الجزيرة:
2024-11-22@01:22:56 GMT

فيلم حياة واحدة يكشف القناع

تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT

فيلم حياة واحدة يكشف القناع

لا يمرّ عام أو عامان دون أن تقدّم لنا السينما الغربية عملًا سينمائيًا أو تلفزيونيًا، دراميًا أو وثائقيًا؛ عن المحرقة اليهودية، وما تعرّض له اليهود على أيدي الحكم النازي إبان الحرب العالمية الثانية، لدرجة أن العالم لم يعد يعرف شيئًا عن المآسي والآلام التي تعرّضت لها الشعوب الأوروبية على أيدي النازيين سوى هذه المحرقة، وأصبحت الحرب العالمية الثانية لدى الأجيال الغربية المتعاقبة؛ مقرونة بها، كنتيجة طبيعية لعملية منهجية منظمة تقوم بها الحركة الصهيونية منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية.

غير أن توزيع فيلم (حياة واحدة) مؤخرًا ليعرض في دور السينما، بينما تتواصل حرب الإبادة الصهيو-أميركية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ حوالي خمسة أشهر، سهّل على المشاهدين القيام بالمقارنة بين ما تعرّض له اليهود على أيدي النازيين، وما يقومون به حاليًا في قطاع غزة، ومكّنهم من التوصّل إلى الحقيقة، دون أدنى لبس أو غموض، ليكتشفوا حجم التضليل والخداع والابتزاز الذي كان يعيشه العالم على مدى العقود السابقة.

الحرب الصهيونية في قطاع غزة زلزلت في أذهان العالم كل ما تم تلقينه إياه على مدى عقود طويلة حول المحرقة اليهودية عن طريق الأفلام السينمائية، والمسلسلات والإفادات الشخصية، والدراسات الأكاديمية، والمقالات والتحقيقات الصحفية، والمنتديات والفعاليات والمؤتمرات.

 

الحرب المزلزلة

عُرض فيلم (حياة واحدة) لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي (الكندي) في 9 سبتمبر/ أيلول 2023م، قبل أقل من شهر من معركة "طوفان الأقصى" وبدء حرب الإبادة الصهيو-أميركية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو لا يختلف كثيرًا عن سلسلة الأفلام الطويلة التي أنتجتها السينما الغربية الصهيونية للترويج للمحرقة اليهودية، وما تعرض له الشعب اليهودي على أيدي النازية، ومن أبرزها فيلم (جوليا 1977)، و(قائمة شندلر-1993)، و(إنقاذ الجندي رايان-1998)، و(عازف البيانو-2002) و(تذكّر-2015).

الفيلم إنتاج مشترك ساهمت فيه مؤسسة بي بي سي البريطانية، وقد أدى تزامن عرضه مع الحرب الدائرة في قطاع غزة؛ إلى قيام موزعي الفيلم بعدم الإشارة إلى اليهود في الإعلانات الترويجية للفيلم، واكتفوا بالإشارة إلى أن الأطفال من وسط أوروبا، مما أثار الكثير من الاستياء والاحتجاج، فاضطروا إلى تعديل ذلك.

الفيلم لا يقدم جديدًا من الناحية الموضوعية، وأكثر التعليقات والإشادات حول الفيلم كانت من نصيب الممثل الشهير أنتوني هوبكنز، حيث يتناول الفيلم القصة الحقيقية للشاب البريطاني اليهودي نيكولاس وينتون "نيكي"، الذي أنقذ 669 طفلًا يهوديًا من مخيمات النزوح واللجوء في تشيكوسلوفاكيا عند احتلالها سنة 1938م من القوات الألمانية بداية الحرب العالمية الثانية.

لم يدر بخلد منتجي الفيلم، عندما قرروا إنتاجه عام 2020م، أن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سيتعرض لحرب إبادة حقيقية كاملة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا، على أيدي جيش الاحتلال الصهيوني اليهودي، حرب لم يدر في خلد الذين كتبوا عن المحرقة أن الصهيونية (اليهودية) التي أصمّت آذان العالم بالحديث عنها، سترتكب مجازر يومية ضد المدنيين الفلسطينيين على الهواء مباشرة، أمام سمع وبصر العالم أجمع.

فكل ما قدّمه الفيلم من جوانب المعاناة اليهودية لهؤلاء الأطفال، هو وجودهم في المخيم بلا مأوى مناسب ولا طعام ولا دواء بعيدًا عن ذويهم الذين فرّوا من النازيين أو اعتقلوا أو قتلوا، وهي مشاهد لم يعد لها مكان في أدمغة المشاهدين المشغولة بمتابعة تفاصيل حرب الإبادة الصهيونية اليومية الجارية منذ خمسة أشهر في قطاع غزة.

هذه الحرب الصهيونية زلزلت في أذهان العالم كل ما تم تلقينه إياه على مدى عقود طويلة حول المحرقة اليهودية عن طريق الأفلام السينمائية، والمسلسلات والإفادات الشخصية، والدراسات الأكاديمية، والمقالات والتحقيقات الصحفية، والمنتديات والفعاليات والمؤتمرات، وجميعها تعبّر عن رأي واحد فقط، لا يسمح بتقديم رأي غيره، حيث ينبغي على البشرية أن تسلّم بذلك تسليمًا مطلقًا، وإلى الأبد.

وستكون هذه الزلزلة مقدمة لمراجعات كثيرة سيشهدها العالم بعد توقّف حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، على المستوى الأكاديمي والإعلامي والسينمائي والأخلاقي والتشريعي، لتغيير الأسوار التي حرّمت على العقل البشري التفكير في حقيقة تلك المسلمات ومن وضعها وماذا يريد منها.

 

أكثر من 250 فيلمًا وثائقيًا و235 فيلمًا دراميًا عن المحرقة اليهودية، معزّزة بأكثر من 800 منظمة حول العالم تنفق مليارات الدولارات لترسيخها لدى أجيال العالم على مرّ العصور، فمن لمحرقة غزة؟

 

محرقة غزة

لجأت الحركة الصهيونية إلى العديد من الوسائل والأساليب والفعاليات والأنشطة، وأنشأت العديد من اللجان والمؤسسات والهيئات التي تغذّي تعاطف وتأييد الدول الغربية لهم، رسميًا وشعبيًا، وتستثير عقدة الذنب لديهم عما قاموا به من تقصير في حق الشعب اليهودي، من أجل تعزيز وجودهم في الدول الغربية، وتحصينه سياسيًا وقانونيًا وفكريًا واجتماعيًا، ودعم دولتهم التي أقاموها في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني بمساندة وتأييد الدول الغربية، ومن أجل أن تستدر أموال أباطرة المال اليهود وشركائهم في جميع أنحاء العالم، والتغطية على جرائم الكيان الصهيوني المتتالية بحق الشعب الفلسطيني.

سيطرت الحركة الصهيونية منذ القرن 19م على وسائل الإعلام في الدول الغربية، وسرعان ما سيطرت على شركات الإنتاج السينمائي والتلفزيوني ودور السينما والمسرح، والتي تم تسخيرها بصورة احترافية بارعة لصالح المحرقة والمظلومية التي عاناها اليهود على مدى التاريخ، حتى بلغ عدد الأفلام الوثائقية التي تناولت موضوع المحرقة أكثر من 250 فيلمًا، وبلغ عدد الأفلام السينمائية أكثر من 135 فيلمًا، علاوة على آلاف الحلقات التلفزيونية والإذاعية والتحقيقات الصحفية والمقالات والفعاليات، وخاصة في الدول الغربية.

ويتزامن هذا النشاط السينمائي والإعلامي، مع أكثر من 800 منظمة متخصصة في المحرقة اليهودية حول العالم، إضافة للمتاحف التذكارية التي بلغ عددها في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 60 مركزًا، بجانب الفعاليات التي تقام في ذكرى المحرقة، والتي تجمع سنويًا مليارات الدولارات من التبرعات لصالح برامجها وفعالياتها، التي يشارك فيها غالبية زعماء العالم. وقد جمع متحف المحرقة وحده في واشنطن عام 2018م مبلغ 715 مليون دولار من التبرعات بمناسبة مرور 20 عامًا على إنشائه، وحوالي مليار دولار العام الماضي بمناسبة مرور 25 عامًا على إنشائه.

لم تقتصر الحركة الصهيونية في موضوع المحرقة اليهودية عند هذا الحد، بل عملت على حمايته وتحصينه ضد أي محاولات تنتقص منه أو تشكك فيه على مستوى العالم، تحصينًا محكمًا يتناقض مع ثوابت العلم والعقل، حيث أصدر العديد من دول العالم قانونين صارمين لهذا التحصين؛ الأول يجرّم بالسجن أو الغرامة أي تشكيك في حدوث المحرقة بحثيًا أو إعلاميًا، والثاني قانون معاداة السامية، الذي يجرّم أي أفعال أو أقوال تمسّ اليهود وتضرّ بسمعتهم، بما في ذلك انتقاد المحرقة، بغض النظر عن مدى صحة هذه الأفعال والأقوال ومدى وجاهتها العلمية.

كما قامت الحركة الصهيونية بإنشاء شبكة مؤسسات متخصصة برصد كافة ما يندرج تحت معاداة السامية في كافة أنحاء العالم، واتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة، مستعينين في ذلك بالضغط على المؤسسات الدولية والإقليمية، حتى إن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت قرارًا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، باعتبار يوم 27 من يناير/ كانون الثاني من كل عام يومًا عالميًا للاحتفال بذكرى المحرقة اليهودية.

فهل ينتبه الفلسطينيون لواجباتهم تجاه المحرقة الحقيقية التي تدور على أرضهم، ويتعرض لها شعبهم في قطاع غزة، حتى لا ينساها العالم ولا تنساها الأجيال، وحتى يتم توظيفها في كافة المحافل لاستعادة الحقوق وتحقيق الآمال والتطلعات؟

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحرب العالمیة الثانیة الحرکة الصهیونیة الشعب الفلسطینی الدول الغربیة حرب الإبادة فی قطاع غزة على أیدی أکثر من على مدى فیلم ا

إقرأ أيضاً:

تشاتري ستيودتونغ: "المتدرب: نسخة بطولة واحدة" المصورة في قطر وسنغافورة تحتفي بالتقاء ثقافتين مختلفتين

الدوحة-ريم الحامدية 

قال  رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة ون تشامبنشب، تشاتري سيتيودتونغ، أن الموسم الثاني من "المتدرب: نسخة بطولة واحدة" الذي تم تصويره في قطر وسنغافورة، هو احتفال بأوجه التشابه والاختلاف الثقافي في الشرق الأوسط والشرق الأقصى.

 

وبمناسبة العرض الأول والحصري لحلقة من مسلسل تلفزيون الواقع فيالموسم الثاني في مهرجان أجيال السينمائي 2024، من تنظيم مؤسسة الدوحة للأفلام، وصف ستيودتونغ البرنامج بأنه "أصعب برنامج لمسابقات تلفزيون الواقع، ويهدف إلى إطلاق العنان ل "روح المحارب غير القابلة للكسر" لدى المتسابقين". 

 

استقطب البرنامج 10 مشاركين من جميع أنحاء العالم، وشارك في إنتاجه المدينة الإعلامية قطر، ويعرض على منصة تود التابعة لمجموعةbeINالإعلامية في 20 نوفمبر. وفي هذا البرنامج، يتنافس المرشحون للفوزبعرض عمل بقيمة 250,000 ألف دولار أمريكي للتدرب تحت إشرافستيودتونغ لمدة عام في سنغافورة.

 

يشارك في البرنامج رؤساء تنفيذيون من شركات رائدة بصفة مستشارينضيوف، بمن فيهم الرئيس التنفيذي لمجموعة Ooredoo، عزيز العثمان فخرو، والرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام فاطمة حسن الرميحي. ويمثل العرض علامة فارقة في دور قطر المتصاعد في الإنتاج الترفيهي العالمي، حيث تم تصوير 3 حلقات في العديد من المعالم القطرية، بما في ذلك فندق رافلز التابع لكتارا للضيافة، وسوق واقف، وزكريت.

وقال ستيودتونغ خلال مشاركته في لقاء صحفي على هامش أجيال 2024: "أردنا أن نعرض التناقض وأوجه التشابه بين آسيا والشرق الأوسط. جاء مرشحونا من جميع أنحاء العالم، من أمريكا وآسيا وخارجها. لقد استمتعنا حقاً بهذا النوع من عولمة رواية القصص لإلهام البشرية".

 

وأوضح ستيودتونغ أن المنظور العالمي للبرنامج مهم للمنطقة. "ون تشامبنشب"ONE Championship هي واحدة من أكبر شركات الإعلام الرياضية في العالم. نحن نتنافس ضد الدوري الاميركي للمحترفين " NBA" وفورميولا 1ودوري أبطال أوروبا من حيث نسبة المشاهدة وفقا لنيلسن. وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الأسواق المهمة جدًا بالنسبة لنا، وستشاهدون أننا ننمو بشكل كبير في المنطقة بأنواع مختلفة من المحتوى".

 

وأفاد ستيودتونغ "عندما بدأت إم جي إم MGM وون تشامبنشب " ONE Championship" المناقشات، اعتقدنا أنها كانت فرصة رائعة لوضع علامتين تجاريتين كبيرتين معا". وأضاف "أردنا إنشاء نسخة شابة ورائعة من "المتدرب"، ومع هذا الإصدار، أنشأنا أصعب منافسة في التاريخ."

وقال إن البرنامج يتميز بمزيجه الفريد من التحديات التجارية والمادية. "لا يواجه مرشحونا المشاريع المتعلقة بالأعمال فقط. عليهم اختبار أنفسهم جسديًا - كل شيء من الجري في الصحراء إلى القفز من فوق جسر يبلغ ارتفاعه 100 قدم. يجب أن تكون لائقا للغاية، والأهم من ذلك أن يكون لديك روح محارب غير قابلة للكسر للتغلب على المخاوف والشكوك وقلة الثقة لتحقيق النجاح، وهو ما يعكس بالفعل ما تدور حوله الحياة. تجارب المتسابقين ستلهم الجميع".

بدوره أوضح كابتن المهمة، دوم لاو: "هذا الموسم مختلف حقا. لقد اندهشت من رؤية المزيج العجيب بين التراث الثقافي للدوحة والعناصر الحداثية للعمارة وناطحات السحاب. رؤية النسيج يتراكم بين القديم والجديد كان رائعا."

ولفت ستيودتونغ إلى أنّ البرناج سيترك أثراً واسعاً على إنشاء المحتوى الإقليمي: "نشهد اليوم في جميع أنحاء العالم دفعة كبيرة للمحتوى من أماكن مختلفة. في الماضي، كان كل المحتوى يأتي من الغرب. والآن ترون المحتوى ينتج من آسيا ومن كل مكان، لذلك أعتقد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها فرصة كبيرة".

أكد سيتيودتونغ أن العرض يعِد بتقديم أكثر من محتوى ترفيهي، وقال في هذا الصدد: "ستلقى الحلقة إعجاب الجمهور بسبب سرديتها الجميلة. تتناول القصة أشخاص عاديين مثلك ومثلي يطاردون أحلامهم. هناك الكثير من اللحظات المثيرة - الدراما والحب والغضب والكراهية والسعادة - مع كل المشاعر الإنسانية وهم يطاردون نفس الحلم. إنه تمثيل للحياة".

مقالات مشابهة

  • «قصور ثقافة الغربية» تنظم احتفالات أعياد الطفولة بالتعاون مع «حياة كريمة»
  • ‏عنصريةُ الصهـــيونية اليهـــودية وإرهابُهم سببُ هلاكهم وزوالهم
  • مستشفى كمال عدوان في جباليا يطلق نداء استغاثة لإنقاذ حياة عشرات المرضى والجرحى جراء الحرب على قطاع غزة
  • مخاطبا يهود العالم.. ماذا قصد ظريف بـإساءة الصهيونية للهولوكوست؟
  • هيصبروا عليه شويه.. شوبير يكشف موعد عودة أشرف داري للمشاركة مع الأهلي
  • العراق بحرب خفية مع إسرائيل والضربة الصهيونية قريبة!.. ماذا بعد شكوى تل أبيب ضد بغداد؟
  • العراق بحرب خفية مع إسرائيل والضربة الصهيونية قريبة!.. ماذا بعد شكوى تل أبيب ضد بغداد؟ - عاجل
  • المتدرب ... نسخة بطولة واحدة يحتفي بالثقافات ويكشف روح المحارب
  • تشاتري ستيودتونغ: "المتدرب: نسخة بطولة واحدة" المصورة في قطر وسنغافورة تحتفي بالتقاء ثقافتين مختلفتين
  • تواصل الغارات الصهيونية على عدة مناطق متفرقة في قطاع غزة