رفح والتشريع الصهيوني.. وقاحة الوقاحة!!
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
كأنما اختار العرب أن يكونوا ضحايا لصراعاتهم وربطاً لأي صراعات، ولا حاجة للنبش في التاريخ لإثبات ذلك، ففي حالة غزة والعدوان الهمجي الإجرامي عليها فقد وصلنا إلى “رفح” لهدف للعدوان وجرائم الإبادة الجماعية التي يستمر فيها..
عندما تدفعني الصدفة لمتابعة مناظرة تحليلية، أجد من يمثّل السلطة الفلسطينية ربطاً بمنظمة التحرير بما يعني تجريم حماس، حين يقول مثلاً إن “حماس” من تريد التضحية بمليون أو أكثر من أجل أطماع ومطامح “سلطوية”.
وهكذا فالكيان الصهيوني يستخدم ذريعة أن “حماس” إرهابية فيما أمريكا والكيان هما الإرهاب في الواقع، فيما السلطة الفلسطينية التي لايعنيها بقدر ما يهمها السلطة تستخدم الشعب للحديث عن أطماع ومطامح سلطوية “حماس”..
أين هي الدولة الفلسطينية الموعودة منذ اتفاق “أوسلو”؟، فإذا كانت ما تسمى سلطة لم تقبل إليها ولن تصل ولا توصل حتى بعد قرن فلا معنى لوجودها كسلطة، ولكن الأهم من ذلك هو السؤال لو أن حماس وفصائل المقاومة لم تقم بما قامت به في 7 أكتوبر 2023م، ماذا كان سيحدث أو ماكان قرر حدوثه كما سمعنا وتابعنا؟..
ما قامت به الفصائل الفلسطينية كان رد فعل لإفشال مؤامرة تقودها أمريكا لإنهاء القضية الفلسطينية وذلك ما اعترفت به أمريكا ورئيسها بايدن الذي قال إن ما حدث كان لإفشال التطبيع بين إسرائيل ودولة عربية “وازنة” وذلك يعني إفشال مؤامرة إنهاء القضية الفلسطينية..
المؤكد أن السلطة الفلسطينية تتابع كل مايعني فلسطين وتابعنا تصريحات بايدن عن السير في مشروع طريق عالمي من الهند إلى أوروبا وغزة “محوريته”..
هذا ببساطة أنه منذ توقيع اتفاق هذا المشروع مع الهند ودول عربية “الإمارات- السعودية – الأردن”، اتخذ قرار بتهجير سكان غزة وما سارت فيه الفصائل الفلسطينية كانت عملاً استباقياً للقطع على تنفيذ هذا التهجير ومنعه بكل ما هو ممكن، وما تسمى سلطة فلسطينية لم يكن أمامها ـ كأمر واقع ـ من خيار غير الموافقة على المشروع الأمريكي الإسرائيلي وهي موافقة على تهجير سكان غزة، وبالتالي فالأقاويل التي تطرح على أنها تحايل حول حماس والتهجير و”رفح” هي مجرد تخريجات لكل من يدورون في الفلك الأمريكي الصهيوني..
أحسست أن هؤلاء يأخذون من أمريكا حتى فيما يقولونه كتخريجات وكأنهم يعيدون ما يقوله محلل أمريكي، وهو من أصل عربي اسمه “بشار جزار”، وهو من الوجوه التي يتكرر مجيئها في فضائية “روسيا اليوم” بالعربية..
يكفي مثل هذا الجزار عربي الأصل وأمريكي الهوى والهوية حتى وهو “جمهوري” ليقول لهذه السلطة ما تقوله..
لم أتابع حتى مجرد تصريح لما تسمى السلطة بعد إعلان بايدن لمشروع هو في حد ذاته قرار تهجير لسكان غزة، فمن أين جاءت هذه الرحمة لسلطة لم تعترض أصلاً على تهجير سكان غزة؟..
هي من “الميكافيلية” لإدارة صراع بيني مع فصيل فلسطيني هو الأهم من فلسطين القضية، وإذا لم يكن كذلك ـ وهو حتماً كذلك ـ فماذا يكون؟ وأين هذه السلطة لترفض أو تعارض مشروع بايدن التهجيري وإن بمجرد تصريح تأخذ الإذن لقوله ومن أي جزار أمريكي أو “مؤمرك”..
أكتب هذا وأنا أتابع تحضير روسيا لجمع الفصائل الفلسطينية – بما فيها السلطة -لاجتماع تستضيفه موسكو في محاولة لتوحيدها وتجاوز التبيانات والصراعات البينية..
السلطة الفلسطينية وقد فشلت في البنود الأدنى والدنيا في ما سمي “اتفاق أوسلو” لصالح فلسطين القضية والشعب أمام رفض إسرائيلي وصل إلى مجاهرة يؤكدها دوماً برفض تنفيذ هذا الاتفاق ـ هذه السلطة ـ تعرف وتعي أن الفصائل التي فجرت حدث 7 أكتوبر 2023م هي التي أعادت القضية الفلسطينية إلى مكانتها وإلى واجهة العالم..
يصبح من المعيب الهبوط والانحدار في الأداء السياسي إلى مستوى تحميل “حماس” المسؤولية عن اجتياح إسرائيلي متوقع لـ “رفح”، وهذا المعيب يظل أكبر من العيب حين يقال قبل أو بعد اجتماع موسكو وأياً كان حاصل ونتائج هذا الاجتماع..
ها هو الكنيست الإسرائيلي يجتمع ويقر تشريعاً يرفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية كتشريع لكل من يحكم إسرائيل، وهذا التشريع لا يدين سوى الطرف الذي سار في التوقيع على اتفاق “أوسلو”، فما الذي أبقيتموه من خلاله لفلسطين القضية والشعب ومن ثم الفصائل؟..
على المتباكي على رفح وتحميل حماس المسؤولية هو الذي سيجعل الكيان يعترف بالدولة الفلسطينية وبعد هذا التشريع..
هذا التشريع الصهيوني يتطلب من المسماة سلطة أن لا تظل مجرد حارس وحامٍ لأمنه وأن تعود للنضال المسلح وإعادة توجيه أسلحة من جندتهم لحماية أمن الكيان لمواجهة هذا الكيان، وذلك مطلب الشعب الفلسطيني قبل أن يكون مطلباً للفصائل..
أعرف أن رئيس السلطة الفلسطينية “عباس” سيرد بأن خياره الاستراتيجي هو التفاوض وإن قيل له أن العدو يرفض التفاوض وأصدر تشريعاً يُحرم ويُجرم الاعتراف بدولة فلسطينية فسيرد: “ولو.. خيارنا التفاوض”..
ونحن نبكي حقاً على مأساة فلسطين وما يعانيه الشعب الفلسطيني فكل ما نطلبه هو أن ترحمنا هذه المسماة سلطة فلسطينية من وقاحات لا مثيل لها في حياة وتاريخ، ولم نعرف شيئاً منها في ظل “عرفات”، وآخرها التباكي على رفح وتحميل حماس المسؤولية، وشخصياً فإني مع الحق الفلسطيني وما يتطلبه من استحقاقات، لكن يستحيل أن أكون مع عباس حتى بمستوى ما كنت مع عرفات..!!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
السلطة الفلسطينية وخيار سموتريتش الثالث
من منطلق الصلف والغرور، والثقة بأن أرض فلسطين العربية هي أرض إسرائيل التوراتية، طرح وزير المالية الإسرائيلي الإرهابي سموتريتش ثلاثة خيارات أمام الشعب الفلسطيني، وهي كالتالي: الخيار الأول: الرحيل عما يسميها أرض إسرائيل التوراتية، والخروج الآمن من هذه البلاد إلى أي مكان في العالم، ويختص بهذا الرحيل كل فلسطيني يطالب بحقوق سياسية أو حتى حقوق مدنية، أو يحلم بقيام الدولة، ويفكر أن يعترض على العيش تحت رحمة السلاح الإسرائيلي، والأوامر الإسرائيلية، مثل هؤلاء الفلسطينيين لا مكان على هذه الأرض التي يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. وأزعم أن هذا الخيار مرفوض من قبل السلطة الفلسطينية، فالسلطة تعارض الرحيل عن أرض فلسطين، وتشجع الناس على البقاء فوق تراب الوطن، دون خلق أي مبرر للصهاينة كي يمارسوا الإرهاب العنيف ضد الشعب الفلسطيني. الخيار الثاني الذي طرحه سموتريتش، يتمثل في الموت أو السجن لكل فلسطيني يعترض على الوجود الإسرائيلي، ويرفض التسليم بحق إسرائيل في الوجود فوق كامل تراب فلسطين، والموت لكل من يفكر في مقاومة المحتلين، أو الاعتراض على إرهاب المستوطنين، خيار الموت أو السجن هذا يلاحق كل من يتبنى فكر المقاومة. وأزعم ثانية أن هذا الخيار الإرهابي ترفضه السلطة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تتصدى لكل فلسطيني يلجأ إلى حمل السلاح لمقاومة المحتلين، أو المس بأمن المستوطنين، أو الاعتراض على قرارات جيش المحتلين. بقى الخيار الثالث: وهذا الخيار يشترط حياة الفلسطينيين تحت الحذاء الإسرائيلي، والعمل في المصانع والشركات الإسرائيلية خدماً وعمالٌاً وعبيداً، وعدم البحث عن هوية أو حرية مع عدم المطالبة بالحقوق المدنية وحتى الشخصية، والمقابل لهذا الخنوع الاستسلام رغيف خبز معجون بالذلة، وقطعة سكر مغمسة بالمهانة. الخيار الثالث الذي طرحه سموتريتش هو الخيار الذي تتعايش معه السلطة الفلسطينية بسياستها حتى اللحظة، فمنذ التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993م، الاتفاقية التي سمحت لبعض المقاتلين الفلسطينيين بالعودة إلى الضفة الغربية وغزة دون سلاح الفدائيين، والقبول بحمل السلاح الذي زودهم به الجيش الإسرائيلي، والمشروط بتطبيق بنود الاتفاقية، ولا سيما البند المتعلق بالتنسيق والتعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، مقابل حصول السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة، دون ربط ذلك الاستقرار الأمني بالحصول على الحقوق السياسية التي ينشدها الشعب الفلسطيني. لقد مرَّ أكثر من 30 سنة على اتفاقية أوسلو المشؤومة، 30 سنة رسمت معالم المرحلة القادمة من العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي تشير إلى أن القادم على الفلسطينيين أسوأ بكثير من الذي مر عليهم، فالمخطط الإسرائيلي الاستيطاني تجاوز مرحلة الخنوع والتذلل، وبدأ يخطط لمرحلة الترحيل والتهجير، والسيطرة التامة على أرض إسرائيل التوراتية ـ كما يزعمون ـ والتي لا تقبل القسمة مع الفلسطينيين، ولا تقبل أن يتنازع على ملكيتها أي عربي مهما كان عاشقاً لخيار سموتريتش الثالث والقائم على الرضا بالأوامر الإسرائيلية، والقبول بحياة الخنوع والذلة.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني