عمّان- ركزت الفعاليات المناصرة لغزة في الأردن -خلال الأيّام الأخيرة- على مطالب أساسية تتمثل في رفض الجسر البري الذي يقول مواطنون إنه يمد الاحتلال بالبضائع لكسر الحصار الذي فرضه الحوثيون على مرور السفن المتجهة للأراضي المحتلة عبر مضيق باب المندب.

وشهدت محافظة إربد فعالية مركزية حاشدة كان من المقرر أن تتجه نحو "معبر الشيخ حسين" على الحدود بين الأردن والأراضي المحتلة، لكن حالت الإغلاقات والحواجز الأمنية دون ذلك.

فعاليات حاشدة

ورفع المشاركون لافتة عملاقة كُتب عليها "نريد جسرا بريا لغزة " كما طالبوا بوقف مرور الشاحنات التي تمد الاحتلال بالبضائع، ومنع التصدير بكل أشكاله، ومن جانبها اعتقلت القوات الأمنية عددا من المواطنين الذي استطاعوا الوصول قريبا من المعبر للتظاهر.

وشهدت مدن الكرك والسلط والمفرق والعقبة كذلك فعاليات ومسيرات نددت بالجسر البري ورفعت شعارا موحدا، وهو "تجويع غزة جريمة والجسر البري خيانة".

ويشدد الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن، والذي يضم أحزابا ومبادرات المجتمع المدني، على أن مرور الجسر البري عبر دول عربية ومنها الأردن هو "طعنة في ظهر أهالي غزة ممن يتعرضون لحرب التجويع والمجازر اليومية والتي بلغ عدد ضحاياها عشرات الآلاف".

في المقابل، تصر الحكومة على نفي هذه الاتهامات، حيث وصفها رئيس الوزراء بشر الخصاونة -قبل أيام- بأنها "وحي من الخيال" وهو ما نفاه أيضا الناطق باسم الحكومة مهند المبيضين في تصريح سابق للجزيرة نت.

مسيرة رفعت شعارا موحدا "تجويع غزة جريمة والجسر البري خيانة" (الجزيرة) عار

في السياق، قالت البرلمانية السابقة ورئيسة حزب العمال رولا الحروب، للجزيرة نت، إنه "من العار أن يغلق أهلنا في اليمن مداخل التجارة الدولية، بينما نفتح نحن الجسور من أجل وصول البضائع للاحتلال، نحن شهود على تجويع أطفال غزة وأهلها حيث لا غذاء ولا دواء".

وأشارت إلى أن الإنزالات الجوية التي نفذها الجيش الأردني وبعض الدول الأخرى خطوة جيدة لكنها غير كافية لأن الوضع بحاجة ماسة لجسور جوية وبرية وبحرية مستدامة لغزة "وحتى عند توفر ذلك فما نزال مقصرين ولا نقوم إلا بالواجب".

وخلال الأيام الماضية، كان "رفض الجسر البري" العنوان الأبرز للفعاليات في عمّان وباقي المحافظات والذي يغذي الاحتلال بهدف ممارسة ضغط أسماه ناشطون "الجوع بالجوع" لدفع الاحتلال نحو رفع الحصار الخانق على أهالي القطاع والسماح بإدخال المساعدات.

واحتشد مواطنون، الثلاثاء الماضي، أمام وزارة النقل للمطالبة بعدم مد الاحتلال بشاحنات البضائع، ورفعوا لافتات حملت عبارات "الجسر البري خيانة" و"لا لتجويع غزة" كما هتفوا مطالبين بمد جسور مساعدات من الأردن والدول العربية لغزة لا سيما شمال القطاع.

الملتقى الوطني لدعم المقاومة ينشر توثيقاً مصوراً لمسار الشاحنات المشاركة في الجسر البري الذي يمد الاحتلال بالبضائع ما بين مركز العمري الحدودي ومعبر الشيخ حسين.

رصد المسار جرى على خمس جولات وجرى التصوير في الجولة الأخيرة للتوثيق.#أوقفوا_جسر_العار #الجسر_البري_خيانة pic.twitter.com/k36PIDz9YK

— زياد ابحيص (@ZiadIbhais) February 29, 2024

سلسلة بشرية

كما تجمع مئات الشبان بالقرب من السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية منددين بالمجزرة التي وقعت عند دوار النابلسي شمال القطاع أو ما أُطلق عليها "مجزرة جوعى غزة" التي ارتكبها الاحتلال مخلفا أكثر من 100 شهيد ونحو ألف مصاب ممن احتشدوا لتلقي المساعدات.

والخميس، أُقيمت سلسلة بشرية عند ما يقول المشاركون إنه "أحد مسارات الجسر البري" وسط وجود أمني كثيف ومخاوف من تصعيد من قبل المواطنين أو حدوث قطع للطرق، وهو ما تحدّث عنه الإعلام الإسرائيلي أيضا في فعالية مماثلة سابقة.

وتزامنت هذه الفعالية مع نشر "الملتقى الوطني" مقطع فيديو يكشف ما قال إنه "مسار الجسر البري من مركز العمري الحدودي إلى معبر الشيخ حسين" حيث أوضح أن الخرائط والصور التي عرضها نتيجة رصد -لعدة أيّام- لمسار الشاحنات.

وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت -الخميس- استشهاد 13 طفلا بسبب المجاعة وسوء التغذية شمال القطاع. بينما يستمر العدوان الإسرائيلي على هذا القطاع الفلسطيني المحاصر، وتتصاعد الأزمة الإنسانية التي وصلت حد المجاعة وقصف المواطنين خلال تجمعهم لتلقي المساعدات الشحيحة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة

غزة- «عُمان»- بهاء طباسي: في ساعات الليل الأولى من الإثنين، الثاني والعشرين من أبريل 2025، اشتعلت السماء فوق غزة بموجات متلاحقة من القصف، كان الصوت هذه المرة مختلفًا، وكذلك الهدف. لم يكن منزلًا ولا مسجدًا أو حتى مدرسة؛ بل كانت الجرافات والكباشات والآليات الثقيلة هدفًا مباشرًا لصواريخ الاحتلال الإسرائيلي.

غارات تحرق المعدات الثقيلة

«كأنهم يقتلون أذرعنا وأقدامنا»، هكذا وصف محمد الفرا، موظف في بلدية خانيونس، مشهد احتراق كراجه البلدي الذي يحتضن آخر ما تبقى من جرافات. ويضيف لـ«عُمان»، بينما يلف ذراعه المصابة بشاش طبي: «نستخدم هذه الآليات لفتح الطرق، لانتشال الشهداء، لتوصيل المياه، لإزالة الركام.. هم لا يقصفون الآلة، بل يقصفون قدرتنا على التنفس».

في منطقة القرارة شرق خانيونس، استُهدفت جرافات تعود لشركة جورج، كانت تعمل ضمن مشاريع إعادة الترميم في ظل هدنة سابقة سمحت بدخولها. وقد دُمرت بالكامل.

أمّا في جباليا شمال قطاع غزة، فامتدت النيران إلى كراج بلدي آخر، تحوّل إلى رماد بعد أن طالته قذائف الطائرات الإسرائيلية. كان الكراج يضم معدات مصرية أدخلت خلال اتفاقات إنسانية سابقة، لكنها الآن باتت أجزاء محترقة متناثرة.

الدفاع المدني بلا أدوات

«نطفئ النار بصدورنا، ونحفر بأيدينا»، يصرخ أحد أفراد طواقم الدفاع المدني بينما يحاول بصعوبة السيطرة على حريق اشتعل في إحدى الجرافات قرب مجمع السرايا وسط غزة.

يقول الرائد محمد المغير، المسؤول فيرالدفاع المدني في قطاع غزة: «كل المعدات التي نملكها إما أُتلفت أو باتت غير صالحة للاستخدام، نقوم بانتشال الضحايا من تحت أنقاض منازل قُصفت منذ أيام، باستخدام أدوات يدوية».

ويوضح المغير لـ«عُمان»: «الاحتلال يعلم أننا بحاجة لهذه الجرافات لفتح الطرق المغلقة بالركام والنفايات، وللبحث تحت الأنقاض عن أحياء ربما ما زالوا يصارعون الموت. لهذا يستهدفها عمدًا».

ركام فوق الركام

تُظهر الصور الجوية -التي التُقطت فجر اليوم، من طائرات استطلاع غير مأهولة- مساحات واسعة من خانيونس وقد تحولت إلى ساحة فوضى: حفارات محطمة، شاحنات محروقة، وشوارع مملوءة بالركام من جديد بعد أن جُهزت لمرور فرق الإنقاذ.

في شارع الثلاثيني بمدينة غزة، شوهدت نيران مشتعلة تلتهم أرضًا زراعية كانت تأوي ثلاث جرافات، كانت تعمل على توسعة ممر طارئ لوصول المساعدات. الآن، تحولت الأرض إلى مقبرة للأمل.

تقول منى سكيك، وهي مهندسة بقسم الطوارئ في بلدية غزة خلال حديثها لـ«عُمان»: «في كل مرة نعيد ترتيب ركامنا، يأتي الاحتلال ليبعثره من جديد»،

وتشير إلى صور كانت قد التقطتها لجرافة بلون أصفر فاقع قبل أن تُقصف بساعات: «كان زميلنا هاني يقول إن هذه الجرافة ستُسهم في إنقاذ حياة مئات الأشخاص. لم يعلم أنها ستُدمر بهذه الطريقة، كي لا ننقذ أحدًا».

سياسة الأرض الميتة

ما يحدث لا يبدو عشوائيًا، بل هو تنفيذ دقيق لسياسة إسرائيلية قديمة متجددة، تهدف إلى تدمير أي مقومات لحياة مدنية. يقول الدكتور نائل شعث، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة: «الاحتلال لا يكتفي بقتل الناس، بل يقتل القدرة على الترميم والبقاء».

ويضيف لـ«عُمان»: «استهداف الجرافات جزء من سياسة الأرض المحروقة، التي تهدف إلى إفراغ المناطق من السكان، ومنع العودة إليها، عبر نسف كل أدوات الحياة فيها. إذا استمرت هذه الحملة أسبوعًا آخر، سنشهد تكرارًا لنموذج شمال القطاع: تدمير كامل وتفريغ سكاني».

هذا الرأي يوافقه المحلل العسكري الفلسطيني عبد الحكيم عبد العال، الذي قال في اتصال هاتفي لـ«عُمان»: «استهداف الجرافات يهدف للسعي لإفقاد قطاع غزة القدرة على فتح الشوارع المغلقة بالركام والنفايات، والبحث تحت الأنقاض وما إلى ذلك، وبالتالي رفع حاجة القطاع لتفاهمات تسمح بإدخال معدات جديدة».

غزة تقاوم بيديها

في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة، اجتمع عشرات الشبان بعد الفجر، بعضهم يحمل معاول، وآخرون يحملون أكياس رمل. لا جرافات ولا شاحنات. فقط سواعد نحيلة تقاوم جبلًا من الحطام.

يقول وسام الشريف لـ«عُمان»، وهو متطوع في إحدى مجموعات الطوارئ: «كلما أُبيدت آلية، يظهر عشرة شبان يعوضونها بأجسادهم. الاحتلال يحاول تحطيمنا نفسيًا، لكنه لا يعرف أننا نحن من نصنع الجرافة».

في شارع عمر المختار، سار طابور من الأطفال وهم يحملون أوعية مياه صغيرة يملؤون بها حفرًا غمرها الغبار، في محاولة بائسة لجعل الطريق سالكًا.

وفي مستشفى الشفاء، روت الطبيبة أميرة أبو جامع كيف اضطروا لنقل جرحى في عربات يدوية بعد أن استُهدفت شاحنة الإسعاف الخاصة بهم. تقول لـ«عُمان»: «حتى الحركة لإنقاذ الناس أصبحت عذابًا، وكل ما نملكه هو الصبر».

كراجات الموت المؤجل

تشير الإحصائيات الأولية الصادرة عن وزارة الأشغال العامة بغزة إلى أن أكثر من 40 آلية ثقيلة تم تدميرها خلال ليلة واحدة فقط. وشملت الغارات كراجات البلديات في جباليا، وخانيونس، ومدينة غزة، إضافة إلى معدات شركات خاصة مصرية كانت تعمل على إعادة فتح الشوارع بعد الهدنة.

وقد أكد الرائد محمود بصل، مدير الدفاع المدني في غزة، في تصريح لـ«عُمان»: «إننا أمام نكسة كبيرة في قدراتنا التشغيلية، ونحتاج بشكل عاجل إلى دخول معدات بديلة. الاحتلال يدرك أن هذه المعدات لا تُستخدم في الحرب، بل في ترميم آثارها، ومع ذلك يستهدفها بمنهجية».

في جباليا، قال سامر النجار، عامل سابق في كراج البلدية: «كنت أنام في الكراج بجوار الجرافة التي أعمل عليها، واليوم أراها مدمرة، وكأنني فقدت جزءًا من جسدي».

تصعيد غير مسبوق

جنوبًا، وتحديدًا في مناطق قيزان رشوان وقيزان النجار بخان يونس، سُجّلت انفجارات متتالية بفارق زمني لا يتجاوز أربع ثوانٍ، هزّت الأرض وأطلقت سحبًا كثيفة من الدخان.

«هذه الانفجارات لم أشهدها منذ بداية الحرب» يقول أيمن النجار من سكان المنطقة لـ«عُمان»: «كانت الأرض ترتجف كأن زلزالًا يضربنا. ثم رأينا النيران تبتلع كل شيء».

وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن سقوط 17 شهيدًا بينهم خمسة أطفال، جراء هذه الغارات المكثفة التي لم تبقِ مكانًا آمنًا جنوب القطاع.

رسالة الاحتلال: لا ترميم

يرى مراقبون أن الرسالة واضحة: لا ترميم، لا إعادة إعمار، لا حياة. فالاحتلال لا يكتفي بالقتل، بل يستهدف أدوات النجاة.

وقال الناشط الحقوقي علاء الديري: «استهداف الجرافات انتهاك مزدوج، لأنه يحرم الجرحى من الوصول للمستشفيات، ويمنع إخراج جثامين الشهداء من تحت الأنقاض، وهو أمر تجرّمه اتفاقيات جنيف».

وأضاف لـ«عُمان»: «نحن أمام جريمة مركبة، لا تستهدف المدنيين فقط، بل تستهدف قدرتهم على التعامل مع المأساة».

مقالات مشابهة

  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • سيئون تهتف لغزة: وقفة شعبية حاشدة ترفض العدوان وتؤكد دعم القضية الفلسطينية
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • حاصروا السفارات.. دعوات للتظاهر نصرة لغزة وللضغط على واشنطن
  • أم بلال تستذكر ابنها الذي أخفته دبابة الاحتلال بمخيم المغازي
  • هل تفلح الضغوط الدولية على إسرائيل في إدخال المساعدات لغزة؟
  • استمرار فتح ميناء رفح البري لليوم الـ37 على التوالي
  • الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدرسة يافا التي تؤوي نازحين بحي التفاح
  • دول أوروبا الكبرى تدعو الاحتلال للسماح بدخول المساعدات فورًا لغزة
  • وزيران إسرائيليان يرفضان إدخال المساعدات لغزة ويطالبان باحتلال القطاع