تكريزة رمضان… عادة دمشقية قبل استقبال الشهر الفضيل
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
دمشق-سانا
يواظب الدمشقيون على ممارسة عاداتهم وطقوسهم الخاصة بتكريزة رمضان على ضفاف نهر بردى في أحضان الطبيعة، حيث يودعون شهر شعبان ويستعدون لاستقبال شهر رمضان الفضيل.
ومن الشاغور والميدان وقبر عاتكة وحارة الجورة والصالحية ومختلف أحياء دمشق يحمل الدمشقيون ما لذ وطاب من المأكولات الشعبية المشهورة والمعروفة ومن أواني المطبخ القديمة كالجرن والبابور وجرار الماء الفخار والأباريق البورسلان إلى نزهة تكريزة رمضان مرددين الأغاني الشعبية التي تتغنى بالشام وأهل الشام ليفترشوا الأرض في منطقة الربوة، حيث الطبيعة الخلابة والماء العذب يحيون طقوسهم التي تبدأ في ساعات الصباح وتنتهي عند المغيب.
هيثم الفحل أبو رياض من أصدقاء التراث الشامي بين في تصريح لمراسلة سانا أن تكريزة رمضان عادة شامية قديمة (نزهة أو سيران) تبدأ في الأيام الأخيرة من شهر شعبان لتوديعه والاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل المبارك، حيث يجتمع فيها الأهل والأحبة والأصدقاء بالطبيعة ويمضون يومهم بالمرح والسعادة.
بائع التمر هندي في سوق الحميدية معمر العطار أبو محمد، قال: “التكريزة” عادة قديمة ما زال أهالي دمشق يحرصون على التمسك بها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، لافتاً إلى أنها اقتصرت في السنوات الأخيرة على الإمكانيات الموجودة ضمن المنزل فالهدف منها توعية الجيل الجديد للتمسك بالعادات والتقاليد والحفاظ عليها من الاندثار فالتكريزة شعارها المحبة والتواصل وتلبية حاجة المحتاج بالخفاء، فيما أشار مازن رمضان من أصدقاء التراث الشامي إلى أن ميزة التكريزة تجمع الناس على المحبة وتنهي الخلافات بين الأهل والأصدقاء، إضافة الى أن أغلب الأطعمة تطبخ بالزيت وبأوان قديمة.
الفنان الشعبي أنور باكير أشار إلى أنه يواظب على حضور التكريزة كل عام، وفي السابق كان يحمل معه صندوق العجائب، ويسرد الحكايات والقصص ليمنح الفرح والسعادة للمحيطين، لافتاً إلى أنه حالياً يسرد الحكايا عن الشام وحاراتها، إضافة لنقد خفيف بين الرجل والمرأة لإضفاء طابع المرح والفكاهة على النزهة.
المنشد محمد دياب مؤذن جامع الورد الكبير لفت الى أن التكريزة هي تجهيز الناس روحانياً لاستقبال شهر رمضان المبارك لما يحمل من ألفة ومحبة ومودة بين الناس، لافتاً إلى أنه اعتاد على مرافقة أصدقاء التراث الشامي بنزهتهم، حيث ينشد الأناشيد الدينية والأشعار المعتادة في التكريزة التي تتغنى بالشام وأهلها مثل “يا شام فضلك سابق علينا وترابك والله غالي علينا …. دمعي على خدي والقلب حزينة يا شام فضلك سابق علينا”، إضافة إلى أغان شعبية مثل يا مال الشام وغيرها من الأغاني التي يرددها أهل الشام في نزهاتهم، لافتاً إلى أن التكريزة يتم فيها توجيه العزيمة لبعض الأسر المحتاجة لتحقيق التواصل والألفة وليكون الجميع قلب واحد.
بدوره المغترب عبد الرزاق محمد فايز سليماني أشار إلى أنه مقيم خارج سورية منذ أكثر من 42 عاماً لكنه يحضر للمشاركة في تكريزة رمضان ليجتمع مع الأهل والأحبة والأصدقاء، إضافة إلى أنه يضفي على النزهة طابعاً جميلاً من خلال فقرة المبارزة “بالترس والسيف” التي ورثها عن أجداده وهي العادة التي يبدأ الدمشقيون نزهتهم بها عند دخولهم إلى المكان الذي اختاروه.
بدورها السيدة الستينية منى حلاق أشارت إلى أنها تقوم بممارسة الطقوس التي ورثتها عن عائلتها، حيث جمعت كل الأقارب والأحبة في نزهتها على ضفاف نهر بردى، مبينة أن هذه المناسبة فرصة للصلح والتواصل مع الأهل فيما أشارت الشابة نيفين جلول إلى أنها حضرت مع عائلتها وأقاربها للاستمتاع بالطبيعة الخلابة وإحياء تكريزة رمضان، حرصاً على استمرار هذه العادة التراثية القديمة والتي ستقوم بتوريثها لأبنائها مستقبلاً.
سكينة محمد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
متحف مقتنيات جواهر بنت محمد القاسمي.. إضافة قيّمة تُثري الهوية الثقافية والحضارية للشارقة
يسلط “متحف مقتنيات الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي”، الذي تم تأسيسه بمرسوم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ، الضوء على مساهماتها القيّمة في مجالات الفنون الزخرفية والحرفية، إلى جانب جهودها الإنسانية المميزة.
وسيكون المتحف مصدر إلهام للأجيال القادمة من المصممين والحرفيين مع إبراز تأثير الحرف الإسلامية والعربية في الفنون التاريخية والمعاصرة.
وقالت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، إن المتاحف ليست مجرد أماكن لعرض المقتنيات، بل هي جسور تربط الماضي بالحاضر، وتلهم الأجيال القادمة لصناعة مستقبل يستند إلى القيم الثقافية والهوية التراثية.
وأضافت سموها، أن تأسيس المتحف يأتي تأكيدًا على أهمية الحفاظ على الفنون الحرفية التقليدية وإبراز تأثيرها في المشهد الفني المعاصر، ويكون منصة تحتفي بالإبداع والابتكار، وتُمكّن المصممين والحرفيين من نقل المعرفة وتبادل الخبرات والاستفادة من الإرث الغني الذي تركه لنا الأجداد، حيث إننا نؤمن بأن الفنون والحرف اليدوية ليست مجرد أشكال جمالية، بل هي روايات تحكي قصص المجتمعات وثقافاتها، ونأمل أن يكون هذا المتحف حافزًا لمزيد من البحث والاكتشاف والإبداع في هذا المجال، كما سيكون المتحف أيضًا وجهة نوعية لعرض القطع الفنية والمجوهرات والكتب والعطور وغيرها من التحف الفريدة.
وسيصبح المتحف جزءا من “حي الشارقة للإبداع” ويقع في قلب مدينة الشارقة، ويتشكل من مبانٍ متنوعة ومتكاملة تخدم جميعها أصحاب المواهب وتوفر لهم مساحة حرة لترجمة أفكارهم إلى واقع ملموس.
وسيضم الحي كلّاً من “أرشيف قاسمي” و”مختبر الشارقة لتطوير الأزياء” و”متحف إرثي” و”مركز الشارقة للتصميم” وليكول” مدرسة فنون صياغة المجوهرات بدعم من دار فان كليف أند آربلز”.
وفي سبيل تحقيق أهدافه سيسعى ، “متحف مقتنيات الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي” إلى توفير سُبل الوصول إلى المصادر الرئيسية والوثائق التاريخية والمنشورات الأكاديمية، من خلال تأسيس أرشيف رقمي يتيح للباحثين والخبراء من جميع أنحاء العالم الوصول إليه عن بُعد.
كما سيعمل على دعم المبادرات الخيرية التي تعكس التزامه بدعم الفنون والحرف اليدوية، من خلال إنشاء صندوق لدعم الفنانين والحرفيين الناشئين، وتوفير فرص جديدة للمتاحف للمشاركة في الأنشطة الخيرية التي تتماشى مع مقتنياتها.
وسيعمل المتحف على أن يكون معرضاً مؤقتاً للبرامج التعليمية والتدريبية، إضافة إلى تنظيم عروض حرفية حية، بجانب استضافة معارض وفعاليات تعكس براعة وإتقان مقتنياته، وتنظيم ورش عمل تحت إشراف خبراء في الفنون الزخرفية وتصميم المجوهرات وصناعة العطور.