جاءت صفقة «رأس الحكمة» مؤخراً لتخرج مصر من النفق المظلم الذى كانت تمضى إليه.. بسبب تراجع إيرادات العملة الأجنبية.. مع حلول استحقاقات الديون الخارجية.. وهذا ما يدفعنا للمطالبة من جديد بضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى.. والتساؤل وماذا بعد؟!.. وإلى متى نخرج من أزمة لنسقط فى التى تليها.. دون حلول جذرية؟.
أتمنى أن نكون قد استوعبنا الدرس جيداً.. وأن نفيق من سكرة الاحتفال والتهليل.. قبل أن نجد أنفسنا فى أزمة جديدة.. وأرى أن هذا لن يتأتى إلا بالرجوع للمنطق.. والعمل وفق حقيقة أن مصر بلد زراعى بالدرجة الأولى.. وأنه من العار أن يبقى أقدم بلد زراعى فى التاريخ عالة على الآخرين يعيش على استيراد غذائه.. وأن نؤمن بحقيقة أن الصناعة هى السبيل الوحيد لقوة الاقتصاد ورفاهية الشعب المصرى.
ولن نتمكن من العودة إلى الطريق القويم إلا من خلال خطة متكاملة وجادة لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى قطاعات الزراعة والإنتاج الحيوانى.. وإزالة كل العقبات والشخوص المعرقلة للنجاح.. والتى وأدت أحلاماً كثيرة سابقة حلمنا بها.. وانتظرنا ثمارها فلم نجن إلا السراب.. دون سبب واضح ودون تبرير أو عقاب لمقصر.
أما قطاع الصناعة فلا مفر.. من وضع خطة اقتصادية كاملة.. تقوم على الاعتماد على القدرات المحلية.. وتعظيم الاستفادة من ثروات الدولة الطبيعية.. ووقف جريمة تصديرها فى صورة مواد خام.. مع التوسع الأفقى فى قطاع الصناعة.. والتحول من ثقافة الادخار والاقتصاد الريعى إلى الاستثمار.. ومساعدة الدولة للمنتجين الجدد.. بتوفير قائمة المنتجات التى يمكن تصنيعها محلياً بدلاً من الاستيراد.. وتقديم تمويل حقيقى للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر.. وأن يصل ذلك التمويل لمستحقيه وليس «القادرين على الوصول إليه»!.. عبر إزالة العقبات السخيفة وعراقيل صغار الموظفين.. ولن يتأتى ذلك إلا بإعادة صياغة القطاع المصرفى.. يلى ذلك تقديم الحماية المناسبة لتلك الصناعات.
تلك هى خارطة الطريق التى يفرضها الواقع وتقتضيها الحكمة.. بدلاً من إدمان الديون والمنح والهبات التى أضاعت هيبة مصر.. وجرأت كل من هب ودب أن ينال جزءاً من مكانتها.
أما تلك القطاعات التى تعتمد بشكل رئيسى على الخارج.. والظروف الدولية.. مثل السياحة والنقل والخدمات.. فلا يمكن أن نقلل من أهميتها أو مدى قدرتها على دعم الاقتصاد والنهوض به.. لكن علينا أن ندرك أنها جميعاً قطاعات هشة أمام الظروف الدولية.. من أوبئة لحروب وأزمات دولية.. لذا يجب ألا تكون محور الارتكاز لعجلة الاقتصاد.. دون التقليل من أهميتها وجدواها.. وأن يظل دوماً قطاعا الزراعة والصناعة نصب أعيننا كحجر الأساس للاقتصاد المصرى.. عبر كل أنواع الاستثمار.. خاصاً وعاماً ومختلطاً وأجنبياً.. شريطة أن يكون هدفها الأول والأخير هو السوق المحلى.. ويجب أن ندرك أن تلك النظرة التنموية.. ستتدرج بالاقتصاد من الاكتفاء الذاتى إلى الفوائض والتصدير.. محققة الإصلاح المنشود للموازين التجارية المختلة.
ولا شك أن تلك الخارطة.. ستجلب للاقتصاد المصرى المزيد والمزيد من الاستثمارات الأجنبية.. ما يغير النظرة العامة لتلك الاستثمارت.. ويضع الدولة فى موقف القوة ويمنحها حرية الاختيار.. لتكون الأولوية للاستثمارات الصناعية بهدف التصدير.. والاستثمارات المشتركة للصناعات المتقدمة.. وأن تكون ميزانية الدولة هى الهدف الرئيسى.. والمحطة الأخيرة لكل تلك الإجراءات.. ما يدفع باقتصاد الدولة إلى مراحل القوة.. ويمنحه المزيد من المرونة فى مواجهة المتغيرات.. والصلابة فى مواجهة الضغوط.. وهو ما سينعكس حتماً على حياة المواطنين ومستوى معيشتهم.. وأظن أن هذا هو الهدف الأوحد والمبرر الطبيعى لوجود أى حكومة.. والمقياس الأوحد لمدى نجاح الحكومات وجدوى مشاريعها.. اللهم بلغت.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لوجه الله صفقة راس الحكمة
إقرأ أيضاً:
مع موسم الخصومات وانتعاش السوق في الإمارات..نصائح للتسوق بذكاء
تشهد أسواق دولة الإمارات، إلى جانب المتاجر الإلكترونية، نشاطاً استثنائياً في ديسمبر (كانون الأول)، إذ تتزامن التخفيضات والعروض الجذابة مع عدد من المناسبات مثل عيد الميلاد، ورأس السنة.
وتتنافس المتاجر في هذا الوقت من العام لتقديم خصومات مغرية تشمل مختلف السلع، من الإلكترونيات إلى الملابس والمستلزمات المنزلية، ما ينعكس إيجابياً على حركة الاقتصاد المحلي، ويجذب المستهلكين من داخل الدولة وخارجها للاستفادة من هذه الفرص التسويقية.أكد الدكتور وضاح الطه، خبير اقتصادي وعضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في الإمارات، أن "موسم الأعياد والمناسبات الكبرى مثل رأس السنة ومهرجان دبي للتسوق يمثل فرصة ذهبية لتنشيط الاقتصاد الإماراتي، بفضل مجموعة من العوامل الاقتصادية والبنية التحتية المتقدمة التي تمتلكها الدولة".
وأوضح الطه أن "اعتدال المناخ في هذا التوقيت من العام يلعب دوراً مهماً في تشجيع الناس على الخروج للتسوق والاستمتاع بالفعاليات، إلى جانب العوامل الرئيسية الأخرى، مثل البنية التحتية المتطورة في قطاع السياحة والضيافة، وخطوط الطيران العالمية التي تربط دبي والإمارات بمختلف دول العالم".
وأضاف أن "المراكز التجارية الكبرى (المولات) تلعب دوراً جوهرياً في استقطاب الزوار والمتسوقين من داخل الدولة وخارجها، نظراً لسمعتها العالمية وحجمها الكبير وتنوع العلامات التجارية العالمية التي تقدمها، ما يجعلها وجهة مثالية للتسوق". عزيز الاقتصاد واستعرض وضاح الطه، عدة عوامل رئيسية تساهم في تعزيز النشاط الاقتصادي للإمارات خلال موسم الأعياد، حيث تلعب البنية التحتية المتطورة للدفع الإلكتروني دوراً حيوياً في تسهيل عمليات التسوق وجعلها أكثر أمانًا ومرونة، مما يتيح للمستهلكين خيارات متعددة لإتمام مشترياتهم بسلاسة.
وأضاف أن "العروض الترويجية والخصومات الكبيرة التي تقدمها المتاجر التقليدية والإلكترونية تشكل حافزاً مهماً للمستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الشراء وارتفاع حجم المبيعات في مختلف القطاعات، وتزامن ذلك مع الإقبال السياحي الكبير الذي تشهده الدولة خلال هذه الفترة، إذ ترتفع نسب إشغال الفنادق إلى مستويات عالية نتيجة توافد الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستفادة من العروض والفعاليات.
كما أشار إلى أن "تنوع الفعاليات والأنشطة الترفيهية، مثل مهرجان دبي للتسوق والقرية العالمية ومهرجان الشيخ زايد، يسهم في جذب العائلات والزوار من الداخل والخارج، ما يدعم قطاعي السياحة والترفيه بشكل ملحوظ"، مؤكداً أن هذه العوامل مجتمعة تعكس تكامل المنظومة الاقتصادية في الإمارات، وتبرز قدرة الدولة على الاستفادة من المناسبات الكبرى لتعزيز حيوية الاقتصاد المحلي وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
وأوضح أن "هذه النجاحات لم تأتِ بمحض الصدفة، بل هي نتيجة تخطيط طويل الأمد استمر على مدى أكثر من 20 عاماً، بهدف تطوير البنية التحتية، وتنويع الاقتصاد، وتحقيق مكانة رائدة عالميًا في قطاعي السياحة والتسوق". التسوق بذكاء وفيما يتعلق بكيفية التسوق بذكاء خلال موسم الأعياد والتخفيضات، قدم الخبير الاقتصادي مجموعة من النصائح للمستهلكين للاستفادة المثلى من العروض دون التسبب في إنفاق غير مدروس، أبرزها وضع قائمة احتياجات مسبقة: قبل الذهاب للتسوق، من المهم تحديد السلع الأساسية والضرورية، حتى لا يتأثر المستهلك بالعروض المغرية وينفق على أشياء غير ضرورية، وتحديد ميزانية واضحة: يجب وضع سقف محدد للإنفاق، ومراقبة المشتريات لضمان الالتزام بالميزانية، ومقارنة الأسعار: يُفضل مقارنة الأسعار بين المتاجر المختلفة سواء التقليدية أو الإلكترونية للاستفادة من أفضل العروض، إلى جانب الاستفادة من العروض الحقيقية: التركيز على الخصومات التي تقدم تخفيضات فعلية، والابتعاد عن العروض الوهمية أو التضليلية، والتسوق في الأوقات الأقل ازدحاماً: زيارة المتاجر خلال ساعات الصباح أو أيام منتصف الأسبوع لتجنب الازدحام والحصول على تجربة تسوق أفضل.