قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، أن المسلمون استقرأوا نصوص الوحي الكريم واستخرجوا مقاصد التشريع التي تمثل النظام العام وهي: حفظ النفس، والعقل، والدين، وكرامة الإنسان - حسب التسمية المعاصرة وكانت تسمى قديمًا بالعِرض أو النسل - والملك - وهي تسمية معاصرة كذلك والتسمية القديمة المال - وإنما رَتبتُ هذه المقاصد بهذا الترتيب؛ لأنه ليس مُتفق على ترتيبها بشكل معين، فالشاطبي بدأ بالدين، والزركشي يورد الخلاف في هذا الترتيب، وهذا الترتيب أراه مناسبًا للتفكير وللعصر كذلك، فالإنسان يحافظ على نفسه ثم على عقله ثم يكلَّف فيحافظ على دينه ثم يحافظ على كرامته وملكه.

 

وعلى هذا الترتيب نكون قد جعلناه نظامًا يصلح لغير المسلمين أيضا؛ لأنه متفق عليه بين البشر، فليس هناك نظام قانوني يبيح القتل العدوان، أو يبيح السرقة إلى يومنا هذا في أي مكان، مما يجعل هذا النظام العام يتسع للتعددية الحضارية التي فعلها المسلمون عندما أبقوا غير المسلمين بكافة طوائفهم.

كما استخرجوا المبادئ الدينية التي تبين أنه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} ، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } ، وهو ما يسمى بفورية القوانين و....إلخ من المبادئ الحاكمة للعقل المسلم. 

واستخرجوا كذلك ما يسمى بالقواعد الفقهية وجعلوا منها خمس قواعد كلية بنوا عليها السلوك في الإسلام وتشريعه: 

أولها: «الأمور بمقاصدها» وأخذوها من قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات...» [رواه البخاري ومسلم]. 

ثانيها : «الضرر يزال»

 وثالثها: «واليقين لا يرفع بالشك»

 ورابعها : «والعادة محكمة»

 خامسها : وهي بيت القصيد «المشقة تجلب التيسير».

فالتيسير ورفع الحرج من خصائص التشريع الإسلامي، وهو أمر يقابل به المسلم العالمين لأن الله سبحانه وتعالى امتن عليه به، فالتيسير فطرة المسلمين، وهو عنصر يكون عقلية المسلم، فينشئ المسلم الفقيه الذي يعلم دينه، والذي يدرك عن ربه مراده. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هذا الترتیب

إقرأ أيضاً:

ما هي حقيقة الدين والرسالة المحمدية؟.. ابحث عن الرحمة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن الله- سبحانه وتعالى- وصف نبيَّه بالرحمة، فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، ليس للمسلمين فقط، ولا للسابقين دون اللاحقين، ولكن للعالَمين.

علي جمعة: 95% من العلماء الكبار اتفقوا مع منهج الإمام الأشعريعلي جمعة: الإمام الأشعري كان رائدا في فهم النصوص الشرعية وربطها بالواقع

وأضاف علي جمعة، في منشور له عن الرحمة، أن هذا كلام يجعلنا نفهم حقيقة الدين، وأن حقيقة الدين ما دامت الرسالة قد بدأت بالرحمة، وأصرت عليها، وجعلتها البداية والنهاية، ووصفت مُبلِّغ هذه الرسالة بها، فهي إذن حقيقة الدين، لقول رسول الله: «إنما أنا رحمةٌ مُهداةٌ»، أي: إن الله أهدى هذه الرحمة للبشرية.

وتابع: لا بدّ أن نضع على أعيننا نظارةً مكوَّنةً من عدستين: الرحمن الرحيم، فما الذي نفعله بهذه النظارة؟ أول شيء، وقد افتقده كثير من الناس، هو قراءة النصوص، فعندما أقرأ النصوص، لا بد أن أقرؤها بنظارة "الرحمن الرحيم"، لا بنظارة "المنتقم الجبار"، ولا بنظارة "المتكبر الشديد".

وواصل: وأشارت إلى أنه يمكن لأي نص، وفي أي لغة، أن يُفهم بوجوهٍ مختلفة: في اللغة حقيقة ومجاز، في اللغة مشترك، في اللغة ترادف، وفي اللغة أساليب كالتقديم والتأخير، والحذف والإضافة، وهكذا. فإذا ما قرأنا، أمكن أن نؤوِّل النص؛ فهل نُؤوِّله في اتجاه الرحمة، أم نُؤوِّله في اتجاه مشرب التشدد والعنف؟

وتابع: هذه مشكلة كبيرة نراها اليوم قد تغلغلت في مجتمعاتنا، بل في العالم كله، وأصبح هناك ما يحلو للبعض أن يسميهم المتطرفين، وكثير في الغرب يسمِّيهم اليمين المتطرف، لكنه في الحقيقة مشربٌ واحد، وهو أنه نزع نظارة الرحمة في قراءته لكل شيء، وأول هذا الشيء هو النص الذي يُقدِّسه ويُكرمه، ويريد أن يجعله مرجعًا له.

وأضاف علي جمعة، أننا ندعو الناس أجمعين إلى أن يستعينوا بالرحمة في فهم النصوص؛ فالنصوص قابلة للفهم، وإذا ما سلكنا بها مسلك الرحمة، لا نجد بينها وبين نصوصٍ أخرى أيَّ تعارُض، ولا بينها وبين الواقع، ولا بينها وبين المصالح، ولا بينها وبين الفطرة. في حين أننا إذا سلكنا بها مسلك التشدد ومشرب العنف، فإننا نجدها سريعًا ما تصطدم بالواقع، وبالمصالح، بمصالحي الشخصية ومصالح الآخرين.

واستشهد بقول النبي: «لا ضررَ ولا ضِرارَ»؛ أي: لا تضرَّ نفسك ولا تضرَّ غيرك. بل تصطدم هذه القراءة المتشددة بالمآل؛ فلكل شيء مستقبلٌ، وقد تصطدم معه. وتصطدم بسُنن الله؛ {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}. وتصطدم مع فطرة الإنسان، واستقرار الناس.

وأكد أن العجب العُجاب أن كثيرًا من الناس، حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بتشددهم وعنفهم، فإنهم يُنكِرون النصوص، وكأنها هي السبب في البلاء! والحقيقة أن النصوص بريئة؛ لأنه يمكن أن تُقرأ بالرحمة، وإذا لم تُقرأ بالرحمة، فإن المعيب هو القارئ، لا المقروء، وحين يُصرّ البعض على أن المقروء هو الخطأ، فإنهم يُعطون مبررًا زائدًا للمتطرفين أن يتطرفوا، وللمتشددين أن يتشددوا.

وتابع: في حين أننا لو أحسنّا علاجهم بدعوتهم إلى ارتداء نظارة الرحمة التي يرونها بأعينهم ويتغافلون عنها في البداية، وفي النهاية، وفي الوسط، وفي الصفة، وفي كل شيء، فإننا قد نصل إلى قلوبهم، ويكون تعاملنا معهم أيضًا بالرحمة، رغم أنهم أعلنوا عدم الرحمة. نحن نريد الرحمة حتى لأولئك الذين لم يريدوا لأنفسهم، ولا للناس، الرحمة.

مقالات مشابهة

  • «يا رايحين للنبي الهادي».. ماذا تقول عند رؤية الكعبة؟
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 22-4-2024 في محافظة قنا 
  • أحمد الرخ: التصوف ليس مذهبا أو فرقة بل منهج حياة متكامل
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-4-2025 في محافظة قنا
  • ما هي حقيقة الدين والرسالة المحمدية؟.. ابحث عن الرحمة
  • علي جمعة: 95% من العلماء الكبار اتفقوا مع منهج الإمام الأشعري
  • ماذا يفعل المسلم إذا أدرك الإمام راكع أو ساجد؟.. الأزهر للفتوى يوضح
  • الإعلام العراقية تنعى الكاتب جمعة اللامي
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 20-4-2024 في محافظة قنا   
  • علي جمعة: من أراد النجاح فليطلبه بالله.. والتوكل عليه سر الطمأنينة وتحقيق المقاصد