كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي
فى حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ
إِنّى لَأَحمِلُ فى هَواكِ صَبابَةً
وحتى :
يَحمى كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقٍ
كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ
بتلك الأبيات الشهيرة للشاعر المصرى الكبير «حافظ ابراهيم» شاعر النيل (الذى نعيش هذه الأيام ذكرى يوم ميلاده 24 فبراير 1872) استقبل الرئيس التونسى السابق «الباجى قايد السبسى» الرئيس «عبدالفتاح السيسى» عند زيارته تونس الشقيقة.
وقد كان شغف وولع وحب حافظ إبراهيم للنيلِ هائلًا حتى أطُلق عليه شاعر النيل، وظل ذلك اللقب، وأكد عليه ما هو معلوم بقصة مولدِه على مَركبٍ فى النيلِ كتعميد لذلك اللقبَ الذى اشتهرُ به؛ وكان حافظ إبراهيم من الشعراءِ الذين أحيَوا الشعرَ العربي خلال النصفِ الأخير من القرن التاسع عشر..
وحافظ ابراهيم هو صاحب القصيدة التاريخية الرائعة «مصر تتحدث عن نفسها» والتى شدت بها كوكب الشرق أم كلثوم ولاقت نجاحًا مصريًا وعربيًا هائلًا عند إذاعتها، وكان الشاعر قد نظم أبياتها سنة ١٩٢١ عقب قطع مفاوضات عدلى- كيرزون، حين انكشفت نوايا الإنجليز الغادرة فى العدوان على مصر، وقد أشاد فيها الشاعر بمصر العظيمة الشامخة، وعلى لسان مصر صاح مناديًا شعبها الأبى البار بوطنه ليستمسكوا بفخر وعزة بتاريخهم العبقرى، ويترابطوا بعزم لنيل الحقوق، ليُسمعوا الدنيا صوت مصر التاريخ والحاضر.. مصر الأبية العظيمة، حيث «مصر فوق الجميع».. وكانت أبيات قصيدة حافظ إبراهيم التى تحدثت بها مصر أم الدنيا لتسمعها كل الدنيا..
وقف الخلقُ ينظرون جميعًا
كيف ابنى قواعدَ المجد وحدى
وبُناة الأهرام فى سالف الدهـر
ولكن حافظ، رغم البؤس ورغم الخوف ورغم القلق كان ظريفًا، وكان يضحك من الأعماق، ويسخر من كل شيء حتى من وجوده.
ويتوقف كاتبنا الساخر الكبير الراحل محمود السعدنى عند أبرز صفات حافظ إبراهيم… القلق، وأعظم إنتاجه… حياته! ولقد بدأت حياته القلقة الرائعة فى عام ١٨٧٢م، حين وُلد فى عوَّامة كان يسكنها أبوه المهندس المشرف على قناطر ديروط.
يذكر السعدنى «أن» حافظ قدعرض نفسه على جريدة الأهرام ولكنه لم يُوفق. وكانت شهرته قد امتدت إلى مختلف الأوساط، وأصبح يغشى مجالس الشيخ محمد عبده، وغيرها من مجالس العظماء. وكان له من جزالة الصوت، وحُسن الإلقاء، وجيد الشِّعر، والنكتة؛ ما أفسح له مكانًا فى الندوات. وفى هذه الفترة تزوَّج حافظ إبراهيم، ولكن زواجه لم يدُم طويلًا؛ إذ هجر بيت الزوجية بعد أربعة أشهر، ثم لم يعُد إليه بعد ذلك حتى نهاية حياته التى امتدت ستين عامًا...».
اشترك فى الأحداث التى هزت بلاده بقلمه، وكان من خير شِعره ما قاله فى حادث دنشواي، وفى رثاء مصطفى كامل وسعد زغلول. وكان ينتهز الفرص ليصرخ فى وجوه المصريين أن أفيقوا، وأن هُبوا. وكان يبدو متشائمًا أحيانًا، ولكنه لم يفقد الأمل فى شعبه، وكان واثقًا من النصر فى النهاية.. (وللمقال تتمة).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي مصر تتحدث عن نفسها
إقرأ أيضاً:
جهاز تجديد القاهرة: تطوير الأحياء التاريخية حافظ على التوازن البيئي والبعد الاجتماعي
قال مدحت عبدالرحمن، رئيس جهاز تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية، إن استراتيجية تطوير وإحياء المناطق التراثية بالقاهرة التاريخية والفاطمية اعتمدت على تفعيل معايير التنمية المستدامة، وربط عمليات التجديد بأهداف وأبعاد اجتماعية واقتصادية وبيئية.
معايير التنمية المستدامة تطبق فى تجديد احياء القاهرة التاريخيةوأضاف خلال مشاركته في جلسة بعنوان «تكامل الماضي والحاضر: إعادة تخطيط الأماكن التاريخية والمناطق المهمشة بطريقة عمرانية مبتكرة» ضمن فعاليات المنتدى الحضري العالمي، التي تم خلالها استعراض عمليات تطوير المناطق الأثرية والتاريخية، أنه جرى إنشاء جهاز تنفيذي لتجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية ليكون ذا طابع خاص برئاسة الجهاز المركزي للتعمير وتحت مظلة وزارة الإسكان.
وأوضح أن استراتيجية إعادة الإحياء والتطوير في أحياء القاهرة التاريخية تقوم بالأساس على معايير الحفاظ على التوازن البيئي بالإضافة إلى مراعاة البعد الاجتماعي، بغرض الربط بين الأثر والمنطقة المحيطة وتحقيق التكامل بينهما بما يضمن تحسين جودة الحياة والرفاهية للسكان، إلى جانب استثمار الموارد والخامات والقوى البشرية في المنطقة المحيطة.
ولفت إلى تركيز استراتيجية التطوير وإعادة الإحياء والتجديد للمناطق الأثرية بالقاهرة، على البعد الاقتصادي لعمليات التطوير، والذي يتمثل في زيادة فرص العمل وربط إعادة التوظيف بالبعد الأثري وتعزيز الشراكات مع مؤسسات القطاع الخاص والأجنبي لجذب الاستثمارات وزيادة القدرة التنافسية في مجال السياحة والآثار، مشيرا إلى أبرز مشروعات تطوير القاهرة التاريخية والتي تتمثل في تطوير قصر السكاكيني ومدينة الفسطاط.
تعزيز التنمية الحضريةمن جانبه، قال المهندس محمد الخطيب، مستشار التطوير لصندوق التنمية العمرانية، إن أهداف الصندوق ودوره في السوق المصرية، هو التركيز على الإحياء العمراني للتراث المصري وتطوير القاهرة التاريخية، منوها إلى أن الصندوق يسعى لتكثيف الزيارات إلى القاهرة وتحقيق توازن بين الجمال المعماري والوظائف المجتمعية للمدينة، ما يعزز مكانتها كمقصد سياحي عالمي.
وأشار إلى أن خطط الصندوق تتضمن تطوير المناطق التي تمثل خطورة من الدرجة الأولى والثانية، والعمل على إحياء أكثر من 200 فدان من الأراضي التاريخية والمباني التراثية بالقاهرة.
كما أشار محمد الخطيب إلى مشروع تطوير منطقة مسجد الحكيم، الذي يُعد أحد معالم التراث المصري، والذي يهدف إلى تعزيز الزيارات إليه وجعل المنطقة نقطة جذب سياحية، موكدا أن صندوق التنمية العمرانية ملتزم بإعادة إحياء هذه المواقع التاريخية، والعمل على بناء جسور مستدامة بين التراث والمستقبل، ما يعكس أصالة وروح الحضارة المصرية، مع تلبية الاحتياجات التنموية للمجتمع.
الحفاظ على حيوية المناطق التاريخيةفيما استعرض خوسيه شونج مدير إدارة البرامج ببرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «موئل»، دور الأماكن العامة في الحفاظ على التراث الحضري، مشيرا إلى أن المساحات العامة ضرورية للحفاظ على حيوية المناطق التاريخية، فهي لا تقدم فقط الجمال المادي، وإنما تعد بمثابة مساحات معيشية، حيث تلتقي الثقافة والتفاعلات المجتمعية والتراث.
ولفت إلى أن النقاط الرئيسية تشمل التفاعل المجتمعي، إذ تشكل الأماكن العامة في المواقع التراثية نقاط تجمع للمجتمع، وتعزز التماسك الاجتماعي والشعور بالانتماء، إضافة إلى الهوية والاستمرارية، حيث تجسد المساحات هوية المنطقة، وتحافظ على السرديات التاريخية وتضمن الاستمرارية بين الماضي والحاضر.
وأشار إلى أن هذه النقاط تتضمن أيضا القيمة الاقتصادية والاجتماعية، إذ تعمل الأماكن العامة المتجددة على جذب السياحة والنشاط الاقتصادي المحلي مع خلق مناطق آمنة تعود بالنفع على جميع السكان.
خدمات السائحين أثناء عمليات التطويروقال المهندس محمد أبوسمرة، الأمين العام لمؤسسة تكامل لاستدامة التنمية، إن هناك أدوات أساسية قبل عملية التطوير في القاهرة جرى النظر إليها من منظور ثقافي وبيئي واقتصادي يعود على الدولة للاستفادة منه.