الكابلات البحرية بخطر: خوف على البيانات العالمية بسبب حرب البحر الأحمر
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
خوف على تدفق الإنترنت العالمي (محمد حمود/ Getty)
بينما تستمر أحداث حرب السفن في البحر الأحمر وخليج عدن بالتصاعد، مخلفةً تبعات جسيمة على الشحن التجاري العالمي، تسود مخاوف واسعة بالمقابل من تعرض كابلات الاتصالات البحرية لمخاطر وأضرار، بالنظر إلى الاضطراب الحاصل واشتعال الممرات المائية اليمنية بالعمليات التي ينفذها الحوثيون أو الهجمات المضادة التي تنفذها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.
ويؤكد خبراء في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات أن هذه الكابلات عبارة عن خيوط طويلة ورفيعة من الألياف الزجاجية، تكون محمية بطبقات متعددة لتعزيز الأمان والمتانة تحت الماء، يتم نشرها بعناية في قيعان المحيطات في مسارات محددة، وتتميز بقدرتها على نقل كميات هائلة من البيانات بسرعات عالية جداً، ويعد البحر الأحمر أحد أهم الممرات التي تنتشر فيها هذه الكابلات.
لكن صنعاء توضح بالمقابل عدم استهداف الكابلات البحرية، وعدم وجود أي تهديد على السفن التي تعبر مضيق باب المندب والبحرين العربي والأحمر، باستثناء السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئها، وكذلك سفن أميركا وبريطانيا بسبب عدوانهما المستمر على اليمن.
ونفت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في صنعاء صحة ما يتم الترويج له حول مزاعم أسباب ما تعرض له عدد من الكابلات البحرية الدولية في البحر الأحمر يوم السبت الماضي. وأكدت سلطة صنعاء التزامها التام إزاء الكابلات البحرية، وأبدت حرصها على تجنيب جميع كابلات الاتصالات وخدماتها أي مخاطر، وتقديم التسهيلات اللازمة لإصلاحها وصيانتها شريطة الحصول على التصاريح اللازمة من هيئة الشؤون البحرية بصنعاء.
عواقب تضرر الكابلات البحرية
ويؤكد الخبير في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات محمد ياسين، لـ"العربي الجديد"، خطورة تعرض الكابلات البحرية لأية مخاطر أو أضرار، إذ قد تكون لها عواقب وخيمة على المستويات كافة، مشيراً إلى أهمية موقع باب المندب والبحر الأحمر كنقطة عبور استراتيجية لنقل البيانات حول العالم، لكن في المقابل فإن هذه الكابلات تحتاج إلى صيانة دورية، فهي قد تتعرض للأضرار بسبب الأنشطة البحرية المختلفة، والتغيرات الجيولوجية، أو حتى هجمات الحيوانات البحرية، في حين تعتبر هذه الكابلات أكثر الوسائل فعالية وموثوقية لنقل البيانات عبر العالم.
وتُستخدم الكابلات البحرية لنقل البيانات الدولية التي تمتد عبر قاع المحيطات والبحار حول العالم، وهي العمود الفقري للإنترنت العالمي، إذ تتحمل نقل حوالي 99 في المائة من البيانات العابرة للحدود الدولية، بما في ذلك كل أنواع الاتصالات الإلكترونية، مثل البريد الإلكتروني، والصفحات الإلكترونية، والمكالمات الصوتية والفيديو عبر الإنترنت.
وتذكر مصادر مسؤولة في صنعاء أن قرار سلطة صنعاء بمنع مرور السفن الإسرائيلية لا يخص السفن التابعة للشركات الدولية المرخص لها بتنفيذ الأعمال البحرية للكابلات في المياه اليمنية.
في حين تشدد وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات على محورية دورها في استمرارية وبناء وتطوير منظومة شبكة الاتصالات والإنترنت الدولية والإقليمية التي توفرها الكابلات البحرية الممتدة ضمن المياه الإقليمية اليمنية، واستمرار جهودها لتسهيل مرور وتنفيذ مشاريع الكابلات البحرية عبر المياه الإقليمية اليمنية شاملة المشاريع التي ساهمت فيها الجمهورية اليمنية عبر الشركة اليمنية للاتصالات الدولية - تيليمن في صنعاء.
خنق الممرات
وأدى تصاعد هذه الأحداث في البحر الأحمر وباب المندب إلى خنق الممرات المائية للتجارة الدولية، إضافة إلى إلحاق أضرار بالغة وتعطيل الموانئ في إسرائيل التي تواصل عدوانها الوحشي على غزة منذ أكثر من أربعة أشهر. مصادر مسؤولة في صنعاء ترجع بالمقابل أسباب التراجع في معدل عبور السفن المارة عبر البحر الأحمر وقناة السويس إلى عسكرة أميركا وبريطانيا البحر الأحمر وانتهاكهما سيادة الدول المشاطئة لمضيق باب المندب، إضافة إلى تحذيراتهما المستمرة للسفن.
الباحث الاقتصادي رشيد حداد، يقول لـ"العربي الجديد" إن الهجمات التي تنفذها سلطة صنعاء ضد السفن المتجهة إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي هي ورقة ضغط اقتصادية تهدف إلى وقف الحرب العدوانية التي تشنها على غزة.
وفق هذا الباحث الاقتصادي فإن هناك آثاراً اقتصادية بالغة لهذه العمليات في الممرات المائية اليمنية، منها ما يتعلق بمنع مرور الصادرات والواردات التي تنقل عبر البحر الأحمر، باعتباره أقصر الطرق البحرية الرابطة بين أوروبا وآسيا، فمعظم واردات وصادرات إسرائيل تم تحويل مسارها وصارت تنقل عبر طريق رأس الرجاء الصالح والذي ضاعف كلفة الواردات.
كما أدى إلى ارتفاع كلفة صادراتها للأسواق الأوروبية التي تستورد ما يقدر بنحو 36 في المائة من صادرات إسرائيل المختلفة أو الواردات القادمة من مختلف دول العالم لإسرائيل.
يضاف إلى أن هذه العمليات التي تأتي في إطار مناصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بحسب حديث الحداد، أوقفت الحركة الملاحية في ميناء إيلات الواقع على البحر الأحمر، وجرى تحويل معظم الشحنات المستوردة من الخارج إلى ميناء حيفا وهو ما نتج عنه تأخير في إفراغ العمولات وارتفاع في التكاليف.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر كابلات الإنترنت الاتصالات الاتصالات وتقنیة المعلومات الکابلات البحریة هذه الکابلات البحر الأحمر فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
“لويدز لست”: “لويدز لست”: رغم إعلان اليمن وقف الهجمات البحرية إلا أن قطاعات صناعية لم تعد للمنطقة
كما أوضح أن الإعلان اليمني بالرفع الجزئي للقيود في البحر الأحمر لم يؤد إلى عودة جماعية إلى الممر الملاحي المحاصر الذي يمر عبر هذه المياه، لكن باب المندب أصبح الآن خيارا قابلا للتطبيق بالنسبة لبعض الذين كانوا يتجنبون المنطقة. وأضاف: “لقد مر أسبوع منذ أن أصدر الحوثيون إشعارًا يقولون فيه إنهم لن يستهدفوا بعد الآن السفن المملوكة والمدارة من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والتي ترفع علمهما بعد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة”.
وبحسب بيانات تتبع السفن المقدمة من شركة لويدز ليست إنتليجنس ، بلغ إجمالي عدد السفن العابرة لباب المندب 223 سفينة خلال الأسبوع الماضي، بزيادة 4% على أساس أسبوعي، ولكن بما يتماشى مع المستويات التي شهدناها خلال الأشهر القليلة الماضية. وانخفضت أعداد السفن العابرة لقناة السويس بنسبة 7% إلى 194 سفينة.
وكما كان متوقعا، تؤكد الأرقام أن عودة أحجام حركة المرور في البحر الأحمر إلى طبيعتها لن تحدث بين عشية وضحاها، ولكنها تكشف عن وجود بعض مالكي السفن والمشغلين الذين ينظرون الآن إلى البحر الأحمر على أنه مفتوح للأعمال التجارية. وأضاف التقرير أن من بين السفن التي أبحرت عبر باب المندب الأسبوع الماضي، كان ما يقرب من 25 سفينة إما عائدة إلى نقطة الاختناق بعد تجنب المنطقة منذ نهاية عام 2023، أو كانت تقوم برحلتها الأولى عبر المضيق دون وجود تاريخ من مثل هذه العبور خلال العامين الماضيين.
وذكرت الصحيفة أن مركز المعلومات البحرية المشترك قال إن ست سفن مرتبطة بالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة عبرت منطقة التهديد منذ 19 يناير 2025.
وقالت اللجنة المشتركة لمراقبة البحر الأحمر وخليج عدن في أحدث تقرير أسبوعي لها: “تقدر اللجنة أنه مع تقدم اتفاق السلام وبقاء السفن والبنية التحتية غير مستهدفة، فمن المتوقع تحسن الاستقرار؛ ومع ذلك، تظل المخاطر في البحر الأحمر وخليج عدن مرتفعة”.
ولا يفاجأ محللو الأمن البحري بأن جزءاً كبيراً من الصناعة يواصل التحول حول رأس الرجاء الصالح.
ويقول رئيس قسم الاستشارات في مجموعة إي أو إس للمخاطر مارتن كيلي: “يحتفظ الحوثيون بالقدرة على استئناف الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر في غضون مهلة قصيرة للغاية، وبالتالي فإن المخاطر يمكن أن تتغير بسرعة كبيرة”. “ومن المرجح أن يستمر هذا في ردع شركات الشحن عن المخاطرة بالتواجد في مدى صواريخ الحوثيين أو طائراتهم بدون طيار في حال فشل وقف إطلاق النار في غزة وعودة الحوثيين إلى ملف الأهداف السابق”. ووصف وقف إطلاق النار بأنه هش، فيما تظل التوترات في المنطقة مرتفعة.
وأوضح أن التقلبات السياسية هي أحد الأسباب التي تدفع مالكي السفن ومشغليها إلى الاستمرار في تغيير مساراتهم، ورغم أن الباب يبدو مفتوحاً أمام الكثير من قطاعات صناعة الشحن، فإن السفن المملوكة لإسرائيل لا تزال معرضة لخطر الاستهداف.