من سلة غذاء العالم إلى أزمة طاحنة!
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
كانت مصر تعد قديماً سلة غذاء العالم، حيث وصفها النص القرآنى بخزائن الأرض فى عهد سيدنا يوسف عليه السلام.. حيث كانت سلة غذاء المنطقة كلها وسبب إنقاذ سكانها من المجاعة طوال 7 سنين عجاف.
كما توثق جدران المقابر والمعابد الفرعونية عملية زراعة القمح بتفاصيلها كافة، منذ نثر البذور حتى الاحتفال بالحصاد.
كما كانت مصر تطعم الإمبراطورية الرومانية بالقمح خلال فترة الاحتلال التى طالت ما يزيد على 600 عام، وقبلها كانت سفن الغلال تسير من ميناء الإسكندرية إلى مدن اليونان القديم.
وفى عام الرمادة فى عصر الخليفة عمر بن الخطاب عندما حدث جفاف فى الجزيرة العربية، أرسل عمرو بن العاص، حاكم مصر، قافلة غذائية أطعمت الجزيرة العربية وكفتها مؤنة المجاعة، واستمر هذا الوضع حتى منتصف القرن العشرين.
وبدأ التحول للاستيراد فى عام 1951، عندما استوردت مصر القمح لتغطية احتياجات القوات البريطانية على أرضها ثم فى عام 1952، وبعد الإطاحة بالملك فاروق، بدأت عملية استيراد القمح للاستهلاك المحلى عندما اتجهت الحكومة لتعميم استخدامه بدلاً من الذرة فى صناعة الخبز.
وظلت كميات القمح المستوردة فى مصر تتزايد عبر السنين مع زيادة عدد السكان، وانتزعت المركز الأول من اليابان فى استيراد القمح حيث تستورد قرابة 12 مليون طن قمح سنويا بنسبة 10٫6% من إجمالى صادرات القمح العالمية.
وأدت تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية على أسواق القمح العالمية، سواء من حيث الإمدادات وما تبع ذلك من ارتفاع فى الأسعار، نتيجة تناقص المعروض، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن، وهو ما كان له أثر كبير على الدول المستوردة منها مصر التى تستورد حوالى 80٪ من احتياجاتها من القمح، وانعكست هذه الأزمة على المواطن المصرى متمثلة فى ارتفاع أسعار الخبز.
ما يشغل الحكومة المصرية فى المقام الأول، هو الحفاظ على رغيف الخبز المدعم، وسارت وزارة التموين فى طريقين متوازيين للحد من تداعيات الأزمة، الأول رفع المستهدف من توريد القمح المحلى، والثانى تعديل مواصفات رغيف الخبز لتقليل نسبة القمح.
هناك نص توراتى عن توفير القمح: «فالآن لينظر فرعون رجلاً بصيراً وحكيماً ويجعله على أرض مصر. يفعل فرعون فيوكل نظاراً على الأرض، ويأخذ خمس غلة مصر فى سبع سنين الشبع، فيجمعون جميع الطعام هذه السنين الجيدة القادمة، ويخزنون قمحاً تحت يد فرعون طعاماً فى المدن ويحفظونه. فيكون الطعام ذخيرة الأرض لسبع سنين الجوع التى تكون فى أرض مصر، فال تنقرض الأرض بالجوع»، يعد هذا النص على نص مثيل من القرآن الكريم نصاً مؤسساً للمقولة التى استقرت، وهى أن مصر كانت يوماً سلة غذاء العالم.
ظلت مصر تحتل هذا الموقع آلاف السنين، يطعم قمحها العالم القديم ويسقى شعيرها المختمر نبلاءه. حتى إن صادفها الجوع أحياناً كانت تعود إلى موقعها خلال سنوات معدودات، فكيف حدث التراجع فى محصول القمح وصولاً إلى الوضع الحالى؟
ووفقاً للحكاية التوراتية والقرآنية الشهيرة، رأى حاكم مصر حلماً فيه سبع بقرات سمان تأكلهن سبع بقرات عجاف، فتذكر ساقى «الفرعون» الشاب العبرانى مفسر الأحلام الذى كان معه فى «العنبر» فجاء به الحاكم ليفسر له يوسف بن يعقوب وينصح بأخذ خمس ما تنتجه البلاد من قمح فى سنوات الوفرة واختزانها ليأكل منها الناس فى سنوات الجوع. وبنى الحاكم تحت إشراف الشاب العبرانى صوامع ضخمة لاختزان الغلال، وصارت مصدر غذاء لمصر والبلاد المحيطة.
وتشير المراجع إلى أن مصر على مدار تاريخها مرت بالعديد من الأزمات التى تسببت فى اختفاء القمح أو زيادة أسعاره بصورة كبيرة، سببت مجاعات كثيرة. وكانت أشد فترات المعاناة هى فترة حكم العثمانيين للمصريين منذ منتصف القرن الرابع عشر، حيث زاد الأسعار بشكل كبير، ما أدى إلى غضب الرعية وتظاهرهم ضد الدول فى أحيان كثيرة.
وعلى الرغم من استمرار الغلاء لفترات متقطعة، فإن الرخاء عاد فى عام 1730، ليصير متوسط سعر القمح فى الفترة بين عامى 1730 - 1740 مستقراً عن 56 يارة، إلا أن أزمة غلاء كبيرة وقعت فى عام 1741 - 1742 وتراوح سعر الأردب الواحد بين 220 - 240 يارة، واليارة جزء من القرش. «القرش 40 يارة». اللهم اجعل مصر مصر سخاء رخاء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب أزمة الحرب الروسية الأوكرانية المواطن المصرى الحكومة المصرية سلة غذاء فى عام
إقرأ أيضاً:
رئيس موازنة النواب : 400 جنيه نصيب كل فرد حال التحول إلى الدعم النقدي
قال الدكتور فخري الفقي ، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أن البيانات التي لدينا توضح أن المستفيدين من رغيف الخبز يصلوا إلى 70 مليون مواطن ، بما يعني تقريبا ثلاثة أرباع الشعب المصري يستفيد من رغيف الخبز المدعم ، وكل حامل البطاقة قد يكون لديه أكثر من فرد ، ولابد أيضا معرفة كم عدد من يحملون بطاقة تموينية.
وأشار الفقي خلال حواره لـ"صدى البلد" إلى أن التقديرت توضح أن هناك 62 مليون مواطن مستفيدين ، قد يكونوا تحت مظلة أسرة ، وكل فرد من 62 مليون يحصل على 50 جنيه ، وإذا قمنا بضرب 50 جنيه في 62 مليون جنيه سيكون لدينا 36 مليار جنيه ، وإذا أضافنا إليهم 98 مليار جنيه قيمة دعم رغيف الخبز يكون لدينا 134 مليار جنيه وهي قيمة دعم رغيف الخبز والسلع التموينية.
وتابع رئيس لجنة الحطة والموازنة بمجلس النواب: كما يستفيد كل الشعب المصري من دعم المواد البترولية بقيمة 155 مليار جنيه وعددهم 110 مليون مواطن ، بالإضافة إلى 9 مليون ضيف والتمثيل الدبلوماسي للدول الأجنبية في مصر من سفارات ، وبالتالي نفترض أننا لدينا 120 مليون على أرض مصر.
وقال: لو أخذنا قيمة دعم رغيف الخبز وهي 98 مليار جنيه وقمنا بقسمها على 70 مليون مواطن ، سيكون نصيب كل فرد من الدعم النقدي 120 جنيه في الشهر ، وإذا أضافنا إليهم دعم السلع التموينية والذي يحصل فيها كل فرد على 50 جنيه ، سيكونوا مثلا 170 جنيه أو 180 جنيه ، وإذا أضافنا قيمة دعم المواد البترولية التي تصل إلى 155 مليار جنيه ، وإذا افترضنا أن 50 مليون مواطن يستحق دعم المواد البترولية ، ولو قمنا بقسمة 155 مليار جنيه على 50 سيكون نصيب كل فرد من الدعم النقدي للمواد البترولية يصل إلى 3000 جنيه في السنة وإذا قسمنا على 12 شهر يكون 250 جنيه نصيب كل فرد من الدعم النقدي.
واستطرد: نفترض إذا جمعنا الدعم النقدي لرغيف الخبز والسلع التموينية 170 جنيه ، وإذا أضافنا إليهم 250 جنيه دعم المواد البترولية ، سيحصل كل فرد على دعم نقدي من رغيف الخبز والسلع التموينية والمواد البترولية يتراوح من 400 جنيه إلى 450 جنيه شهريا ، ولو أسرة مكونة من زوجة وزوجة و3 أفراد سيحصلوا على 2000 جنيه دعم نقدي شهريا ، وأتوقع أن الدعم النقدي لن يقل عن 1500 جنيه أو 2000 جنيه شهريا لأسرة مكونة من 5 أفراد ، وهذه زيادة إضافية بخلاف الزيادة في المرتبات والمعاشات وزيادة حد الإعفاء الضريبي.
واختتم: إذا ارتفعت تكلفة رغيف الخبز أو السلع التموينية مثل الزيت والسكر والمواد البترولية ، يجب أن يتم عمل مؤشر في هذه الحالة ، بحيث إذا ارتفع هذا المؤشر فإنه يعكس ارتفاع تكلفة أي سلعة من هذه السلع ، وإذا زاد هذا المؤشر بقيمة 10% نتيجة ارتفاع تكلفة رغيف الخبز إلى تكلفته بقيمة جنيه و25 قرش والسلع التموينية والمواد البترولية ، فإنه حينما يتم توزيع الدعم بشكل نقدي فلابد من زيادته أيضا في ضوء التضخم في هذه السلع المرصودة لهذه الفئة المستحقة.