فى ضوء العدد الهائل من الوفيات فى البحر الأبيض المتوسط فى السنوات الأخيرة، يجب على الاتحاد الأوروبى تشكيل لجنة تحقيق فى العوامل التى تسببت فى هذه الأزمات الإنسانية. فعندما يموت 600 شخص فى إحدى ليالى الصيف فى البحر الأبيض المتوسط، وتكون رحلتهم معروفة أو تشهدها لعدة ساعات وفى أوقات مختلفة من قبل وكالة تابعة للاتحاد الأوروبى، والسلطات البحرية فى دولتين من دول الاتحاد الأوروبى، ونشطاء المجتمع المدنى والعديد من السفن والقوارب الخاصة.
وبحلول الوقت الذى غرقت فيه السفينة أدريانا، لم تعد عمليات البحث والإنقاذ الاستباقية التى يقوم بها الاتحاد الأوروبى موجودة فى الأساس. وتم إغلاق مبادرة الإنقاذ المشتركة بين إيطاليا والاتحاد الأوروبى. لذلك تتعرض المنظمات غير الحكومية المشاركة فى مبادرات البحث والإنقاذ لخطر الملاحقة القضائية فى العديد من الدول الأعضاء.
للأسف إن فرونتكس، وهى الوكالة الأكبر حجماً والأكثر موارد فى الاتحاد الأوروبى، وكالة الحدود و«خفر السواحل»، إلا أن صلاحياتها تقيد بشدة دورها فى «البحث والإنقاذ» بحيث يقتصر على البحث والمراقبة فقط. إن سلطة التصرف لإنقاذ الأرواح فى السياق المحدد لعمليات الإنقاذ فى البحر، تقع فى المقام الأول على عاتق الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى.
ووقعت مأساة أدريانا بعد وقت قصير من استقالة المدير السابق لوكالة فرونتكس فى أعقاب تقرير للاتحاد الأوروبى كشف عن عمليات صد المهاجرين من قبل خفر السواحل اليونانى. وتعتبر عمليات الإرجاع هذه غير قانونية بموجب قانون الاتحاد الأوروبى والقانون الدولى. وقبل أقل من عام، حكمت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد اليونان فى قضية تتعلق بغرق قارب آخر ما أدى إلى سقوط قتلى، مع بعض أوجه التشابه مع مأساة أدريانا. ومع ذلك، اختارت وكالة فرونتكس، حتى الآن، عدم ممارسة حقها القانونى فى الانسحاب من اليونان بسبب مخاوف بشأن انتهاكات الحقوق الأساسية..
للأسف خلال الفترة بين رؤية أدريانا وانقلابها، كان على فرونتكس أن تقف موقف المتفرج بشكل غير فعال بسبب عدم وجود تصريح من السلطات اليونانية للقيام بالمزيد. والوكالة ملزمة قانوناً باتباع أوامر وتوجيهات السلطة الوطنية المنسقة.
ووفقاً للوثائق التى فحصها مكتب إميلى أورايلى أمينة المظالم الأوروبية، فإن المكالمات المتكررة التى تعرض المساعدة من الوكالة التى تتخذ من وارسو مقراً لها إلى مركز الإنقاذ والتنسيق اليونانى لم يتم الرد عليها. قامت السلطات اليونانية بتحويل طائرة بدون طيار تابعة لوكالة فرونتكس، إلى حادث آخر. وعندما سمح لفرونتكس أخيراً بالعودة إلى موقع أدريانا، انقلب القارب، ولقى مئات الأشخاص حتفهم بالفعل.
بالطبع هناك حاجة إلى تغييرات قانونية على مستوى الاتحاد الأوروبى للسماح لفرونتكس بالعمل بمبادرتها الخاصة فى مواقف البحث والإنقاذ وإعادة التوازن فى تقسيم المسئوليات بين الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء فيه.
وفى أعقاب هذه المأساة، دعت المفوضية الأوروبية إلى إثبات كل الحقائق، ولكن لا توجد آلية واحدة للمساءلة للقيام بذلك. ويقوم أمين المظالم اليونانى والمحكمة البحرية اليونانية بالتحقيق بشكل منفصل فى تصرفات خفر السواحل، بعد أن رفض الأخير بدء تحقيق داخلى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي د مصطفى محمود البحر الأبيض المتوسط الاتحاد الأوروبى البحث والإنقاذ خفر السواحل
إقرأ أيضاً:
أحرق مصحفاً..السجن لمتطرف يميني في السويد
قضت محكمة سويدية الثلاثاء على ناشط سويدي دنماركي يميني متطرف بالسجن 4 أشهر، بعد إدانته بالحض على الكراهية العرقية في وقفتين احتجاجيتين أقدم خلالهما على إحراق نسخة من المصحف.
وتسبب راسموس بالودان في اضطرابات في السويد في 2022، بعد بجولة في البلاد أحرق خلالها نسختين من المصحف.واتهمه الادعاء في أغسطس (آب) الماضيـ بـ "التحريض ضد مجموعة عرقية" بعد احتجاج في مدينة مالمو، في أبريل (نيسان) 2022، دنس فيه المصحف وأحرقه، وأهان المسلمين.
ورأت محكمة مالمو أن بالودان "أبدى ازدراء للمسلمين وغيرهم في الاحتجاجين، وأن أفعاله لا يمكن اعتبارها انتقاداً للإسلام أو حملة سياسية".
وكتب القاضي نيكلاس سودربرغ في بيان "من المسموح مثلاً انتقاد الإسلام وحتى المسلمين علناً، لكن ازدراء مجموعة من الناس، لا يجب أن يتخطى حدود خطاب مناسب ومسؤول". وتابع "في الحالتين، لم يكن هناك خطاب، بل القصد من التصريحات كان مجرد التشهير بالمسلمين وإهانتهم".
ونفى بالودان الاتهامات مؤكداً أن احتجاجاته كانت ضمن حملة لحزبه الصغير "سترام كورس" النهج المتشدد، وأن تصريحاته كانت مجرد انتقاد للإسلام.
وبعد جولته الاحتجاجية في 2022، أثار بالودان جدلاً دولياً حين أحرق مصحفاً في يناير (كانون الثاني) 2023 أمام السفارة التركية في ستوكهولم.
وأثار الحادث توتراً في العلاقات بين البلدين في وقت كانت تركيا تعرقل فيه طلب السويد الانضمام إلى الحلف الأطلسي.
وبعد ذلك أثار اللاجئ العراقي في السويد سلوان موميكا توتراً بين السويد وعدد من دول الشرق الأوسط بعد إحراقه عدة مرات المصحف في صيف 2023.
ووجهت إلى موميكا وشريكه سلوان نجم تهمة التحريض على الكراهية ضد مجموعة عرقية، وسيحاكمان في يناير (كانون الثاني) المقبل.