منظمة عسكرية سرية صهيونية، نشأت في الأراضي الفلسطينية إبان الانتداب البريطاني، واستمرت حتى نكبة 1948 وقيام دولة إسرائيل، وقد صنفتها بريطانيا آنذاك منظمة إرهابية، إذ لم تقتصر جرائمها على الفلسطينيين فحسب، بل تعدتهم إلى الجنود البريطانيين واليهود.

ويرتبط اسم هذه المنظمة ارتباطا وثيقا بمجزرة دير ياسين، واغتيال الدبلوماسي السويدي الكونت برنادوت، وتفجير فندق الملك داوود في القدس، إضافة إلى عشرات العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين.

ويعتبر زئيف فلاديمير جابوتنسكي الأب الروحي لهذه المنظمة، والتي لمع من قادتها كذلك رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق مناحيم بيغن، وكذلك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق شامير، الذي انشق عنها لينضم إلى منظمة شتيرن.

النشأة والتأسيس

منظمة أرغون، واسمها العبري الكامل هو "أرغون تسفاي ليئومي بآرتس يسرائيل"، أي "المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل"، ويطلق عليها أيضا اسم "أتسل" اختصارا، تأسست عام 1931م بقيادة "أبراهام تيهومي"، واتخذت شعار اليد التي تمسك البندقية مكتوبا تحتها "هكذا فقط"، وعلى أرضية مكونة من خارطة فلسطين التاريخية والأردن.

وقد قامت أرغون على المبادئ الأيديولوجية والعسكرية التي بنى عليها فلاديمير جابوتنسكي حركته الصهيونية التصحيحية، والتي سماها حركة الشبيبة بيتار، وذلك عام 1923، في "ريغا" عاصمة لاتفيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي آنذاك.

وفي 1931 انشقت أرغون عن منظمة الهاغاناه، إحدى المنظمات العسكرية الصهيونية على أرض فلسطين، ويعود أحد أهم أسباب الانشقاق إلى امتعاض المنشقين من القيود البريطانية المفروضة على المنظمة في تعاملها مع الثوار الفلسطينيين، وكذلك القيود التي فرضتها بريطانيا على الهجرة اليهودية في بعض الفترات، لامتصاص الغضب الفلسطيني.

وقد تلقّت أرغون دعما سريا سخيا من بولندا ابتداء من 1936، وذلك لرغبة الحكومة البولندية في تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين، وكذلك رغبتها في التخلص من المجموعات اليهودية الأكثر فقرا في البلاد.

قاد أراغون أبراهام تيهومي، الذي اعتبر أن "العنف السياسي والإرهاب" هما "أداتان مشروعتان في النضال القومي اليهودي من أجل أرض إسرائيل". ولذلك، وفي عام 1931 وضعتها الحكومة البريطانية على قوائم المنظمات الإرهابية، بسبب عملياتها التي استهدفت عددا من الجنود والضباط البريطانيين.

ومنذ عام 1938، نشطت هذه الحركة في تنظيم الهجرة السرية لليهود إلى فلسطين. وفي عام 1943 تولى مناحيم بيغن، الذي أصبح رئيسا لوزراء إسرائيل فيما بعد، قيادة المنظمة.

الفكر والأيديولوجيا

كان زئيف فلاديمير جابوتنسكي يعتقد أن دولة إسرائيل لن تقوم إلا بهجرة جماعية من كل يهود العالم إلى فلسطين، وكان مقتنعا أن هذا لن يكتمل إلا بالمقاومة المسلحة، ولذلك شكل حركة مسلحة لتكون نواة "للجيش الصهيوني" الذي كان يؤمن به، وهو صاحب فكرة الجدار الحديدي، ويعتقد كثيرون أنه كان "فاشي النظرة" ويكره العرب، وكان يراهم عقبة يجب التخلص منها لتحقيق أحلامه.

وحسب عقيدة أرغون، فإن فلسطين لليهود وحدهم، ولا مكان فيها للعرب الذين عليهم أن يغادروا. وحتى البريطانيين كان لهم نصيب كبير من عداوة أتباع جابوتنسكي، رغم أن بريطانيا كانت الداعم الرئيسي للمشروع الصهيوني منذ بدايته، وأصدرت وعد بلفور عام 1917، فإن ذلك لم يكن كافيا بنظر أرغون وتلامذة جابوتنسكي.

وترتكز أفكار اليمين الصهيوني التوسعية، من أتباع جابوتنسكي، والتي تتبناها منظمة أرغون، على أن ما تسميه "أرض إسرائيل التاريخية" تشمل جميع أراضي فلسطين وشرق الأردن وصولا إلى أجزاء من العراق يحدها نهر الفرات، وتمتد غربا لتشمل كل صحراء سيناء، وجنوبا لتغطي منطقة الحجاز من الجزيرة العربية.

مناحيم بيغن كان من أبرز قادة منظمة أراغون (غيتي-أرشيف) الأعلام والرموز

يعتبر زئيف فلاديمير جابوتنسكي الأب الروحي للمبادئ التي قامت عليها منظمة أرغون الصهيونية. ومن أبرز الأسماء أبراهام تيهومي الذي تولى قيادة الحركة منذ تأسيسها عام 1931.

ومن رموزها أيضا رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق شامير، الذي انشق عن الحركة في 1931 لينضم بعدها إلى منظمة شتيرن.

ويبقى مناحيم بيغن، الرجل الأكثر دموية في تاريخ الحركة، وهو الذي تولى قيادتها منذ 1943 حتى حلها في 1948، وهي الفترة التي ارتكبت فيها المنظمة عددا من المجازر ضد الفلسطينيين، أبرزها مجزرة دير ياسين.

أبرز العمليات

على مدى السنوات التي ظهرت فيها منظمة أرغون بين 1931 و1948 ارتكب أفرادها عشرات العمليات الإرهابية، التي ذهب ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين، ولم يسلم منها الجنود البريطانيون ولا حتى بعض اليهود. وتاليا بعض أهم هذه العمليات:

في الرابع من يوليو/تموز 1938 نفذت المنظمة هجمات إرهابية في القدس وتل أبيب ذهب ضحيتها 5 أشخاص إضافة إلى 20 جريحا. في السادس من يوليو/تموز 1938 تنكر أحد أعضاء أرغون بزيّ عربي ووضع عدة عبوات حليب أطفال مفخخة في سوق للخضار بمدينة حيفا، ولدى تفجيرها أسفرت عن مقتل 23 وجرح 75 آخرين. إسحاق شامير أحد قادة منظمة أرغون (غيتي-أرشيف) في 15 من الشهر نفسه نفذت المنظمة عملية مشابهة في القدس استشهد فيها 10 أشخاص، وجرح 29 آخرون. في 25 من الشهر نفسه نفذ أعضاء أرغون عملا إرهابيا في حيفا ذهب ضحيته 39 شخصا وأصيب 46. وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال. في 22 يوليو/تموز 1946 ارتكبت أرغون جريمة كبيرة بتفجير في فندق الملك داود في القدس قتل فيه 91 شخصا معظمهم من العرب الفلسطينيين، مع جنسيات أخرى مختلفة. في 29 ديسمبر/كانون الأول 1947 نفذت أرغون مجزرة باب العامود بمدينة القدس المحتلة، حيث ألقى أعضاؤها برميلا من المتفجرات أدى إلى استشهاد 14 فلسطينيا وإصابة 27 آخرين. في 30 ديسمبر/كانون الأول 1947 ألقى أفراد من عصابة أرغون قنبلة من سيارة مسرعة في مدينة القدس، مما أدى إلى انفجارها واستشهاد 11 مواطنا فلسطينيا. وفي الأول من مارس/آذار 1948 نسفت منظمة أرغون نادي الضباط البريطاني في القدس، وقتلت 11 بريطانيا، وبررت المنظمة عمليتها هذه بأنها جاءت انتقاما لثلاثة من أعضائها الذين كانت قد حكمت عليهم بريطانيا بالإعدام في فبراير/شباط 1948. في 27 يونيو/حزيران 1948 اقترح الدبلوماسي السويدي الممثل للأمم المتحدة الكونت برنادوت خطته للسلام، والتي تضمنت بقاء القدس بأكملها تحت السيادة العربية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا من القتال، أو طردتهم القوات اليهودية إلى بيوتهم واستعادة ممتلكاتهم. وأثارت هذه الاقتراحات حفيظة الصهاينة، فاتفقت منظمة أرغون ومنظمة شتيرن على اغتيال الكونت برنادوت، ونُفّذت بالفعل حادثة الاغتيال في 17 سبتمبر/أيلول 1948. وفي سبتمبر/أيلول 1948، أُدمِجت منظمة أرغون في الجيش الإسرائيلي بناء على أوامر الحكومة الإسرائيلية، وقد كرّم بن غوريون، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، قيادات أرغون في نوفمبر/تشرين الثاني 1968م، لدورهم القيادي، حسب تعبيره، في إنشاء دولة إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی القدس

إقرأ أيضاً:

القائمة السوداء تحاصر إسرائيل

تستدعي الوقائع الحادثة اليوم فى الأراضى الفلسطينية على ضوء جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، تستدعى لنا اليوم الذي بادرت فيه الأمم المتحدة وقررت إدراج الكيان الصهيونى فى القائمة السوداء بسبب جرائم الحرب التى ترتكبها فى الأراضي الفلسطينية. كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة الهجوم الإسرائيلى على المدارس التابعة للأونروا، أما مسؤول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، فدعا إلى إجراء تحقيق حول هذه الوقائع. فى المقابل بادر مجلس الحرب فى إسرائيل كما اعتاد دوما وطلب ضمانات أمريكية تسمح للجيش الإسرائيلى بمواصلة القتال ضد حماس فى قطاع غزة.

يحمد لمصر الجهد الكبير الذي تضطلع به دعما للفلسطينيين، فلقد كثف الوفد الأمنى المصرى اتصالاته من أجل دفع المسار التفاوضى فى اتجاه وقف إطلاق النار. بيد أن إسرائيل ماضية فى غلوائها، وفى تكثيف عملياتها وفى حرب الإبادة التي تشنها على القطاع، وتستمر فى ارتكاب المجازر ضد العائلات الفلسطينية ليرتفع عدد ضحايا الحرب إلى ما يزيد على خمسين ألف شهيد، وآلاف المصابين. وكانت وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة قد أطلقت تحذيرا ونداء استغاثة عاجلا للمجتمع الدولي لإنقاذ المنظومة الصحية ووقف حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل عمدا ومع سبق الإصرار حيث أبادت فى حربها البشر والحجر. وقالت "كارين هوستر" من منظمة أطباء بلا حدود في قطاع غزة: "رائحة الدم فى غزة لا تطاق. هناك أشخاص ممددون فى كل مكان على الأرض، وفى الخارج نقلت الجثامين فى أكياس بلاستيك. الوضع لا يُحتمل".

فى الوقت نفسه حولت شرطة الاحتلال القدس إلى ثكنة عسكرية، إذ تم نشر أكثر من ثلاثة آلاف عنصر أمني فى البلدة القديمة ومحيطها بذريعة تأمين مسيرة الأعلام الخاصة بالمستوطنين لا سيما عند بوابات الأقصى والبلدة القديمة فى القدس المحتلة. وقام مئات المستوطنين باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك فى مدينة القدس المحتلة بحماية شرطة الاحتلال، وذلك بالتزامن مع توافد الآلاف منهم للمدينة مع مسيرة الأعلام الاستفزازية التي انطلقت من القدس الغربية مرورا بباب العامود حتى حائط " البراق" بمشاركة آلاف المستوطنين. وقالت مصادر محلية إن نحو 800 مستعمر دخلوا ضمن مجموعات من جهة باب المغاربة ونفذت جولات استفزازية، وأدت طقوسا تلمودية في باحاته. وقام أحد حاخامات المستعمرين باقتحام المسجد الأقصى. ولهذا بادر مسؤول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل فى عمليات قصف إسرائيل مدارس تابعة للمنظمة ( الأونروا) مجددا التأكيد على أن العنف والمعاناة لا يزال هو الواقع الوحيد لمئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء. كما ندد ( جوتيريش) أمين عام الأمم المتحدة بالقصف الإسرائيلي معتبرا أنه يعد مثالا مرعبا جديدا على الثمن الذي يدفعه المدنيون.

وفى واشنطن وقع الرئيس الأمريكي وقادة 16 دولة فى أوروبا وأمريكا اللاتينية على بيان يطالب حركة حماس بقبول اتفاق الهدنة مع إسرائيل. وقد دعت الولايات المتحدة قادة إسرائيل وحماس إلى تقديم أى تنازلات ضرورية من أجل إبرام هذا الاتفاق وتوفير الراحة بالنسبة لأسر الرهائن. وكان الرئيس الأمريكي قد اقترح اتفاقا لوقف إطلاق النار فى غزة، بيد أنه بدا وكأنه اقتراح صورى لا قبل له بالتنفيذ. إذ لا بد من الحصول على التزامات مكتوبة تتعلق بالهدنة. وقد بادر زعيم حماس فى غزة وأبلغ الوسطاء بأنه لن يقبل اتفاقا مع إسرائيل إلا بوقف دائم لإطلاق النار. كما شدد على أن الحركة لن تلقى السلاح ولن توقع على أى مقترح لا يتضمن ذلك.

مقالات مشابهة

  • منظمة دولية تكشف عن وصول 9 ألف مهاجر إفريقي إلى اليمن خلال شهر
  • مدير فرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة يستقبل مندوب دولة فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي
  • القائمة السوداء تحاصر إسرائيل
  • اتساع دائرة الغضب بالمنصات من تزايد استهداف إسرائيل أطفال غزة
  • الاحتلال يمنع سفير الفاتيكان لدى دولة فلسطين من دخول كنيسة القيامة في القدس
  • الوطني الفلسطيني: الاعتداءات التي يواجها الصحفي الفلسطيني محاولة متعمدة لإسكات صوت فلسطين
  • اللواء 188.. تأسس عام 1948 وشارك في كل حروب إسرائيل
  • وزير خارجية إسرائيل: الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين "خطأ جسيم" وسيؤدي إلى فقدان باريس نفوذها الإقليمي
  • تحذيرات من مخططات صهيونية لتفجير المسجد الاقصى
  • إسرائيل تعيق احتفالات المسيحيين بـ سبت النور في القدس