"مجزرة الطحين" تثير غضب العالم.. استشهاد 112 فلسطينيًا أثناء تسلمهم المساعدات الإنسانية.. والاحتلال: جنودنا شعروا بالتهديد وأطلقوا النار بشكل محدود
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
بايدن: ليس لدى إجابة.. وماكرون يستنكر ويطالب بالحقيقة.. والصين: نشعر بالصدمة.. وكولومبيا تعلق شراء الأسلحة الإسرائيلية
تحول توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة إلى مشهد دموي، ما أثار سخطًا ودعوات لكشف الحقيقة داخل المجتمع الدولي، بعدما وصفت وزارة الصحة الفلسطينية، الوضع بأنه "مذبحة" وأعلنت استشهاد ١١٢ شخصًا على الأقل وإصابة ٧٦٠ آخرين، إثر إطلاق قوات الاحتلال النار تجاه آلاف المواطنين المتجهين نحو شاحنات المساعدات التي كانت تحمل الطحين لمنكوبي القطاع.
وادعى مسئول في جيش الاحتلال وجود "إطلاق نار محدود" من جانب الجنود الذين شعروا "بالتهديد"، وقال إنه حدث تدافع أدى إلى قتل وجرح العشرات من السكان.
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاجاري، أن الجنود الصهاينة لم ينفذوا "لا نيران من الدبابات ولا غارات جوية في اتجاه القافلة". ووفقا له، فإن "الجيش كان يؤمن ممرا إنسانيا" لإرسال المساعدات إلى سكان شمال قطاع غزة، و"الطائرات بدون طيار كانت في الجو فقط لتوفير صورة واضحة من أعلى"، كما حاول جيش الاحتلال تفريق الحشد ببضع طلقات تحذيرية، حسب قول هاجاري.
وأعلنت الصين الجمعة أنها "تدين بشدة" مقتل عشرات الفلسطينيين أثناء توزيع مساعدات في شمال قطاع غزة. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينج "تشعر الصين بالصدمة حيال هذه الحادثة وتدينها بشدة، نعرب عن حزننا على الضحايا وتعاطفنا مع الجرحى".
وندد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بمقتل نحو مئة فلسطيني خلال توزيع المساعدات الغذائية في شمال غزة. وقال ألباريس عبر منصة إكس إن "الطبيعة غير المقبولة لما حدث في غزة، حيث يموت العشرات من المدنيين الفلسطينيين أثناء انتظارهم للحصول على الطعام، تؤكد الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار".
وأضاف أن "المساعدات الإنسانية يجب أن تدخل دون عوائق"، مشددا على "ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي".
وأعلنت كولومبيا تعليق شراء الأسلحة الصهيونية، وهي أحد الموردين الرئيسيين لقوات الأمن الكولومبية، بعد مقتل أكثر من مئة شخص خلال تجمعهم للحصول على مساعدات في شمال غزة.
وقال الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو عبر منصة إكس "أثناء انتظار الغذاء، قُتل أكثر من ١٠٠ فلسطيني على يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. يسمى هذا إبادة جماعية ويذكرنا بالهولوكوست رغم أن القوى العالمية لا تريد الاعتراف بذلك".
وعندما سُئل عن عشرات القتلى في غزة، أجاب الرئيس الأمريكي جو بايدن: “نحن نتحقق من ذلك في الوقت الحالي. هناك نسختان متضاربتان لما حدث. ليس لدي إجابة حتى الآن".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين: "لقد كنا على اتصال مع الحكومة الإسرائيلية منذ وقت مبكر من هذا الصباح، وندرك أن التحقيق جار، سنراقب هذا التحقيق عن كثب ونضغط للحصول على إجابات".
وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "سخطه العميق إزاء الصور التي وصلت من غزة حيث استهدف الجنود الإسرائيليون المدنيين"، وأكد استنكاره الشديد لهذه اللقطات ويطالب بإظهار الحقيقة والعدالة واحترام القانون الدولي".
وفي وقت سابق، قدرت وزارة الخارجية الفرنسية أن "إطلاق الجنود الإسرائيليين النار على المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى الغذاء أمر غير مبرر".
وندد رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل بـ"المذبحة الجديدة" والوفيات "غير المقبولة على الإطلاق". وأكد بوريل أن "حرمان الناس من المساعدات الإنسانية يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي"، مطالبا "بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق".
وقال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس إن مقتل أكثر من ١٠٠ شخص كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية في غزة مسألة تتطلب تحقيقا مستقلا وفعالا. وأضاف أنه "مصدوم" من أحدث تطورات الحرب مع إسرائيل. وأدان أنطونيو جوتيريش الأحداث.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم جوتيريش: "لا نعرف تفاصيل ما حدث ولكن سواء قُتل هؤلاء الأشخاص بنيران إسرائيلية، أو سحقتهم الحشود أو دهستهم الشاحنات، فهذه أعمال عنف، بطريقة ما، مرتبطة بهذا الصراع". واصفًا الوفيات بأنها حدث في "ظروف مروعة".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ابادة جماعية جرائم إسرائيل المساعدات الإنسانیة للحصول على
إقرأ أيضاً:
كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آدم راسجون وآرون بوكسرمان من القدس بناء على أكثر من 20 مقابلة مع مسؤولين وعمال إغاثة ورجال أعمال وسكان غزة قالا فيه إن العصابات تملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في بعض أجزاء جنوب غزة، وتختطف المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة.
فبينما كان حازم إسليم، سائق شاحنة فلسطيني، يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات نصب له لصوص مسلحون كمينا لقافلة الشاحنات التي كان فيها.
وقال، عبر الهاتف من غزة، إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، وأجبره على القيادة إلى حقل قريب حيث تم تفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبا من القافلة التي تضم نحو مئة شاحنة من المساعدات التابعة للأمم المتحدة، والتي تكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.
وقال إسليم، 47 عاما، الذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة أثناء نهبهم للدقيق: "لقد كان الأمر مرعبا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الطعام إلى الناس".
وينتشر الجوع على نطاق واسع بالقطاع، كما فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا على دخول المساعدات إلى غزة ومنع حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر إنها لن تسلم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين الاحتلال وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. وتتراكم مئات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة عند المعبر جزئيا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة ومقره مدينة رفح الجنوبية، إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجما للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من العام ــ غالبا من قِبَل سكان غزة الجائعين ــ أصبح الآن "نهبا منهجيا وتكتيكيا ومسلحا من قِبَل عصابات الجريمة" المنظمة. وأضاف: "هذه مجرد سرقة واضحة".
ويستند هذا التقرير إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة، وعمال إغاثة، وسكان غزة، ورجال أعمال فلسطينيين. كما استعرضت صحيفة نيويورك تايمز مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها.
تدهور الوضع في غزة بعد أن دخول الاحتلال الإسرائيلي رفح في أيار/ مايو الماضي، سعيا في القضاء على المقاومة في أحد معاقلها الأخيرة٬ واستغلت العصابات المنظمة ـ دون أن يوقفها أحد ـ الفراغ الذي حدث بعد غياب الإدارة المدنية٬ في اعتراض شاحنات المساعدات أثناء توجهها من معبر الحدود الرئيسي إلى جنوب غزة. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه العصابات تقوم بسرقة الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع وبيعها بأسعار فلكية.
وفي جنوب غزة، ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلا إلى ما يصل إلى 220 دولارا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط.
وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون الاحتلال الإسرائيلي بتجاهل المشكلة والسماح للصوص بالتصرف دون عقاب. ولا تسمح الأمم المتحدة للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.
وقد استهدف الاحتلال مرارا وتكرارا شرطة حماس، مما أدى إلى إضعافها بشدة، ويقول السكان إنه نادرا ما يُرى ضباط الشرطة في معظم أنحاء غزة.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، سمح الاحتلال لبعض شاحنات المساعدات بالسفر على طول حدود غزة مع مصر، وهو طريق جديد تسيطر عليه بالكامل القوات العسكرية الإسرائيلية. وتمكنت وكالات الأمم المتحدة من تجنب اللصوص وتقديم بعض الإغاثة.
ولكن هذا لم يكن كافيا لمعالجة النقص في المساعدات، كما تقول جماعات الإغاثة والسكان. وقد ساهمت الأسعار المرتفعة للسلع التي يبيعها اللصوص في خلق مشاهد يائسة بين سكان غزة العاديين الذين يكافحون من أجل الحصول على القليل من الطعام المتاح بأسعار معقولة.
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجمعت الحشود بالفعل عند مخبز "زادنا" في مدينة دير البلح بوسط غزة قبل ساعات من افتتاحه، على أمل شراء كيس من الخبز يحتوي على عشرين قطعة بسعر دولار واحد تدعمه الأمم المتحدة. وفجأة، اندلعت الفوضى عندما اندفع الناس العاديون في الحشد ــ بعضهم يحمل السكاكين ــ للوصول إلى مقدمة الصف، بحسب ما قاله عبد الحليم عوض، صاحب المخبز.
وأثناء الاضطرابات، دوت طلقات نارية. وقال إن امرأتين قتلتا وأصيبت أخريات، وتوفيت امرأة ثالثة في وقت لاحق متأثرة بجراحها. ومع تصاعد الاضطرابات، أغلقت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في جنوب ووسط غزة أبوابها في الوقت الحالي.
وقال عوض: "اليوم، أصبح حلم المواطن الغزي العادي وطموحه هو الحصول على قطعة خبز. لا أستطيع أن أقول أي شيء أكثر حزنا من ذلك".
يقول أصحاب شركات النقل في غزة وسائقو الشاحنات ومنظمات الإغاثة إن عصابات متعددة شاركت في عمليات النهب مؤخرا. لكن العديد من الأشخاص المشاركين في توصيل المساعدات أطلقوا على ياسر أبو شباب، 35 عاما، اسم الرجل الذي يدير العملية الأكثر تعقيدا.
يقولون إن عصابة أبو شباب تهيمن على جزء كبير من حي النصر في شرق رفح، والذي حولته الحرب إلى أرض قاحلة. ووصفه بيتروبولوس، المسؤول الأممي، بأنه "صاحب النفوذ في شرق رفح".
قال إسليم، سائق الشاحنة الذي تعرض لكمين في رفح، إن اللصوص الذين أسروه أخبروه أن أبو شباب هو رئيسهم. وقال عوض عبيد، وهو نازح من غزة حاول شراء الدقيق من عصابة أبو شباب في رفح، إنه رأى مسلحين يحرسون مستودعات تحتوي على صناديق مسروقة من المساعدات التي تحمل علامة الأمم المتحدة. وقال عابد: "طلبت من أحدهم كيسا من الدقيق لإطعام أطفالي، فرفع مسدسا في وجهي".
ونفى أبو شباب نهب شاحنات المساعدات على نطاق واسع، رغم أنه اعترف بأن رجاله ـ المسلحين ببنادق كلاشينكوف الهجومية ـ قاموا بمداهمة عددا من الشاحنات منذ بداية الحرب.
وقال في مقابلة هاتفية: "نحن نأخذ الشاحنات حتى نتمكن من الأكل، وليس حتى نتمكن من البيع"، مدعيا أنه كان يطعم أسرته وجيرانه. "كل شخص جائع يأخذ المساعدات".
إن سيطرة اللصوص على الإمدادات وارتفاع الأسعار تقوض حماس في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها. وفي 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس الحي الذي يقطنه أبو شباب، فقتلت أكثر من عشرين شخصا، من بينهم شقيقه، حسبما قال أبو شباب.
وأفادت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لحماس في ذلك الوقت أن قواتها قتلت عشرين عضوا من "عصابات اللصوص الذين كانوا يسرقون المساعدات".
ومع انتشار عمليات النهب في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل ظاهريا، اقترح سائقو الشاحنات وعمال الإغاثة أن الجيش الإسرائيلي يغض الطرف في الغالب عن هذه العمليات.
وقال بيتروبولوس: "إن القوات الإسرائيلية تتسامح باستمرار مع كميات غير مقبولة من عمليات النهب في المناطق التي تخضع ظاهريا وفعليا لسيطرتها العسكرية".
وفي بعض الأحيان، تنتشر الدبابات الإسرائيلية على طول الطرق الرئيسية التي تسافر عليها شاحنات المساعدات. وقال الوزراء الإسرائيليون إنهم ناقشوا تفويض شركات الأمن الخاصة بحماية قوافل المساعدات الدولية داخل غزة.