زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الزيارة التي قام بها رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان للقاهرة حملت العديد من الاستفهامات حول الغرض من الزيارة و الأجندة المطروحة للنقاش.. خاصة إنها جاءت بعد صفقة تجارية كبيرة بين القاهرة و أبوظبي، و كنت قد بحثت في الأخبار عن؛ من الذي طلب الزيارة؛ هل البرهان طلب زيارة مصر أم مصر هي التي قدمت دعوة للبرهان لزيارتها، باعتبار أن الذي طلب الزيارة هو الذي يحدد الأجندة على طاولة المباحثات.
يعلم يقينا صناع القرار في القاهرة أن تأييد الشعب السوداني للجيش و استنفار شبابه لكي يلبي دعوة الاستنفار التي كان قد أطلقها القائد العام للجيش أحدثت تغييرا كبيرا في المعادلة العسكرية و السياسية في البلاد، و هذا الحراك الشعبي الكبير كان سببا قويا في رفع الروح المعنوية لمقاتلي القوات المسلحة و القوات الأمنية و الشرطية الأخرى و المستنفرين الذين استطاعوا أن يسجلوا انتصارا تلو الأخر.. و مصر أيضا تعلم يقينا أن أغلبية الشعب السوداني على قناعة أن استمرار الحرب و كل التخريب الذي حدث في منشأت الدولة و المؤسسات الخدمية و منازل المواطنين و ممتلكاتهم و مزارعهم و مصانعهم و متاجرهم في الخرطوم و الجزيرة و ولايات دارفور و أيضا كردفان كان سببا مباشرا له دعم دولة الأمارات للميليشيا، حيث كانت طائراتها من كمبالا و الازقية إلي مطارات تشاد و ليبيا "حفتر" تحمل الدعم الوجستي و التشوين للميليشيا.و أيضا كانت داعمة إلي إعلام الميليشيا.. و بذلك أصبحت العلاقة السودانية الأماراتية علاقة ذات حساسية عالية جدا، هي ليست خصاما سياسيا أنما زهقت فيه أرواحا بالآلاف من المواطنين..
الكل يعلم أن مصر دولة ذات نفوذ كبير في المنطقة، و أيضا لها وضعها الدولي، و هي لها تقديراتها الخاصة في الأحداث الجارية في المنطقة، و لا ننسى نحن السودانيين كان لمصر دورا مهما في تخفيف الضغط الدولي على القيادة العسكرية السودانية، عندما دعت مصر إلي اجتماع دول الجوار السوداني في القاهرة، هذا المؤتمر أحدث تغييرا في مسار القضية السودانية، حيث كان التحالف الدولي الذي أراد أن يمرر أجندته من خلال بعض من الدول و منظمة الإيغاد يضغط في القيادة العسكرية لكي توافق على شروطه المجحفة، و لكن مؤتمر القاهرة خلق واقعا جديدا في مسار الشأن السودان..
أن مصر لها الحق أن تدير مصلحها بالصورة التي تعتقد سوف تحقق لها هذه المصالح، و أيضا لها الحق المطلق أن تؤسس علاقتها في المنظومة العربية و بالخصوص الخليجية و أيضا الأفريقية و غيرها في مجالات العلاقات الدولية بما يحقق لها مصالحها، و كلما كانت مصر قوية عسكريا و اقتصاديا كان له أثرا إيجابيا على العلاقات السودانية المصرية من خلال تطوير مشاريع اقتصادية و صناعية و زراعية و ثقافية مشتركة لمنفعة البلدين..
و لكن أي وساطة لمصر بين الأمارات و السودان في هذه الفترة سوف تكون غير موفقة، لآن الجرح السوداني مايزال ينزف و الأمارات الداعمة عسكريا للميليشيا تعد سببا مباشرا فيه.. أن أغلبية الشعب السوداني ربطوا زيارة البرهان للقاهرة بالانفتاح الاقتصادي الآخير بين مصر و الامارات، و رغم لم تظهر أي إشارة في الخطاب السياسي في قمة القاهرة، إلا أن هناك توجسا.. أن هناك قناعة وسط الجيش و المقاومة الشعبية و جماهير الشعب المؤيدة للجيش يجب أن يكون أي حوار حول مجريات الشأن السوداني فيما يتعلق بالحرب و المشاركين مؤجلا إلي ما بعد دحر الميليشيا و رجوع الناس إلي مناطقهم في جميع ولايات السودان. و كما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته في مؤتمر قمة جدة " للأمن و التنمية" في منتصف يوليو 2022م قال " لآ مكان للميليشيات و لا لداعيميها" و لا نخف أن دور الدول العربية وحتى الجامعة العربية و هم يعلمون أن الأمارات هي الدعم العسكري للميليشيا و لكنهم جميعا التزموا الصمت و حتى لم ينصحوها بالتوقف.
أتذكر أيام الثورة قبل إقالة البشير و بعدها كان هناك دورا لمصر باعتبارها دولة جارة للسودان و تربطها علاقات إستراتيجية و مصر رئيس الاتحاد الأفريقي في تلك الفترة. كانت مصر تعمل جاهدة أن لا ينزلق السودان إلي حرب أهلية، و أختلفت الأجهزة المصرية في تقديراتها إذا كان البشير سوف ينحني إلي العاصفة و ينقذ نظامه من السقوط، أو سوف يرضخ لمطالب الشعب الثائر. في ذلك الوقت عملت مصر حتى لا يجمد الاتحاد الافريقي عضوية السودان في الاتحاد، حيث كان الاتحاد يلوح بالتجميد إذا لم يسلم العسكر القوى المدنية السلطة. و أيضا كان بعض المسؤولين المصريين يعتقدون أن البشير ربما يتحمل الصدمة و يخرج منها، أو أن النظام نفسه ربما يخرج بقيادات جديدة من الجيش، و هي تستطيع أن تدير الدولة و تخرجها من ألأزمة.. رغم أن رؤية الأمارات كانت تقول أن البشير غير قادر على الصمود، و أن التغيير واقع لا محال.. و استطاعت الأمارات أن ترتب أورقها على ضوء رؤيتها، و و كانت تستعد إلي فترة ما بعد الإنقاذ.. في ذلك الوقت قد تبين للمصرين أن تقديراتهم كانت خاطئة أن البشير سوف ينحني للعاصفة و يحافظ على بقاء نظامه. و من هنا بدأت رحلة الأمارات مع السياسية السودانية حتى أدت للحرب الدائرة الآن..
السؤال الذي يجب طرحه: هل الأشقاء في مصر على دراية كاملة أن الجيش لا يستطيع أن يتخذ موقفا لا يقبله الشعب السوداني، و يذهب في اتجاه أي تسوية مع دولة الأمارت التي تسببت في نزوحه و نهبه و سرقته و احتلال منازله؟ رغم أن الأجندة التي طرحت بين الرئيسين غير معروفة حتى الآن.. و لم تظهر في الخطاب من خلال المؤتمر الصحفي.. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشعب السودانی الشعب السودان
إقرأ أيضاً:
والي الخرطوم يتفقد الدفاعات الأمامية في أمبدة وغربي كرري ويقف على عودة الحياة في المناطق التي تطهيرها من التمرد
تحرز القوات المشاركة في معركة الكرامة تقدماً يومياً في جبهات القتال والمحاور ودعما لهذه القوات تفقد والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة الدفاعات الأمامية بالقطاع الغربي الذي يضم محلية امبده وغربي كرري إضافة للارتكازات المعززه للأمن والاستقرار المتواجدة في المرافق الصحية وكيفية عودتها للخدمه بعد الدمار الذي شهدته والأسواق بوحدة الأمير
ورافق الوالي الأستاذ ابوالقاسم آدم الطاهر المدير التنفيذي لمحلية امبدة واللواء ركن ابراهيم الجالي قائد منطقة وادي سيدنا العسكرية واللواء حاتم أحمد محمد قائد القطاع الغربي وأحمد حامد المله قائد القوات المساندة
وخلال الجوله اطمأن الوالي على وفرة السلع الاستهلاكية والخدمات بالأسواق والعودة الواسعة للمواطنين بحارات أمبدة وحيا الوالي القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى التي ظلت عين ساهرة للحفاظ على أمن وسلامة البلاد من العدوان الغاشم كما حيا ثبات المواطنين الذين ظلوا صامدين بمناطقهم طيلة فترة الحرب رغم المعانآة وكونوا المقاومة الشعبيه للدفاع عن أنفسهم .
الأستاذ ابوالقاسم ادم الطاهر المدير التنفيذي لمحلية امبده أشاد بصمود مواطن المحلية الذي ظل مرابطا ومعززا لما تقوم به القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين محييا هذا الصمود وقال الآن أجزاء كبيرة من المحلية تم تحريرها وتشهد استقرارا في الخدمات عبر الأسواق والمرافق الأخرى وعودة المواطنين لمنازلهم.. من جانبه حيا اللواء حاتم أحمد محمد احمد قائد القطاع الغربي والي الخرطوم لتفقده للقوات في الدفاعات الأماميه وارتكازاتها وقال هذه الزيارة تمثل دافعاً معنويا ومحفزا للاقدام لدحر الأعداء والمتربصين بالولاية ووعد باقتراب النصر الكامل.
المصدر إعلام ولاية الخرطوم
إنضم لقناة النيلين على واتساب