ينعقد اليوم السبت الموافق الثانى من شهر مارس الحالى ولمدة ثلاثة أيام المؤتمر الدولى الثالث والثلاثون للجمعية الفلسفية المصرية تحت عنوان «العرب ومستقبل التفاعل الحضارى» والذى يشارك فيه أكثر من سبعين أستاذاً وباحثاً من مختلف دول العالم وخاصة عالمنا العربى، ويناقش المؤتمر هذا العام موضوعاً غاية فى الأهمية هو موقف العرب من التفاعلات الحضارية العالمية الراهنة، محاولاً استشراف الآفاق المستقبلية لهذا التفاعل وإلى أين يسير بنا فى ظل اشتعال الحروب والصراعات الإقليمية والدولية؛ ففى منطقتنا العربية هذه الحرب الضروس التى تشنها إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها من الدول الأوروبية على الشعب الفلسطينى الأعزل المحتلة أرضه والمنهوبة ثرواته منذ سبعين عاماً، وبالطبع – وكما كان متوقعاً- امتد الصراع العسكرى ليشمل عدة دول عربية مثل اليمن وسوريا ولبنان والعراق بما فيها من فصائل وميليشيات إيرانية الهوى والتسليح.
ولقد أصبح السؤال الكبير المطروح على فلاسفة العالم ومفكريه هو: إلى أين يتجه العالم؟ هل إلى حرب عالمية جديدة بالفعل؟! وما مدى التدمير والخراب الذى سيحل بالعالم من جراء هذه الحرب؟ وهل من الممكن أن تستخدم أسلحة الدمار الشامل بما فيها القنابل الذرية والحروب البيولوجية والكيماوية؟!
ولاشك أن أسئلة كثيرة تتفرع عن ذلك تتعلق بالمستقبل؛ مثل ما مستقبل العلاقات الدولية فى ظل هذه الصراعات والحروب الدائرة الآن أو حال توقفها؟! وهل يمكن أن يبقى النظام العالمى على حاله وهو الذى يعانى الآن من السقوط الأخلاقى المدوى للولايات المتحدة التى لا تزال تدعى أنها صاحبة السيادة والهيمنة؟ وأنها تملك أوراق التأثير الأهم على مجريات هذه الأحداث؟ إن صورة الولايات المتحدة باعتبارها الزعيمة وراعية الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات قد اهتزت بل انهارت حتى فى أعين مواطنيها أنفسهم، ان كل أوراق التوت التى كانت تدارى عوراتها قد سقطت، وانكشف المستور بحيث لم يعد ينطلى على أحد ما تتشبث به وسائل الدعاية الأمريكية الصهيونية حول مكانة أمريكا فى العالم وحول حقوق الإنسان وحول دور منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة..الخ..!
ولعل تلك التساؤلات وغيرها الكثير هى ما يكشف مدى السيولة الفكرية التى صرنا نتمتع بها فى هذه المرحلة من تاريخ العالم، ومن ثم يفتح الطريق على مصراعيه أمام تدارس التطورات اللاحقة فى هذه الصراعات وما ستسفر عنه من أفكار جديدة يمكن طرحها للإجابة عن تلك التساؤلات وما يمكن أن يطرح من بدائل لعلاج تلك المشكلات القائمة والمستقبلية؟!
والسؤال الأهم الذى يطرح نفسه علينا كمفكرين عرب هو: أين تحليلاتنا نحن لتلك الأحداث؟ وأين السيناريوهات التى يمكن أن تطرح أمام القادة والمسئولين العرب ليتمكنوا من التعاطى والتفاعل مع كل ما يحدث بشكل إيجابى يحقق لنا الاستقرار والخير فى المستقبل؟! إن تقديم الرؤى المستقبلية لما يترتب على ما يجرى من أحداث إقليمية ودولية يجب أن تكون هى المهمة الأولى للفلاسفة والمفكرين العرب فى هذه اللحظة التاريخية الفاصلة والحرجة، فإما أن نكون، ويكون لنا دور فاعل فى الأحداث، واما أن نجلس منكمشين مهمومين بمشكلات حياتنا اليومية وننتظر مصيرنا المحتوم الذى يخطط له ويعمل له بكل قوة الصديق قبل العدو من القوى الخارجية ؛ فهم قد درجوا على أننا مجرد قطع شطرنج يحركوننا كيفما شاءوا وإلى أى اتجاه يريدون!! تفلسفوا أيها السادة وفكروا فى مستقبل أمتكم، وقدموا الطروحات والحلول، وارسموا سيناريوهاتكم المستقلة للمستقبل أثابكم الله، وإلا فستدهسنا عجلة التاريخ!! تفلسفوا وقدموا تصوراتكم ومقترحاتكم القابلة للتطبيق فى المستقبل.. تفلسفوا تنهضوا.. وتتقدم أمتكم!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نحو المستقبل الشعب الفلسطينى الحرب الروسية الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
محمود حامد يكتب: سلامٌ على سوريا الماضى والحاضر والأمل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
سوريا الجريحة ليست مجرد بلد ظهر فجأة على خريطة العالم.. إننا إزاء دولة تضرب جذورها فى أعماق التاريخ، تعاقبت عليها حضارات عديدة، وكانت من أكثر المناطق حيوية في التاريخ القديم، مما جعلها تتميز بتنوع عرقي وديني كبير، حتى أن بضعة آلاف من السوريين ما زالوا يتحدثون اللغة الآرامية.. كما أن الصلات بين الحضارتين المصرية والسورية معروفة من قديم الزمان وتسجلها العديد من النقوش الأثرية.
فى هذا العدد ومن خلال المساحة المحدودة، حاولنا تقديم لمحة عن سوريا الحضارة والأصالة والفكر والثقافة والإبداع وكل ما يتميز به هذا البلد الجريح، الذى يمثل مهما أراد له الأعداء، ركنًا مهمًا وأساسيًا فى عناصر قوتنا العربية.
حاولنا أن نرسم صورة لا تغيب عن أذهان الذين عايشوا كل ما مرت به سوريا «وأمتنا العربية بالتبعية» من انكسارات وانتصارات، كما لا بد أن تكون الصورة حاضرة أمام شبابنا الذى تتلاعب به الأمواج وتحاول أن تصرفه عن معرفة الحقيقة مهما كانت مؤلمة.. ويستكمل هذا العدد الجهد المتميز الذى قدمه زملاؤنا فى العدد الأسبوعى من «البوابة» الصادر يوم الثلاثاء ١٠ ديسمبر.. فالعددان يكملان توضيح الصورة إذ يركز هذا العدد على تقديم المعرفة من عدة أوجه، فيما ركز عدد ١٠ ديسمبر على رصد الواقع الحالى وتقديم الرؤية المستقبلية فى عدة تحليلات عميقة ومهمة للقارىء.
والقضية التى تستحق وقفة هى ما يحدث الآن فى دمشق بعد أن استولى على الحكم تنظيم هيئة تحرير الشام المصنف كتنظيم إرهابى رفع السلاح فى وجه السوريين وأسال من الدماء الكثير، ويريد أن يمسح عاره بتصريحات معسولة وخادعة لكن من يتعمق فيها يستطيع أن يصل إلى الحقيقة التى تعمل أطراف عديدة على إخفائها فى محاولة لتطهير هذا التنظيم مما علق به من آثام ودنس.
المتابع لتصريحات أبو محمد الجولانى، يستكشف الكثير، فقد أعلن أول أمس الخميس، أن «علاقتنا بتنظيم القاعدة أصبحت من الماضي» وأن هيئة تحرير الشام التي يتزعمها قطعت علاقتها بتنظيم القاعدة.. إننا إزاء اعتراف صريح وكما يقولون «الاعتراف سيد الأدلة»، فمن يحاسبه عن جرائمه فترة إنتمائه للقاعدة؟.. وهل إذا اشترك شخص ما مع آخرين فى قتل إنسان، يصبح بريئًا بمجرد أن يقول «لقد قطعت علاقتى بهم؟»!.. هل يمكن أن نسمع ردًا من الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة، أو تركيا وجميعهم يصنفون هيئة الجولانى منظمة إرهابية، لكنهم يهرولون الآن للقائه تحت مزاعم الخوف على سوريا!.
وقبل ذلك بأيام، أعلن الجولانى عن نيته إلغاء الخدمة الإلزامية فى الجيش وتسريح أفراد الجيش الحالى.. وبكل بجاحة، أعلن أن الجيش سيعاد تشكيله من ميليشات جماعته وبعض الجماعات الأخرى، ليتحول من جيش وطنى إلى جيش إرهابى.. ويمكننا أن نربط تصريحه هذا بتصريح سابق رأى فيه أن التنظيم منهك وليس على استعداد لخوض حرب جديدة، بينما دمرت إسرائيل معظم أسلحة ومعدات الجيش السورى وقضت على أكثر من ٨٠٪ منها وسط صمت مريب، إن لم يكن مباركة من أطراف عديدة لا تريد إلا الشر للأمة العربية مهما ذرفت من دموع التماسيح على سوريا والإدعاء بالحرص على وحدتها.
الخطر يحدق بسوريا من كل جانب، وهناك جيران يضمرون الشر ويجدونها فرصة للتخلص من قوى فاعلة وكان لها دور أساسى فى محاربة داعش وطرده من معظم الأراضى السورية، ومازالوا حراسًا أمناء على آلاف الدواعش السجناء في المخيمات وسط أوضاع قلقة للغاية فى مواجهة تلك الجارة التى تسعى لفرض هيمنتها وتعادى سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها ولا تعنيها إلا مصلحتها ومن بعدها الطوفان.
نحاول أن نطلق صرخة تحذير فكوني كما عهدناكِ يا سوريا قوية وصامدة. وسوف تظل قلوبنا تنظر إليكِ كل لحظة مرددين مع أمير الشعراء أحمد شوقى:
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقّ
وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ
وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي
جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ
بَني سورِيَّةَ اطَّرِحوا الأَماني
وَأَلقوا عَنكُمُ الأَحلامَ أَلقوا
وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ
يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ