قبل أسابيع فقط، أو ربما قبل أيام حتى، كانت العاصمة اللبنانية تستقبل الموفدين الإقليميين والدوليّين، بوتيرة لافتة وعالية، حيث لم يكن موفدٌ من هذه الدولة يغادر حتى يصل آخر من دولة أخرى، بل إنّ زيارات الموفدين "تزامنت" في بعض الأحيان في مفارقة بدت معبّرة، وقد صبّت كلّ هذه الزيارة في خانة واحدة تقريبًا، وهي العمل لمنع تكرار سيناريو الحرب في غزة على الجبهة اللبنانية، وتفادي الانزلاق إلى حرب واسعة ومدمّرة.


 
فجأة، هدأت "الجبهة الدبلوماسية"، إن جاز التعبير، لتتقلّص حركة الموفدين الدوليين والإقليميين باتجاه بيروت إلى حدودها الدّنيا، على الرغم من أنّ "الجبهة العسكرية" الموازية لها بقيت على صعودٍ وصفته قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب قبل أيام فقط بـ"المقلق"، في ظلّ تصاعد العمليات العسكرية بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، الذي كسر المزيد من "الخطوط الحمراء" على مرّ الأيام الأخيرة، ضاربًا قواعد الاشتباك بعرض الحائط.
 
وإذا كان "الهدوء" على الجبهة الدبلوماسية جاء بعد كلامٍ لافت للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، حول أنّ كلّ همّ الموفدين الدوليين الذين أتوا إلى لبنان كان "حماية إسرائيل" في المقام الأول، فإنّه يطرح جملة من علامات الاستفهام عمّا يعنيه على أرض الواقع، فهل يعكس "إخفاقًا" مثلاً في تحقيق الأهداف المرسومة، أم أنّ "المهمّة" انتهت مثلاً بردّ الحزب "السلبيّ" عليها؟ وهل من "قطبة مخفيّة" خلف ذلك؟ هل يقرّب احتمالات الحرب عمليًا؟!
 
ترقّب لـ"هدنة غزة"
 
ثمّة أكثر من وجهة نظر تُطرَح في الأروقة السياسية للإجابة على هذه التساؤلات، إذ ثمّة من يعتبر أنّ زيارات الموفدين تراجعت، لأنّها فشلت بشكل أو بآخر في "احتواء" الوضع على الأرض، خصوصًا أنّ الاتفاق الذي تمّ الترويج له قبل فترة لم يجد طريقه إلى التنفيذ، فضلاً عن موقف "حزب الله" الذي كان قاطعًا بأنّ لا حديث ولا مفاوضات قبل وقف إطلاق النار الشامل في غزة، ما أفرغ المبادرات الدولية من مضمونها، بشكل أو بآخر.
 
لكنّ وجهة النظر هذه تصطدم بوجهة نظر أخرى، تقول إنّ حركة الموفدين الدوليين تقلّصت في العلن، لكنّ الوساطات بقيت قائمة على قدم وساق على أكثر من محور، علمًا أنّ ما أسهم في "أفولها" إلى حدّ بعيد، تمثّل في أنّ الأنظار باتت كلّها منصبّة على الهدنة المحتملة في قطاع غزة، والتي يعتبر كثيرون أنّه يمكن الانطلاق منها لتحقيق "شيء ما" في لبنان أيضًا، ولو أنّ أحدًا يجهل حتى الساعة كيف يمكن أن تنعكس على الساحة اللبنانية بصورة دقيقة.
 
فإذا كان هناك من يبدي "طمأنينة" بأنّ الهدنة التي لا تزال غير محسومة في غزة، ستنعكس تلقائيًا على لبنان، ولا سيما أنّ "حزب الله" كان واضحًا بأنّه سيلتزم بأيّ وقف لإطلاق النار توافق عليه فصائل المقاومة الفلسطينية، فإنّ هناك من يخشى في المقابل، من أن يكون للجانب الإسرائيلي رأي آخر في هذا السياق، من باب محاولة القول إنّ الحزب ليس من يتحكّم بمسار الأمور، وإنّه لا يستطيع إقفال الجبهة متى شاء، تمامًا كما فتحها بقرار أحاديّ.
 
"بانتظار هوكستين"
 
عند الحديث عن الموفدين الإقليميين والدوليين، تتّجه الأنظار أيضًا إلى المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين، الذي قد لا يكون مُبالَغًا به القول إنّ كلّ زيارات الموفدين الدوليين وجهودها "تتفرّع" من الوساطة التي يقودها على خطّ الصراع بين لبنان وإسرائيل، وهو الذي سبق أن لعب دورًا محوريًا في التوصّل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، ويُقال إنّه يطمح للعب الدور نفسه في حلّ الصراع القائم حاليًا.
 
من هنا، قد تكون معادلة "بانتظار هوكستين" صالحة للاستخدام برأي كثيرين، علمًا أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي سبق أن التقى بالمبعوث الأميركي على هامش اجتماعات مؤتمر ميونخ للأمن الشهر الماضي، كشف في مقابلته الأخيرة مع وكالة رويترز أنّ هوكستين يرتب لزيارة قريبة إلى لبنان، بل أعرب عن اعتقاده بأنّه "سيكثّف من وتيرة زياراته"، ما فُهِم على أنّه إصرار أميركي، وتحديدًا من هوكستين، على المضيّ في الوساطة.
 
ويعوّل الكثيرون على قدرة هوكستين على تحقيق نتائج عمليّة، انطلاقًا من تجربة ترسيم الحدود البحرية "المشجّعة"، حيث نجح في تقريب وجهات النظر، لكن ثمّة من يعتقد أنّ الأمور قد تكون "أكثر تعقيدًا" اليوم، في ظلّ المتغيّرات التي أفرزتها الحرب على غزة، علمًا أنّ هناك بين المتابعين من يبدو مقتنعًا أنّ رفع سقف المواجهات في الآونة الأخيرة، قد يكون جزءًا من الاستعداد لمهمّة هوكستين، وذلك من باب "تحسين الأوراق التفاوضية".
 
لا "قطبة مخفيّة" في تراجع حركة الموفدين الدوليّين والإقليميّين برأي العارفين. كلّ ما في الأمر أنّ هؤلاء أرادوا توجيه "رسالة"، وقد وصلت بشكل أو بآخر، حتى لو لم يتلقّفها الجميع بالطريقة نفسها. ولذلك فإنّ المعادلة السارية الآن تقوم على شقّين أساسيّين: "بانتظار هوكستين، وهدنة رمضان"، فتحقّق هذين "الشرطين" قد يكون "الخطوة الأولى" في مسار إطلاق المفاوضات بصورة جدّية، إن التزم كلّ الأطراف بهذا المسار! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

"ألم نتعلم الدرس؟".. بن غفير يعارض التسوية مع حزب الله في الجبهة الشمالية

طرحت خلال مناقشة في مجلس الوزراء الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية عقدت يوم الخميس، مسألة التسوية على الجبهة الشمالية في مواجهة حزب الله اللبناني.

إقرأ المزيد "هآرتس" بالعربي: الحرب البرية في لبنان مع حزب الله ستقودنا إلى هزيمة مطلقة

وقال وزير الدفاع يوآف غالانت إنه أبلغ الأمريكيين بأن إسرائيل ليست معنية بحرب على الجبهة الشمالية وأن التسوية التي من شأنها إبعاد حزب الله عن الحدود تعتبر مقبولة.

وردا على ذلك اعترض وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير وقال: "كيف بدون حرب؟ كيف سننهي الحدث بالتسوية؟ ألم نتعلم درسا من 20 عاما من التسويات؟".

وأضاف بن غفير: "سنقوم بترتيبات وبعد ذلك في غضون عام أو عامين سوف يغتصبون زوجاتنا ويقتلون أطفالنا".

من جهته صرح وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر بأنه يجب التوصل إلى تسوية حتى لو كان هناك انتصار إسرائيلي في الحرب، لكن بن غفير رد قائلا: "نحن ننتصر، فلن يكون هناك من نبرم تسوية معه".

وتدخل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقول: "إذا توصلنا إلى اتفاق يسمح بعودة السكان إلى الشمال فيمكننا عقد تسوية، ولكن هذا هو الأساس عودة السكان إلى الشمال فقط بكل الظروف التي ستسمح بذلك".

إقرأ المزيد غالانت يهدد من واشنطن بإعادة لبنان إلى العصر الحجري في أي حرب مع حزب الله

ورد بن غفير على نتنياهو: "الصفقة مع حزب الله ستكرر 7 أكتوبر نحن لا نعقد صفقة مع نازيين".

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية بأن مواجهة حادة حدثت خلال المناقشة بين وزير المالية سموتريش والوزير غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، حيث هاجم وزير المالية رئيس الأركان لكن الوزير غالانت رد: "لا اقبل بأن يهاجم الوزراء جيش الدفاع".

جدير بالذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قام بزيارة إلى واشنطن لمناقشة الحرب على قطاع غزة والتصعيد مع حزب الله اللبناني.

وعقد غالانت سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية بمن فيهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي جيك ساليفان، ومبعوث الرئيس الأمريكي الخاص عاموس هوكشتاين ومسؤولون آخرون في البيت الأبيض، في وزارة الخارجية والكونغرس.

وتناولت لقاءات وزير الدفاع الإسرائيلي في واشنطن الوضع الأمني ​​المتفجر على الحدود الشمالية والاستعدادات لاحتمال اندلاع الحرب وإمداد إسرائيل بالأسلحة الأمريكية التي كانت متوقفة منذ مدة.

المصدر: هيئة البث الإسرائيلية

مقالات مشابهة

  • جنوب لبنان على صفيح ساخن.. إلى متى يستمر التصعيد؟ (فيديو)
  • "ألم نتعلم الدرس؟".. بن غفير يعارض التسوية مع حزب الله في الجبهة الشمالية
  • ضغوط اعلامية وسياسية وديبلوماسية.. لا حرب واسعة
  • والد محافظ جبل لبنان في ذمة الله
  • لبنان.. حزب الله وحركة أمل يحثان الحكومة على القيام بواجباتها تجاه أهالي الجنوب
  • السفارة الروسية في بيروت تنصح الروس بـ"تأجيل السفر إلى لبنان إن أمكن"
  • ميقاتي يخوض معركة اخرى على الجبهة الرسمية للبنان!
  • إسرائيل تهدّد بإعادة لبنان “إلى العصر الحجري” في حال اندلاع حرب مع حزب الله
  • مع تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل.. حقيقة فيديو الزحام في مطار بيروت
  • موفد قطري ووفد من المخابرات المصرية في بيروت: خفض التصعيد جنوبا