هذا ما سيفعله حزب الله في هدنة رمضان
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
من غير المستغرب أو المستبعد أن تنعكس "هدنة رمضان" في غزة على مسار المعارك الدائرة في الجنوب بين جيش العدو وعناصر "حزب الله"، وذلك بفعل ربط الساحتين بمسار واحد وبمصير مشترك. وهذا ما أكده الأمين العام لـ "الحزب" السيد حسن نصرالله أكثر مرة، حين ربط ما يجري على الساحة الجنوبية بما يجري في "القطاع". ولأن الأمر مربوط بالتطورات الميدانية، فإن الجنوب سيشهد بدوره هدنة موازية لـ "هدنة رمضان" الغزاوية.
وكما يقول الرئيس نبيه بري عن "الفول والمكيول" فإن الأنظار مشدودة نحو النتائج التي ستفضي إليها المفاوضات القائمة على خط باريس – القاهرة – الدوحة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة "حماس" في ظل ترقّب داخلي لقرار وقف إطلاق النار في غزة، الذي سينعكس حتمًا تهدئة موازية على الجبهة الجنوبية في ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية بين "حزب الله" وقوات الاحتلال.
وهذا ما أشار إليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عندما تطرق إلى أن هناك حديثاً جدياً قد يكون مطلع الأسبوع المقبل عن وقف العمليات العسكرية في غزة يسمّى "تفاهم رمضان"، وأكد أن وقف القتال في غزة سيطلق المحادثات بالنسبة إلى التهدئة في لبنان.
ولكن في المقابل فإن إسرائيل التي استباح جنودها بالأمس تجمعًا لمدنيين فلسطينيين كانوا ينتظرون المساعدات الغذائية فسقط من بينهم الكثير من القتلى والجرحى لا يمكن الركون إلى ما يمكن أن تقدم عليه من "مغامرات" عسكرية، سواء في رفح أو في جنوب لبنان قبل الموافقة على هدنة مشروطة. وهذا ما عكسته مخاوف بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية، الذين أعربوا عن خشيتهم من تدهور الوضع في الجنوب وانعكاسه بالتالي على الاستقرار في المنطقة. ولهذا فإن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين سيزور المنطقة قريبًا لضمان عدم إقدام إسرائيل على ما يمكن توقّعه، وذلك استنادًا إلى التجارب السابقة، وإقناع "حزب الله" بالالتزام بموجبات "اتفاق رمضان"، مع ما يواكب هذا الواقع من توقعات متشائمة على غرار تلك التي ساقتها أوساط إعلامية وديبلوماسية أميركية في الساعات الأخيرة عن احتمال قيام إسرائيل بغزو بري للبنان في الربيع، بالتوازي مع التهديدات التي أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو قائلا "سنضرب "حزب الله" ونقضي على مسؤوليه في جنوب لبنان".
ما نُقل عن مسؤولين في "حزب الله" عن الالتزام بـ "هدنة رمضان"، وأن "المقاومة الإسلامية" ستوقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية هو واقع لا مفرّ منه، ولكن أعينها ستبقى ساهرة ومترصدة لأي حركة غير اعتيادية قد يقوم بها جيش العدو على حين غفلة، خصوصًا أن ثمة تعليمات واضحة بإبقاء الجهوزية الميدانية في استنفار دائم لمواجهة أي خطر محتمل، وهي تعمل وفق سيناريوهات متعدّدة الخيارات، ومن بينها إعداد الكثير من المفاجآت الميدانية في حال خطر على بال الإسرائيليين التوغّل جنوبًا.
ويبقى السؤال الذي لم يلق اللبنانيون جوابًا شافيًا عنه، وهو يتعلق بمدى انعكاس أي هدوء ممكن على الساحة الجنوبية على الاستحقاق الرئاسي مع معاودة سفراء "اللجنة الرئاسية الخماسية" تحرّكهم التوفيقي بالتوازي مع الحركة التي تقوم بها كتلة "الاعتدال الوطني"، التي ستلتقي رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد يوم الاثنين، مع استبعاد أن ينتج عن هاتين الحركتين ما يقصّر فترة الشغور الرئاسي. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هدنة رمضان حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما بين 26 كانون الثاني و١٨ شباط...هذا هو الفرق
كان يُفترض بالراعي الأميركي لاتفاق وقف النار في الجنوب اللبناني أن يستبق تحرك الجنوبيين، نساء وأطفالا وشيوخا وشبانًا، نحو بلداتهم مع انتهاء المهلة المعطاة للمحتل الاسرائيلي للانسحاب من كل شبر من الأراضي التي يحتلها، ويعلن تمديد الهدنة إلى 18 شباط المقبل. ولو فعل ذلك لما كان أدخل لبنان في ورطة جديدة كان في غنىً عنها، ولما تمكّن "حزب الله" من اتخاذ ناسه دروعًا بشرية لإثبات فعالية معادلته الثلاثية "جيش وشعب ومقاومة" على أرض الواقع، وللانتقال لاحقًا إلى تكريسها ولو في شكل تحايلي على اللغة العربية الزاخرة بتعابيرها الملتبسة في البيان الوزاري للحكومة العتيدة، التي قد تبصر النور خلال ساعات بعد مرور أسبوعين على تكليف القاضي نواف سلام مهمة التشكيل.
وفي الوقت الذي كان الجميع يتوقعون عدم إقدام جيش الاحتلال على الانسحاب كان "حزب الله" يعدّ العدّة لعودته إلى العمق الجنوبي عبر ناسه، ولو بلباس مدني. وهذا أمر طبيعي باعتبار أن مقاتلي "الحزب" هم من أبناء القرى الحدودية، ومن حقّهم أن يعودوا إليها بلباس مدني بعدما تركوها بلباسهم العسكري. وبهذه الطريقة استطاع "حزب الله" أن يعود إلى جنوب الليطاني ولو من دون سلاح. وفي اعتقاد أكثر من مسؤول حزبي أن هذا الدخول للأهالي وبهذه الطريقة الجريئة والشجاعة قد أعاد خلط الأوراق الإقليمية والداخلية على حدّ سواء، خصوصًا أن هذا الدخول ترافق مع موجة جديدة من التصريحات والمقالات، التي تحدّثت عن "عرس الانتصار" على رغم الدماء البريئة التي أريقت على أرض الجنوب، وعلى رغم اعتقال جيش العدو عدد من الأهالي واقتيادهم إلى الداخل الإسرائيلي للتحقيق معهم.
إلاّ أن ما حصل أمس الأول لا يمكن إلا إدراجه في خانة البطولات الشعبية بغض النظر عمّا كان "حزب الله" يخطّط له. ويقول الذين يدورون في فلك محور "الممانعة" أن "الحزب" نجح في استثمار التحرّك الشعبي المنظّم والعفوي في آن، خصوصًا أنه أراد أن يثبت لجميع المعنيين في الداخل والخارج، ومن بينهم بالطبع إسرائيل وراعيا اتفاق وقف النار، أي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، أنه لا يزال موجودًا في كل الساحات، العسكري منها والمدني ، وبالأخصّ السياسي، وذلك من خلال فرضه معادلة تكريس حقيبة وزارة المالية لـ "الثنائي الشيعي" حتى ولو تمّ تشكيل الحكومة من غير الحزبيين، وليس على طريقة إسنادها إلى أي شيعي خارج "الثنائي"، فضلًا عن التلميح بعدم السماح للحكومة بأن تبصر النور إن لم يحصل "الثنائي" على وعد بأن يتضمّن البيان الوزاري ما يشبه "المعادلة الثلاثية". ولكن آخر المعطيات تشير إلى أن هذه العقدة قد تمّ حلها بما يؤمن للحكومة غطاء سياسيًا أكيدًا.
لم يسمع أحد كلامًا لسياسيي محور "المعارضة" عمّا حصل في الجنوب غير الكلام المدروس والمتقدّم في رؤيته للأمور، باعتبار أن ما قام به الأهالي، وإن كان "حزب الله" كان وراء هذه المشهدية، يدخل في إطار البطولات الشعبية. إلاّ أن ما ترافق مع "عرس الانتصار" من حركات استفزازية في أحياء مغدوشة وعين الرمانة والجميزة أعاد الحديث إلى مربعه الأول، مع ما حملته هذه الاستفزازات من أجواء غير صحية تعكس حالة من عدم الاطمئنان إلى الغد، الذي لا يزال فيه "شبح السلاح" مسيطرًا على الساحة الداخلية.
الفرق بين 26 كانون الثاني و18 شباط هو أن التاريخ الأول لم يخلُ من الدمّ، الذي أهرق منه الكثير على مدى سنة وأربعة أشهر على أيدي جيش العدو، فيما التاريخ الثاني قد يحمل في طياته ما يؤشرّ إلى انسحاب كامل لآخر جندي إسرائيلي من آخر شبر محتل في العمق الجنوبي، واكتمال عقد انتشار الجيش في كل الجنوب تطبيقًا لاتفاق وقف النار وللقرار 1701.
المصدر: خاص "لبنان 24"