انقلاب 17 – 30 تموز الشيعي بالنقاط الأميركية والفواصل الكردية
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
آخر تحديث: 2 مارس 2024 - 9:59 صبقلم:مسار عبدالمحسن راضي لقاء مونت كارلو مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في الـ27 من فبراير 2024، كان رسالةً سيكولوجية بمقصٍ فرنسي. أصلُ مثل هكذا رسائل بدأ مع الزعيم الأب مصطفى بارزاني في منتصف يناير 1965. استخدم فيه الأب الولايات المتحدة كصندوقِ بريدٍ دبلوماسي، طالباً منها “التدخُّل مع بغداد، معترِفاً بأنَّه قد اشتط بعيداً في مطالباته لها”.
دماغ اليانكي حلَّل الرسالة وقتها بأنها “حربٌ سيكولوجية”، بحسب ما نقله براين آر. غيبسون من تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA). النتيجة، بغداد تنشَّقت روائح ضعفٍ كاذبة في كلمات بارزاني. حاولت إخضاعه بالقنابل والرصاص. المقصان الإيراني والإسرائيلي كانا حاضرين عموماً في كُل أنواع القصَّات السياسية لأربيل منذُ ستينات القرن الماضي. كان مظهر وضع اليدين للزعيم بارزاني في 2024 على الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) موحيًا؛ محاولة على الأرجح لغسل اللون القَبَلي من زيَّه العراقي الكردي وتصويره كـ”ملا ليبرالي”. دانا شميدت وهو صحافي أميركي، غسل تاريخيّا ثياب أبيه السياسية التي جعلته “الملا الأحمر” في عيون الولايات المتحدة. استخدم مساحيق مقالات عديدة، لتنظيفه أيديولوجيّا من السنوات الطويلة التي قضاها منفيا في الاتحاد السوفييتي. أمّا رجفة اليدين للزعيم الابن أمام مونت كارلو فقد كانت غير متسِقة مع لغة جسده. ظهر جسدهُ كبطارية تستطيعُ تزويدهُ بخمسين سنةٍ قادمة. باختصار وفي جملة “في العراق ما فات ما مات ليُصبحَ تاريخاً بل حاضراً وقَرنَيْ مستقبل”.بارزاني 2024 يشعرُ بالقلق بعد اتضاح انفلاق بيئة العراق السياسية إلى عراقين؛ العراق الإيراني والعراق الأميركي. بارزاني أعلن ذلك في فبراير العام الماضي 2023، عن طريق مدير مكتبه السابق ووزير خارجية العراق حالياً فؤاد حسين، عندما ذهب إلى واشنطن في ذلك التاريخ، لمناقشة تفعيل “اتفاقية الإطار الإستراتيجية” الموقَّعة بينهما في 2008. عودة الاغتيالات وقمع الصحافيين واعتقالهم، إشارات تحذيرية لمن يود التأثير على مصائر هذا النظام غير المكتمل، صاحب شعار “لا شرقية ولا غربية”الوزير حسين صفَّر العراق وناشطيه السياسيين من أيَّة أيديولوجيات قد تكون مُعادية للأميركيين. هكذا، بعد أن حلق ذقن السياسة في العراق من الأيديولوجيات، مرَّغ وجه كلماته بعطر اللاسيادة “نريدكم هناك معنا”.براين آر. غيبسون ذهب كذلك إلى أن العراق في سبعينات القرن الماضي كان بدوره “عراقين” في العيون الأميركية؛ عراق يُديره الراديكاليون القوميون، و”العراق الآخر” بدا براغماتياً وقابلاً للانفتاح على الغرب عموماً. لهذا فإنَّ الزعيم بارزاني وهو الوارث لسياسة “المفاوضات وتدويل القضايا”، أسلوبٌ يتبعهُ القادة ذوو الطموحات الانفصالية بحسب فريدريك فيسلاو، يشعرُ بأنَّه أعطى ولم يأخذ عكس سياسة سلفه “خذ ولا تُعطي”، الناتجة من دسم الورقة الكردية، في حلبة تنافس القوى الإقليمية في الشرق الأوسط.. عربية وغير عربية. قلق بارزاني يتمثل في أنَّ شريكهُ الشيعي في عراق ما بعد 2003، والذي تطوَّر إلى “الإطار التنسيقي”، بات شبيهاً بجناح الرئيسين العراقيين الأسبقين البكر – صدام في 17 – 30 تموز 1968، والذي سيفوز على الأرجح لا بالتصفية الجسدية للخصوم كما حصل في ذلك التاريخ، لكن بقلع أظافر السُلطة المُخربِشة من أصابع جميع المكوِّنات. هذا الجِناح يمتلِكُ كُل أدوات القوة الشبيهة بنظيرتها عند رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، الحديدية مارغريت تاتشر. وزير الخارجية في عهدها أنتوني آكلاند ذكر ما كانت تمتلكه في الوايتهول “كان لديها سياسيون، كان لديها مُقرَّبون، كان لديها صِحافيون، كان لديها رِجال أعمال… كان لديها محتالون، كُل أنواع البشر الغريبين كان لديهم تواجد”. هذا الانقلاب الشتوي للشريك الشيعي (أغلب البيانات الرسمية المثيرة للجدل والتي تخص السياسة الخارجية للعراق صدرت في هذا الفصل المتعارف عليه بأنه ذو لونٍ أبيض) يأتي من مصادر ثلاثة رئيسية. أوَّلُها هو “الصفقة السويسرية الجديدة” بين طهران وواشنطن. النُسخة السلف قدَّمها نظام الملالي في طهران بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، واختصارها “دعم قيام حكومة عراقية علمانية في العراق لا دينية مقابل رفع العقوبات عن إيران”. تريتا بارزي تحدَّث عنها بشكلٍ موثَّق في كتابه ذي العنوان الرئيسي “حلف المصالح المشتركة” بين طهران وتل أبيب وواشنطن.النظام الحالي الذي ينعكس شكله في حكومة “الإطار التنسيقي” مؤمنٌ بأنه لا يستطيع كسب الشرعية خارج المجموعات المستفيدة منه، ولا يمكن أن يُفكِّر فيها إلَّا بعد تغيير النظام البرلماني الحالي إلى نظامٍ رئاسي المصدر الثاني ذو علاقة بالشركاء المُسلَّحين للنظام في بغداد، خاصَّة الأصول الإيرانية الصافية في البلاد مثل النُجباء وكتائب حزب الله. باتوا يُهدِّدون القوى الشيعية التقليدية مثل حزب الدعوة الإسلامية، وتيار الحكمة، وحتّى منظمة بدر. هم بعد كُل شيء ليسوا سوى صنيعة رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي. لم يكتفِ وقتها بصناعة عصائب أهل الحق كي يضمن نوعاً من التوازنات بين هذا “الباسيج” العراقي. مفردة الباسيج استخدمها في عرض أمنياته على الجانب الإيراني في 2014، عندما أفلس من الدعم الأميركي لولايته الثالثة. أصبحت هذه الأصول الإيرانية الصافية، وبحسب فضيحة التسجيلات المُسرَّبة للمالكي، دُمى.. إمَّا للإطلاعات وإمَّا للحرس الثوري الإيرانيّين، بدون وساطة أو عصا تَحَكُم التقليديين. للتذكير، هو فضَّل الحرس الثوري في تلك التسجيلات. المصدر الثالث والأهم هو أنَّ “العراق الآخر” الذي أعلن عنه الشريك الكردي في واشنطن، مازال غامضاً وقابلاً للارتداد على عَقبيه إيرانياً، لذا فإنَّ الأميركيين مازالوا يتعاملون بسياسة “انظر وانتظر” معه. هذه السياسة ليست وليدة اليوم وإنَّما تحمل عمر ستَّة عقود. النتيجة، إنَّ إصدار ورقة الطلاق الرسمي للعراق الأميركي عن نظيره الإيراني باتت حتميَّة. طبعاً، الطلاق لن يأخذ شيئاً من صلاحيات الزواج شبه الكاثوليكي الحالي بين بغداد وطهران. ريموند هينبوش في كتابه “السياسات الدولية للشرق الأوسط” يقدِّمُ صورة قدرية عن النظام الإقليمي للشرق الأوسط الذي لا يمكن للدول فيه إلَّا أن تكون صاحبة خيارين؛ إمَّا مع الوضع الراهن والمقصود به عملياً الارتباط مع الغرب وإمّا تعديل الوضع الراهن، أي الارتباط مع بكين حالياً عن طريق همزة الوصل الإيرانية. طبعاً، العراق لا يمتلك قُدرة التعديل و إلَّا أصبح معزولاً دولياً كما هو محلياً. هو الآن لا يصلح إلَّا للدوران في المدار الغربي. النظام الحالي الذي ينعكس شكله في حكومة “الإطار التنسيقي” مؤمنٌ بأنه لا يستطيع كسب الشرعية خارج المجموعات المستفيدة منه، ولا يمكن أن يُفكِّر فيها إلَّا بعد تغيير النظام البرلماني الحالي إلى نظامٍ رئاسي، أو يكون فيه الشكل الرئاسي هو الحاكم على شريكٍ برلماني صوري.عودة الاغتيالات وقمع الصحافيين واعتقالهم، إشارات تحذيرية لمن يود التأثير على مصائر هذا النظام غير المكتمل، صاحب شعار “لا شرقية ولا غربية”. دور الولايات المتحدة وإلى إشعارٍ آخر سيكون حماية النظام من الشعب والمعارضين وكتابة قوائم الأسماء الخطرة التي لا بد من تصفيتها إنسانياً! أسلوبٌ أميركي، بريطاني، وإيراني عريق سيروي العراق خلال المرحلة القادمة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: کان لدیها
إقرأ أيضاً:
الشيعي الأعلى يحذر من تداعيات التطورات في الساحل السوري على لبنان
حذر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، من تداعيات الاشتباكات الأخيرة في منطقة الساحل السوري وما تخللها من انتهاكات بحق مدنيين، داعيا السلطات اللبنانية إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع امتداد الأحداث إلى أراضيها.
وقال نائب رئيس المجلس علي الخطيب، الأحد، إن "الأنباء الواردة من سوريا عن المذابح التي حصلت في الساحل السوري أوجعتنا وآلمتنا وأدمت قلوبنا لفظاعتها وبشاعتها ،بقدر ما تدفعنا الى الأسف والتوجس من مستقبل مظلم ينتظر هذا البلد الشقيق الذي ما أردنا يوما إلا أن يكون آمنا ومستقرا".
وأضاف في بيان على منصة "فيسبوك"، أن "المشاهد الفظيعة التي وصلتنا وتصلنا عن الانتهاكات التي حصلت بحق المدنيين الأبرياء، تجعلنا في حالة من الصدمة ،لأننا اعتقدنا في مرحلة من المراحل ان هذه الحقبة السوداء من تاريخ بلادنا قد انتهت الى غير رجعة. فلا ديننا ولا قيمنا ولا اخلاقنا تبيح قتل الناس الأبرياء على الهوية".
واعتبر أن ما حصل "يستدعي تدارك هذه المظالم بحق الأبرياء قبل أن تتفاقم الأمور إلى ما هو أكثر عنفا وبطشا، بحيث يصبح من المستحيل التعايش بين المكونات السورية، وبما يحقق أهداف الغرب والصهاينة في تقسيم سوريا وإلغاء كينونتها كدولة واحدة موحدة".
وناشد الخطيب "العقلاء في أمتنا العربية والإسلامية المسارعة الى وضع حد لما جرى ويجري، والعمل بكل قوة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتأمين الحماية للمدنيين السوريين الى أي طائفة أو منطقة انتموا، قبل أن تذر الفتنة الكبرى بقرنها، وتنتشر الى كامل المنطقة بما يصعب ضبط الأمور وإصلاح الحال".
كما حذر "الأهل في لبنان من تداعيات هذا الواقع"، مطالبا "الدولة والأجهزة الأمنية باتخاذ أقصى التدابير الآيلة الى ضبط الأوضاع والحؤول دون امتداد الأحداث إلى الأراضي اللبنانية".
وخلال الأيام الأخيرة، شهدت محافظات اللاذقية وطرطوس الساحليتين توترات أمنية غير مسبوقة على وقع هجمات منسقة شنتها قوات موالية للنظام المخلوع، ما أسفر عن قتلى ومصابين في صفوف قوات الأمن العام والمدنيين.
ووثقت تقارير وقوع انتهاكات وإعدامات ميدانية طالت مدنيين في مناطق الاشتباك، ما دفع الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في ملف الانتهاكات بالإضافة إلى لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي في البلاد.
ومساء الأحد، قال الشرع في ثاني كلمة له منذ بدء التطورات في الساحل السوري الخميس الماضي إن "المخاطر التي نواجهها اليوم ليست مجرد تهديدات عابرة، بل هي نتيجة مباشرة لمحاولات انتهازية من قبل قوى تسعى إلى إدامة الفوضى وتدمير ما تبقى من وطننا الحبيب".
وتابع بالقول "نجد أنفسنا أمام خطر جديد يتمثل في محاولات فلول النظام السابق ومن وراءهم من الجهات الخارجية (لم يسمها) خلق فتنة وجر بلادنا إلى حرب أهلية، بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها".
وشدد الرئيس السوري على أن "سوريا ستظل صامدة، ولن نسمح لأي قوى خارجية أو أطراف محلية بأن تجرها إلى الفوضى أو الحرب الأهلية".
وأردف قائلا: "لن نتسامح مع فلول الأسد، الذين قاموا بارتكاب الجرائم ضد قوات جيشنا ومؤسسات الدولة، وهاجموا المستشفيات وقتلوا المدنيين الأبرياء، وبثوا الفوضى في المناطق الآمنة".