بإضافة المؤتمر الوطني إلى العملية السياسية. وهو أحد القضايا التي من المفترض أن يناقشها الحزب خاصة أن تلك الأصوات تتبع لمؤسسة الرئاسة داخل الأمة القومي.
وفي سياق منفصل قطعت مصادر عليمة رفض مناوي التوقيع على بيان الكتلة الديمقراطية في جوبا الذي يؤيد مشاركة المؤتمر الوطني في العملية السياسية. الأمر الذي ربما يشير إلى أن الجهات التي تميل للكتلة الديمقراطية ليست بالضرورة ذات الجهات التي تسعى للتقارب وضم المؤتمر الوطني في العملية السياسية المقبلة، جهة أن الكتلة الديمقراطية نفسها تفتقر للتوحد حول الحزب المحلول!
الأمين العام لحزب الأمة لـ«التغيير»: هناك جهات تحاول العبث وخلق الفتن داخل الحزب إقالة «البرير»من جانبه قطع الأمين العام للحزب الواثق البرير عدم وجود مقترح انسحاب حزب الأمة من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) داخل أجندة الاجتماع.
وقال لـ«التغيير» إن أجندة الاجتماع تتمثل في تقييم الوضع بالبلاد الإنساني والسياسي وترتيب أوضاع الحزب مشيرا إلا صعوبة انعقاد الاجتماعات لظروف الحرب وتوزع القيادات في عدد من الدول.
وحول ما راج في بعض الوسائط الإعلامية عن التوجه لإقالة البرير أكد الأمين العام للحزب أن الجهة الوحيدة التي تملك حق نزع الثقة عنه هي الهيئة المركزية أو المؤتمر العام.
واتهم في حديثه مع «التغيير» جهات لم يسمها تحاول العبث وخلق الفتن داخل الحزب. وأضاف: “هؤلاء لا يدركون هياكل الحزب ومؤسساته” مشيرا إلى انتخابه من الهيئة المركزية في العام 2019.
أخطاء (تقدم)على الرغم من اعتراف رئيس المكتب السياسي بعدم رغبتهم الانسحاب من (تقدم) إلا أنه لم يخف تحفظاته على التحالف السياسي المدني الذي ينادي بضرورة إيقاف الحرب.
وأكد المهدي أن تحفظاتهم على (تقدم) ستتم مناقشتها في اجتماعات التنسيق.
وانتقد المهدي ما وصفه بـ «الاستعجال» في تكوين (تقدم) مشددا على ضرورة مشاورة أوسع مع عدد من الأحزاب والحركات قبيل التكوين.
وقال في حديثه مع «التغيير»: ” كأننا انتقلنا من الحرية والتغيير وسمينا أنفسنا (تقدم)!”
وقطع رئيس المكتب السياسي بحزب الأمة بإعادة خطأ قديم تمثل في تسليم الثورة للعسكر والمجتمع المدني، مشددا على أن المكونات المدنية ليس من مهامها ممارسة السياسة.
وقال المهدي لـ«التغيير» إن هذه أبرز ملاحظات حزب الأمة على تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) قاطعا بأهمية الحلف وضرورة وجوده في هذه الظروف.
الوسومالمؤتمر الوطني برمة ناصر تقدم حزب الأمة مريم الصادق مناوي
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المؤتمر الوطني برمة ناصر تقدم حزب الأمة مريم الصادق مناوي
إقرأ أيضاً:
القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟
هندسة المشهد- بين العودة العسكرية لحكومة الأمر الواقع والتحدي السياسي للقوى المدنية
بعد أشهر من سيطرة قوات الدعم السريع على العاصمة الخرطوم، تسعى حكومة الأمر الواقع (المجلس العسكري والحكومة الموالية له) لاستعادة السيطرة بعمليات عسكرية وأمنية مدروسة، إلى جانب تحركات سياسية لمواجهة القوى المدنية المعارضة التي تطمح إلى العودة كبديل سياسي عن هيمنة العسكر. فكيف يتم هندسة هذا المشهد؟ وما هي الأدوات المتاحة لكل طرف؟
أولاً: الاستراتيجية العسكرية لاستعادة الخرطوم
أعتمد حكومة الأمر الواقع على نهج متعدد الأبعاد، يجمع بين القوة الصلبة (العمليات العسكرية) والقوة الناعمة (الحرب النفسية والاستخبارات)، وذلك عبر:
العمليات العسكرية النوعية
حرب الشوارع المحدودة: استهداف معاقل الدعم السريع في مناطق استراتيجية مثل كافوري، شرق النيل، وأم درمان.
تطهير المحاور الرئيسية: تأمين جسر المك نمر، شارع الستين، ومطار الخرطوم.
استخدام وحدات النخبة: تنفيذ عمليات خاصة للقوات الخاصة والمظلات لضرب نقاط الارتكاز دون معارك طويلة الأمد.
حرب الاستنزاف اللوجستي - قطع خطوط الإمداد بين الخرطوم وولايات دارفور وكردفان.
استهداف مخازن الذخيرة والأسلحة بغارات جوية أو عمليات كوماندوز.
تعطيل الاتصالات لشل التنسيق بين عناصر الدعم السريع.
التغطية الجوية والمدفعية -إن أمكن، استخدام الطيران الحربي لقصف مواقع الدعم السريع.
الاعتماد على المدفعية بعيدة المدى لضرب التجمعات العسكرية دون خسائر مباشرة.
الأدوات الأمنية والاستخباراتية
الحرب النفسية والإعلامية - نشر أخبار عن انهيار معنويات الدعم السريع، وتسليط الضوء على الفظائع المنسوبة له لتبرير العمليات العسكرية.
الاستخبارات والتجسس- اختراق صفوف الدعم السريع، تجنيد عناصر منه، ونشر الشائعات لزعزعة التحالفات الداخلية.
التحالفات المجتمعية- استمالة القبائل والعائلات المتضررة، وتشكيل لجان مقاومة موالية للحكومة لتعويض نقص القوات.
ثانيًا: القوى المدنية والتحدي السياسي
في المقابل، تسعى القوى المدنية المعارضة لإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي، لكنها تواجه معضلة العمل وسط مشهد عسكري معقد. استراتيجياتها تشمل:
أدوات المواجهة المدنية
الضغط الشعبي والمقاومة المدنية:
تنظيم التظاهرات والإضرابات لاستعادة زخم الحراك الثوري.
تشكيل لجان مقاومة موحدة على مستوى الأحياء.
تنظيم حملات عصيان مدني (إضرابات عامة، مقاطعة مؤسسات النظام).
البناء المؤسسي البديل- تعزيز دور تجمع المهنيين السودانيين كإطار سياسي تمثيلي.
تفعيل دور النقابات والاتحادات المستقلة.
إنشاء هياكل حكم محلي بديلة في المناطق غير الخاضعة للسلطة العسكرية.
كسب الدعم الإقليمي والدولي -
تعزيز العلاقات مع الدول الداعمة للديمقراطية.
الضغط على المنظمات الدولية لعزل النظام.
توثيق الانتهاكات لكسب الرأي العام العالمي.
المعضلات الرئيسية أمام القوى المدنية
الشرعية مقابل القوة: تمتلك الشرعية الثورية لكنها تفتقر للأدوات التنفيذية.
الوحدة مقابل الانقسامات: تعاني من تشرذم داخلي بين مكوناتها المختلفة.
المشاركة السياسية مقابل المقاطعة: جدل مستمر حول الانخراط في أي عملية تفاوضية تحت إشراف العسكر.
ثالثًا: السيناريوهات المحتملة
سيناريو الحسم العسكري
إذا نجحت القوات الحكومية في عزل الدعم السريع واستعادة الخرطوم بالقوة، فقد يؤدي ذلك إلى فرض واقع سياسي جديد، لكنه سيكون مكلفًا بشريًا واقتصاديًا.
سيناريو حرب الاستنزاف
قد تتحول المعركة إلى مواجهة طويلة الأمد، تعتمد فيها الحكومة على الحصار والتجويع الاقتصادي، بينما يواصل الدعم السريع حرب العصابات.
سيناريو التسوية السياسية
قد تسفر العمليات العسكرية عن استعادة جزئية للعاصمة بسبب امدرمان وبعض المناطق خارج سيطرة الجيش ، مما يفتح الباب لمفاوضات مشروطة، خاصة إذا تعرضت البلاد لضغوط إقليمية ودولية.
سيناريو انهيار القوى المدنية
إذا استمرت الخلافات بين القوى المدنية، فقد تتحول إلى معارضة رمزية غير مؤثرة، مما يسمح باستمرار الهيمنة العسكرية.
معركة الإرادات بين العسكر والمدنيين
أن الصراع على الخرطوم ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة إرادات بين القوى العسكرية والقوى المدنية. في حين تعتمد الحكومة على مزيج من القوة الصلبة والأدوات الأمنية، تواجه المعارضة المدنية تحديات
تتطلب إعادة ترتيب صفوفها واستراتيجية متماسكة. في النهاية، يبقى مستقبل السودان مرهونًا بقدرة كل طرف على فرض رؤيته أو الوصول إلى تسوية تضمن استقرارًا طويل الأمد دون إعادة إنتاج الحكم العسكري.
zuhair.osman@aol.com