جبهة الجنوب تحتدم واسرائيل تسعى لفصل الساحات
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
بقيت المواجهات في الجنوب بين اسرائيل وحزب الله، في واجهة الاهتمام، بصرف النظر عن المسار التفاوضي في ما خص "هدنة غزة"سواء تقدم هذا المسار أو تراجع أو تعثّر.
ولم يتبدل المنحى التصعيدي اذ تواصلت الغارات الإسرائيلية مقترنة بقصف مدفعي كثيف على العديد من المناطق الحدودية.
وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ «الديار» ان «اسرائيل» لا تريد لفكرة وحدة الساحات التي اطلقها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أن تنجح، لذلك هي تقول لكل سائليها إنّ الهدنة في غزة إنْ حصلت لن تنعكس على لبنان، فلكل جبهة معركتها وخصوصيتها.
لذلك تبلغ لبنان من موفدين دوليين زاروه خلال الأسبوعين الماضيين أن إسرائيل تريد فصل لبنان عن غزة، وهذا ما يُقلق الأميركيين وجعلهم يتحدثون مؤخراً عن نيات إسرائيلية بالهجوم على لبنان مع نهاية فصل الربيع أو مع بداية فصل الصيف.
وكتبت" البناء": سجلت الجبهة الجنوبية أمس، تراجعاً في حدة العمليات العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بموازاة استمرار حملة تهويل تقودها جهات سياسية وإعلامية أميركية – أوروبية – عربية ومحلية، تسوّق لحرب إسرائيلية واسعة مقبلة على لبنان ستفرض تطبيق القرار 1701 وإبعاد حزب الله عن الحدود وتهجير أهل الجنوب بالقوة العسكرية، ويجري وضع زمن لهذه الحرب بين مطلع الربيع وبداية الصيف المقبل.
ووضعت جهات سياسيّة في فريق المقاومة هذه الحملة في إطار الحرب النفسيّة والضغط على حزب الله وبيئته الشعبية الحاضنة لدفعه للرضوخ للتفاوض على ترتيبات على الحدود تضمن أمن «إسرائيل» وفصل الجبهة الجنوبية عن جبهة غزة، لا سيما أن أزمة المهجرين من المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل حكومة الحرب الإسرائيلية وعلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ولم يدفع العدوان الهمجي على الجنوب في دفع الحزب للتراجع ووقف جبهة الإسناد، كما لا يستطيع الذهاب الى حرب واسعة وشاملة لا جوية ولا برية على لبنان بسبب قوة الردع التي تفرضها المقاومة وغرق جيش الاحتلال في مستنقع غزة والخطر الداهم في الضفة الغربية، فلذلك لم يبق أمام العدو سوى تفعيل وتزخيم الضغوط الدبلوماسية الأميركية والأوروبية والعربية على الحكومة اللبنانية مرفقة بالتهديدات اليوميّة بحرب مدمرة على لبنان.
وتوالت الرسائل الغربية للحكومة اللبنانية ونقل دبلوماسيون أوروبيون إلى الحكومة اللبنانية خلال اليومين الماضيين وفق معلومات «البناء» تحذيرات من تصعيد إسرائيلي كبير فور التوصل الى هدنة في غزة. ووجّهوا نصائح بأن يسارع لبنان للتحصن بالشرعية الدولية من خلال تطبيق القرارات الدولية لا سيما الـ1701 ووقف العمليات العسكرية لسحب الذرائع من إسرائيل من شنّ عدوان على لبنان عندما تسنح لها الظروف. إلا أن الموقف الرسمي وفق المعلومات لم يتغيّر عن الردود السابقة على كل الرسائل الخارجية، بالتمسّك بحق لبنان باستعادة أراضيه المحتلة وانسحاب إسرائيل منها من دون قيد أو شرط، وفق القرارات الدولية، وعدم التفريط بحق لبنان ومقاومته بالدفاع عن لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية اليومية.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
فلترق كل الدماء ولكن من المستفيد؟
عمر البشاري
بالبسابير البارحة أعلن برهان بألا تفاوض إلا باستسلام الدعم السريع… ولا عودة لجدة وأن الفاشر وشندي واحد في حساباته…
في ذات الوقت كان البراؤون وهم كتائب الإسلاميين في مكان ما من امدرمان يحتفلون ويتغنون بأهازيج تردد ضرورة القتال في دار فور وتحرير الفاشر.. ولسان حالهم يقول فلترق كل الدماء..حتي نعود للسلطة ونعد للدين مجده…
وفي ذات الليلة نشرت سودان تربيون مقابلة مع مناوي يظهر فيها امتعاطا من التعديلات في الوثيقة الدستورية التي اجراها برهان مؤخرا ويعترض على أي حكومة تنشأ عنها ويصفها بأنها ستكون مهيضة الجناح لأن الأولوية الآن للحرب وليس الحكم…
قراءة هذا المشهد توحي لك بأنه مكرر وسبق وأن عشناه في حرب الجنوب فماذا كانت النتيجة ؟
إذا كنا نعتبر بالتاريخ بعد سنوات الهوس الديني التي بذل فيها الإسلاميون في الجنوب دمائهم شلالات وانهار بتنظير من الشيخ الترابي وبتحريض من العقيد يونس محمود الذي يقوم بدوره الانصرافي اليوم وساحات الفداء وخزعبلات اسحق أحمد فضل الله حول الغزلان وريحة المسك التي تسد ميديا البلابسة فراغها الآن…ثم انتهى كل ذلك بالمفاصلة الشهيرة واستنكار الترابي لكل تلك الفظاعات التي تمت باسم الدين الى درجة وصف شهداء الأمس بفطائس اليوم كما شاع وانتهي كل ذلك بنيفاشا وحق تقرير المصير وانفصال الجنوب ونحر الطيب مصطفى للثيران السود ابتهاجا بفصل الجنوب واعتلى البشير المنبر في كادقلي ليعلن للناس في العالم أن ( زمن الشريعة المدغمسة قد ولى وجاء عهد التطبيق الصريح للدين…)
وكأني اري كل تلك الصور تمر ببطء امام ناظري لتكرر نفسها مرة أخرى في مقبل الأيام…وقد كان البشير هو بطل الرواية السابقة والمستفيد منها بتمديد سنوات حكمه الى عدد ناهز العشرة بعد فصل الجنوب في ٢٠١١ الى أن تهاوى تحت ثقل تناقضاته الداخلية وفقدان بترول الجنوب وضغط الكفاح المسلح والغضب الشعبي في ديسمبر، ٢٠١٩ .
ولكن السؤال هو من المستفيد من اعادة المأساة الملهاة هذه المرة ومن الذي يحرك مسرح العرائس ممسكا بخيوطها…ويتحكم في المشهد المنظور ؟
كالعادة المستفيدة هي قيادة الجيش وتحديدا الجنرال برهان فمحرقة دارفور /كردفان الوشيكة ستريحه من اثنين من ألد خصومه واخطرهما على مستقبله السياسي السلطوي هما الإسلاميين والمشتركة الإثنين معا بضربة حجر واحد… فليذهبوا إلى جحيمها إن حرروها فله الفضل والمنة وإن هلكلوا وانكسرت شوكتهم فهو الرابح… وذلك أقصى أحلامه…
والغالب أن يتواطأ على هلاكهم لا يتوانى لسببين:-
الأول أن يتخلص من حرج التيار الشعبوي المتصاعد فكريا بقيادة النهر والبحر وبتنظير سخي من عمسيب وله مشايعوه وعسكريا عبر درع البطانة وكيكل والداعي للتخلص من دارفور ومن سكان الكنابي والمشتركة في الجزيرة… وهما المكافئ الموضوعي لتيار الانتباه ومنبر السلام العادل بقيادة الطيب مصطفى سياسيا وعبدالرحيم حمدي صاحب المثلث المعلوم اقتصاديا في النسخة الفائتة من الإنقاذ
والثاني أن ذلك يقع في نطاق تعزيز الطموح السلطوي لبرهان كديكتاتور عسكري همه الأكبر التخلص من خصومه السياسيين والعسكريين خصوصا أولئك الذين لهم عليه افضال في إنقاذ الجيش وسلطانه من التهديد الوشيك والخطر الذي مثله تمرد الدعم السريع…عبر ما اصطلح على تسميته بحرب الكرامة والطغاة لا يحبون من يشعرون تجاهه بالفضل والامتنان.
وعليه السيناريو المتوقع لهذه الحرب أن تستمر وبما أنه لم يكن هناك من سابقة في تاريخنا المعاصر بأن تمكنت الحكومة من قمع تمرد وانهائه بالعنف ولا العكس أي أن نجح تمرد في اقتلاع حكومة وتنصيب نفسه مكانها فمن المتوقع أن تنتهي باتفاق يفصل كردفان ودارفور…هذا إذا أخذنا في الاعتبار أن ميثاق نيروبي ودستوره قد شرعن ذلك عبر حق تقرير المصير وذلك بعد أن يكون البرهان قد استخدم الحرب كمحرقة لإبعاد أو على الأقل أضعاف خصومه السياسيين والعساكر ..لينفرد بالسلطة ولو الى حين كما فعل نظيره البشير في الانقاذ الأولي ..فها هو التاريخ يعيد نفسه والأحداث والظروف تتكرر لتجعله يكرر سلوك البشير وإذا الأخير هو الرابح الاكبر من اراقة كل الدماء في الانقاذ الأولى فما الذي يمنع البرهان بأن يكون هو الرابح الأكبر من ذلك في الانقاذ بنسختها الثانية التي يقود سفينتها اليوم ؟
أرى ألا مانع لديه مع استمرار وجود قوى سياسية وعسكرية بدرجة من الغباء الفكري والروحي والأخلاقي يجعلها مستعدة لتنفيذ ارادته عبر الاستمرار في الحرب ولو قادت إلى وضع نهايتها بأيديها…لتمزق الوطن وتجلس على اشلائه تندب حظها أو قل سوء تقديرها وفساد منطقها وقلة حيلتها وهوان أمرها على نفسها والناس.
عمر البشاري.