فجر كل يوم، يستيقظون من عز نومهم ومباشرة يتوجهون إلى أسواق الجملة، لشراء أطنان من الخضراوات والفاكهة وبسيارات نقل كبيرة ينقلونها إلى الأسواق، ويبيعونها لتجار التجزئة فى كل كل سوق.
هكذا تسير حياة تجار الجملة فى مصر، والذين طالتهم سهام الاتهام بالجشع وإشعال النار فى أسعار الخضراوات والفاكهة.
ولكن الغريب أن تجار الجملة وتجار التجزئة هم أيضاً يشكون من ارتفاع الأسعار!.
والسؤال: هل لجحيم الأسعار من نهاية؟.. إجابة هذا السؤال بحثنا عنها داخل أسواق الخضر والفاكهة..
والبداية كانت جولة ميدانية لمحرر «الوفد» داخل سوق جملة الخضار والفاكهة بمحافظة القليوبية، وكان أول ما استقبله حالة حزن تغشى وجوه الجميع، وشكوى على كل لسان من ارتفاع الأسعار، فالكل يشكو حتى فى سوق الجملة!
أول من التقينا بهم فى السوق، محمد رجب- تاجر خضراوات بإحدى الأسواق الشعبية، الذى أرجع ارتفاع أسعار الخضراوات، إلى استيراد سماد وتقاوى زراعية بملايين الدولارات.. وقال: «الأسمدة والتقاوى المصرية لا تكفى احتياجات المزارعين المصريين، ولهذا يتم استيرادها جانباً منها من الخارج، وعار علينا أن تكون مصر أول دولة عرفت الزراعة فى التاريخ، ويكون لدينا- حالياً- أزمة فى التقاوى والأسمدة، مطالباً بتوفير الإرشادات والتوجيهات الصحيحة للمزارعين لزيادة الإنتاج الزراعى، مع زيادة دعم الفلاح، حتى نحقق الاكتفاء الذاتى من جميع المنتجات الزراعية، ونتمكن من تصدير جانب منها بما يحقق فائدة ضخمة للاقتصاد الوطنى».
وأضاف رجب: «الخضراوات والفاكهة، سلع استراتيجية يجب تحقيق الاكتفاء الذاتى منها، بنسبة ١٠٠%، لأنها أهم المواد الغذائية فى البلاد ولا يستغنى عنها أى مواطن».
وتابع: بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والتقاوى اضطر الفلاح إلى رفع أسعار زراعته من الخضراوات والفاكهة، وبالتالى اشتراها تجار الجملة بسعر عال، وبسبب ارتفاع نقل الخضراوات والفاكهة من الحقول إلى الأسواق، وبسبب ارتفاع أسعار العمالة أيضاً، يضطر تجار الجملة والتجزئة أيضاً إلى رفع الأسعار» مشيراً إلى أن عامل جنى المحصول من الأرض كانت يتقاضى 20 جنيهاً فى اليوم والآن لا يقبل بأقل من 250 جنيهاً، وفيما كان إيجار فدان 5 آلاف جنيه، سابقاً والآن تخطى 25 ألف جنيه، وكل هذا الزيادات يتم إضافتها على سعر المحصول، ويتحملها المستهلك، مؤكداً أن الحكومة إذا ساعدت الفلاح فى إنتاج محصول وفير وجيد دون أى معوقات مالية، ستتراجع أسعار الخضراوات والفاكهة كما كانت منذ 10 سنوات سابقة.
وقال إكرامى بدر الدين، تاجر بصل بسوق القليوبية للجملة، إن سعر كيلو البصل جملة يبدأ من 12٫5 جنيه إلى 13 جنيهاً، ويصل السعر من 20 إلى 25 داخل الأسواق الشعبية ومن المتوقع أن يتخطى حاجز الـ٣٠ جنيهاً قريباً.
وأضاف: تجار التجزئة يشترون من سوق الجملة، ويتحملون تكاليف تشوين ونقل و«كارتة طرق» وأجرة العمالة التى تنقل البضائع حتى يصل إلى محلات التجزئة وكل تلك المصروفات يتم إضافتها على سعر الكيلو ويتحملها المستهلك».
وتابع: «الناس فى الأسواق بتكلم نفسها واللى كان بيشترى 2 كيلو يشترى نصف كيلو فقط».
وقال بدر الدين عبدالسلام- تاجر بطاطس سعر الكيلو، يتراوح بين 8.5 جنيه 10 جنيهات حسب نوع البطاطس المميز، وكثير من المواطنين غير قادرين على شرائها بسبب أسعارها المرتفعة»، مطالباً وزارة الزراعة بمساندة الفلاحين والتجار لحل أزمة ارتفاع الأسعار التى يعانى منها كل المصريين حالياً.
وقال فارس سطوح - تاجر ليمون وباذنجان بسوق الخضار والفاكهة بمحافظة القليوبية: ارتفعت الأسعار بنسبة تتخطى 100% وفى سوق الجملة، تراوح سعر كيلو الليمون بين 16 جنيهاً و18 جنيهاً، وسعر الباذنجان من 8 جنيهات إلى 10 جنيهات، ومن المتوقع أن يرتفع سعر الليمون مرة أخرى مع اقتراب شهر رمضان.
هناك أنواع عديدة من الخضراوات بعد حصادها يجب أن يتم توزيعها فى أسرع وقت حتى لا يلتهمها العفن.. هكذا بدأ وليد الجابرى تاجر كرنب وقرنبيط، بسوق الجملة بالقليوبية حديثه معنا.. وقال: أعيش معاناة يومياً، حتى أتمكن من بيع الكرنب والقرنبيط لتجار التجزئة فى أسرع لأن هذه الخضراوات تفسد سريعاً»
وقال: سعر الكرنبة الواحدة من 8 جنيهات إلى 12 جنيها، وسعر القرنبيط 10 جنيهات، أبحث يومياً عن مشترٍ للمحصول حتى ولو بخسارة لأنه مختلف عن باقى المحاصيل الزراعية، نعانى كل يوم خفض نسبة الطلب على المحصول، فأغلب الناس بطلت تشترى بسبب ارتفاع الأسعار الذى يفاجئنا يومياً، وعلى الحكومة وضع خطة واضحة لإنهاء أزمة ارتفاع الأسعار، حتى لا يخرب بيوتنا أكثر من ذلك».
وأكد طه محمد موزع «شبت وبقدونس وجرجير» فى القاهرة الكبرى، أن جميع عمال جمع الخضرة من الأراضى الزراعية، توقفوا عن العمل طالبوا بزيادة اليومية من ٢٠ جنيهاً إلى ٣٥ جنيهاً مقابل قطع ١٠٠ حزمة خضرة، واضطر الفلاحون إلى الاستجابة لهم ما أدى لارتفاع سعر حزمة الشبت والجرجير والبقدونس من جنيه إلى ٢ جنيه، بنسبة زيادة ١٠٠%، مطالباً الحكومة بتوفير موارد لدعم العمالة اليومية حتى لا تتسبب فى زيادة الأسعار، بسبب عدم وجود مصدر دخل آخر يساعدهم على متطلبات الحياة القاسية.
واتهم حسين أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، الحلقات الوسيطة بالتسبب فى زيادة الأسعار مؤكداً أنها المتهم الأول فى إشعال نار الأسعار، وقال: كيلو البطاطس فى الحقل بـ10 جنيهات، ويصل للمستهلك 15 جنيهاً بسبب الحلقات الوسيطة والمصروفات».
قال حاتم النجيب، نائب اتحاد شعبة الخضار والفاكهة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن ارتفاع الأسعار فى كل المستلزمات، والمنتجات الغذائية، يرجع لانخفاض قيمة الجنيه المصرى، فمصر تستورد جميع بذور الخضراوات، وهذا الاستيراد تسبب فى ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وتوقع «النجيب» حدوث انخفاض كبير فى المواسم الصيفية الجديدة فى أسعار الخضار والفاكهة بسبب زيادة الإنتاج، وأضاف: الطماطم انخفض سعرها من 25 جنيهاً إلى 10 جنيهات فى أسواق التجزئة، واستمرار انخفاض الأسعار يرجع لزيادة الإنتاج الزراعى فى جميع المحافظات، قائلاً: أنا معنديش أزمة فى الخضار والفاكهة، بالعكس أنا عندى اكتفاء ذاتى وبصدر الخضار والفاكهة للعالم، أنا عندى 7 ملايين طن وأصدر كل سنة ما يفيض عن السوق المحلى».
وأكد «النجيب» أن وزارة الزراعة تعمل الآن على مشروع قومى للبذور، ويتم تنفيذه بالشراكة مع عدد من الشركات الأجنبية، حيث ينفذ المشروع فى إطار جهود الدولة لدعم القطاع الزراعى ورفع الكفاءة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية المصرية».
وتابع «النجيب»، وفقاً لإحصائيات رسمية صادرة عن الجهاز المركزى للإحصاء، يتم استيراد نحو 98% من تقاوى الخضر والفاكهة، التى تزرع سنوياً فى مصر، بينما يتم إنتاج 2% فقط، بنحو 7 مليارات جنيه سنوياً، والمشروع يهدف لتحقيق درجة عالية من الاكتفاء الذاتى من تقاوى الخضر عالية الإنتاجية والجودة، ويهدف المشروع فى المقام الأول نحو تحقيق درجة عالية من الاكتفاء الذاتى من تقاوى الخضر عالية الإنتاجية والجودة، تقاوم الآفات والتغيرات المناخية، ونجح مركز البحوث الزراعية فى تسجيل 25 صنفا من تقاوى الخضر والفاكهة لأول مرة فى مصر، ضمن البرنامج القومى لإنتاج تقاوى الخضر والفاكهة.
وأضاف «النجيب»: شملت الأصناف 5 من هجن الطماطم عالية الجودة، و5 من البطيخ المتفوق، و5 آخرين من الباذنجان، واثنين من الكانتالوب، وصنفين من البسلة، و3 أصناف من الفلفل الحلو، وصنف من اللوبيا، بالإضافة إلى أصناف أخرى، ونجح مركز البحوث الزراعية فى تسجيل 25 صنفاً من تقاوى الخضر والفاكهة لأول مرة فى مصر، ضمن البرنامج القومى لإنتاج تقاوى الخضر والفاكهة، منها تقاوى للباذنجان، من خلال توفير بذور هجن محلية تناسب المناخ فى مصر وتقاوم الأمراض والفيروسات، وتقاوى كوسة تصلح للزراعة فى العروات المختلفة الصيفية والشتوية والخريفية، وتقاوى بطاطس كما يتم استنباط هجن بطيخ عالية الجودة، كما يتم إنتاج بذور الكنتالوب المستوردة
انفلات سعرى
وأكد چون لوكا - الخبير الاقتصادى- أن السبب الرئيسى وراء ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة فى الأسواق يرجع إلى عدة أسباب أهمها، تقلبات الطقس والظروف الجوية القاسية، التى،تؤدى إلى نقص،المعروض وارتفاع فى الأسعار، فضلا عن زيادة تكاليف الإنتاج مثل تكاليف الأسمدة والمبيدات الزراعية والعمالة، وزيادة فى تكاليف الوقود والشحن، وتزداد أزمة الأسعار فى المناسبات كأيام رمضان والأعياد بسبب زيادة الطلب على السلع خلالها.
وأضاف «لوكا» استيراد جميع المستلزمات الزراعية يؤثر سلباً على المستهلك.
وتوقع لوكا، حدوث ارتفاع كبير فى أسعار الخضراوات والفاكهة فى شهر رمضان خاصة فى ظل غياب الرقابة على الأسواق، مدللا عل ذلك بزيادة أسعار السلع،الغذائية كل ساعة دون أن يستطيع أحد التصدى لهذا الانفلات السعرى، أو محاسبة محتكرين الخضراوات والفاكهة.
وطالب الخبير الاقتصادى، من الحكومة، دعم الفلاحين والمزارعين،، عبر توفير التسهيلات والمساعدات المالية والتقنية التى تساعدهم على زيادة إنتاجهم وتحسين جودة المنتجات الزراعية، ومن ناحية مع تحسين شبكة الرى وتوفير مصادر مياه جديدة وتعزيز البحث العلمى فى مجال الزراعة، ودعم الإنتاج المحلى يشجع الإنتاج المحلى والاعتماد عليه بدلاً من الاعتماد على الاستيراد، ورصد ومراقبة الأسواق بتشكيل لجان لمتابعة تحركات الأسعار والمخزون، ومكافحة التلاعب فى الأسعار والمضاربة، وإنشاء سلاسل توريد فعالة ومنظمة للخضراوات والفاكهة بين المنتجين والمسوقين والمستهلكين، لتقليل الفاقد وتحسين الجودة، كما يجب على الحكومة وضع سياسات وآليات للتحكم فى عمليات التصدير للخضراوات والفاكهة، بهدف توفير الكميات الكافية للسوق المحلية وتفادى نقص الإمدادات، وتعزيز التعاون الدولى فى مجال الزراعة والتجارة الزراعية، من خلال التعاقد مع دول أخرى لاستيراد أصناف مختلفة من الخضراوات والفاكهة بأسعار معقولة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فى الأسواق تجار الجملة والأسعار زيادة الأسعار بصل الأسواق الشعبية الخضراوات والفاکهة الاکتفاء الذاتى من الخضار والفاکهة أسعار الخضراوات ارتفاع الأسعار تجار التجزئة ارتفاع أسعار من الخضراوات بسبب ارتفاع تجار الجملة سوق الجملة فى مصر
إقرأ أيضاً:
ارتفاع كبير للأسعار في إسرائيل وقفزات متوالية لتكاليف المنتجات الغذائية
ارتفاع كبير للأسعار في إسرائيل وقفزات متوالية لتكاليف المنتجات الغذائية
الجديد برس|
أعلنت المزيد من الشركات الإسرائيلية عن رفع أسعار منتجاتها، الأمر الذي يعكس اتساعاً مستمراً لما وصفه مسؤولون إسرائيليون في وقت سابق بـ”تسونامي ارتفاع الأسعار”، والذي أكدوا أن الحظر البحري الذي تفرضه قوات صنعاء على إسرائيل أحد أسبابه.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، الخميس، إن شركة “بريميوم” الوكيل الرسمي لمنتجات “فيريرو” في إسرائيل، ستقوم برفع الأسعار مجدداً بنسب تصل إلى 9% بدءا من أبريل القادم.
وأبلغت الشركة تجار التجزئة بأن “الزيادة تأتي بسبب ارتفاع مدخلات الإنتاج”، وفقاً لما نقلت الصحيفة.
وأضافت الشركة: “نقوم بتحديث الأسعار بعد أن اتخذنا جميع إجراءات الكفاءة الممكنة تحت تصرفنا، ونود أن نؤكد أن هذا التحديث يعوض جزئياً فقط عن الزيادة المستمرة في تكاليف مدخلات الإنتاج، بينما نواصل استيعاب معظم التكاليف”.
ووفقاً للصحيفة فإن الشركة كانت قد رفعت الأسعار بداية هذا الشهر بمتوسط 7% بسبب زيادة ضريبة القيمة المضافة، كما كانت قد رفعت الأسعار قبل ذلك في مايو 2024 بمتوسط 6%، بسبب ارتفاع تكلفة المواد الخام.
وأوضحت الصحيفة أن “الحصة التي تحتلها الشركة على أرفف الشوكولاتة والحلوى في إسرائيل كبيرة جداً”، حيث تتضمن مختلف منتجات “كيندر” و”نوتيلا” و”فيريرو روشيه”.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع كشفت “يديعوت أحرنوت” أن سلاسل “بنديكت” و”لاندور” و”أروما” و”رولادين” للمقاهي في إسرائيل رفعت الأسعار بنسب تصل إلى 26% هذا الشهر.
كما أوضحت الصحيفة أن سلسلة “برجر كينغ” للوجبات الغذائية رفعت أسعار منتجاتها في إسرائيل بنسب تصل إلى 25% وبررت ذلك بـ”الزيادة في أسعار المواد الخام والمدخلات وزيادة ضريبة القيمة المضافة”.
وكانت شركة “ماكدونالدز” قد أعلنت مؤخراً أيضاً عن رفع أسعار منتجاتها في إسرائيل بنسب تصل إلى 17%، كما أعلنت عن إلغاء التخفيضات التي كانت مخصصة لجنود الجيش الإسرائيلي.
وتأتي هذه الزيادات ضمن موجة ارتفاع أسعار واسعة وشاملة ضربت إسرائيل مع بداية العام الجديد، حتى أن البعض أطلق عليها “تسونامي زيادات الأسعار”، وذلك تزامناً مع إجراءات حكومية جديدة تضمنت رفع ضريبة القيمة المضافة وضرائب أخرى، ورفع أسعار خدمات الماء والكهرباء والوقود.
ومع ذلك فإن التقارير العبرية تؤكد أن الزيادات التي فرضتها الشركات أكبر بكثير من نسبة الزيادة في ضريبة القيمة المضافة.
ونقلت صحيفة “غلوبس” العبرية عن رئيس اتحاد المصنعين بإسرائيل رون تومر، في مطلع يناير، قوله إن الحصار الذي فرضته قوات صنعاء على حركة الملاحة الإسرائيلية كان من أسباب هذا “التسونامي”.
وقال تومر إن “تكلفة نقل حاوية من الصين أكثر بأربع مرات تقريباً منذ ديسمبر 2023، وأصبحت رحلة البضائع من الصين إلى إسرائيل أطول بثلاث مرات، ولهذا السبب، تضاعف المخزون الذي يجب شراؤه وشحنه بحراً ثلاث مرات، مما يؤدي إلى زيادات أعلى في معدلات الاستيراد”.