منصة عالمية لمواجهة تحدي المياه
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
منصة عالمية لمواجهة تحدي المياه
المبادرات العالمية الرائدة التي يحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله ورعاه”، على إطلاقها وتستهدف تحقيق كل ما فيه خير الإنسانية حاضراً ومستقبلاً تتميز بتقدمها ومواكبة احتياجات العصر لما تعكسه من رؤية ثاقبة واستشرافية وتوفر منصة لتحفيز كافة الطاقات الخلاقة والإبداعية التي يمكن أن تنتج حلولاً للكثير من التحديات المتسارعة التي تعتبر مواجهتها أولوية عالمية، بالإضافة لكونها تجسيداً لنهج الإمارات الداعي إلى تعزيز التعاون الدولي، ومن هنا تكتسب أهمية مضاعفة تعكسها الثقة العالمية بفاعليتها وقوة تأثيرها والحرص على التفاعل الإيجابي وإقامة الاتفاقات والتعاون معها، ومنها الشراكة التي تم الإعلان عنها بحضور سموه بين “مبادرة محمد بن زايد للماء” مع مؤسسة “إكس برايز” الأميركية، بهدف “إطلاق مسابقة “إكس برايز للحد من ندرة المياه” والتي ستمولها المبادرة بمبلغ 150 مليون دولار، وتتضمن جوائز تصل قيمتها الإجمالية إلى 119 مليون دولار لتحفيز المبتكرين حول العالم على تقديم حلول فاعلة ومستدامة وتطويرها لتعزيز كفاءة تقنيات تحلية المياه وتكلفتها”.
“مبادرة محمد بن زايد للماء”، التي تم إطلاقها تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة “حفظه الله ورعاه”، تهدف إلى مواجهة التحدي العالمي العاجل المتمثل في ندرة الماء، وتعزيز الوعي بخطورته وتبين الحاجة الماسة إلى تطوير حلول تعتمد التكنولوجيا المتقدمة، وتأتي في الوقت الذي يعاني فيه العالم أزمة متفاقمة في ندرة المياه مع عدم قدرة الحلول والآليات التي يتم العمل بها على معالجتها وتجنب عواقبها وهو ما يبين أهمية ابتكار حلول جديدة كما أكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية رئيس مجلس إدارة “مبادرة محمد بن زايد للماء”، ومشيراً سموه إلى “أن “المبادرة” تسعى إلى تعزيز التعاون والعمل مع مختلف الشركاء الدوليين لاستكشاف هذه الحلول والابتكارات الجديدة والمستدامة وإثبات جدواها وتطبيقها بأعلى درجات الكفاءة الممكنة”.. حيث أن “المبادرة” توفر فرصة رائدة لكونها الأكبر والأولى من نوعها التي يمكن أن توظف خبرات العلماء والخبراء والمختصين وتدعم قدراتهم لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتحلية المياه واستخراج وتحلية مياه المحيطات على نحو مستدام ومنصف للجميع.
شح المياه ينذر بكوارث ويحتاج إلى أعلى درجات المسؤولية العالمية وتكامل الجهود، ويكفي للدلالة على حجم وخطورة التحدي أنه يوجد قرابة 4 مليارات إنسان يعانون من مشكلة ندرة الماء لمدة لا تقل عن شهر سنوياً.. وبكل ما يمكن أن يسببه افتقاد مصادر المياه من أزمات مضاعفة كالهجرة القسرية والصراعات والاضطرابات وانعدام الأمن الغذائي وغير ذلك مما يوجب تحديث الآلية العالمية المعمول بها وزيادة الاستثمارات ومعالجة تحديات البيئة والمناخ لانعكاساتها المباشرة على المصادر المائية.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: محمد بن زاید
إقرأ أيضاً:
مجلس محمد بن زايد..منبر التسامح
في عصرٍ تتقاطع فيه التحوّلات العالمية مع تحديات الهوية والعيش المشترك، يبرز “مجلس محمد بن زايد” بوصفه نموذجاً رائداً لمنصة فكرية وإنسانية تستند إلى العقل، وتستشرف المستقبل، وتُعزّز قيم التعايش والحوار والانفتاح على الآخر. هذه المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، تُمثّل تجسيداً حيًّا لإيمانه العميق بأن الإنسان هو أساس النهضة، وأن الكلمة الصادقة، والفكرة العميقة، والحوار المتزن هي أدوات بناء الأمم الراقية.
مجلس محمد بن زايد هو مشروع حضاري ممتد ويعمل على مدار العام، يستقطب نخبة من المفكرين والعلماء وقادة الرأي من مختلف بقاع العالم. وهو في جوهره منبر للعقول المستنيرة، ومساحة رحبة للحوار الذي يتجاوز الجغرافيا والدين واللغة. يناقش قضايا عصرية من صميم واقعنا: مثل الاستدامة، التكنولوجيا، الأمن الغذائي، تمكين الشباب، التسامح، والهوية الثقافية. كل جلسة منه تمثّل خيطاً يُنسَج في نسيج وطني يرتقي بالفكر ويثبّت ركائز السلم المجتمعي.
وقد سعدتُ بحضور إحدى فعاليات هذا المجلس، وهي محاضرة عنوانها “التسامح والتعايش في الفكر الإسلامي”، شارك فيها كل من د. شايع الوقيّان، ود. مشهد العلاّف، ود. فاطمة الدهماني. ما طُرح فيها لم يكن حديثاً تقليدياً عن الفضيلة، بل كان تحليلًا عميقًا للجذور الفلسفية والفكرية التي تجعل من التسامح ضرورة لا خياراً، وقيمة لا مجاملة. أشار المحاضرون إلى أن الكون قائم على التعدد، والتنوع أصل في الخلق، لا استثناء، تماماً كما الليل والنهار، والفصول الأربعة، واختلاف الألسن والألوان. التسامح في الفكر الإسلامي، كما بيّنوا، ليس شعاراً بل مبدأ أصيل، ومظهر من مظاهر احترام الكرامة الإنسانية.
استحضارهم لآية “لا إكراه في الدين” لم يكن استشهاداً عابراً، بل دعامة تؤكد أن الإسلام بنى علاقة الإنسان بالآخر على الحرية والعقل والاحترام. وقد شدد المحاضرون على أن كل فلاسفة الإسلام الكبار، من الكندي إلى ابن رشد، كانوا يؤمنون بأهمية الاختلاف، ويرونه ضرورة لنمو المعرفة وتقدم المجتمعات.
ولعل اللافت في هذه المحاضرة أنها لم تكتف بطرح فكري مجرد، بل امتدت إلى بعدٍ وجداني من خلال الحديث عن الفنون بوصفها لغة إنسانية جامعة، تحمل في طياتها المشاعر المشتركة بين البشر من فرح وحزن وأمل وحنين. إن التقاء الناس حول لوحة أو لحن أو قصيدة يعكس قدرة الإبداع على تجاوز الفوارق، وصناعة روابط صامتة لكنها عميقة بين القلوب.
وهنا تتجلّى قيمة مجلس محمد بن زايد من جديد، فهو لا ينحصر في الطرح النخبوي أو الخطاب المؤسسي، بل يُقدم نموذجاً متكاملاً يجمع بين الفكر والعاطفة، بين التحليل والإلهام. إنه المجلس الذي يجعل من كل محاضرة فرصة لزرع فكرة، ومن كل حوار بذرة لوعي جديد. يربط بين الماضي والمستقبل، ويصنع من الحاضر مساحة لإعادة التفكير في العالم من حولنا.
إن من يتابع هذا المجلس، أو يحضر إحدى فعالياته، يُدرك أنه لا يهدف فقط إلى التثقيف، بل إلى تكوين جيل من المواطنين الواعين، المتصالحين مع ذواتهم، المنفتحين على العالم، المتمسكين بقيمهم دون تعصب، والمنخرطين في حركة البناء والتنمية بروح إيجابية ومستنيرة.
مجلس محمد بن زايد ليس مجرد فعالية، بل هو حالة فكرية متقدمة، ومشروع وطني عميق الجذور، يضع الإمارات في طليعة الدول التي تُراهن على الإنسان، وتحسن استثمار المعرفة، وتبني مجتمعات لا تُقصي أحدًا، بل تحتضن الجميع ضمن إطار من الاحترام والتعدد والتكامل. وما أحوجنا، في هذا الزمن، إلى مثل هذا النموذج الذي يذكرنا أن الإنسانية هي الرابط الأول بيننا، وأن التسامح هو الحاضنة التي تنمو فيها الأخلاق، وتزدهر من خلالها الأوطان