حمدان بن زايد: الإمارات ترسخ مكانتها العالمية في قطاع الطاقة النظيفة
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
أبوظبي (وام)
أخبار ذات صلةأعرب سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، عن فخره بالكفاءات الإماراتية التي تقود البرنامج النووي السلمي الإماراتي، وجهودها المتميزة في تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة التي نقلت دولة الإمارات العربية المتحدة من مرحلة تطوير الطاقة النووية وتسخيرها، لضمان أمن الطاقة وتحقيق الاستدامة، إلى مرحلة تولي دور محوري في هذا القطاع على الصعيد الدولي، والإسهام بفاعلية في الجهود العالمية التي تهدف إلى تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وقال سموّه، بمناسبة بدء العمليات التشغيلية في المحطة الرابعة من محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي: إنَّ الإنجازات التي تتوالى في قطاع الطاقة النووية في الدولة، ضمن جدول زمني قياسي، تضيف الكثير إلى مسيرة التقدُّم العلمي والنهضة الحضارية التي تشهدها الدولة بفضل الرؤية الاستراتيجية الشاملة للقيادة الرشيدة، التي تشمل ضمان أمن الطاقة، عصب الحياة العصرية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على كوكبنا من خلال خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة.
وأضاف سموّه: تواصل دولة الإمارات، ترسيخ مكانتها الريادية العالمية في قطاع الطاقة النظيفة، حيث كانت أوَّل دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتبنّى المبادرة الاستراتيجية الهادفة للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، وكانت من أوائل الدول التي وقَّعت اتفاق باريس للمناخ، وبدأت مسيرة مدروسة بخطط تنفيذية واضحة لتحقيق هذه الأهداف، ومن ضمنها قطاع الطاقة النووية، حيث أصبحت محطات براكة للطاقة النووية أكبر مصدر للكهرباء النظيفة، وأكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية في المنطقة، والتي ستفي فور تشغيلها كاملاً بما يصل إلى ربع التزامات الدولة الخاصة بالحدِّ من الانبعاثات الكربونية طبقاً لاتفاق باريس للمناخ».
وتابع سموّه: «اليوم، وبعد بداية العمليات التشغيلية في المحطة الرابعة في براكة، أصبحت المحطات على بُعد خطوة واحدة من التشغيل الكامل، وتوفير ما يصل إلى 25 في المائة من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية، والإسهام على نحو كبير في ترسيخ مكانة دولة الإمارات من حيث حجم الكهرباء النظيفة التي توفِّرها لكل فرد، إلى جانب تمهيد الطريق لتطوير مزيد من مصادر الطاقة النظيفة القادرة على الوفاء بمتطلبات الصناعات الثقيلة والقطاعات الأخرى التي يصعب خفض بصمتها الكربونية».
وأوضح سموّه، أنَّ النجاح الكبير الذي حقَّقته دولة الإمارات في قطاع الطاقة النووية يفتح آفاقاً واسعةً للدولة في مجالات الابتكار والبحث والتطوير، وتقديم نموذج متميِّز للعالم لاستشراف المستقبل، وبناء أُسُس متينة للاقتصاد المستدام، إلى جانب القيام بدور محوري في الجهود الدولية المبذولة على الساحة الدولية لمواجهة التغيُّر المناخي وضمان مستقبل مستدام.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: حمدان بن زايد الإمارات الظفرة الطاقة النظيفة الطاقة النووية محطة براكة للطاقة النووية محطات براكة البرنامج النووي الإماراتي البرنامج النووي السلمي الإماراتي الطاقة النوویة فی قطاع الطاقة دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
80 عاماً من الطاقة النووية.. حلمٌ مصري يتحقق عبر شراكة استراتيجية مع روسيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مر التاريخ تقف الأمم شامخة على ركائز المعرفة والتقدم التي تشيدها واليوم تحتفل الصناعة النووية الروسية بمرور ثمانين عاماً على نشأة فكرتها وتطبيقها السلمي في أنحاء العالم. وعلى امتداد هذه المسيرة العريقة، تتشارك مصر وروسيا قصة شراكة استراتيجية استثنائية توحد حضارتين عريقتين، أثمرت عن إنجازات تتوجها الشراكة المتميزة بين مصر وعملاق الطاقة النووية الروسي "روساتوم".
برؤية طموحة واستشراف للمستقبل خطت مصر أولى خطواتها في مجال الطاقة النووية عام 1955 بتأسيس لجنة الطاقة الذرية المصرية وانطلقت هذه المبادرة برؤية واضحة لتوظيف الطاقة النووية في الأغراض السلمية خاصة في مجالات الطب والزراعة والصناعة، مما جعل مصر من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط التي أدركت مبكراً الدور الحيوي للطاقة النووية في دعم مسيرة التنمية والتقدم.
وسرعان ما عززت مصر التزامها بهذا المسار فأنشأت عام 1957 هيئة الطاقة الذرية المصرية بقرار جمهوري لتكون تحت الإشراف المباشر لرئاسة الجمهورية ما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع وقد لعبت روسيا دوراً محورياً في دعم مسيرة مصر النووية حيث بادرت موسكو بتشييد أول مفاعل بحثي في مصر مع تدريب الكوادر الفنية المؤهلة لتشغيله. وتوجت هذه الجهود ببناء أول مفاعل بحثي مصري (ETRR-1) عام 1961، وهو مفاعل من نوع “خزان الماء الخفيف” (WWR) بقدرة 2 ميجاوات، في مدينة إنشاص، معلناً انطلاق عصر البحث العلمي النووي في مصر.
وفي عام 1964 أسست مصر قسم الهندسة النووية بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، ليكون أحد أبرز ثمار التعاون المصري-الروسي في تلك المرحلة وذلك بهدف إعداد قاعدة علمية وتقنية راسخة لتطوير التطبيقات السلمية للطاقة النووية وقد وُكل إلى هذا القسم إعداد الطلاب بالمعارف والمهارات المتقدمة في تصميم وتشغيل وصيانة المفاعلات النووية، إضافة إلى تطبيقات الطاقة النووية في مجالات الطب والصناعة والزراعة.
وأصبح هذا القسم ركيزة أساسية في إعداد نخبة من مهندسي الطاقة النووية المصريين الذين تولوا مهام تشغيل مفاعل إنشاص البحثي وشكل العديد منهم العمود الفقري للكوادر الفنية التي تقود مشاريع مصر النووية المستقبلية، بما في ذلك مشروع محطة الضبعة النووية اليوم.
وفي ذات السياق شهدت فترة الستينيات والسبعينيات ذروة التعاون المصري-الروسي في العديد من القطاعات الحيوية، حيث ساهم الخبراء الروس في بناء السد العالي بأسوان، إلى جانب التعاون في إنشاء مجمع الحديد والصلب في حلوان، والمجمع الألومنيوم في نجع حمادي. وفي إطار هذه الشراكة الواسعة، كان تطوير القدرات النووية المصرية جزءاً من رؤية استراتيجية أشمل لتحقيق الاستقلال العلمي والتكنولوجي وتعزيز التنمية المستدامة. وقد ساهمت هذه الجهود بشكل مباشر في الارتقاء بمستوى التعليم الأكاديمي والبحث العلمي في مصر والمنطقة العربية.
وقد عزز التعاون مع روسيا قدرات مصر النووية بشكل ملحوظ، ومهد الطريق لمشاريع مستقبلية كبرى، على رأسها محطة الضبعة للطاقة النووية. واليوم، تواصل مصر مسيرتها في مجال الطاقة النووية، مستندة إلى عقود طويلة من الخبرة في حلول الطاقة النظيفة والمستدامة.
وعلى مدار العقود الماضية، تلقى مئات من المهندسين والعلماء المصريين تدريبات مكثفة على أيدي خبراء روس. وقد توسع هذا التعاون مؤخراً ليشمل توقيع اتفاقية بين مصنع نوفوسيبيرسك للمركزات الكيميائية (التابع لشركة TVEL للوقود، إحدى شركات روساتوم) وهيئة الطاقة الذرية المصرية، لتوريد مكونات الوقود النووي منخفض التخصيب للمفاعل البحثي المصري الثاني (ETRR-2)، الذي يستخدم في أبحاث فيزياء الجسيمات وعلوم المواد، وإنتاج النظائر المشعة.
واليوم، تُعد مؤسسة “روساتوم” الحكومية للطاقة النووية أحد أبرز الشركاء الاستراتيجيين لمصر في مسيرتها النووية. وقد تأسست روساتوم عام 2007 ككيان موحد للصناعة النووية في روسيا، وأصبحت واحدة من كبرى الشركات العالمية في هذا المجال، حيث تقوم حالياً بتنفيذ 39 وحدة طاقة نووية (منها ست وحدات مفاعلات معيارية صغيرة) في عشر دول حول العالم. كما قادت روساتوم عدة مشاريع رائدة، منها “الأكاديمي لومونوسوف”، أول محطة طاقة نووية عائمة في العالم، ومفاعل BN-800 للنيوترونات السريعة في محطة بيلويارسك للطاقة النووية، وهو أول مفاعل في العالم يعمل بوقود أكسيد مختلط (MOX)، مما يمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق دورة وقود نووية مغلقة. ومؤخراً، أطلقت روساتوم وحدة تصنيع وإعادة تصنيع الوقود لمفاعل BREST-OD-300 في إطار مشروع “الاختراق” (Breakthrough)، ما يعد إنجازاً مهماً على طريق أنظمة الجيل الرابع من الطاقة النووية. وتعكس هذه النجاحات التزام روساتوم الراسخ بالابتكار والاستدامة في قطاع الطاقة النووية.
وقد شكل توقيع الاتفاقية التاريخية عام 2015 لبناء محطة الضبعة للطاقة النووية نقطة تحول رئيسية في العلاقات النووية المصرية-الروسية، مُجسداً تتويجاً لعقود طويلة من السعي المصري الحثيث نحو امتلاك برنامج نووي سلمي. ما بدأ كحلم في أواخر السبعينيات أصبح اليوم واقعاً ملموساً، بفضل التعاون الوثيق بين مصر وروسيا. وقد وفرت روساتوم لمصر خبرات تكنولوجية واسعة وشراكات تقنية رفيعة المستوى، شملت تدريب الكوادر المصرية ونقل المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لتطوير صناعة نووية وطنية مستدامة. وتشمل الاتفاقية أيضاً توفير الوقود النووي طيلة عمر المحطة، بالإضافة إلى إدارة النفايات المشعة، بما يضمن استدامة البرنامج النووي المصري على المدى الطويل.
واليوم، تقف محطة الضبعة للطاقة النووية شامخة على ساحل البحر المتوسط المصري، كمَعلم علمي وتقني يُجسد تطلعات وآمال أمة بأكملها. وستضم المحطة أربع وحدات مفاعلات مياه مضغوطة من طراز VVER-1200 روسية التصميم، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، مما سيضيف بُعداً جديداً لمزيج الطاقة المصري.
ولم يكن اختيار التكنولوجيا الروسية محض صدفة، بل جاء بعد دراسات جدوى دقيقة وشاملة، توصلت إلى اختيار مفاعلات من الجيل الثالث المتقدم، مع التركيز على معايير الأمان والموثوقية لضمان تشغيل آمن ومستدام لعقود قادمة. وتلتزم مفاعلات VVER-1200 من روساتوم بأحدث المعايير الدولية للسلامة، حيث تضم أنظمة أمان فعالة وسلبية متعددة لمواجهة أي طوارئ محتملة.
ويمثل مشروع الضبعة النووي ركيزة أساسية في استراتيجية التنمية المستدامة لمصر، ويوفر فوائد متعددة الأبعاد:
- تنويع مصادر الطاقة: يوفر خياراً مستداماً لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
- خفض الانبعاثات الكربونية: يساهم كمصدر طاقة نظيف خالٍ من الانبعاثات الكربونية في مكافحة التغير المناخي، ودعم الجهود الدولية لحماية البيئة.
- تحقيق التنمية الاقتصادية: أدى المشروع إلى تحفيز النمو الاقتصادي في منطقة الضبعة، مع تنشيط الأنشطة التجارية وتشجيع ريادة الأعمال المحلية، بما ينعكس إيجاباً على مستوى المعيشة.
- توفير فرص العمل: يعمل حالياً نحو 20,000 عامل في مرحلة البناء، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 35,000 بحلول عام 2026-2027، مع نسبة مشاركة مصرية تصل إلى 70%. وستوفر المحطة بعد تشغيلها نحو 4,000 وظيفة دائمة للمهندسين والعلماء والمتخصصين طوال فترة تشغيلها البالغة 60 عاماً.
- تعزيز نسب التصنيع المحلي: تم الاتفاق على تحقيق نسبة مشاركة محلية لا تقل عن 20% في الوحدة الأولى، ترتفع تدريجياً لتصل إلى 35% في الوحدة الرابعة، مع التأكيد على دمج الشركات المصرية في سلسلة التوريد، وتدريب الكوادر الوطنية وفق أعلى المعايير العالمية.
- نقل المعرفة والتدريب: تقدم روساتوم برامج تدريبية متخصصة للكوادر المصرية في جامعاتها ومراكزها البحثية، ما يسهم في بناء قاعدة علمية متينة لصناعة نووية وطنية، ويفتح المجال أمام مصر لتصدير خبراتها النووية إلى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
ولا يقتصر التعاون المصري-الروسي على الطاقة النووية فحسب، بل يمتد إلى مجالات الصناعة والطب والتكنولوجيا. وتوفر روساتوم منتجات متقدمة تدعم مسيرة التنمية الصناعية والتكنولوجية في مصر، من بينها جهاز “تيانوكس” لإنتاج وتوصيل أكسيد النيتريك مباشرة إلى الجهاز التنفسي للمريض، مع التحكم الدقيق بتركيز الغاز لضمان جرعات آمنة، خاصةً للأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى استخداماته في علاج أمراض الرئة، والتعافي بعد جراحات القلب، وزراعة الأعضاء، والتأهيل الطبي.
وعلى الصعيد العالمي، تلعب روساتوم دوراً محورياً في تطوير الطب النووي عبر ذراعها المتخصص في قطاع الرعاية الصحية، حيث تقدم حلولاً متكاملة تشمل إنتاج النظائر المشعة والعقاقير الإشعاعية، وتصنيع المعدات التشخيصية والعلاجية المتقدمة. كما تنفذ الشركة حالياً مشروع بناء أكبر منشأة في أوروبا لإنتاج العقاقير الإشعاعية، ما سيسهم بشكل كبير في تلبية الطلب العالمي على هذه التقنيات الحيوية.
وهكذا، وبعد ثمانية عقود من الابتكار والتعاون، تواصل مصر وروسيا كتابة فصل جديد في شراكتهما الاستراتيجية في المجال النووي. وإنجازات مشروع الضبعة ليست مجرد إنجاز تقني، بل تجسيد لحلم طال انتظاره، يعكس إرادة الشعوب وطموحات الأجيال نحو مستقبل قائم على المعرفة والتنمية المستدامة. وبينما تمضي هذه الشراكة قدماً بثقة، تواصل مصر تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية كمركز للتميز في الطاقة النووية، بدعم من خبرات روساتوم وقيادتها العالمية في هذا القطاع الحيوي.