الخرطوم- قال المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان فولكر تورك الجمعة إن المدنيين السودانيين يعيشون في "رعب شديد" بسبب "النزاع القاسي والعبثي" الذي يهز البلاد ويشكل خطرا على السلام الإقليمي.

وشدد تورك على أن الأزمة في السودان تتسم بالاستهتار بالحياة البشرية.

اندلع القتال في نيسان/أبريل من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وأدى النزاع إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين والتسبب بكارثة إنسانية.

ويحتاج حوالى 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السودانيين، إلى المساعدات، ويواجه 18 مليونا منهم انعداما حادا في الأمن الغذائي، وفق معطيات الأمم المتحدة.

وقال تورك أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية إن "الأزمة في السودان هي مأساة يبدو أنها صارت منسية على المستوى الدولي".

ووصف الحرب بأنها "نزاع قاس وعبثي". وأضاف أن طرفي النزاع "صنعا مناخا من الرعب الشديد، مما أجبر الملايين على الفرار".

كما لفت إلى أن الجانبين أفلتا من العقاب على انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، بينما لم تحرز محادثات تحقيق السلام أي تقدم.

وقال "أصبح السودان كابوسا حيا".

يسلط تقرير معروض على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الضوء على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبها الطرفان المتحاربان بين نيسان/أبريل وكانون الأول/ديسمبر.

كما يعرض بالتفصيل الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي قد يرقى الكثير منها إلى مستوى جرائم حرب، أو غيرها من الجرائم الوحشية.

وأوضح تورك أن ما لا يقل عن 14600 شخص قتلوا وأصيب 26 ألفا آخرون، مرجحا أن الحصيلة أعلى بكثير.

وقال تورك إنه إلى جانب نيران المدفعية الثقيلة، فإن استعمال "العنف الجنسي سلاحا في الحرب، بما في ذلك الاغتصاب، صار سمة فارقة - ومشينة - لهذه الأزمة".

وأعرب المفوض الأممي عن قلقه العميق بشأن آلاف المدنيين المحتجزين تعسفيا.

كما عبّر عن انزعاجه من التقارير التي تفيد بتعبئة المدنيين للقتال، خوفا من أن يزيد ذلك من فرص انزلاق السودان إلى دوامة حرب أهلية طويلة الأمد.

وأشار إلى أن 80% من المستشفيات باتت خارج الخدمة، في حين أن الحرمان المتعمد على ما يبدو من الوصول الآمن للوكالات الإنسانية يمكن أن يرقى إلى مستوى جريمة حرب.

وقال فولكر تورك إن تدمير المستشفيات والمدارس سيكون له آثار دائمة على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم.

وأضاف "مع اضطرار أكثر من ثمانية ملايين شخص إلى الفرار داخل السودان وإلى البلدان المجاورة، فإن هذه الأزمة تقلب البلاد رأسا على عقب وتهدد بشدة السلام والأمن والأوضاع الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة".

وحث تورك الدول على زيادة التبرعات لخطة الاستجابة الإنسانية للسودان التي لم يتم حتى الآن جمع سوى 4% من ميزانيتها.

أعرب المسؤول الأممي أيضا عن أسفه لغياب حوار فعال لإنهاء النزاع.

وتابع تورك "يجب على الطرفين المتحاربين أن يتفقا على العودة إلى السلام دون تأخير".

كما دعا "المجتمع الدولي لأن يعيد تركيز اهتمامه على هذه الأزمة المؤسفة قبل أن تنزلق إلى مزيد من الفوضى".

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

حرب السودان تدخل عامها الثالث.. جرائم حرب في دارفور وانهيار شامل بالشمال

مع دخول الحرب السودانية عامها الثالث، يتأكد أنها ليست مجرد صراع عسكري بين جنرالات يتنافسون على السلطة، بل حرب مدمّرة طالت كل زاوية من زوايا البلاد، من الفاشر في الغرب إلى عطبرة في الشمال، وسط انهيار شبه كامل للخدمات والبنية التحتية، وتفاقم معاناة المدنيين.

فظائع جديدة في دارفور

في إقليم دارفور، شهدت مدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها موجة جديدة من المجازر، حيث لقي أكثر من 400 شخص مصرعهم في هجمات شنتها قوات الدعم السريع على معسكرات النازحين. واستهدفت الهجمات مخيم زمزم، أحد أكبر مخيمات النازحين في شمال دارفور، والذي كان يؤوي نحو 500 ألف نازح.

وأكدت الأمم المتحدة نزوح نحو 400 ألف شخص من المخيم بعد أن استولت عليه قوات الدعم السريع، فيما تشير تقارير ميدانية إلى عمليات قتل وتصفية على أساس عرقي.

مؤتمر دولي في لندن.. بلا حضور سوداني

في الشمال، شنت طائرات مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع هجمات على مستودعات الوقود ومحطة لتوليد الكهرباء في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل. وأسفرت هذه الضربات عن انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة، مما فاقم الوضع الإنساني الصعب.

وبالتزامن مع ذكرى مرور عامين على اندلاع الحرب، تحتضن العاصمة البريطانية لندن مؤتمراً دولياً لبحث الأزمة السودانية، بمشاركة أكثر من 14 دولة من بينها السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى منظمات دولية مثل الأمم المتحدة.

وأثار المؤتمر جدلاً واسعاً بعد استبعاده لأطراف النزاع، وعلى رأسهم الحكومة السودانية التي احتجت رسميًا على عدم دعوتها، متهمة بريطانيا بوضعها على قدم المساواة مع قوات الدعم السريع.

دعوات دولية لوقف الكارثة

وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، شدد على أن المؤتمر يهدف إلى "رسم مسار لإنهاء المعاناة"، معلنًا عن حزمة مساعدات جديدة بقيمة 158 مليون دولار. من جهتها، أعلنت ألمانيا تقديم 125 مليون يورو كمساعدات عاجلة.

وحذّر المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، من "عواقب كارثية" إن استمر تجاهل الوضع، قائلاً: "الموت حقيقة دائمة في أجزاء كبيرة من السودان".

منظمات حقوقية ومصادر أممية وصفت ما يجري في دارفور بأنه إبادة جماعية مستمرة. فخلال ثلاثة أيام من الهجمات على مخيم زمزم، وثقت الأمم المتحدة مقتل 148 شخصاً على الأقل، فيما قال ناشطون إن العدد يفوق ذلك بكثير.

كما قُتل تسعة من عمال الإغاثة، وأكدت تنسيقيات لجان المقاومة بالفاشر أن قوات الدعم السريع "أقدمت على تصفية 56 من سكان مدينة أم كدادة على أساس عرقي".

ارتفاع الانتهاكات ضد الأطفال بنسبة 1000%

وفقًا لمنظمة اليونيسف، شهد السودان ارتفاعًا مروّعًا في الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال بنسبة 1000% خلال عامين، من بينها القتل والتشويه والاختطاف والعنف الجنسي. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن "ملايين الأطفال حُطّمت حياتهم" بسبب الحرب.

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب تسببت في نزوح نحو 13 مليون شخص، لجأ أكثر من ثلاثة ملايين منهم إلى دول الجوار. وتقول المفوضية السامية للاجئين إن النساء والأطفال يشكلون 88% من المهجرين، بينما أفادت تقارير بأن الكثير من النساء تعرضن للاغتصاب.

وتحولت السودان إلى دولة ممزقة، تعاني من أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث. وبحسب الاتحاد الأفريقي، فإن الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع حصدت أرواح عشرات الآلاف، في ظل استمرار انتهاكات جسيمة بحق المدنيين من كلا الطرفين، ومع تراجع المساعدات الدولية، يبدو أن الأسوأ لم يأتِ بعد.

وسط هذه المأساة، تتواصل الدعوات لوقف الحرب، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أن معاناة السودان ستستمر، طالما بقيت لغة السلاح هي السائدة، وطالما غابت الإرادة الدولية الحقيقية لإحلال السلام.

مقالات مشابهة

  • بسبب الحكومة الموازية.. الأمم المتحدة تحذر من خطر تفكك السودان
  • الأمم المتحدة تحذر من تفكك السودان بسبب حكومة الدعم السريع
  • مرور عامان: تقرير خاص عن الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية
  • الأمم المتحدة: سكان غزة يعيشون في "جحيم" غير مسبوق وتحذيرات من انهيار صحي شامل بسبب نقص الوقود وإغلاق المعابر
  • خلال 6 أشهر.. الأمم المتحدة تتوقع عودة 2,1 مليون نازح إلى الخرطوم
  • الأمم المتحدة: لم يعد بإمكان العالم تجاهل السودان فيما يدخل عامه الثالث من الحرب
  • الأمم المتحدة تتوقع عودة 2.1 مليون نازح للخرطوم خلال 6 أشهر
  • الأمم المتحدة: نزوح 12 مليون لاجئ من السودان و30 مليون يفتقدون الدعم الإنساني
  • حرب السودان تدخل عامها الثالث.. جرائم حرب في دارفور وانهيار شامل بالشمال
  • ارقد كالشمس واصنع الحياة.. هكذا عاش السودانيون الحرب