خاص – أثير
أثير – مكتب أثير دمشق

تتلاقى العيون الغائرة في محاجرها، عيونٌ لم يعد يُسعفها النّظر للرؤيا البعيدة،
تتلاقى على أملٍ لا يوجدُ ما يماثِله عند مواطني أيّ بلد لم يجرده قلم القوة والبطش من أبسط حقوقه، نعم إنّه نفس القلم الذي يوقع الاتفاقات، ويبيح المحظور ويحرم المباح على هواه.

تتلاقى العيون بلا مفردات، وصلت شاحنات الطحين، شاحنات الخلاص من الجوع الذي يزحف في شرايين كانت للحياة، وصارت شرايين لسريان الموت البطيء.

إنها شاحنات الطحين والمساعدات، لم يعد الطّعام يسيرُ في الممرات الطبيعية،
صار للطّحين والمساعدات جواز سفر، وعشرات الأختام حتى يصل لمعدة جائع،
إنها الشّرائع الجديدة القادرة على كلّ شيء،
إفقار البلدان وإغنائها،
منح الحياة والحرمان منها، تحت مظلّةٍ من الشّعارات التي يستمطر الإعلام كل يوم الآلاف منها.
شعارات الحرّية والعدالة.
شعارات المنح، حتى صارت من مفردات اللغة واللهجة السائدة..
يأخذون الثمن المضاعف ويعطونك منحة..
منحة مدفوعة الثمن سلفاً، ولكن ليس نقوداً بل دماً وأنفس أهل البلد.
وتتلاقى الأعين ليس بداعي الفرحة بوصول الطّحين، إنما قد يكون لتبادل الألم الواقف في حلق المواطن الفلسطيني الذي لم يعد يملك من المواطنة شيئاً، حتى الهوية باتت تحت الأنقاض..
لتبادل نظرة حتى حاملها لا يستطيع بالقلم والورقة أن يشرح كنهها
إنها الشاحنة التي تحمل الطعام وصلت،
قد يؤجل وصولها انهيار الأجساد واضمحلالها من الجوع؛ ورغم أنها لقمة مغمسة بالدم، هكذا كانوا يقولون عن اللقمة التي يحصلون عليها بعد جهد وعرق، أما في غزة فقد أصبح التفسير الحرفي لهذه الجملة حاضراً
الحالة التي صاغت الواقع.. اللقمة والدم،
مشهد من سلسلة المشاهد التي لا يمكن أن تحصل وتتكرّر إلاّ في بلد ترزح تحت سطوة الاحتلال الصهيوني بكل أشكالها، وتصرفاته التي لا رادع لها
هذه المرّة رأى أن يغمس لقمة أهل غزّة بدمائهم وكان ذلك..

أطلق قذائفه على الطحين والأرز والتفاح والبرغل، نعم لقد “قتل الطعام” وهو في أيدي الذين يتضورون جوعاً، فأصاب بطريق الخطأ “كما يدعي عند كل مجزرة يرتكبها” معظم الناظرين والممسكين والمقتربين مما يجب أن يكون مُؤجّلاً للموت عن طريق الجوع.

إنه الخطأ المقصود الذي يتعامل به الجلادون مع الضحية، حتى بصياغة العبارات لم يعد يعنيهم الصواب من عدمه، فلا حساب ولا عقاب وخاصة من الدول التي جُمعت في محكمة عدل دولية (لم تعدل)
فجاء الموت بطريق القتل العمد والقصف
الموت المضاعف المضروب بأضعاف مضاعفة من الطرق
الموت تحت الأبنية التي تدكّ كل يوم على رؤوس ساكنيها
الموت قنصاً على طرقات الهروب من جحيم القصف والاعتقال..
الموت جوعاً.. عطشاً وبرداً
الموت إحباطاً وقهراً ممن يدعون صلة الرحم
شاحنة المساعدات التي قصفتها إسرائيل لم تمت، حملتها الدماء على أجنحة الحرية ووزعتها على أفئدة أحرار العالم
لا نستغرب المظاهرات التي اندلعت في العالم..
بالأمس رأينا صوراً لفلسطينيين لم يُبقِ منهم الجوع إلا الجلد والعظم، وكُتب تحت صورهم ماتوا من الجوع..
وبعدها صور شاحنة مساعدات تناثرت حولها أشلاء وجثامين لأناسٍ كلّ ذنبهم أنهم حاولوا اختراق حصار الجوع..
أليست وصمة عارٍ على ضمائر الدول موت إنسان ضعيف من الجوع؟
أليست وصمة عارٍ على بايدن الذي يذرف دموع التماسيح على ضحايا مجزرة الطحين، ويعد بإرسال المساعدات بإنزال جوّي، والبحث عن طرق بحرية آمنة لإرسال المساعدات، متناسياً أن إسرائيل قصفت ميناء غزة منذ الأيّام الأولى للعدوان، وأنه “لو أراد” لأوقف الحرب في أي لحظة يشاء، ولأمر بفتح المعابر التي تتكدس عليها ملايين الأطنان من المساعدات التي تنتظر الإذن من طغاة هذا العصر.
وفي زمن العجائب هذا لن يكون مستغرباً أن يصرّح نتنياهو أن قلبه يؤلمهُ على الجوعى وقد ينحو نحو بايدن، ويقول إنه سيدعم الغزييّن بإنزال جوي!!!!
فعلاً كما يقول المثل الشّعبي “اللي استحوا ماتوا”.

الكاتبة والاْديبة غادة عماد الدين العيسى مديرة المسرح القومي في طرطوس

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: من الجوع لم یعد

إقرأ أيضاً:

“البديوي”: نشيد بالجهود التي تبذلها وزارات الدفاع بدول المجلس لتبادل الخبرات والتجارب

الجزيرة – عوض مانع القحطاني

أشاد معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالجهود المشتركة التي تبذلها وزارات الدفاع في دول المجلس لتبادل الخبرات وتعزيزها بين منتسبيها، وأكد معاليه أن هذه الورش تسهم في تعزيز التكامل الدفاعي والأمني بين الدول الأعضاء، مما يرفع من جاهزية القوات المسلحة لمواجهة التحديات المشتركة.

جاء ذلك خلال كلمة معاليه في افتتاح ورشة العمل الأولى لفريق العمل الأمني للقوات المسلحة بدول مجلس التعاون، والتي تعقد خلال الفترة 19-20 نوفمبر 2024م، بمقر الأمانة بالرياض، وبحضور كبار الضباط بدول مجلس التعاون وعدد من الأمناء المساعدين ومسؤولي القطاعات بالأمانة العامة .

اقرأ أيضاًالعالمبوتين يصادق على مرسوم يوسع نطاق استخدام “الردع النووي” لروسيا

وفي بداية كلمته قدم معاليه الشكر لسعادة اللواء الركن طيار عيسى بن راشد المهندي، الأمين المساعد للشؤون العسكرية، ومنتسبي القطاع، على الإعداد والتحضير لهذه الورشة، لما لها من أهمية قيمة في تبادل الخبرات والتجارب وتطوير المحتوى العسكري والخروج بتوصيات وآلية عمل مشتركة وموحدة بين القوات المسلحة بدول مجلس التعاون.

كما تم خلال الورشة استعراض عدد من المحاور العسكرية والأمنية ذات الاهتمام الخليجي المشترك، بمشاركة متحدثين من القوات المسلحة بدول مجلس التعاون.

مقالات مشابهة

  • هكذا تدعم إسرائيل اللصوص المسلّحين الذين يهاجمون شاحنات الأمم المتحدة في غزة
  • “البديوي”: نشيد بالجهود التي تبذلها وزارات الدفاع بدول المجلس لتبادل الخبرات والتجارب
  • “الأكثر رعبا في العالم”.. لماذا تستمر “صافرات الموت” في إثارة الرعب حتى اليوم؟
  • أمير المدينة المنورة يرعى لقاء شركاء النجاح الذي نظمته شركة “‫أرامكو السعودية” تحت شعار “شراكة واستدامة”
  • “الجيش” الذي أذهل أمريكا والغرب..!
  • هل أنت جائع حقا أم تأكل لمجرد شعورك بالملل؟ هكذا تفرّق بين الحالتين
  • ???? الذي تغير أن بريللو أكتشف كذب حمدوك وشلته الذين رسموا له المشهد على غير حقيقته
  • مؤتمر الجزيرة يحذر من مجزرة وشيكة تهدد “التكينة”
  • شاهد | الصاروخ الذي قصفت به السعودية “تل أبيب” .. كاريكاتير
  • تجمع عشائر غزة يرحب بقتل “لصوص المساعدات”