أكثر من ٦٠٠ ألف طن من المواد الغذائية والمساعدات، تتكدس عالقةً في الجانب المصري من معبر رفح، في الوقت الذي يموت فيه أطفال غزة ونساؤها ومُسنُّوها وعُجَّزها وعُزَّلُها جوعا بعد استنفاد كلِّ ما لجأ أبناءُ القطاع المحاصر إلى أكله وإطعام أطفالهم منه وهو غير صالح للاستخدام الآدمي بما فيه علفُ الحيوانات .
نعم ،في ظل هذا الواقع الفجائعي الذي يُسحق فيه مليونان ونصف من ذوي قُربانا ورحِمنا وإنسانيتنا في غزة بآلة الموت الصهيوني الأمريكي الضارية، قصفا وتجويعا، بحصيلة بلغت اليوم وفي شهرها الخامس أكثر من مائة ألف شهيد ومصاب.
في ظل هذا الواقع يصر الجار العربي المسلم الأقرب على «تقطير» دخول تلك الكميات من المساعدات المنقذة للحياة والمكدسة في مخازنه على بُعد أمتار من مئات آلاف الجوعى المنتظِرين تَمنُّنَ هذا الجارِ بإدخالها، والذي يتحجج في موقفه المستهجَن بأنه لا يستطيع السماح بإدخالها بشكل سلس وطبيعي إلا بالتنسيق مع الجانب «الإسرائيلي» أي مع القاتل الذي يُفترض أنه لا شأن له على الإطلاق في إجراءٍ هو من صميم الشؤون السيادية لهذه الدولة ذات السيادة .
غير بعيد وفي الجهة الأخرى يقوم النظام «العُكازي» الآخر بمسرحية إسقاط «مساعداته» البائسة جوا بتنسيق واضح مع العدو وبشكل فائق الغباء المتذاكي! ضاعف أوجاع أهل غزة بوجع أشد في كرامتهم، وكلُّ ذلك لتبييض صفحته الملطخة بالخيانة، فكان كمن أراد أن يكحلها فأعماها!
طبعا بقدرٍ صعبِ الاحتمال من المرارة الشديدة نلحظ أمرا كهذا، واضعين إياه برسم الضمير والوعي والغِيرة لدى إخواننا في البلد الكبير .
وفي الوقت ذاته نجد صعوبة في تجاهل ما يشهده ويحفل به السياق من مواقفَ وتموضعاتٍ أنكى وأشدَّ في إخزائها ومَعَابتها الفائقة، وتضع أصحابها من عرب التتبيع و»التطبيع» والإنبطاح في صف العدو القاتل السفاح؛ وهذا ما نراه في «المتفضلين» على هذا العدو بالجسر البري لتعويض ما يناله من مفاعيل الحصار البحري اليمني.
هؤلاء الذين ذهبت نخوتهم ونجدتهم في الاتجاه العكسي تماما لبوصلة الدين والعروبة والإنسانية.. وللأسف باتوا مفلسين تماما من أي انتماء حقيقي أصيل لهذه المفاهيم والقيم الأساسية.
لقد اختلط زيتُهم بمائهم وتقاربت جهاتُ جغرافيا زيفهم وزيغهم إلى حد التماهي والتداخل والوصول إلى لوحة سريالية فوضوية بات هذا هو منتجَها من مفاهيم الجنون والخلط والتخبيص الشيطاني : الفسوق المؤمن، العهر الطاهر، الكذب الصادق، الخيانة الأمينة، القتل المساعد للمقتول، الفجور المباح، البار/الديسكو الحلال…وهلم جرا!!
هذه هي المفاهيم «المخضرية» في ظل «الإسلام» الأمريكي التلمودي المعرَّبِ المُسَعْودِ الجديد، بعد أن انتهت صلاحية نسخته الوهابية القديمة.
يهودة وصهينة تحاول نسفَ ليس فقط دينَ الله وإسلامَ محمد بن عبدالله والقرآن، بل أيضا العقلِ والمنطقِ واللغات والمعاني والمفاهيمِ والحقائق.. بهدف السطو على الوجود البشري، بكل مقدراته، من خلال هذه الفوضى التخريبية الشيطانية الهدامة(الخلاقةِ بالمفهوم الأمريكي!)،التي يجري إغراق عالمنا المستهدف فيها.
هذا هو التضليل الأكثرُ وقاحةً والكذبُ الأكثر فضاضةً وفجاجة، الكذبُ الذي اخترع له الشيطان الأمريكي اليهودي تسمية «الحقائق البديلة» لتسويغه وتمريره.. وبموجبه يُعاد تعريفُ الأشياء والمفاهيم، بما يخدم صُنَّاعه المجرمين ويساعدهم في السيطرة التامة على شعوب العالم وتحويلها إلى قطعان من العبيد الذين لا يملكون من أمرهم شيئا.. فهل يتنبه عالَمُنا للخطر الماحق الذي يتهدده؟
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عربي الأصل.. قصة عبد النور الذي غير حياة زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ
"تعلمت منه كل ما أعرفه عن الخدمة العامة"، هكذا يتفاخر جون ثون، الزعيم الجديد للجمهورين في مجلس الشيوخ بعلاقته بالسياسي الأميركي الراحل جيم عبد النور المنحدر من أبوين لبنانيين مهاجرين.
ويحيي السيناتور ثون، الذي اُنتخب، الأربعاء، لمنصب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ للعامين المقبلين خلفا ميتش ماكونيل، ذكرى وفاة عبد النور سنويا (توفي في مايو عام 2012) ويشيد بالمنجزات التي حققها لولاية ساوث داكوتا خلال عمله بالكونغرس.
Happy birthday, @SenJohnThune! #TBT to the 80’s with current Sen. Thune and former Sen. Jim Abdnor of S.D. pic.twitter.com/fdVcYy5HGy
— Senate Republicans (@SenateGOP) January 7, 2016وقال ثون في بيان نشر على موقعه الإلكتروني "جيم عبد النور معروف باسم (سيناتور الشعب)، مثّل جيم قيم ولاية ساوث داكوتا في واشنطن لمدة تقرب من عقدين"، لافتا إلى أن الراحل عرف عنه "نكران الذات، حيث ألهم الناس من حوله ليكونوا أفضل. لقد تعلمت منه معظم ما أعرفه عن الخدمة العامة".
.@SenJohnThune's Weekly Column: A Tribute to "the People's Senator," Jim Abdnor
"Many of us have someone in our life who challenged us to think bigger, to consider our purpose, and to live for others. Jim Abdnor was that person for me..."https://t.co/4Hjd8q3r9T
واستعاد ثون في بيان آخر ذكريات بدايات صداقته بالسيناتور الراحل، مشيرا إلى أن هذه العلاقة بدأت في مباراة كرة سلة خلال سنوات دراسته الثانوية. ففي تلك المباراة، كان عبد النور، الذي كان حينها نائبا عن ولاية ساوث داكوتا حاضرا بين المتفرجين.
وخلال المباراة، نجح ثون في تسديد خمس رميات حرة من أصل ست. وبعد نهاية اللقاء اقترب منه عبد النور وقال له مازحا: "لاحظت أنك أخفقت في تسديد واحدة". ويقول ثون إن هذه المحادثة هي التي مهدت لصداقة دامت لسنوات بين الرجلين بل وكانت السبب في دخوله السياسة.
فمن يكون جيم عبد النور؟ولد إليس جيمس عبد النور، ببلدية كينبيك بولاية ساوث داكوتا (الغرب الأوسط) في الـ13 من فبراير عام 1923، لأبوين لبنانيين مهاجرين هما صمويل عبد النور وماري وهبي.
ترعرع جيم في كنف أسرة متوسطة الحال، حيث كان والده بائعا متجولا قبل أن ينجح في سنوات لاحقة في امتلاك متجر خاص به.
لم تتطرق المصادر التاريخية التي تناولت مسيرة هذا السياسي لطفولته، واكتفت بالإشارة بالتفصيل إلى ما بعد حصوله على الثانوية العامة.
غادر الشاب بلدته وولايته وشد الرحال إلى ولاية نبراسكا في بداية أربعينيات القرن الماضي، واضطر إلى التوقف عن الدراسة بسبب مشاركته في الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1945، تخرج عبد النور من الجامعة بدرجة البكالوريوس في إدارة الأعمال.
وبعد تخرجه عمل الشاب مدرسا في مدرسة ثانوية في ريف ساوث داكوتا، واشتغل بالموازاة مع وظيفته مزارعا ومربيا للماشية في مزرعة بلغت مساحتها 4 آلاف فدان.
وخلال تلك المرحلة من حياته، تأثر عبد النور بحال الفلاحين والكادحين في ولايته، ودأب على حضور الاجتماعات التي تتطرق إلى حاضر ومستقبل ساوث داكوتا.
قاده هذا الحماس السياسي في بداية الخمسينيات إلى التعرف على جورج ماكجفرن، وهو سياسي جمهوري كُلف من حزبه بإعادة بناء قواعد الجمهوريين في ولاية ساوث داكوتا بعد الحرب العالمية الثانية.
أعجب ماكجفرن بنشاط عبد النور وسانده لشغل منصب رئيس منظمة الجمهوريين الشباب في ولايته.
وفي عام 1956، انتخب عبد النور عضوا في مجلس شيوخ الولاية، ثم انتخب في عام 1968 نائبا لحاكمها.
لكن طموح هذا السياسي المنحدر من أصول لبنانية كان أبعد من ذلك، إذ كان يطمح لتمثيل ولايته في العاصمة واشنطن.
مثل عبد النور ولاية ساوث داكوتا بمجلس النواب خلال الفترة الممتدة بين عامي 1973 و1981. كما مثل ابتداء من عام 1980 ولايته أيضا بمجلس الشيوخ وبقي في المنصب إلى حدود يناير عام 1987.
يعد عبد النور ثاني عضو من أصول لبنانية بمجلس الشيوخ الأميركي بعد جيمس أبو رزق، الذي مثل أيضا ولاية داكوتا الجنوبية بالمؤسسة التشريعية.
وبعد انتهاء ولايته، عينه الرئيس رونالد ريغن مديرا لإدارة الأعمال الصغيرة الفيدرالية.
وفي عام 2012، أعلن عن وفاة جيمس عبد النور بسيوكس فولز بولاية ساوث داكوتا عن عمر ناهز 89 عاما.