اليوم التالي لقمة الويب بقطر.. كيف خانني الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
انتهت قمة الويب التي انعقدت في العاصمة القطرية الدوحة، مخلفة وراءها العديد من النجاحات سواء للشركات أو الجهات الحكومية أو حتى القطاع الخاص والأفراد. فالجميع كان رابحا في هذه القمة إلا الذكاء الاصطناعي.
كنت قبل القمة متفائلا كثيرا بأن التكنولوجيا الخاصة بالذكاء الاصطناعي قادرة في الوقت الحالي على مساعدتي كمحرر شؤون تقنية في موقع مثل الجزيرة في تغطية القمة بشكل جيد، وأنه يمكنني اختصار الوقت والجهد وحتى الموارد باستخدام هذه التكنولوجيا في إعداد وتنظيم وحتى المساعدة في إنتاج المحتوى.
وقد تجهزت بشكل كامل قبل القمة، ولا أعني بالتجهيز أنني قمت بالاشتراك في شات جي بي تي المدفوع، بل أعني أنني وضعت خطة كاملة للاعتماد بشكل كبير على مساعدة الذكاء الاصطناعي في العديد من المهام التي تتطلب جهدا ووقتا للقيام بها؛ خطة شملت أدوات ذكاء اصطناعي وربطٍ بين أدوات مختلفة ومنهجية خاصة في التحرير والبحث.
ومن تفاؤلي بدأت بوضع حتى اسم تقريري لليوم التالي بعد قمة الويب، والذي كان مختلفا تماما عن عنوان هذا التقرير. ولكن للأسف عند الامتحان الحقيقي سقطت كل الأوهام، وظهرت الحقيقة المرة التي رأيت أنه يجب توثيقها في تقرير حتى لا يقع أحد في وهم أن هذه الأدوات يمكنها أن تساعد المحرر في العمل في بيئة ضغط كالمؤتمرات والتغطية الميدانية.
التحضير لخطة التغطيةلم يكن التخطيط لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تغطية مؤتمر الويب عشوائي، فقد كنت حريصا على التخطيط بشكل مفصل لهذه التجربة التي كنت أعلم أنها مجرد تجربة قد تنجح أو تفشل، ولكن النتائج كانت سيئة بدرجة كبيرة.
فقد وضعت ثلاثة أهداف رئيسية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مساعدتي لتغطية هذه القمة وهي:
تغطية أكبر عدد من الجلسات في القمة. المساعدة في التحضير للمقابلات المجدولة مع الضيوف في القمة. المساعدة في فلترة المواد وتصنيفها بحسب المنصات التي سوف تنشر عليها (الموقع ومنصات التواصل).لم يكن أبدا من ضمن الأهداف الطلب من الذكاء الاصطناعي عمل مواد كاملة عن الجلسات، وأنصح الجميع بعدم إنتاج محتوى كامل بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ومع أنه مهم جدا فإن الرادع لعدم القيام بذلك ليس الجانب الأخلاقي فحسب، بل الجانب التقني والنتائج المترتبة عليه. فبحسب الإحصاءات وُجد أن أفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية لا تستطيع كتابة مقال جيد يشجع الجمهور على التفاعل.
يقول خبير التسويق الرقمي نيل باتيل إن أكثر من 70% من المقالات التي تُنتجها هذه الأنظمة حصلت على أقل نسبة تفاعل مقابل أكبر عدد من المشاهدات.
لذلك لم أضيع الوقت بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى كامل.
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لم تكن قادرة على المساعدة في تغطية القمة بشكل جيد (الجزيرة) منهجية تغطية جلسات القمة بالذكاء الاصطناعيفي الخطة التي وضعتها كان عدد الجلسات التي قررت تغطيتها بمساعدة الذكاء الاصطناعي في اليوم هو خمس جلسات، ليكون مجموعها 15 جلسة في الأيام الثلاثة التي للمؤتمر.
ومع أن المعدل الطبيعي للمراسل هو من جلستين إلى ثلاث، فقد كان الرقم الذي وضعته تحديا كبيرا، فلا يمكن للمراسل العادي أن يدخل هذه الجلسات ويخرج ليكتب عن خمس مواضيع مختلفة وينشرها في اليوم نفسه.
وللقيام بذلك اعتمدت على منهجية معينة وأدوات سبق أن استخدمتها في عمليات مشابهة، وتمثلت المنهجية بالخطوات التالية:
قمت بداية بربط برنامج شات جي بي تي بملف إكسل مقسم إلى ثلاث بوابات هي: المادة الكاملة، جدول تصنيف داخل المادة، مواد لمنصات التواصل الاجتماعي. "المادة الكاملة" كانت مادة الجلسة المسموعة محولة لنص عن طريق تطبيق تسجيل الصوت على الهاتف الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل المادة المسموعة لنص مكتوب. وضعت أمرا في شات جي بي تي أن المواد التي تفرغ كنصوص تُترجم بشكل فوري للعربية إذا كان النص باللغة الإنجليزية، وبهذه الطريقة أضمن أن كل نصوص المواد باللغة العربية. بعد ذلك يقوم أمر آخر بتمرير هذه المواد للمرحلة الثانية من العمل وهو تصنيف محتوى المادة، فقد وضعت أمرا في شات جي بي تي لينشئ جدولا يعمل على قراءة المادة المفرغة وفلترتها لعدة أقسام هي:الحقائق: حيث يضع الجمل التي تعتبر حقائق في المادة أو أرقاما في عمود خاص.
المعلومات: ويضع الجمل التي تحتوى على معلومات في عامود آخر في الجدول.
الأسلوب: ويضع الجمل التي فيها أسلوب للمتحدث أو تشبيه أو تعليم في عامود ثالث في الجدول.
متفرقات: بقية الجمل التي ليس لها علاقة بالموضوع كأن يكون كلاما غير مفهوم أو تعليقا أو أسئلة لمتحدثين.
أما المرحلة الثالثة فقد كتبت أمرا يقوم بأخذ عمودَي المعلومات والحقائق في المرحلة الثانية ويحولهما إلى مواد تصلح للنشر على منصات التواصل.
صورة شاشة توضح عملية تحويل التسجيل الصوتي لنص وترجمته على شات جي بي تي (الجزيرة) آلية العملكان الهدف من هذه المنهجية أن تساعدني في تسجيل الجلسة وتفريغ محتواها لعدة أقسام وبعد ذلك إنشاء قوالب معينة يمكن تصنيف المحتوى على أساسها.
وكانت آلية العمل على النحو التالي:
تسجل الجلسة الأولى من تطبيق التسجيل الصوتي وتحويله إلى نص، وتفريغ النص في الجدول بواسطة أوامر شات جي بي تي، وبعد ذلك ملء الأعمدة بالمحتوى الملائم بحسب التصنيف بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومن ثم أخد ما يصلح من عامودي الحقائق والمعلومات وإنتاج منشورات متناسبة مع منصات التواصل لإرسالها لفريق منصات التواصل. في الجلسة الثانية وبينما يقوم تطبيق التسجيل الصوتي بتسجيل الجلسة الثانية، أعمل على كتابة تقرير بمادة الجلسة الأولى ورفعه على النظام، وذلك بعد قراءة المحتوى المفرغ والمصنف، وهكذا في كل جلسة.طبعا كنت أعرف أن هناك مشاكل في تقدير الوقت المناسب والقدرة على العمل في وقت الجلسة، أو حتى القدرة على الدخول للجلسة المقررة في الوقت المناسب. كل هذه الأمور اللوجستية وضعتها بعين الاعتبار ولم أكن أحاول تحطيم رقم قياسي بقدر ما كنت أريد إثبات أن النظام يعمل بشكل جيد حتى ولو كانت النتيجة هي عمل ثلاث مواد فقط أو أقل.
يوم المؤتمر تُكرم التكنولوجيا أو تهاننعم وضعت كل شيء في الاعتبار، وجربت النظام قبل المؤتمر في مادة قصيرة، وقد نجح لحد كبير في عمل 80% من المطلوب. قمت بتعديلات على المادة ولكن المفاجأة كانت عند بداية المؤتمر.
في البداية قام التطبيق الذي استخدمته مرات عدة لتحويل الصوت إلى نص؛ بتسجيل الجلسة كاملة وكانت أقل من 45 دقيقة، ولكن عند محاولة تحويل الجلسة إلى نص لم يحول التطبيق سوى أول 20 دقيقة، مع أن التسجيل الصوتي كان كاملا.
هذا أدى إلى أن اقوم بتجربة عدة تطبيقات تقوم بتحويل الصوت إلى نص (سأذكرها لاحقا)، وفي النهاية استطاع موقع ككاتو من تفريغ المحتوى الصوتي وتحويله إلى نص.
والآن جاءت الخطوة الثانية وهي تفريغ المحتوى النصي في الجدول، وهنا ظهرت بعض المشاكل الخاصة بالتصنيف، فالمادة طويلة، وكان التصنيف دقيقا، لهذا كان هناك عدد من المعلومات لم تصنف من المادة الأصلية واضطررتُ لقراءة المادة الأصلية لمعرفة ما هي، وفي بعض الأحيان كان هناك معلومة ناقصة لم تُرحّل لعامود المعلومات.
الخطوة التي تمكن الذكاء الاصطناعي من تنفيذها بشكل جيد هو تحويل المعلومات والحقائق التي استطاع ترحيلها من النص الأصلي إلى مواد يمكن نشرها على منصات التواصل.
كما استطاع الذكاء الاصطناعي مساعدتي في الإعداد للقاءات بشكل جيد جدا، فقد كنت أطلب ملخصا عن الشخص وخبراته، وأطلب تحضير أسئلة من عدة محاور. وتمكن شات جي بي تي من إنجاز هذه المهمة بشكل جيد جدا وبسهولة، ولا أعتقد أن المعدين للقاءات يحتاجون لأكثر من هذا التطبيق.
الأدوات والتطبيقات التي استخدمتها تسجيل الصوت وتحويله لنص (قمت بتجربة عدة تطبيقات ومواقع منها)تطبيق ريكوردر برو
تطبيق فييد. آي أو
موقع ككاتو شات جي بي تي ربط ملفات إكسل بتطبيق شات جي بي تي
تجربة ممتعة رغم النتائج
بعد انتهاء المؤتمر ومعرفتي بأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لحد الآن قاصرة عن التعامل مع الضغط والمساعدة عندما يكون لديك مواد طويلة، وأن تحليلها وتصنيفها بشكل دقيق ليس أمرا سهلا، إلا أن التجربة كانت مفيدة في معرفة حدود الذكاء الاصطناعي.
ربما في هذه النسخة من قمة الويب 2024 لم يحالف الحظ الذكاء الاصطناعي في هزيمة الإنسان في تغطية فعاليات القمة بشكل جيد، ولكن المأمول أن نسخة 2028 التي ستكون في الدوحة أيضا؛ سيساهم الذكاء الاصطناعي بدور كبير ومهم في تغطية الفعاليات بشكل ممتاز.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی التسجیل الصوتی منصات التواصل شات جی بی تی المساعدة فی الجمل التی فی الجدول بشکل جید فی تغطیة إلى نص التی ت
إقرأ أيضاً:
3 اكتشافات تمت بفضل الذكاء الاصطناعي في 2024
وفي السطور التالية نرصد أبرز تلك الاكتشافات: مخطوطات هيركولانيوم تمكن ثلاثة من الباحثين من من الكشف عن محتوى مخطوطات هيركولانيوم المتفحمة والتي لم تكن قابلة للقراءة، بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي.
وكانت هذه المخطوطات الهشة عُرضة للتفتت، كما أن لونها الأسود جعل من الصعب قراءة أي كتابات عليها، ولكن بفضل الذكاء الاصطناعي والأشعة السينية عالية الدقة، تم فك شفرة أكثر من 2000 حرف داخل المخطوطات.
وكان هذا الإنجاز كشف عن أول مقاطع كاملة من البرديات التي نجت من ثوران جبل فيزوف في عام 79 بعد الميلاد، ضمن بعض القطع الأثرية المتعلقة بروما القديمة واليونان، التي تم إنقاذها مما يُعتقد أنه منزل والد زوجة يوليوس قيصر.
وعن الطريقة التي تم بها فك رموز الكتابة، قال أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة كنتاكي والذي يعمل على فك شفرة المخطوطات منذ أكثر من عقد من الزمان، برنت سيلز، إن الكتابة تكون موجودة في المخطوطات ولكنها تكون مدفونة ومموهة في الورق.
ومن خلال الذكاء الاصطناعي يتم تكثيف هذه الكتابة وتضخيم قابلية قراءة الحبر، وفق سيلز.
التعرف على لغة الحيتان توصل العلماء من قبل إلى أن الأصوات التي تنتجها حيتان العنبر تختلف في طولها الموجي وإيقاعها، ولكن دلالة هذه اللغة ظلت لغزًا محيرًا بالنسبة للعلماء.
ولكن الذكاء الاصطناعي ساعد على تحليل نحو 9000 تسلسل نقرات مسجلة، تسمى الكودات، والتي تمثل أصوات حوالي 60 حوتًا من حيتان العنبر في البحر الكاريبي.
وسمح هذا التقدم في جعل لغة الحيتان قابلة في يومًا ما للتفسير بجانب بعض الحيوانات الأخرى.
وفي التجربة، قام العلماء برصد نهاية أصوات الحيتان، وخلال تبادل النداء، وكذلك الاستجابات بين الكائنات البحرية العملاقة.
ومن خلال عرض تلك الأصوات على أدوات الذكاء الاصطناعي، نتجت أنماط مقطعية أشبه بالأصوات التي ينتجها البشر.
واكتشفت البرامج 18 نوعًا من الإيقاع (تسلسل الفواصل الزمنية بين النقرات)، وخمسة أنواع من السرعة (مدة الكودا بأكملها)، وثلاثة أنواع من الروباتو (الاختلافات في المدة)، ونوعين من الزخارف “نقرة إضافية” تمت إضافتها في نهاية الكودا في مجموعة من الكودات الأقصر.
ويسعى العلماء في المراحل المقبلة لإجراء اختبارات تفاعلية مع الحيتان مع مراقبة سلوكها، بما يفتح الباب لفهم لغتها بشكل كامل.
كشف المواقع الأثرية على غرار المخطوطات الورقية، يعمل الذكاء الاصطناعي حاليًا على كشف المواقع الأثرية والرموز الغامضة المدفونة تحت الأرض في صحراء نازكا في بيرو.
وقديمًا، قضى العلماء ما يقرب من نصف قرن في الكشف عن تلك الآثار وتوثيقها. وغالبًا ما تكون الصور التوضيحية الممتدة، والتي لا يمكن رؤيتها إلا من الأعلى، تصور تصميمات هندسية وأشكال تشبه البشر وحتى حوت قاتل يحمل سكينًا.
وقام العماء بقيادة ماساتو ساكاي، أستاذ علم الآثار في جامعة ياماغاتا اليابانية، بتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي لاكتشاف نحو 430 رمزًا من خلال التقاط صور عالية الدقة لها.
وخلال الفترة بين سبتمبر 2022 وفبراير 2023، بدأ الفريق في التأكد من صحة هذه الرموز عن طريق مسح شامل لصحراء نازكا من خلال الطائرات بدون طيار. ونجح العلماء في إثبات صحة نحو 303 من الرسوم الجيوجليفية التصويرية، مما أدى إلى مضاعفة عدد الرسوم الجيوجليفية المعروفة تقريبًا في غضون أشهر