بعد مرور 100 عام على نشأتها.. ما قيمة السريالية في الكوارث والحروب؟
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
يمر هذا العام، 2024، قرن كامل على نشأة المذهب السريالي الذي ظهر عام 1924. قرن كامل مضى ولا تزال الظروف والعوامل التي أدت لظهور واحد من أكثر مذاهب الفن التشكيلي غرابة وجنونا هي عينها، ولا يزال العالم يقف على الحافة نفسها.
الفرق الوحيد، أن العالم إبان نشأة وظهور الفن السريالي كان يعاني الويلات والنتائج الكارثية للحرب العالمية الأولى، وعلى شفا حرب عالمية ثانية، بينما الآن يترقب العالم بخوف من نشوب حرب عالمية ثالثة.
الغريب أنه عندما نشر أندريه بريتون، بيان السريالية، 1924، بوصفها حركة مضادة للعقل والواقع، كان آنذاك يظن أن ما وصل له العالم من ملايين القتلى وملايين الجرحى بفعل الحرب العالمية الكُبرى، هو أسوأ ما قد يصل إليه الحال. ثم تأتي الذكرى المئوية للمذهب السريالي وغزة تعيش فوق بحر من الدماء. والشرق الأوسط بأسره أشبه بقنبلة موقوتة، والحديث عن حرب عالمية ثالثة بات أمرا مطروحا.
من لوحات رينيه ماغريت (مواقع التواصل الاجتماعي) ما الفن السريالي؟إذا كنَّا بصدد تعريف السريالية، فقد نشأت في باريس في أوائل القرن العشرين، حوالي عام 1924، بقيادة مجموعة من الكتاب والفنانين الذين استكشفوا العقل الباطن كمصدر إلهام رئيسي لفنهم وأدبهم. باعتبارها إحدى أكثر الحركات الفنية تأثيرا في القرن العشرين، كانت السريالية في بعض النواحي استمرارا لحركة دادا.
ظهرت الدادائية خلال الحرب العالمية الأولى، معبرة عن ازدرائها للحرب والمجتمع الأوروبي، الذي اعتبرته بلا معنى. اشتهر فنانو الدادائية بأن شعارهم هو "ضد الفن أو لا للفن"، وسلّطوا الضوء على العبثية والجنون الذي غرقت فيه أوروبا إبان ذاك. وكرد فعل على الحروب المستمرة، تبنت الحركات اللاحقة للدادئية وأعمالها الفنية مواقف أكثر تصادمية ضد الحرب وتصاعد أزمة المعنى.
وتضاءل نفوذ الدادائية مع الوقت، ربما لأنها كانت تعكس بشكل دقيق للغاية قبح وجنون العالم، وهو الأمر الذي لم يكن كثيرون على استعداد لتقبله. ومع ذلك، زرعت الدادائية بذور حركة أكثر خيالية وأقل قسوة، وهي السريالية/الفوق-واقعية، الحركة التي اعتبرت أن استكشاف العقل الباطن وأحابيل اللاوعي وقدرته على تخليق الوهم وقيادة البشرية نحو الجنون هو المصدر الحقيقي للإلهام.
السريالية بمثابة مرآة تعكس الجنون السائد الذي اجتاح العالم بعد حرب عالمية مدمرة أودت بحياة الملايين (مواقع التواصل) لماذا اللاوعي مصدر للإلهام؟يعبر رائد السريالية، الشاعر الفرنسي أندريه بريتون (1896-1966)، في بيانه الأولي عن الحركة عن أن الهدف من السريالية هو مزج الوعي مع اللاوعي، فانصهارهما هو ما سيقود الناس إلى عالم "الحقيقة المطلقة". كما عرَّف السريالية بأنها "عفوية الروح في أنقى صورها" حيث يعبر الفرد، وفقا لبريتون، من خلال الكتابة أو أي شكل آخر من أشكال التعبير، عما يختمر في ذهنه.
قدم بريتون مصطلح "فوق الواقعي" لوصف عمل فني يدمج صورا خيالية مع عناصر واقعية، ويكشف في النهاية عن "الحقيقة المطلقة." وبالتالي، حث بريتون الكتاب والفنانين على الاستفادة من اللاوعي باعتباره مصدرا حقيقيا للإلهام. فهل كان بريتون ومن اتبعه من السرياليين على حق؟
تجيب الباحثة جاريت لبلين عن هذا السؤال بأن السريالية كانت بمثابة مرآة تعكس الجنون السائد الذي اجتاح العالم بعد حرب عالمية مدمرة أودت بحياة الملايين. وفي إطار البحث عن المعنى في أعقاب ذلك، استحوذت حالة من عدم اليقين المثير للقلق على العالم الحديث. ظلت الأسئلة حول جوهر الوجود والأسباب الكامنة وراء الانحطاط الأخلاقي للإنسانية قائمة دون الإجابات الميتافيزيقية التي كانت توجه الأفعال والغايات ذات يوم.
يتفق مع لبلين الباحث جيمس كليفورد، والذي يرى أن المعتقدات التقليدية، حين سقطت في الغرب، انكمش الناس وتحولوا إلى دواخل أنفسهم، مستكشفين أعماق وعيهم ليفهموا العالم من خارجهم. يتجلى هذا التحول في تعامل السرياليين مع اللاوعي باعتباره قوة متعالية، أقرب إلى إله ميتافيزيقي، قادر على إضفاء معنى على العالم والكشف عن "الحقيقة المطلقة"، كما وصفها بريتون.
عمل فني مستوحى من لوحة الفنان السريالي رينيه ماغريت الشهيرة "غشّ الصورة | هذا ليس غليونًا" (أسوشيتد برس) ما قيمة السريالية في عام 2024؟المتبحر في بحر تاريخ الفن يجد أن الإشكاليات والظروف المحيطة بنشأة الفن السريالي هي نفس الظروف الراهنة بعالم اليوم. هذا ما يؤكده مارك بوليزوتي، الذي نُشر كتابه "لماذا السريالية مهمة" (Why Surrealism Matter) في يناير/كانون الثاني 2024، والذي يرى أننا في عالم لا يختلف عن العالم الذي ظهرت فيه السريالية. لقد خرجنا لتونا من جائحة كورونا، وهناك أسئلة عن الإصلاحات في عالم العمل ومكافحة الاستعمار وإستراتيجيات المعارض في عالم الفن. وكانت هذه الأمور هي عينها التي كانوا يتصارعون معها أيضا.
وتتفق معه في هذا الرأي، باتريشيا ألمر، أستاذة تاريخ الفن بجامعة إدنبره، إذ تقول إن "الطبيعة التحويلية للسريالية هي التي تجعلها ذات صلة. السريالية سياسية بطبيعتها. لقد بدأت كحركة احتجاجية وطريقة لمواجهة الفاشية والاستبداد، ولهذا السبب لا يزال من الممكن أن تكون سلاحا سياسيا قويا للغاية حتى يومنا هذا. وسوف تكون ذات صلة دائما. أود أن أقول إنها حركة مستقبلية".
ربما تشرح وجه نظر ألمر تلك لوحة لرائد السريالية الرسّام البلجيكي رينيه ماغريت، في لوحته الشهيرة "غشّ الصورة|هذا ليس غليونا" قدم ماغريت صورة لغليون وكتب أسفل منها هذا ليس غليونا. فقوض بذلك العلاقة بين الصورة والمعنى المكتوب أسفل منها. وربما لهذا السبب بالذات قد يكون كلام ألمر عن أن السريالية ذات صلة بالواقع المعاصر، بل ومستقبلية، كلاما صحيحا.
فالعلاقة بين لوحة ماغريت المرسومة عام 1929، والعالم المعاصر بكل ما فيه من وسائل إعلامية محايدة أو غير محايدة ووسائل تواصل وبحور الصور التي يغرقنا فيها الإنستغرام، أوثق وأدق من علاقة الصورة بإشكاليات العالم حين رسمت فيه، أي في العقد الثالث من القرن العشرين.
ويصف ماغريت لوحته قائلا "هذا ليس غليونا". ويضيف أنه إذا كان قد أطلق عليه اسم الغليون، فسيكون ذلك كذبة. بدلا من ذلك، اللوحة هي "صورة" لغليون، مجرد صورة لغليون. الصورة ليست كالغليون الحقيقي، بل مجرد رمز. وجهة نظر ماجريت هي أن الرمز أو الصورة لا يمكن أن يكونا نفس الشيء الفعلي. لا يمكن التعبير بشكل كامل عن الشيء الحقيقي، كما هو موجود في العالم، من مجرد صورة له. فالصور التي تظهر في الأخبار، نبحر فيها على إنستغرام، نشتهيها على تويتر، ليست سوى صور لا تعني البتة حقيقة الأشياء كما هي على أرض الواقع.
عمل فني بعنوان "تكوين" لفرناند ليجيه (رويترز)هذا العام 2024، يمر 100 عام على ظهور وصعود المذهب السريالي، ظهر عام 1924، ومع ذلك، لا يمكن اعتبار أن السريالية قد انقضى عليها 100 عام فانطفأت شعلتها. بل بالأحرى، لا تزال تتغذى السريالية حتى اليوم على نفس الإشكاليات والتحديات والوجودية التي أدت لظهورها، وربما لهذا السبب بالذات لا تزال السريالية معاصرة، بالرغم من مرور 100 عام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حرب عالمیة هذا لیس
إقرأ أيضاً:
10 افلام تتحدث عن الكوارث.. مغامرات مثيرة تنقلك للحدث
الكوارث الطبيعية أو البشرية كانت مصدر إلهام للسينما، ونقلت الأفلام قصصًا ملحمية عن البقاء، وناقشت التسونامي والزلازل المدمرة وانفجارات البركان والسيناريوهات المستقبلية للكوكب، وذلك من خلال المؤثرات البصرية المبهرة والقصص الإنسانية، ونجحت هذه الأفلام في تقريب الصورة للمشاهدين وكأنهم يعيشون الكوارث بأنفسهم ضمن حبكات مشوقة، لذا نأخذكم في رحلة بين 10 منها.
1- فيلم «Deluge» الطوفانفي عام 1933، خرج فيلم «الطوفان»، الذي يُعتبر من أولى الأفلام التي تناولت الكوارث الطبيعية، في هذا الفيلم، تضرب سلسلة من الكوارث الولايات المتحدة، حيث ترسل الزلازل الكبيرة موجات مدية هائلة تدمر كلا الساحلين في الشرق، وينفصل مارتن وبستر عن زوجته هيلين وطفليهما، وعندما يستعيد وعيه، يجد نفسه وحيدًا تمامًا، الناجي الوحيد، بعد أن عاش بمفرده لعدة أشهر، يجد مارتن كلير أرلينجتون منهارة على الشاطئ، وكانت قد هربت من التقدمات غير المرغوب فيها من جيبسون الحقير.
يبني مارتن و كلير حياة جديدة معًا، لكن جيبسون ليس من النوع الذي يستسلم بسهولة. في النهاية، يجد جيبسون كلير ويختطفها إلى عصابة خارجة عن القانون التي كان قد ارتبط بها سابقًا، وينقذ مارتن كلير وهو يعلم تمامًا أن جيبسون وعصابته سيأتون للانتقام، لتتوالى الأحداث في حبكة مشوقة مليئة بالتشويق والمفاجآت.
2- فيلم «San Francisco» سان فرانسيسكوعرض عام 1936 فيلم «سان فرانسيسكو» الذي تناول العلاقة العاطفية بين أبطاله، ودارت حول الزلزال الذي ضرب المدينة عام 1906، ووصلت ماري بليك إلى صالة بحثًا عن عمل كمغني ومع توالي لأحداث يضرب ينبئ زلزال سان فرانسيسكو الشهير المدينة وتنهار المباني وتنقسم الشوارع على مصراعيها وتحترق المدينة ويفجر الجيش أجزاء كاملة من المدينة، وبعد أن تعثرت في ذهول، وبدعم من مئات آخرين، نظروا إلى الأنقاض التي تم استبدالها تدريجيًا بالمدينة الجديدة اللامعة.
3- فيلم «A Night to Remember» ليلة لا تنسىعام 1958 صدر أول فيلم عن غرق السفينة تايتانيك وذلك بعد 29 يومًا فقط من غرق السفينة، بأسم ليلة لا تنسى وقام ببطولته أحد الناجين الفعليين من الكارثة، ومن الواضح أن الرغبة في صنع أفلام من تايتانيك عميقة، ولا يزال فيلمًا استثنائيًا بعد أكثر من ستة عقود، ويتبنى نهجًا وثائقيًا تقريبًا للكارثة، مما أدى إلى فيلم مشوق لا يؤدي إنتهاء للأحداث الفعلية إلا إلي زيادة تأثيره.
4- فيلم «the towering inferno» الجحيم الشاهقعام 1974 عرض فيلم الجحيم الشاهق وكان الأكثر ربحًا، وكانت قصته حول ناطحة سحاب شاهقة للغاية تشتعل فيها النيران، مما يحاصر مجموعة من رواد الحفلات والموظفين في أعلى مبنى في العالم في ليلة الافتتاح الكبرى، بطولة كلًا من بول نيومان وستيف ماكوين وكانت المشاهد مثل ناطحة السحاب المشتعلة في وسطه، كان من الممكن أن يستفيد من تقليص حجمه.
5- فيلم «Dante's Peak» قمة دانتيفيلم قمة دانتي تحاول تفاصيل بركان خامد ومع عدم اهتمام الأهالي بتحذيرات المسؤولين تتبدل حياتهم لدمار بسبب ثوران البركان تارك خلفه الآف القتلى، ويحاول عالم البراكين هاري دالتون ورئيسة بلدية دانتي بيك راشيل واندو إقناع مجلس المدينة وعلماء البراكين الآخرين بأن البركان الواقع فوق قمة دانتي يشكل خطرًا حقيقيًا، ويتم وضع سلامة الناس في مواجهة المصالح الاقتصادية.
6- فيلم «The Core» المركزتناول الفيلم قصة توقف مركز الأرض عن الدوران، تحدث كوارث في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك؛ تصرفات الحيوانات بطرق غريبة، والعواصف الرعدية الوحشية، وينزل الدكتور جوش كيز وطاقمه المكون من 5 أفراد إلى المركز لتفجير جهاز نووي، على أمل جعل قلب الأرض يبدأ في الدوران مرة أخرى، وإلا ستتوقف البشرية، ويجدون الحل في إرسال فريق في مهمة خطيرة للوصول إلى مركز الأرض وتفجيره ليستعيد حركته، بطولة آرون إيكهارت وهيلاري سوانك.
7- فيلم «2012»تدور أحداث فيلم 2012 حول أكتشاف الدكتور أدريان هيلمسلي، الذي يعمل ضمن فريق جيوفيزيائي عالمي للتحقيق في تأثير الإشعاعات الناتجة عن العواصف الشمسية غير المسبوقة على الأرض، أن قلب الأرض يسخن، فيحذر الرئيس الأمريكي توماس ويلسون من أن قشرة الأرض أصبحت غير مستقرة وأنه بدون الاستعدادات المناسبة لإنقاذ جزء من سكان العالم، وأن الجنس البشري بأكمله محكوم عليه بالهلاك، وفي الوقت نفسه، يتعثر الكاتب جاكسون كيرتس على نفس المعلومات، وتتوالى الأحداث بتسبب الانفجارات البركانية والزلازل ذات القوة غير المسبوقة في إحداث دمار في جميع أنحاء العالم.
8- فيلم «Submersion of Japan» غمر اليابانتدور الأحداث حول الزلازل والبراكين التي ضربت اليابان، تغرق اليابان ببطء في البحر. ويبدأ سباق مع الزمن والمد والجزر، حيث يعمل الأميركيون واليابانيون معًا لإنقاذ جزء من اليابان التي تختفي.
9- فيلم «Sharknado» شاركنادوعلى عكس كل المنطق وقوانين الطبيعة، يتسبب إعصار غير مسبوق قبالة ساحل المكسيك في انتزاع قشعريرة شرهة من أسماك القرش، مما يشق طريقه نحو جنوب كاليفورنيا، وبينما تجلب الظاهرة الجوية الغريبة عواصف عنيفة وأمواج مدية شاهقة مليئة بأسماك القرش، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث تتساقط دفعة تلو الأخرى من الحيوانات المفترسة المحيطية الطائرة على سكان لوس أنجلوس غير المنتبهين، وتلتهم كل شيء في طريقها.
10- فيلم «The Impossible» المستحيليسافر أب وأن وأطفالهما الثلاثة إلى تايلاند لقضاء عيد الميلاد، ويحصلون على إقامة إلى فيلا على الساحل وبعد الاستقرار وتبادل الهدايا، يذهبون إلى المسبح، مثل العديد من السياح الآخرين، حتى يتحول الضجيج البعيد لا يوجد وقت للهروب من التسونامي؛ وتجرف الأم وابنها الأكبر في اتجاه واحد، والأب والأصغر في اتجاه آخر، وتتوالى الأحداث في إطار مشوق.