بوابة الوفد:
2025-02-16@22:13:51 GMT

شِعب بنى هاشم وغزة

تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT

سلاح التجويع هو الأخطر والأشد فتكاً على مر العصور، والهدف منه هو هلاك المحاصرين والحكم عليهم بالموت البطىء، ويذكر التاريخ حصار النبى صلى الله عليه وسلم وبنى هاشم فى الشِّعب للخلاص من الدين الوليد والحد من انتشاره بعدما باءت محاولات قريش مع النجاشى فى إعادة المسلمين من الحبشة بالفشل،  فقرروا عزل المسلمين فى مكة وتجويعهم ليواجهوا الموت جوعاً أو الردة وترك الدين.

وكتبت قريش وثيقة بالمقاطعة الاقتصادية للمسلمين وأودعوها فى جوف الكعبة، وانتقل المسلمون ومن ولاهم إلى شِعب لأبى طالب، واستمرت الحالة قرابة العامين واضطروا إلى أكل ورق الشجر والعشب ليسدوا جوعهم، وانتهت المقاطعة عندما أكلت الأرضة الصحيفة ولم يبق منها إلا «باسمك اللهم»..

وما أشبه الليلة بالبارحة ليعود اليهود فى ثوبهم الجديد ويضربون حصاراً اقتصادياً قاتلاً على أهل غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى حتى يومنا هذا فى ظل حرب إبادة شاملة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً مستخدمين خلالها كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً فى حرب برية جوية بحرية ارتقى خلالها إلى السماء أكثر من 30 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال بخلاف عشرات الآلاف من المصابين وغيرهم من المختفين فى عداد الموتى.

اليهود الأولون كانوا يبتغون اقتلاع الدين من جذوره والقضاء عليه وعلى التابعين له حماية لأصنامهم وترسيخاً لجبروتهم، وأحفادهم يريدون قتل شعب بأكمله واحتلال أرضه وتهجير أهله لإنهاء قضيتهم إلى الأبد والتمدد إلى دول الجوار لتحقيق حلم صهيونى بالدولة المزعومة.

يهود مكة واجههم النبى صلى الله عليه وسلم بقوة الإيمان والصبر وتحدى أصحاب المروءة تلك المقاطعة الجائرة، وكان على رأسهم هشام بن عمرو وزهير بن أبى أمية وانضم لهم آخرون فى جرأتهم ومنهم المطعم بن عدى وأبوالبخترى بن هشام وزمعة بن الأسود وواجهوا اليهود حتى جاء نصر الله.

يهود العصر الحديث الذين يزيد عددهم على 9 ملايين يهودى بقليل فى إسرائيل أتوا بكل أنواع الموبقات وتعدوا على كافة القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية ليسوا عن كثرة وإنما عن قلة فهم يعيشون فى عالم يزيد عدد المسلمين فيه على 2 مليار مسلم ويقيمون بين دول عربية وإسلامية زاد عدد سكانها على 480 مليون نسمة أليس هذا عاراً!!

المجاعة فى غزة أصبحت واقعاً مريراً وسلاحاً قاتلاً يصر اليهود على تفعيله كفرصة أخيرة لتحقيق أحلامهم، ولم يكفهم عرقلة وصول المساعدات بكل السبل والطرق بل إنهم يستهدفون المواطنين الأبرياء العزل لقتلهم والقضاء عليهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات على مرأى ومسمع من العالم، وفى تحد صارخ وعزم قاطع على تحقيق أهدافهم الدموية مهما كان الثمن.

باختصار.. ما يتعرض له الأشقاء فى غزة عار على جموع المسلمين والعرب بل عار على الإنسانية جمعاء، وسوف يدون التاريخ فى صفحات حالكة السواد كل المناوئين والمتواطئين فى حصار وخنق الشعب الفلسطينى فى مواءمات سياسية أو تحالفات اقتصادية محكوم عليها بالفشل.

تبقى كلمة.. صمود المسلمين الأوائل فى مقاومة الحصار الاقتصادى لليهود وقوة إيمانهم بالقضية ومروءة العرب الذين خشوا أن يعيروا بين الأمم بأنهم يأكلون الطعام ويلبسون الثبات وبنو هاشم هلكى لا يبتاعون ولا يبتاع منهم فجر بقلوبهم طريق النصر، وما زال أهل غزة ينتظرون من أهل المروءة والإخوة والأشقاء لنجدتهم قبل أن تكتب أسماؤهم جميعاً فى تعداد الشهداء دفاعاً عن الأمة فى مواجهة يهود العصر.. ترى أيهما أقرب نخوة الأشقاء أم الأرضة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: باختصار التجويع انتشاره

إقرأ أيضاً:

أشرف غريب يكتب: الإدارة الأمريكية وغزة.. والكبيرة مصر

تتحدث التقارير الإخبارية عن أنّ مئة وخمسة وأربعين عضوا بالكونجرس الأمريكي قد وقَّعوا على وثيقة تطالب الإدارة الأمريكية الجديدة بالتراجع عن نواياها بامتلاك الولايات المتحدة لقطاع غزة، أو أنّ نوابا وشيوخا ديمقراطيين ينوون إجهاض خطتها، أو أنّ 350 شخصية يهودية أمريكية بينهم حاخامات وفنانون وشخصيات عامة، قد وقَّعوا على بيان رسمي يعارضون فيه خطة الإدارة الأمريكية الجديدة الخاصة بتهجير الفلسطينيين من غزة ويعتبرونها تطهيرا عرقيا، أو أنّ مستشاري الرئيس الأمريكي قد فوجئوا كما فوجئ العالم بتلك الخطة، إلى غير ذلك من ردود الداخل الأمريكي المناوئة لما دعا إليه الرئيس الأمريكي، فهل يمكن أن يمثل هذا نوعا من الضغط على البيت الأبيض فيتراجع ساكنه الأكبر عن خطته، أم أنّه توزيع للأدوار لن يؤدي إلى شيء ملموس؟

أنا شخصيا لا أثق في السياسة الأمريكية، وشواهد الماضي تؤكد ذلك، والذي أعلمه تماما كما يعلمه الجميع أنّ من وفرت الحماية والغطاء لكل ما فعلته إسرائيل على مدى تاريخها لا تريد خيرا للعرب ولا تبحث إلا عن مصالحها ومصالح حليفتها ومخلبها في المنطقة.

الذي يبدو لي أنّ الإدارة الأمريكية قد ضاقت بالقضية الفلسطينية، وقررت أن تنسفها من أساسها وتصفيها تماما من جذورها، أو على الأقل صرف الانتباه عن جوهرها الحقيقي، فمن يطالبون بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 سيجدون، وفق خطة الإدارة الأمريكية الجديدة، حقائق جديدة على الأرض، مؤداها أنّه لا حدود فعلية للرابع من يونيو 1967، اليوم غزة وغدا الضفة الغربية لنهر الأردن، حيث لن تكون هناك لا أرض ولا شعب لقيام الدولة الفلسطينية.

وبدلا من المناداة الدائمة والأزلية بحق العودة للفلسطينيين الذين هُجِّروا من أراضيهم أصبح العالم منشغلا بمنع التهجير الجديد، وبدلا من البحث عن حل جذري للقضية بتنا نتحدث في الفرعيات تمهيدا لتصفية القضية ذاتها، أي تفكير شيطاني هذا الذي يفعله الأمريكان والإسرائيليون؟!

قبل أسابيع كتبت هنا في هذا المكان، غداة اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وسقوط بشار الأسد، عن إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وأنّ واقعا جديدا يراد تشكيله حاليا لصالح طرف واحد هو إسرائيل، وأنّ المسرح بات مهيئا لظهور مخطط سابق التجهيز يسعى الأمريكان لتمويله من نفط الخليج أو حتى من خلال وقف المساعدات الأمريكية لكل من مصر والأردن إذا أبدت الدولتان أي تبرم تجاه ذلك المخطط حتى لا يكون لدافع الضرائب الأمريكي أي موقف سلبي من كل ما تخطط له السياسة الأمريكية.

ومنذ بداية أحداث السابع من أكتوبر وتداعيات ما جرى في غزة ومصر منتبهة لذلك كله، وسبق أن حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي مرارا وتكرارا من أنّ سيناء لن تكون بديلا للفلسطينيين، وأنّ مصر لن تساهم في إفراغ القضية من مضمونها، وأنّ تكدير حياة سكان غزة من جانب إسرائيل من أجل دفعهم إلى اجتياز الحدود والدخول إلى سيناء لن تقبله مصر بأي حال من الأحوال.

وأنّه يجب أن يكون واضحا للجميع أنّ الحدود الشرقية لمصر خط أحمر لا يمكن حتى التفكير في تجاوزه، فلما أجهضت مصر تمثيلية السابع من أكتوبر وتأكد الإسرائيليون من فشل مخططهم، أخرج ساكن البيت الأبيض الجديد من جعبته، خطته البديلة المتعلقة بتهجير سكان غزة وامتلاك الولايات المتحدة للقطاع تمهيدا لتسليمه إلى إسرائيل أو على الأقل أن تكون منطقة عازلة بين مصر والفلسطينيين المراد تسكينهم في سيناء من جانب وبين إسرائيل على الجانب الآخر، فضلا عما يمكن أن يصدره من مشكلات لمصر وجود مليوني فلسطيني على أرضها معظمهم ينتمون إلى حركة حماس إحدى أذرع جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة.

ولأن الأمريكيين يتحدثون عن استحالة إعمار غزة في ظل وجود سكانها، وأنّه على من يرفض خطة الإدارة الأمريكية الجديدة إيجاد البديل، فإنّ مصر الكبيرة بمواقفها وبعظم دورها في المنطقة، وبتحملها لعبء القضية الفلسطينية على مدى التاريخ لم تقف موقف المتفرج على كل ما يحدث، وراح ساستها يعدون حاليا تلك الخطة البديلة التي تتيح إمكانية إعمار القطاع من دون تهجير سكانه.

ويبدو أنّ دخول الشاحنات المصرية للقطاع في الأيام الماضية وهي تحمل المساكن المتنقلة جزءا من هذا التصور المصري، الذي حتما سيكون مطروحا أمام القمة العربية الطارئة التي تستضيفها القاهرة أواخر هذا الشهر والتي من المفترض أن تأتي بمخرجات تجنب المنطقة تنفيذ المخطط الأمريكي الخبيث.

وهو ما يستدعي تكاتفا عربيا واضحا لا انشقاق فيه، وموقفا حازما من كل ما يحدث دون تشرذم أو بحث عن مصالح ضيقة، وأن يكونوا مستعدين لتوقع الضغوط وتحمُّلها، وعلى العرب جميعا أن يعلموا أنّ قوتهم في اتحادهم، وأنّ ضعفهم في تفككهم، وأنّهم مطالبون الآن أكثر من أي وقت مضى أمام الله وأمام التاريخ وأمام شعوبهم بأن يتخذوا ما تمليه عليهم عروبتهم ونخوتهم من أجل الدفاع عن وجودهم وإلا لن تقوم لنا قائمة بعد اليوم.

مقالات مشابهة

  • كيف استطاع الشهيدُ القائد حسين بدر الدين الحوثي كسرَ حاجز الخوف من أمريكا؟
  • هل يجوز الصيام بعد نصف شعبان لمن عليه قضاء الفائت من رمضان؟
  • ماذا خسر عصر الذكاء الاصطناعي من تراجع المسلمين؟
  • مفتي الجمهورية لطلاب مدارس الإسكندرية: الدين ليس مجرد طقوس
  • جمعية العلماء المسلمين الجزائريين: تحويل المجلات الصادرة عن الجمعية إلى نسخ الكترونية
  • أشرف غريب يكتب: الإدارة الأمريكية وغزة.. والكبيرة مصر
  • «المفتي» يرد على عدم الحاجة إلى الدين: الإنسان يحتاجه كالطعام والشراب
  • المفتي يعلق على الادعاء بعدم الحاجة إلى الدين والاكتفاء بالمشتركات الإنسانية
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: جاه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم (1)
  • أحمد نبوي: القبلة رمز لوحدة المسلمين والاعتصام بأمر الله.. فيديو