لندن- ليس من المبالغة وصف الإعلام البريطاني للانتخابات المبكرة -التي جرت في دائرة "روشديل" في مدينة مانشستر- بأنها "انتخابات غزة" فالأحداث التي صاحبت الحملة الانتخابية ونتائج الانتخابات تظهر أن "غزة أصبحت مؤثرة في المشهد السياسي البريطاني" حسب كريس ماسون محرر الشؤون السياسية بشبكة "بي بي سي".

وأسفرت هذه الانتخابات عن وصول السياسي المثير للجدل جورج غالاوي إلى البرلمان من جديد، وهو المعروف بمواقفه الداعمة لفلسطين والمنتقدة لإسرائيل، ولهذا لم يكن من قبيل الصدفة قوله بعد إعلان نجاحه إن "هذا الفوز من أجل غزة".

ملف أساسي

وأظهرت هذه الانتخابات أمرين أساسيين:

أولهما أن غزة ستكون من الملفات الأساسية المطروحة في الانتخابات العامة المزمع إجراؤها خلال الأشهر المقبلة. أما الأمر الثاني فهو تأثير الصوت المسلم في قلب العديد من المقاعد البرلمانية.

وكان مقعد "روشديل" تقليديا لحزب العمال منذ أكثر من عقدين، قبل أن يقرر المسلمون في المنطقة، والذين يشكلون 30% من السكان، مقاطعة هذا الحزب بسبب موقفه الرافض للدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وبالفعل حصل خلال هذه الانتخابات على أسوأ نتيجة له بهذه الدائرة منذ ما يزيد على نصف قرن.

وبكل رضا، تحدث النائب غالاوي للجزيرة نت عن فوزه في دائرة "روشديل" مؤكدا أنه لا يعبر فقط عن أصوات الأقلية المسلمة "التي ساندتني بقوة، ولكن أن أعبر عن أصوات عشرات الآلاف من الغاضبين من سياسات حزبي العمال والمحافظين المتواطئة مع الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة".

واعتبر غالاوي، الذي سيعود للبرلمان للمرة الرابعة في تاريخه، أن "من صوت لي يريدون من الطبقة السياسية البريطانية أن تتحرك لمواجهة الحيف والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزة".

فاز #جورج_غالاوي بالمقعد الشاغر في البرلمان البريطاني عن مدينة مانشستر ، جرى التنافس عليه أمس الخميس..وحقق غالاوي المساند للقضية الفلسطينية والرافض للعدوان على #غزة نتيجة ساحقة رغم أنه ترشح باسم حزب الشغالين المغمور. وتفوق غالاوي على مرشحي حزب المحافظين وحزب العمال وحزب الأحرار،… pic.twitter.com/YDvZf3jD5j

— Jalel Ouerghi جلال الورغي (@jalelouerghi) March 1, 2024

تحول واضح

وقارن غالاوي بين السنوات السابقة وبين الوضع الحالي من حيث حجم دعم فلسطين، مؤكدا أنه "قبل سنوات كانت الأصوات الداعمة لفلسطين مجموعات صغيرة غير ذات وزن سياسي أو تأثير شعبي قوي، الآن نستطيع أن نحشد الآلاف وسط لندن للتعبير عن رفضنا لما ترتكبه إسرائيل ضد حقوق الشعب الفلسطيني".

وعبر هذا السياسي البريطاني عن قناعته بأن هناك تحولا واضحا في الرأي العام البريطاني "لن نلمسه في الشوارع فقط، ولكن أيضا في صناديق الاقتراع، حيث أصبح الموقف من القضية الفلسطينية عاملا أساسيا يوجه صوت الناخب البريطاني، وهي النقطة التي أصبحت تزعج النخبة السياسية خصوصا في حزبي العمال والمحافظين".

وتوقع أن مزاج الناخب البريطاني تغير بشكل كبير خصوصا في صفوف الداعمين للقضية الفلسطينية، وأنهم حين سيذهبون للاقتراع سيعاقبون كل من تلكأ عن دعم غزة، وأكد "لذلك ترشحت من أجل أدافع عن هؤلاء، وقد ظهرت النتيجة كما توقعت تماما".

ووجه غالاوي، الذي كان نائبا سابقا عن حزب العمال قبل أن ينسحب منه، رسالة شديدة للهجة لزعيم الحزب كير ستارمر، مفادها أن "مواصلة موقفه الداعم لسياسات إسرائيل، دون موقف واضح من وقف إطلاق النار في غزة، سيجر على الحزب خسائر انتخابية لم يتوقعها".

وأضاف أن فوزه في هذه الانتخابات المبكرة "سيحدث رجة في صفوف حزب العمال وسيكسر ثنائية العمال والمحافظين التي تستأثر بالقرار السياسي البريطاني".

صوت قادر

من جانبه، انتقد الصحفي البريطاني والمحرر في مجلة "تريبيون" تاج محمد، الطبقة السياسية وحتى المحللين لأنهم "تعمدوا تجاهل مطالب مسلمي بريطانيا" موضحا أنه "عندما كانت كل استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع كبير في تأييد مسلمي بريطانيا لحزب العمال، عمد السياسيون وحتى المحللون إلى التقليل من الأمر والمرور عليه بسرعة وكأنه لا يستحق التوقف عنده".

وعاب غالاوي على قيادة العماليين كيف أنها "لم تقم بأي مجهود من أجل الاستماع لمطالب مسلمي بريطانيا" متسائلا إن كانت نتائج دائرة "روشديل" ستدفع قيادة الحزب لإعادة النظر في حساباتها، خصوصا بعد أن أظهر الصوت المسلم أنه أصبح منظما وقادرا على التأثير.

ورد الصحفي على من يتهم مسلمي بريطانيا بأنهم يعطون الأولوية لقضية خارجية في تصويتهم، بقوله إن "الطبقة السياسية البريطانية شغلت البلاد كلها بالعلاقة مع الاتحاد الأوروبي على حساب قضايا البلد من أزمة قطاعي الصحة والسكن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذه الانتخابات حزب العمال

إقرأ أيضاً:

كيف يشيطن حزب المحافظين البريطاني المسلمين ؟

أثار وزير العدل في حكومة ظل المحافظين، روبرت جينريك، جدلًا واسعًا بتصريحاته التي استهدفت المحاكم الشرعية في بريطانيا، متجاهلًا هيئات مماثلة للطوائف اليهودية والكاثوليكية.

ونشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا أعده عمران ملا حول تصريحات وزير العدل في حكومة ظل المحافظين والتي استهدف فيها "المحاكم الشرعية" في بريطانيا ولم يستهدف هيئات أخرى مماثلة لدى الطائفة اليهودية والكاثوليكية تقدم نفس الخدمات للمجتمعات الدينية من ناحية حل الخلافات الزوجية والتحكيم في الأمور العائلية.

ويعرف عن روبرت جينريك مواقفه المعادية للمسلمين، كحزب المحافظين الذي يعاني من مشكلة كراهية للمسلمين.

وقد جاءت تصريحاته ردا على مقال في صحيفة "التايمز" البريطانية الذي انتقد وجود محاكم شرعية في بريطانيا.

وقال جينيريك إنه يجب عدم وجود محاكم شرعية في البلد، مشيرا إلى الهيئات غير الرسمية والتي تصدر قرارات دينية غير ملزمة في مسائل الطلاق والزواج، وتشترط قبل إجراء عقود الزواج الشرعي بأن يكون لدى الزوجين عقد زواج مدني معترف به من الدولة.


ونشرت "التايمز" مقالا قالت فيه إن بريطانيا "أصبحت العاصمة الغربية لمحاكم الشريعة"، حيث رد جينريك على المقال بمنشور على منصة إكس " يجب ألا توجد أي من هذه المحاكم" و "هناك قانون واحد في هذا البلد وهو القانون البريطاني". وطالب وزير الظل سابقا باعتقال من يهتف بـ "الله أكبر" ودفع بإلغاء تأشيرة طالبة فلسطينية بعدما تحدثت بمسيرة مؤيدة لفلسطين.

ولدى بريطانيا ثلاثة أنظمة قانونية مستقلة تقوم على القانون العام في إنكلترا وويلز ونظام قانوني مستقل في اسكتلندا يجمع  بين القانون العام والقانون المدني، ونظام قانوني مستقل آخر في أيرلندا الشمالية.

وقال متحدث باسم المجلس الإسلامي في بريطانيا، أكبر مجموعة تمثيلية للمنظمات الإسلامية في البلاد، لموقع "ميدل إيست آي" إن تعليقات جينريك "تكشف عن نمط مثير للقلق من الخطاب التحريضي الذي يظهر كل بضع سنوات لإثارة العداء ضد المسلمين البريطانيين". 

وأضاف أن: " هذه هيئات تحكيم طوعية تعمل بالكامل في إطار القانون البريطاني، تماما مثل محاكم بيت دين اليهودية، والتي لم يذكرها جينريك".


وقد ظهرت المحاكم الشرعية لأول مرة في بريطانيا في ثمانينيات القرن العشرين، في المقام الأول لتسهيل الطلاق الإسلامي للنساء المسلمات اللائي يرغبن في إنهاء زواجهن عندما يرفض أزواجهن.

وتقدم هذه المحاكم، التي يبلغ عددها حاليا 85 في بريطانيا، أيضا المشورة الدينية بشأن الميراث والوصايا وغيرها من جوانب القانون الشخصي الإسلامي. وهي هيئات غير رسمية ليس لها مكانة قانونية أو سلطات إنفاذ. كما أنها لا تملك سلطة قضائية على القضايا المالية وتعمل بدلا من ذلك كمجالس استشارية.

وتقدم المحاكم الدينية لليهود الأرثوذكس "بيت دين" والمحاكم الكاثوليكية نفس الخدمات للكثير المواطنين اليهود والمسيحيين. ولم يرد جينيرك على أسئلة الموقع وإن كان يدعو لإلغاء بيت دين والمحاكم الكاثوليكية كمطالبته بإلغاء المحاكم الإسلامية.

ويشير الموقع إلى أن المحاكم الشرعية قد تعرضت لانتقادات مستمرة من منظمات المجتمع المدني التي اتهمتها بترسيخ الممارسات المعادية للمرأة، على الرغم من أن العديد من الجماعات الإسلامية دافعت عن استخدامها.

ويعتقد أن حوالي 100,000 عقد زواج إسلامي قد تم إجراؤها عبر هذه المحاكم في بريطانيا.


وقال المتحدث باسم المجلس الإسلامي البريطاني: "بعيدا عن السعي إلى قوانين موازية، فإن العديد من المساجد ومجالس التحكيم الإسلامي تلزم الأزواج في الواقع بعقد زواج مدني قبل أي إجراء أي عقد زواج شرعي".

وأضاف: "بينما تثير صحيفة "التايمز" بعض المخاوف المشروعة بشأن حالات محددة، فمن المخيب للآمال أن نرى مثل هذا التركيز الأحادي الجانب على التحكيم الإسلامي دون الاعتراف بالممارسات المماثلة في الديانات الأخرى".

وفي عام 2008، أثار روان ويليامز، رئيس أساقفة كانتربري آنذاك، الجدل بعد أن قال إن الشريعة الإسلامية يجب أن تمنح وضعا رسميا في بريطانيا للمساعدة في التماسك الاجتماعي.


وقال: "هناك مكان لإيجاد ما يمكن أن يكون موازنة بناءة مع بعض جوانب الشريعة الإسلامية كما نفعل بالفعل مع بعض جوانب في القوانين الدينية الأخرى".

وفي عام 2016، كلفت وزيرة الداخلية آنذاك تيريزا مي بإجراء مراجعة مستقلة أوصت بتشكيل هيئة تنظيمية حكومية للمجالس، لكن الحكومة المحافظة رفضت، قائلة إن المحاكم الشرعية ليس لها ولاية قضائية.

وقال النائب المحافظ نيك تيموثي لصحيفة "التايمز" هذا الأسبوع إن الزيجات الإسلامية "يجب تجريمها إذا أجريت دون حماية الزواج المدني المصاحب".

وقال متحدث باسم الحكومة: "لا يشكل قانون الشريعة الإسلامية أي جزء من القانون في إنجلترا وويلز. ومن الصواب تماما أن يعقد الأزواج زيجات معترف بها قانونيا لأن ذلك يوفر لهم الحماية والأمن والدعم الذي يجب أن يحصلوا عليه في بريطانيا".

مقالات مشابهة

  • 11 رجل أعمال يتنافسون على مقاعد مجلس غرفة الباحة
  • السعودية تدهش العالم وتعيد تعريف سياحة المغامرات عبر مشروع THE RIG
  • الحكومة الأيسلندية القادمة تقول إنها ستطرح عضوية الاتحاد الأوروبي للاستفتاء بحلول عام 2027
  • بنغازي | مبادرة “الشباب يشارك”: خطوات نحو الحد من خطاب الكراهية وتعزيز العملية السياسية
  • حكومة الإطار ترسل للبرلمان التعديل الرابع لقانون الانتخابات لتكريس الحكم الإيراني في العراق
  • اللافي يؤكد دعم الرئاسي لجهود بعثة الأمم المتحدة لإجراء انتخابات شاملة
  • بري يؤكد أن انتخابات الرئاسة في لبنان بموعدها
  • كيف يشيطن حزب المحافظين البريطاني المسلمين ؟
  • ماذا تقول فتاة الصورة بعد أن طلب إليها الشرع تغطية الرأس؟
  • وزير الدفاع البريطاني يقترح نشر قوات بريطانية في أوكرانيا لتدريب الجنود