رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: وسائل التواصل الاجتماعي والصحفيون يفضحون الفظائع في غزة
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
هذا المقال بقلم البروفيسور جيفري ساكس من جامعة كولومبيا وسيبيل فارس مستشارته لشؤون الشرق الأوسط، والآراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظر الكاتبين ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
إن العالم ليس غافلاً عن عنف إسرائيل وازدواجيتها. على الرغم من الجهود التي يبذلها القادة السياسيون الإسرائيليون لإخفاء حقائق الأحداث في غزة -التي وصلت إلى حد اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية - إلا الحقائق يتم كشفها عبر الصحفيين والمدنيين الشجعان على وسائل التواصل الاجتماعي.
إن البحث عن الحقيقة لا يخلو من المخاطر. استهداف إسرائيل المنهجي للصحفيين يسلط الضوء على المدى الذي ذهبت إليه لقمع الحقيقة. وحتى الآن، قُتل 83 صحفيًا فلسطينيًا و3 صحافيين لبنانيين، بحسب "لجنة حماية الصحفيين" الدولية التي أكدت أن الصحفيين الذين يغطون الحرب يواجهون تحديات لا مثيل لها مثل الاعتقالات التعسفية، وقتل عائلاتهم، وغيرها من الاعتداءات. وللسيطرة على سردية الوقائع، عرقلت إسرائيل دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة، ودمرت مباني وسائل الإعلام وحجبت الإنترنت. وفي ضوء هذا التعتيم الإعلامي الفعلي، تصل اللقطات من غزة إلى العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والناشطين على الأرض، والمدنيين أنفسهم.
ولذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل مصدرًا حيويا لكشف الواقع المرير في غزة. ويوثق المدنيون في غزة ما ترتكبه إسرائيل. من أكثر الفيديوهات التي تؤلم القلب: لقطات حية لطبيب يُجبر على بتر ساق ابنة أخيه دون تخدير، مقتل مدني آخر وهو يلوح بالراية البيضاء، واستهداف سيارة مدنية وسط مخيم للاجئين، ونقل الأطفال إلى المستشفى بعد القصف.
وقد شاهدنا أيضًا مقاطع فيديو من الجيش الإسرائيلي تفاخر بما يرتكبه في غزة من أفعال وصفتها الأمم المتحدة بأنها "ترقى إلى جرائم حرب"، فيسجل الجنود أنفسهم وهم يدمرون الأحياء السكنية وينهبون المنازل. وقد أصبح هذا السلوك صارخا إلى حد أن كبير المحامين في الجيش الإسرائيلي اعترف بأن سلوك الجنود يصل إلى حد الإجرام.
يعد هذا السلوك جزءًا من أجندة أكبر لليمين المتطرف الإسرائيلي، حيث ينادي الوزراء بالكراهية والتطهير العرقي أمام اتباعهم.
ولذلك فمن السهل أن نعزو نية الإبادة الجماعية إلى أمثال القادة السياسيين الإسرائيليين مثل بن غفير وسموتريتش. وفي الواقع، فإن نية الإبادة الجماعية مكرسة بشكل منهجي في برامج الأحزاب السياسية مثل عوتسما يهوديت، الذي قال في بيان إنه "سيتم تعريف دولة إسرائيل على أنها دولة يهودية من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن. سيتم تطبيق السيادة في يهودا والسامرة؛ والأماكن المقدسة والتاريخية، وعلى رأسها جبل الهيكل، ستعاد إلى أصحابها اليهود".
ويتناغم حزب الليكود مع منهج عوتسما يهوديت، إذ انضم حزب الليكود بزعامة نتنياهو إلى حزب عوتسما يهوديت في إطار حملة الانتخابات البلدية المقبلة في تل أبيب.
ولم تتخذ إسرائيل أي خطوات ملموسة للالتزام بحكم محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير/كانون الثاني والذي يطالب إسرائيل بالالتزام باتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. وبدلاً من ذلك، تعمل إسرائيل على تحويل نفسها إلى دولة خارجة عن القانون على مستوى العالم تدعمها الولايات المتحدة فقط. ويبقى سلوك إسرائيل عنيفًا كما كان قبل صدور حكم محكمة العدل الدولية. ولا تزال غزة منهكة بالدمار. وقتلت إسرائيل أكثر من 29 ألف فلسطيني، 70% منهم من النساء والأطفال، مع حوالي 69 ألف جريح والآلاف من المفقودين تحت الأنقاض.
تعتبر رفح أحدث ساحة معركة حيث أصبح أكثر من نصف سكان غزة الآن مكتظين في أقل من 20% من الأراضي بسبب القصف العشوائي للسكان المدنيين والبنية التحتية. ويحذر مسؤول الإغاثة التابع للأمم المتحدة من أن العملية العسكرية يمكن أن تؤدي إلى "مذبحة" وأن "أكثر من مليون شخص - محشورون في رفح، يواجهون الموت... ليس لديهم سوى القليل من الطعام، وبالكاد يمكنهم الحصول على الرعاية الطبية، ولا مكان آمن للجوء إليه".
وفقاً لتقرير صادر عن برنامج الغذاء العالمي واليونيسف في 19 فبراير، يعاني طفل واحد من بين كل 6 أطفال تحت سن الثانية من سوء التغذية الحاد، ويتناول 64% من الأسر وجبة واحدة فقط في اليوم. وقبل أسبوعين، وثقت منظمة العفو الدولية أدلة على مقتل ما لا يقل عن 95 مدنياً، نصفهم تقريباً من الأطفال، في أربع ضربات غير مشروعة. قائمة الجرائم تطول وتطول. وبالإضافة إلى استهداف المدنيين، دمرت إسرائيل المنظمات الدولية، وآخرها وكالة التنمية البلجيكية. وألحقت أضرارًا بأكبر ملجأ للأونروا في المنطقة الجنوبية في خان يونس.
واستهدفت إسرائيل العاملين في مجال الرعاية الصحية وسيارات الإسعاف، وكان آخرها الهجوم على الهلال الأحمر الفلسطيني. فبموجب القانون الإنساني الدولي، يجب حماية المستشفيات وسيارات الإسعاف والعاملين الصحيين أثناء الحرب. وفي غزة، يُقتل العاملون الصحيون على أعتاب مستشفى الأمل. في 18 فبراير، أعلن رئيس منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن مستشفى ناصر، وهو المستشفى الرئيسي الأخير في غزة، قد أصبح خارج الخدمة بسبب الغارات الإسرائيلية المستمرة. واليوم، لا يوجد مستشفى واحد يعمل بكامل طاقته في غزة، ومع اقتراب الهجوم البري على رفح، يُترك الفلسطينيون لمواجهة مستقبل مؤلم وغير إنساني.
لقد حان الوقت لإنهاء دوامة العنف، وبناء عالم يعيش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون جنباً إلى جنب في سلام. وهذا الأفق السياسي ممكن. إن حل الدولتين، كما يدعو إليه القانون الدولي وكل دولة في العالم تقريبًا باستثناء إسرائيل، يمكن أن يحقق السلام.
لقد حان الوقت لكي يفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة حل الدولتين من خلال الاعتراف بفلسطين باعتبارها الدولة العضو رقم 194 في الأمم المتحدة، بحدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ويبدو أن هذا هو خوف نتنياهو الحقيقي، من أن تقوم الأمم المتحدة أخيراً بفرض سيادة القانون الدولي وتنفيذ حل الدولتين الذي يدعو إليه العالم أجمع.
وبانضمامها إلى الأمم المتحدة، تلتزم فلسطين، وفقاً للمادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة، بأن تكون "دولة محبة للسلام"، وهو المعيار الذي ينبغي أن تلتزم به إسرائيل أيضاً. ولتنفيذ التسوية، على الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية والدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة أن تتخذ جميع الخطوات العملية تحت رعاية مجلس الأمن - حفظ ومراقبة السلام، فرض العقوبات اللازمة لحفظ السلام، ونزع سلاح المجموعات المسلحة، وتمويل إعادة الإعمار والتنمية – لتحقيق الأمن المتبادل للإسرائيليين والفلسطينيين.
نبذة مختصرة عن الكاتبين:
جيفري د. ساكس هو أستاذ جامعي ومدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، حيث أدار معهد الأرض من عام 2002 حتى عام 2016. وهو رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة ومفوض لجنة النطاق العريض للتنمية التابعة للأمم المتحدة. وكان مستشارًا خاصًا لثلاثة أمناء عامين للأمم المتحدة، ويعمل حاليًا كمدافع عن أهداف التنمية المستدامة تحت إشراف الأمين العام أنطونيو غوتيريش. أمضى أكثر من عشرين عامًا كأستاذ في جامعة هارفارد، حيث حصل على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
سيبيل فارس تعمل كمستشارة للبروفيسور جيفري ساكس للشؤون الحكومية والسياسة العامة في الشرق الأوسط وإفريقيا. حصلت على درجة الماجستير في الإدارة العامة من كلية هارفارد كينيدي وبكالوريوس الآداب في الرياضيات من جامعة كولومبيا. خلال دراستها في جامعة هارفرد، كانت سيبيل زميلة أبحاث في مركز القيادة العامة وتعاونت كباحثة مع مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية.
نشر السبت، 02 مارس / آذار 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی للأمم المتحدة الأمم المتحدة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
غوتيريش يدعو لإصلاح مجلس الأمن لتعزيز الحوكمة الدولية
قال أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، إن العالم يواجه عجزًا عالميًا في الحوكمة والثقة، داعيا المجتمع الدولي إلى ضرورة السعي بعزم لإصلاح مجلس الأمن الدولي من أجل تعزيز الحوكة الدولية.
وجاء ذلك خلال كلمته أمام الجلسة الخاصة التي عقدت بشأن إصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية، وذلك ضمن فعاليات قمة مجموعة العشرين، المنعقدة في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل، مشددا خلالها على الحاجة الماسة إلى الحلول العالمية المتجذرة في مـيثاق الأمم المتحدة.
ولفت الأمين العام للأمم المتحدة، إلى أن الأمم المتحدة باتت لا تواكب التطورات العالمية، وفقا لما جاء في ميثاق المستقبل المتفق عليه في قمة الأمم المتحدة للمستقبل لتعزيز التعددية والحوكمة العالمية".
وحذر الأمين العام، من أن استمرار الحروب، يدفع بالأبرياء لسداد ثمنا باهظا، في وقت بات فيه مجلس الأمن غير قادرا على إيقافها.
وشدد على أن السلام في كل مكان حول العالم يتطلب اتخاذ إجراءات تستند إلى قيم ميثاق الأمم المتحدة، وسيادة القانون، وقرارات الأمم المتحدة ومبادئ السيادة والاستقلال السياسي والسلامة الإقليمية للدول.
ولفت أن العالم يتطلع إلى مجموعة العشرين بصفتهم أكبر اقتصادات العالم، للعمل على تنفيذ التزامات ميثاق المستقبل لتسريع إصلاح البنية المالية الدولية التي أصبحت عتيقة وغير عادلة.
وشدد الأمين العام على ضرورة مواصلة المجتمع الدولي عمله لدعم الإصلاحات الضرورية للحوكمة العالمية، بوصفها ضرورية للغاية لإعادة بناء الثقة في عالم اليوم.