وزير المالية: ثورة الذكاء الاصطناعي تتطلب الإستعداد لها بدورة عمل جديدة
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية اليوم السبت، خلال مشاركته فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولى الأول لاتحاد خبراء الضرائب العرب، على أن الذكاء الاصطناعي ثورة جديدة، تتسارع معها الثورة التكنولوجية وهو ما سيؤدي لاختفاء وظائف وظهور أخرى في دورة عمل جديدة تتطلب الاستعداد لمتغيرات المستقبل على الاقتصاد الرقمي.
هذا وقد وجه الدكتور محمد معيط وزير المالية، بداية كلمته التحية للقائمين على المؤتمر لدولي الاول لاتحاد خبراء الضرائب العرب، للاهتمام بأثر الذكاء الاصطناعي على مستقبل النظم الضريبية.
كما أشار" معيط" إلى متغير التجارة الالكترونية من منصات وشركات دولية وكيفية التعامل مع ذلك ضريبيًا بين الدول التي تشهد تجارة عابرة للقارات عبر النت من خلال الشراء الالكتروني، داعيًا لبحث هذا الأمر واستعداد الخبراء للاجابة على كيفية التعامل مع هذا الأمر عبر الأفكار والمقترحات بالتشريعات والتكنولوجيا التي تحمي منظومات الضرائب العربية لتعزيز مسيرة التنمية الشاملة والمستدام، والنمو الاقتصادي.
وأكد وزير المالية الدكتور محمد معيط، على أن بعض الشركات الدولية التي تعمل بالخارج ميزانيتها تفوق ميزانية دول في القارة الأفريقية، وتوسع تلك الشركات في البيع الالكتروني، تهدد مستقبل التجارة النمطية بالمحلات بالدول العربية ومن ثم تراجع مورد الضرائب في ميزانيات الدول وهو ما يتطلب بحث للتعامل مع هذا المتغير.
هذا وشدد" معيط" على أن مصر وصلت لميار فاتورة الكترونية وهي من أولى الدول العربية التي استحدثت الفاتورة الضريبة، مشيرًا إلى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل ١.٤ مليون فاتورة ضريبية في اليوم الواحد للتخطيط للمستقبل من واقع نتائج هذا التحليل.
كما واصل "معيط" كلمته مؤكداً على أن المستهدف لهيئة الضرائب متوسط يومي ٣ مليون فاتورة ضريبة، ليتم تحليل الاقتصاد بدقة والتخطيط، منوهًا إلى أن الايصال الضريبي خطوة بدات فيها مصر وتستهدف 14 مليون ايصال الكتروني يومي حتى يكون الاقتصاد مرئي بدقة.
كما نوه وزير المالية إلى عدم وجود منحنى أجور لحظي يمكن من توزيع الاجور في القطاع العام والخاص وهو ما سهل الذكاء الاصطناعي بناء هذا المنحني ليقدم معلومات بالتخصصات والأعمار والقطاعات وفئات الأجور للتمكين من اتخاذ قرارات سليمة، بشأن دعم الأجور وتحسين أوضاع الفئات الأكثر استحقاقًا.
منوها فى ذات الوقت إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يحيد القائم على تقييم قيمة الضرائب، فهو ما يقيم المُستحقات، مشيرًا إلى أن ٧٧ شركة دولية تعمل من خارج مصر تدفع ضرائب على مشتريات المواطن المصري منها إلكترونيًا، ويدفع بالعملة الاجنبية مثل جوجل والمتاجر الالكترونية وهو ما اسهم في دخل مليارات لمصر ما كان سيتوفر ما لم نلاحق تشريعيًا متغيرات التجارة الالكترونية، مشددًا لازم نجري وإلا سيتأكل الوعاء الضريبي.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الدولي الأول لاتحاد خبراء الضرائب العرب والذى جاء تحت عنوان "مستقبل النظم الضريبية العربية في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي " تحت رعاية المهندس مصطفى مدبولي رئيس الوزراء.
ومن جانبه شدد الدكتور عبد الهادي مُقبل على أهمية العمل العربي المشترك لمواجهة متغيرات وتحديات الثورة الرقمية، وبحث سُبل الاستفادة من امكانيات الذكاء الاصطناعي في تطوير النظم الضريبية العربية.
واختتمت الكلمات الافتتاحية للسادة الحضور وجاء عقبها مراسم توقيع الدكتور عيسى الشريف عضو مجلس الشيوخ الأمين العام للمؤتمر عدة بروتوكولات تعاون مع اتحادات خبراء الضرائب بعدد من الدول العربية.
بينما شدد السفير مهند عبد الكريم رئيس مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، على أهمية المؤتمر، منتقلًا إلى القضية الفلسطينية، مؤكدًا على ضرورة التكاتف الدولي لوقف مجازر الاحتلال التي ترتكب يرميًا بحق الشعب الفلسطيني ومحاولات التهجير وقتل المدنيين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور محمد معيط المؤتمر الدولي الأول لاتحاد خبراء الضرائب العرب توقيع بروتوكولات ثورة الذكاء الاصطناعي وزير المالية الذکاء الاصطناعی خبراء الضرائب وزیر المالیة إلى أن على أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
بتشويه «فوضى الذكاء الاصطناعي» للواقع يمضي العالم إلى كارثة
تهيمن قناتان متوازيتان للصور على استهلاكنا البصري اليومي. في إحداهما، صور ولقطات حقيقية للعالم كما نعرفه، ففيها سياسة ورياضة وأخبار وترفيه. وفي الثانية، فوضى الذكاء الاصطناعي [أو ما يعرف بـ AI slop]، بمحتوى متواضع الجودة ليس فيه من الإسهام البشري إلا الحد الأدنى. بعض ما فيه تافه الشأن عديم المعنى، لا يعدو صورا كرتونية لمشاهير، ومناظر طبيعية خيالية، وحيوانات ذات سمات بشرية. وبعضه الآخر عرض خادش للحياء...ففيه تجد حبيبات افتراضيات لا يمكن أن تتفاعل معهن تفاعلا حقيقيا. ونطاق هذا المحتوى وحجمه مذهلان، فهو يتسرب إلى كل شيء، من صفحات التواصل الاجتماعي إلى الرسائل المتداولة على واتساب. فلا تكون النتيجة محض تشويش على الواقع، وإنما هي تشويه له.
وفي فوضى الذكاء الاصطناعي شيء جديد هو الخيال السياسي اليميني. فعلى موقع يوتيوب مقاطع فيديو كاملة ذات سيناريوهات مختلقة ينتصر فيها مسؤولو ترامب على القوى الليبرالية. وقد استغل حساب البيت الأبيض على منصة إكس صيحة إنشاء صور بأسلوب استوديو جيبلي، ونشر صورة لامرأة من الدومينيكان تبكي أثناء تعرضها للاعتقال على يد إدارة الهجرة والجمارك (ICE). والواقع أن السخرية السياسية باستعمال الذكاء الاصطناعي قد انتشرت على مستوى العالم.
فهناك مقاطع فيديو صينية من إنتاج الذكاء الاصطناعي تسخر من العمال الأمريكيين البدناء وهم يقفون في خطوط التجميع بعد إعلان التعريفات الجمركية، وقد أثارت هذه المقاطع سؤالا موجها للمتحدثة باسم البيت الأبيض الأسبوع الماضي وردا منها. فقد قالت المتحدثة: إن هذه مقاطع أنتجها من «لا يرون إمكانات العامل الأمريكي». ولإثبات مدى انتشار فوضى الذكاء الاصطناعي، كان علي أن أتأكد ثلاث مرات من أنه حتى هذا الرد نفسه لم يكن في حد ذاته محتوى ذكاء اصطناعي منفذا على عجل مختلقا خدعة أخرى لأعداء ترامب.
وليس الدافع إلى تسييس الذكاء الاصطناعي بالأمر الجديد، فهو ببساطة امتداد للبروباجندا المعهودة. ولكن الجديد هو مدى ديمقراطيته وانتشاره، وأنه لا يحتوي أشخاصا حقيقيين ويخلو من قيود الحياة الواقعية المادية، فيوفر بذلك ما لا حصر له من السيناريوهات الخيالية.
وانتشار محتوى الذكاء الاصطناعي عبر قنوات الدردشة الضخمة عظيمة الحضور، من قبيل واتساب، يعني غياب أي ردود أو تعليقات تشكك في صحته. فكل ما تتلقاه ينعم بسلطة من ثقتك في الشخص الذي أرسله إليك. لذلك أخوض صراعا دائما مع قريبة لي كبيرة السن، مطلعة على عالم الإنترنت، تتلقى سيلا من محتوى الذكاء الاصطناعي على واتساب بشأن حرب السودان وتصدقه. تبدو الصور ومقاطع الفيديو حقيقية بالنسبة لها، وترد إليها موجهة من أشخاص تثق فيهم. ويصعب على المرء حتى أن يستوعب قدرة التكنولوجيا على إنتاج محتوى يبدو حقيقيا إلى هذه الدرجة.
وبإضافة هذه القدرة إلى توافق المحتوى مع رغبات قريبتي السياسية، ستجد نفسك متعلقا به إلى حد بعيد، حتى لو اعتراك بعض من الشك فيه. فوسط الكم الهائل من القطط [في بعض الفيديوهات المختلقة]، يجري استعمال الذكاء الاصطناعي في خلق سيناريوهات سياسية، وتحسينها والوصول بها إلى درجة الكمال عبر تقديمها بلغة بصرية تؤجج الرغبة في الانتصار أو تعتمد على الشعور بالحنين.
يشير البروفيسور رولاند ماير، الباحث في الإعلام والثقافة البصرية، إلى «موجة حديثة من الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي لعائلات بيضاء شقراء، تطرحها حسابات إلكترونية فاشية جديدة بوصفها نماذج لمستقبل مشرق». وهو لا يعزو ذلك إلى اللحظة السياسية الراهنة فحسب، وإنما إلى أن «الذكاء الاصطناعي التوليدي محافظ بطبيعته، بل ويقوم على حنين إلى الماضي». فالذكاء الاصطناعي التوليدي يقوم على بيانات مسبقة أثبتت الأبحاث أنها بيانات متحيزة بطبيعتها ضد التنوع العرقي، والأدوار الجندرية والميول الجنسية التقدمية، فتأتي منتجات الذكاء الصناعي بتركيز كبير على هذه المعايير.
يمكن أن نرى الأمر نفسه في محتوى «الزوجة التقليدية» [“trad wife”]، الذي لا يقدم ربات البيوت الجميلات الخاضعات فحسب، وإنما يقدم عالما رجعيا كاملا لينغمس فيه الرجال. وتغص جداول موقع إكس بنوع من المواد الإباحية غير الجنسية، حيث تلمع على الشاشة صور الذكاء الاصطناعي لنساء يوصفن بالحسن والخصوبة والخضوع. ويجري طرح سيادة البيض والاستبداد وتقديس التراتبيات الهرمية في العرق والجندر بوصفها سلة متكاملة من الحنين إلى ماض موهوم. فبات الذكاء الاصطناعي يوصف بالفعل بأنه جمالية الفاشية الجديدة.
لكن الأمر لا يكون دائما على هذا القدر من التماسك. ففي معظم الأحيان، لا تعدو فوضى الذكاء الاصطناعي محتوى فيه بعض المبالغة أو الإثارة بما يغري على التفاعل، ويوفر لمبدعيه فرصة ربح المال من المشاركات والتعليقات وما إلى ذلك. وقد تبين للصحفي ماكس ريد أن فوضى الذكاء الاصطناعي على فيسبوك ـ وهي الفوضى الكبرى على الإطلاق ـ ليست «محض محتوى غير مرغوب فيه» من وجهة نظر فيسبوك، وإنما هي «ما تريده الشركة بالضبط: فهي محتوى شديد الجاذبية». والمحتوى بالنسبة لعمالقة التواصل الاجتماعي هو المحتوى، فكلما كان أرخص، وقلت فيه الحاجة إلى جهد بشري، فذلك أفضل. وتكون النتيجة أن يتحول الإنترنت إلى إنترنت الروبوتات التي تدغدغ مشاعر المستخدمين البشريين وتؤجج فيهم أي أحاسيس أو عواطف تبقيهم منشغلين.
ولكن بغض النظر عن نوايا مبتكريه، يؤدي هذا السيل من محتوى الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الإحساس بالواقعية وإرهاق الحواس البصرية. والتأثير العام لدوام التعرض لصور الذكاء الاصطناعي، ما كان منها تافها أو مهدئا أو أيديولوجيا، هو أن كل شيء يبدأ في اتخاذ مسار مختلف. ففي العالم الواقعي، يقف الساسة الأمريكيون خارج أقفاص سجن الترحيل. وتنصب الأكمنة لطلاب الجامعات الأمريكية في الشوارع ليجري إبعادهم. ويحترق أهل غزة أحياء. وتمضي هذه الصور والفيديوهات مع سيل لانهائي من الصور والفيديوهات الأخرى التي تنتهك القوانين المادية والأخلاقية. فتكون النتيجة ارتباكا عميقا. ولا يعود بوسعك أن تصدق عينيك، ولكن ما الذي يمكن أن تصدقه إن لم تصدق عينيك؟ فكل شيء يبدو حقيقيا للغاية وغير واقعي بالمرة، في آن واحد.
أضف إلى هذا ما نعرفه من التبسيط الضروري والإيجاز المستفز في (اقتصاد الانتباه)، وإذا بك في سيرك ضخم من التجاوزات. فحتى عندما يكون المحتوى شديد الجدية، يجري تقديمه بوصفه ترفيها، أو فاصلا، أشبه بنسخة مرئية من موسيقى المصاعد. فهل أفزعك هجوم دونالد ترامب وجيه دي فانس على زيلينسكي؟ حسنا، إليك رسم مصمم بالذكاء الاصطناعي لفانس في هيئة رضيع عملاق. تشعر بالتوتر والإرهاق؟ فها هو بلسم للعين في كوخ فيه نار موقدة والثلج يتساقط في الخارج. ولسبب ما، قرر فيسبوك أنني بحاجة إلى رؤية تيار مستمر من الشقق الصغيرة اللطيفة مع تنويعات من التعليقات التوضيحية مفادها أن «هذا هو كل ما أحتاج إليه».
وتؤدي التحورات السريعة للخوارزميات إلى إمداد المستخدمين بمزيد مما حصدته لهم معتبرة أنه مثير لاهتمامهم. والنتيجة هي أنه يستحيل ترشيد ذلك الاستهلاك حتى لأكثر المستخدمين اتزانا. لأنك تزداد انغماسا في عوالم ذاتية بدلا من الواقع الموضوعي. فتكون النتيجة انفصالا شديد الغرابة. ويضعف الشعور بالقلق والحاجة إلى العمل الذي ينبغي أن يوحي به عالمنا الممزق، وذلك بسبب طريقة عرض المعلومات. وإذن فها هي طريقة جديدة لكي نسير نياما نحو الكارثة وهي طريقة لا تقوم على نقص المعرفة، وإنما تنشأ بسبب الشلل الناجم عن تمرير كل شيء من خلال هذا النظام المشوه، فهو محض جزء آخر من العرض البصري المبالغ فيه.