تحديث الأسطول ضرورة لتحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات.. وخبراء: مطلوب حوافز وتشريعات لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فى النقل البحري
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
- وجود أسطول تجاري قوي يجعل مصر لاعبًا مهمًا على طريق التجارة العالمية- تكاليف بناء السفن العملاقة كبيرة وتحتاج لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار- تطور النقل البحري يخفض تكلفة المنتج النهائي على الصانع والمستهلك- تنمية صناعة النقل البحري قاطرة حيوية للتنمية الاقتصادية والتصدير-مصر تحتاج الى زيادة كبيرة في مختلف أنواع السفن المتخصصة الحديثة
بناء أسطول تجاري مصري حديث حاجة ملحة لمصر، فهو أداة اقتصادية هائلة وركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، و مظهر من مظاهر السيادة الوطنية السياسية والاقتصادية.
الجغرافيا الفريدة لمصر تجعلها دولة بحرية أصيلة عبر كل العصور التاريخية. أكثر من ألفى ميل من السواحل على امتداد البحرين المتوسط والأحمر، وممر ملاحي عالمي هو قناة السويس التى تمثل أهم حلقة فى التجارة العالمية وسلاسل الإمداد
وجود أسطول بحري تجاري مهم جدا في أوقات الحروب والأزمات مهم تلبية لاحتياجات الدولة من العناصر الاستراتيجية، علاوة على ذلك يخلق وظائف بالقطاع لأنه يتطلب عمالا على متن السفن وفي الموانئ، بالإضافة إلى العمال الذين يركزون على صيانة السفن والأنشطة الأخرى المتعلقة بالأسطول.
وتعمل وزارة النقل تعمل حاليا على إصلاح شامل لأحواض بناء السفن للحصول على القدرة اللازمة لاستقبال المزيد من الوحدات البحرية في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الأسطول التجاري للبلاد.
“يسهم وجود ناقلات البضائع السائبة الجافة التى تستخدم في الغالب لنقل القمح والسلع وغيرها من السفن التجارية الأخرى، في خفض تكاليف الاستيراد وتخفيف الضغط على الجنيه وخفض أسعار السلع على المصريين”، هكذا قالت عبير لهيطة رئيس مجلس إدارة إحدي شركات خدمات النقل.
وتابعت رئيسة الشركة، أن وجود أسطول تجاري كبير يمكن أن يساعد في تسويق البضائع وفتح أسواق جديدة، ويسمح بالتنوع في السلع المعروضة من حيث الكمية والنوعية أيضا، مع مراعاة تأثير وفورات الحجم في الشحن بكميات كبيرة. والكميات الكبيرة المشحونة وأسعار الشحن المنخفضة ستؤدي إلى انخفاض التكاليف الإجمالية للسلع وبالتالي انخفاض الأسعار.
وذكرت أن إنشاء أسطول تجاري مصري حديث يتطلب إجراءات تشريعية وحوافز ضريبية ومالية. وعودة القطاع الخاص تتطلب اعتماد مثل هذه الحوافز لإيجاد بدائل مختلفة من جهات التمويل، والتي من شأنها أن تساعد في تخفيف عبء الاستثمار في هذا القطاع كثيف التكلفة.
وقال الدكتور عمرو السمدوني، سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية، أن امتلاك وتشغيل أسطول تجارى بحرى حديث ليس من قبيل الرفاهية، بقدر ما هو حتمية استراتيجية تفرضها عشرات الاعتبارات السياسية والاقتصادية والعسكرية، بما يجعل من ذلك هدفا وطنيا يتعين العمل عليه وتحقيقه بكل السبل امتلاك أسطول تجاري بحري وطني هو أحد الركائز المهمة للتنمية الاقتصادية، ووجود أسطول تجاري قوي يجعل مصر لاعبًا مهمًا على طريق التجارة العالمية خاصة للدول الأفريقية أو مع الدول العربية. فضلًا عن أن امتلاك أسطول بحري هو دعامة أساسية في أوقات الحروب والأزمات، ويسهم في خلق فرص عمل واسعة سواء في هذا القطاع بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال تعزيز النمو التجاري.
وطالب سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات، بضرورة التطوير الجذرى لهيئة السلامة، باعتبارها جهة تسجيل الوحدات البحرية وما تقدمه من خدمات، حتى تكون على المستوى المقبول لدى المستثمرين، مع ضرورة الاستفادة بتجارب الدول ذات الخبرة العالية فى هذا المجال..
وأشاد السمدوني، بتوجه الحكومة المصرية خلال الفترة الأخيرة لتوطين صناعة السفن، وتطوير عدد من الترسانات لتشييد وبناء وإصلاح السفن، بما في ذلك تقديم خدمات الصيانة والإصلاح للسفن العابرة من قناة السويس.
وأوضح السمدوني، أن مصر تستطيع بالفعل أن تكون من الدول المتقدمة عالميا في مجال بناء وإصلاح السفن، خاصة وأننا نمتلك أسطولا كبيرا من السفن العملاقة التابع لوزارة النقل المصرية ولشركاتها المختلفة.
وقال سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بتوطين صناعة بناء وإصلاح السفن والصناعات المرتبطة بها لاستعادة قوة الأسطول التجاري المصري لجعل مصر مركزا عالميا للتجارة واللوجستيات، وذلك من خلال وضع خطة لتصنيع السفن التجارية في مصر بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية المتميزة في هذا المجال ومنها شركة "ديسون الكورية الجنوبية" والشركات العالمية الأخرى حيث يتم حاليا إنشاء مصنع لتصنيع المراكب، وجاري إنشاء مصنع لألواح الصلب لخدمة صناعة السفن والمراكب، بدلا من استيرادها من الخارج.
وأشار إلى أنه يجرى التنسيق مع هيئة قناة السويس لتطوير ترسانة السويس البحرية بالشراكة مع هيئة مواني البحر الأحمر وشركات القطاع الخاص لبناء السفن الكبيرة بمختلف أنواعها مثل سفن الرورو، وسفن البضائع العامة، وسفن الصب الجاف النظيف.
وقال إن الاستثمار فى قطاع النقل البحرى بوجه عام والأسطول التجارى البحرى الوطنى بوجه خاص يؤدى إلى تنشيط وتنمية القطاعات الاقتصادية المرتبطة بهذه الصناعة مثل صناعة بناء وإصلاح السفن، وصناعة الحديد والصلب، وصناعة الأجهزة والمعدات الميكانيكية والكهربائية، ونشاط التوريدات البحرية من الوقود والزيوت والتموينات والحبال والمياه والمعدات الغذائية، يضاف إلى هذه الصناعات مجالات وأنشطة خدمات النقل البحرى مثل المصارف التجارية والبحرية المتخصصة، وشركات التأمين، وهيئات التسجيل والتصنيف، ومعاهد التدريب البحرى، ومكاتب الاستشارات القانونية البحرية.
وذكر سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات، أنه يجب العمل على اقتناء نوعيات وحمولات جديدة من السفن، وما يعزز هذا التوجه هو العدد الكبير من الكوادر البحرية والفنية والهندسية الذين تذخر بهم مصر، والكثير منهم لديه من الخبرات والكفاءة ما أهله للعمل فى مختلف الدول وعلى مختلف أنواع السفن مثل ناقلات النفط والغاز وسفن الصب والبضائع والحاويات والركاب وغيرها من الأنواع التى تضيف إلى الأسطول البحرى قيمة كبرى وبعدا جديدا فى خدمة الوطن الذي يعيش النهضة الاقتصادية الشاملة التى تشهدها مصر فى الوقت الراهن.
وقال رئيس إحدي شركات الملاحة أحمد العقاد، أن الأسطول التجاري البحري أحد الركائز الهامة للتنمية الإقتصادية، وأداة رئيسية في نقل تجارة مصر الخارجية، لافتاً إلى أن مصر دولة محورية وذات دور إقليمي مؤثر، ووجود اسطول تجاري قوي يجعل مصر لاعباً هاماً على طريق التجارة العالمية كبوابة للبلدان الأفريقية.
وذكر إن تكاليف بناء السفن تقترب من تكلفة إنشاء محطات الحاويات، مشيرا إلى أن تكلفة بناء خمس سفن صب جاف جديدة قد تصل إلى 500 مليون دولار، وهو ما يماثل تكلفة إنشاء محطة الحاويات الثانية بميناء دمياط.
وقال عادل اللمعي رئيس غرفة ملاحة بورسعيد وعضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، أن وجود التحالفات العالمية أدى إلى تغيير فى آليات السوق الملاحى العالمى والاتجاه إلى تشغيل سفن الحاويات العملاقة.
وأضاف أن التوسع والتطوير في الأسطول البحري المصري يساعد على تطوير منظومة نقل الصادرات المصرية، فضلًا عن توفير العملة الأجنبية، وكذلك توفير فرص عمل، بجانب أنه فرصة لتنمية حركة وحرية التجارة بين مصر والدول العربية وأفريقيا، ويحول مصر لتكون مركزًا للتجارة الدولية واللوجستية في ظل منافسة إقليمية من أطراف سعت إلى الاستحواذ على هذه المكانة.
وقال: من الضروري وجود توجه عام من قبل البنوك والبنك المركزي لوضع سياسات حكيمة تُساعد القطاع الخاص الدخول بقوة فى هذه صناعة السفن العملاقة . و إعفاء ملاك السفن والمستثمرين في مجال بناء وصناعة السفن الخضراء التى تعمل بالطاقة النظيفة من الضرائب لمدة عشر سنوات.
وذكر رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، إن فرص تطوير الأسطول المصري وفقًا لمتطلبات السوق الملاحي الجديد الذي يتجه نحو التحول للوقود الأخضر يتطلب شراء سفن جديدة و التصنيع المحلي بشراكة مع شركات عالمية، و في حالة شراء سفن جديدة لابد أن تعمل بنظام الطاقة الخضراء لكي تستطيع دخول الموانئ الخضراء على مستوى العالم.
وأضاف، أن إجمالي عدد الموانئ الخضراء على مستوى العالم يبلغ حوالي 160 ميناء، موضحًا أن في حالة تصنيعها لابد من تجهيز ترسانات مصرية لإنشاء سفن تواكب المعايير البيئية التي أعلنت عنها المنظمة البحرية.
وأشار، إلى خطوة تحديث الأسطول المصرى حتى يعمل بالوقود الأخضر ليست مقتصرة فقط على شراء أو بناء سفن تعمل بوقود صديق للبيئة بل مرتبطة أيضًا بتحويل الموانئ المصرية إلى موانئ خضراء، لتقليل الانبعاثات الكربونية و إمداد السفن العابرة للموانئ المصرية بالوقود الأخضر.
ولفت الى تطور صناعة النقل البحري بالصين وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ والهند وما لحقها من ازدهار وتطور في صناعة السفن العملاقة وبخاصة سفن الحاويات الضخمة، وظهور ما يسمى بالموانئ المحورية التي تتمتع بالمعايير الإنشائية الحديثة التي تنطبق عليها الشروط والمواصفات المطلوبة من قبل شركات الشحن لخدمة السفن الضخمة ذات الغاطس العميق والسطح العريض.
وتتزايد أهمية تملك مصر لأسطول بحري حديث وقوى، لأنه يساعد على تطوير منظومة نقل الصادرات المصرية من السلع حيث يعتبر عامل الوقت مؤثرا عليها وعلى رأسها الحاصلات الزراعية، بهدف ضمان جودة وسرعة تواجد هذه السلع فى السوق العالمى وتحقيق أسعار تنافسية لهذه السلع فى موانئ الدول المستوردة، فضلاً عن توفير العملة الأجنبية المدفوعة لنقل الواردات والصادرات بما يؤثر إيجابيا على ميزان المدفوعات وعلى مستوى الدخل القومى بشكل عام، وكذا توفير فرص عمل للعمالة البحرية المصرية، ووجود فرص للحصول على عقود نقل بعض السلع فى أعالى البحار والمشاركة في منظومة التجارة العالمية، فضلاً عن كونها فرصة لتنمية حركة التجارة البينية والنقل الساحلى فى رحلات بحرية قصيرة وسريعة بين مصر ودول حوض المتوسط والدول العربية وأفريقيا.
وتأتي أهمية مساهمة قطاع النقل البحري الذي يعد شريان الاقتصاد العالمي في التنمية الاقتصادية في أنه يساعد بشكل فعّال في ربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك وتأمين انتقال الأفراد، ونقل المواد الخام والبضائع من مناطق الاستثمار وإليها، ويعدُّ عاملاً مساعداً في استغلال الموارد الطبيعية، فصناعة النقل هي الدعامة الرئيسية التي ترتكز عليها البرامج التنموية للدولة.
وقد أدى تطور النقل البحري إلى انخفاض تكلفة المنتج النهائي، حيث تعتبر تكلفة النقل من أهم العناصر المؤثرة فيه، وقد أشارت بعض الدراسات الاقتصادية إلى أن تكاليف النقل تمثل في المتوسط 20% تقريباً من التكلفة النهائية لأي منتج، ومن هنا تأتي أهمية دراسة اقتصاديات النقل التي ترمي إلى تخفيض تكلفة عنصر النقل ومن ثم تكلفة المنتج النهائي، حيث إن تخفيض تكلفة النقل بنسبة 10% مثلاً يؤدي إلى انخفاض تكلفة المنتج النهائي بنسبة 2% تقريباً، وهذه النسبة تكون قابلة للزيادة مستقبلاً من خلال تحسين جودة الطرق ووسائل النقل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النقل البحري صناعة النقل البحري اللوجستيات السفن العملاقة بناء وإصلاح السفن التجارة العالمیة السفن العملاقة القطاع الخاص النقل البحری صناعة السفن بناء السفن إلى أن
إقرأ أيضاً:
صناعة السفن الخشبية العمانية إرث بحري وجذور تاريخية تعود إلى آلاف السنين
لقد شكّل الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان وامتداد سواحلها البحرية التي يبلغ طولها حوالي 3165 كيلومترًا، واطلالتها على بحر العرب جنوبًا، وبحر عُمان شمالًا، ثراءً تاريخيًا بحريًا، شكّل أساسًا ودافعًا لصناعة السفن التقليدية والصناعات المرتبطة باستثمار الصيد البحري، وتعود صناعة السفن في سلطنة عُمان إلى آلاف السنين، إذ كانت تتميّز صناعة السفن باستخدام الألياف عوضًا عن المسامير لربط أجزاء السفن والمراكب ببعضها البعض، ولمعرفة جانب من تاريخ صناعة السفن وأنواعها والمراكز الرئيسية لصناعتها والتحديات التي تواجهها وجهود الحفاظ عليها والرؤية المستقبلية لتطويرها، التقت "عُمان" بمختصين بالتراث البحري وتصنيع السفن.
في البداية، قال حمود بن حمد بن جويد الغيلاني، مؤرخ مختص بالتاريخ البحري العُماني: إن علاقة الإنسان العُماني بالملاحة البحرية علاقة ممتدة منذ آلاف السنين، والعُمانيون، أُسوة ببقية الشعوب والأمم في تلك الفترة التاريخية، لم يستعينوا في صنع سفنهم بالمخططات والرسومات، بل كان اعتمادهم على الفطرة والذاكرة والمخيّلة الراقية لبناء السفن، ويذكر دونالد هولي "أن مقدمات السفن ومؤخراتها كانت تُحفَر حفرًا جميلًا ودقيقًا ماهرًا".
وأضاف: تفوّق العُمانيون في صناعة السفن منذ أزمان بعيدة، وكانوا يُصدّرون القوارب المخيطة المعروفة باسم "مدراتا" المدرعة إلى بلاد العرب، كما ورد ذلك في العديد من المصادر، ومنها كتاب "تاريخ الخليج والجزيرة العربية القديم"، ويؤكد الباحث الروسي (ميخين فيكتور ليوتوفيتش) شهرة سكان سلطنة عُمان في القرن الحادي عشر الميلادي ببناء السفن، وقد كانوا مهرة في ذلك، وتعد سلطنة عُمان من أهم مقومات الحياة التجارية للشرق، ويذهب إلى التأكيد أن العُمانيين هم أول من استخدم المسامير المعدنية بين عرب الخليج في صنع سفنهم.
وأشار إلى أن صناعة السفن الشراعية في سلطنة عُمان مرّت بمراحل متعددة لتصل إلى ما وصلت إليه حتى بداية النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، فبدءًا من السفن المصنوعة من جذوع النخيل أو سعفه أو البوص، إلى القوارب المحفورة حفرًا كالهوري، فالسفن المخيطة، حتى وصلت السفينة إلى صورتها الحالية كسفن البغلة والغنجة والسنبوق والبوم، وهي ما تُسمى بالمرحلة الثالثة من التصنيع، وكانت في القرن السادس عشر الميلادي، إذ استوحى الصانع العُماني النماذج الأوروبية كالبرتغالية أولًا، ومن ثم الهولندية والإنجليزية والفرنسية، فظهرت السفينة العُمانية ذات المؤخرة المربعة والمعروفة محليًا باسم "الرُّقعة" أو "التفر"، التي استوحاها من السفينتين البرتغاليتين "نوا" و"كارفيلا" في صناعة السفينتين البغلة ومن ثم الغنجة، وليس كما ذهب البعض من أن سفينة الغنجة مستوحاة من سفينة كويتية هندية، ويتضح ذلك من خلال شكل مقدمة ومؤخرة سفن البغلة والغنجة.
أنواع السفن العُمانية
عرفت سلطنة عُمان عبر تاريخها البحري الممتد إلى أعماق التاريخ الإنساني وحتى الألف الخامسة قبل الميلاد العديد من السفن، يصل إلى 41 نوعًا من أنواع السفن والقوارب، ومن أنواعها سفن البوص، وصُنعت من نباتات ما يُعرف باسم "الرسل" والمعروف باسم "البوص" التي تنبت على ضفاف الأودية، ومن السفن أيضًا سفينة "ترانكي"، وهي سفينة صغيرة للسفر، يبلغ طولها نحو 12 مترًا وأقصى اتساع لها 3.60 متر، وسفينة "القطمران" وهي من أقدم أنواع السفن التي صنعها العُمانيون، و"المدرعة" أو كما أشار إليها مؤلف كتاب الطواف باسم "ماداراتي"، وكانت تُستخدم للتجارة، ومن السفن "الغراب"، وكانت تُستخدم حتى بداية القرن السادس عشر الميلادي، وهي من السفن المخيطة بحبال تُصنع من أشجار النارجيل التي يكثر وجودها في محافظة ظفار، و"الشذاة" من سفن نقل البضائع والمسافرين وفي الحملات العسكرية، ومن السفن "البتيل" وتنتشر في صور والباطنة ومسندم، وكذلك سفن "البقارة" وتُستخدم في الإبحار الخارجي، وسفن "غرفة" وتُستخدم للتجارة والأسفار، وللحملات العسكرية، وسفن "بركة" وتُستعمل للنقل والأسفار، وسفن "البرشة"، وكانت تُستخدم للنقل الداخلي والخارجي، وسفينة "العكيري" وهي سفينة حربية خالصة، وسفن "الطراد" وهي سفينة عسكرية، وسفن "بانوش" وتُستخدم للصيد، ومن السفن أيضًا "بوصي" وتُستخدم للإبحار والتجارة، وفي الحملات العسكرية، وسفن "الزاروقة وجهاز والبغلة"، وكانت تُصنع في مدينة صور في القرن السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، واستخدمها العُمانيون للإبحار للمسافات الطويلة، ومن السفن "الغنجة"، وهي سفينة عُمانية خالصة لا تُصنع إلا في سلطنة عُمان، وفي مدينة صور على وجه الخصوص، ومن السفن "السنبوق"، كما توجد سفن "السنبوق المخيط" وتُعرف أيضًا باسم "الكمباري" وتنتشر صناعتها في محافظة ظفار، وسفن "البدن" حيث يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الرابع عشر الميلادي، كما توجد سفن "العويسية" وتُستخدم للإبحار عبر المحيطات والبحار، بالإضافة إلى سفن "البوم"، التي يعود تاريخ صناعتها إلى ما قبل القرن 12 الميلادي، إلا أنها كانت أصغر حجمًا عمّا عُرف بعد صناعتها في القرن العشرين الميلادي، وصُنعت أول سفينة من هذا النوع في مدينة صور على يد الصانع العُماني ياقوت بن سليم الغيلاني، ومن السفن "الشوعي" وتُصنع في مدينة صور، وسفن "الشويعي" وتُستخدم للصيد البحري والنقل الداخلي بين موانئ مسقط وصور وصحار وظفار، وسفن "الجالبوت"، وهي من سفن النقل الداخلي، كما تُستخدم الأكبر حجمًا منها للسفر إلى دول الخليج العربي واليمن، وسفن "بديني" أو "أبو بوز"، وسفن "الدنجيّة"، وسفينة "الرمث"، وسفن "الدا"، وهي سفينة هندية استحسن عدد من ملاك السفن العُمانيين صلابتها واستوردوها من الهند، ثم تم تصنيعها في سلطنة عُمان، وخصوصًا في مدينة صور، كما توجد سفن "الصمعا" وتُستخدم للنقل التجاري والعسكري، وسفن "الساعية" التي تُصنع في مدينة صور وتُستخدم لنقل البضائع، وسفن "الزعيمة" وتُستخدم للتجارة والنقل البحري، وسفن "التيرماهية"، وقارب "تشالة"، وهي من القوارب الكبيرة التي تُستخدم في الإنزال البحري للبضائع من السفن الكبيرة إلى الميناء، و"الشاحوف"، وهي سفن توجد بكثرة في الباطنة ومسندم، وقارب "الماشوة"، ويُستخدم في نقل وتنزيل الركاب أو حمل البضائع من الموانئ ضحلة المياه إلى السفن الكبيرة، وقارب "الشاشة"، وهو قارب صغير يُستخدم للصيد ويُصنع من سعف النخيل، وتنتشر صناعته واستخدامه في الباطنة، و"هوري الصيد"، وهو قارب هوري الصيد أكبر حجمًا من هوري العبرة، وله سارية وشراع، بالإضافة إلى قارب "الهوري" أو "هوري العبرة"، وهو قارب صغير يُستخدم للنقل وصيد الأسماك بالقرب من الشواطئ، ولا يتسع لأكثر من أربعة أفراد، وهو عبارة عن جذع شجرة محفور، ثم استُخدمت الألواح لصناعته.
الأخشاب المستخدمة في الصناعة
لقد استخدم "الوساتيد"، وهم نجارو صناعة السفن في مدينة صور، عدة أنواع من الأخشاب في صناعتهم للسفن، وتنوعت استخدامات هذه الأخشاب، فهناك أخشاب استُخدمت كألواح، وأخشاب كـ"شلمانات أو فرمات أو حلاقيم"، أو لصنع الصواري وأنواع الفرمال، واختلفت مصادر هذه الأخشاب، فهناك الأخشاب العُمانية، وأخرى هندية، وثالثة إفريقية، ومن الأخشاب العُمانية خشب السدر، وأخشابها صلبة وتُستخدم في "الشلمانات أو الفرمات أو الحلاقيم"، وخشب القِرْط، وأخشابها صلبة وقوية وتُستخدم أيضًا كـ"شلمانات أو حلاقيم أو فرمات أو جواري"، وهناك أنواع أخرى من الأخشاب مثل الغاف والسمر، ولكن استخدامهما في صناعة السفن قليل جدًا، ومن الأخشاب العُمانية التي كانت تُستخدم قديمًا في صناعة السفن خشب الخالوب، الذي كان يوجد في سهول الجبل الأخضر.
أما بالنسبة للأخشاب الإفريقية المستوردة، فمنها خشب الميط، وخشب الأنفولة، وخشب المسمباتي، والأخشاب الهندية وخشب الساي "الساج"، وبنطيج، وفيني، وينقلي، وخشب الفن، وخشب فن أصل، وفن إبراهيم، ودوب، كما يُستخدم خشب ماليزي، وخشب "اللمبا أو الهمبا" وهو المانجو.
مراكز صناعتها
وحول المراكز الرئيسية لصناعة السفن في سلطنة عُمان، قال الباحث حمود الغيلاني: عرفت العديد من المدن والقرى العُمانية صناعة السفن الشراعية، إلا أن أهم تلك المدن والقرى هي مدينة صور، ومسقط، ومطرح، وقريات، والمصنعة، والسويق، والخابورة، وصحم، وصحار، وشناص، ومرباط، وطاقة، وصلالة، ومصيرة، والسويح، وأصيلة، والأشخرة، ومحوت، وغيرها.
دور اقتصادي وسياحي
وعن الدور الاقتصادي والسياحي لصناعة السفن، قال الغيلاني: تعد صناعة السفن هي الركيزة الأساسية للنشاط البحري العُماني، فوجود السفن شجّع العُمانيين على ارتياد البحار، مما دفع الكثير من المؤرخين إلى اعتبار ريادة العُمانيين في البحار تسبق الجوار الإقليمي بمسافات زمنية وفنية كبيرة، حيث تواصل العُماني مع كافة الحضارات القديمة عندما أبحر العُمانيون بسفنهم نحو الشرق والجنوب الآسيوي حتى الصين، كما اتجهوا نحو إفريقيا، ووصلوا إلى جنوب إفريقيا، وتحديدًا إلى مدينة كيب تاون (Cape Town)، وفي عهد السلطان سعيد بن سلطان أبحرت السفن العُمانية إلى مدينة نيويورك الأمريكية، وليفربول، ومرسيليا في أوروبا، حيث نتج عنه نشاط اقتصادي بارز، فأصبحت مدينة مسقط محورًا ومركزًا للنشاط التجاري في شبه الجزيرة العربية وما يحيط بها من بحار.
وفيما يتعلق بالجانب السياحي، أدت السفن الشراعية العُمانية دورًا مهمًّا في التواصل مع مختلف البلدان والشعوب، مما أدى إلى التواصل معهم واكتشاف تلك البلدان ومكوناتها الطبيعية، ووصف أبو عبيدالله الخضوري الصوري نفسه: "صحيح أن الرغبة في التجارة كانت دافعًا أساسيًا في توجهه إلى اكتشاف الكونغو في وسط وغرب إفريقيا، إلا أن الرغبة في معرفة تلك البلاد ونشاطاتها ومعالمها دفعته لاحقًا إلى الاستقرار فترة طويلة من الزمن، ليعود بعدها إلى وطنه عُمان ومدينته صور".
التحديات التي تواجه الصناعة
وحول التحديات التي تواجه صناعة السفن في سلطنة عُمان، كما يراها كباحث، قال: تواجه مهنة صناعة السفن الخشبية في صور وعموم المدن العُمانية الأخرى عددًا من التحديات، لذلك انخفض عدد الورش المصنِّعة، ومن أبرز التحديات توفر الأعمال المريحة وبرواتب أفضل وحياة سهلة ومستقرة للعاملين في النشاط البحري، مما أدى إلى ترك مهنة العمل في السفن، فقلّ الإقبال على صناعة السفن، ومن التحديات أيضًا اللوائح البيئية الصارمة محليًا في سلطنة عُمان أو في الدول المصدِّرة للأخشاب، مما أسهم في ركود صناعة السفن، إلى جانب ارتفاع تكاليف التشغيل بسبب تكلفة الوقود وأجور الطاقم والصيانة، وارتفاع تكاليف صناعة السفن الخشبية، ومحدودية تشغيلها في غير مهنة الصيد البحري، وأسهم في التأثير على الجوانب الأخرى كالنشاط الاقتصادي أو السياحي، بالإضافة إلى ضعف التسويق لصناعة السفن في سلطنة عُمان، الأمر الذي أسهم في وجود التحديات وعدم الإقبال على صناعة السفن بمختلف أحجامها.
جهود الحفاظ وإعادة الإحياء
وحول جهود سلطنة عُمان للحفاظ على صناعة السفن، قال: هناك جهودًا تتبناها وزارة التراث والسياحة في تنشيط صناعة السفن، تتمثل في وجود ورشة على مستوى عالٍ من التقنية، يتم فيها تدريب عدد من الشباب العُماني على صناعة نماذج السفن بأنواعها المختلفة، ونأمل الانتقال بالتصنيع من النماذج المصغّرة إلى مستوى أعلى من الحجم والسعة، وفق متطلبات السوق، وللترويج للتراث البحري العُماني، تسعى وزارة التراث والسياحة إلى تنشيط الفعاليات والبرامج الخاصة بالتراث البحري، حيث تقوم بتنفيذ مهرجان صور للتراث البحري سنويًا، الذي يستمر لمدة أسبوع كامل، كما تنفّذ عددًا من الفعاليات والأنشطة الأخرى في عدد من الولايات الساحلية، إلا أن الترويج يحتاج إلى كمٍّ أكبر من التسويق، خلال مختلف وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، مما سيسهم في التعريف به، ويشجع السياحة المحلية والخارجية.
نقطة جذب سياحية
من جانبه، قال علي بن جمعة حسون، صاحب مصنع السفن التقليدية بولاية صور: نحن عائلة ورثنا صناعة السفن أبًا عن جد، وبدأت علاقة العائلة بصناعة السفن منذ حوالي عام 1730م، ومنذ ذلك الحين استمرت العائلة في صناعة السفن، ولا نزال نُعلّمها للجيل القادم، لكي تستمر هذه الصناعة التي نتطلع لتطويرها حتى تتواكب مع متطلبات العصر من السفن الحديثة، موضحًا أن صور كانت المركز الرئيسي لصناعة السفن في سلطنة عُمان والخليج، وكان بها أكثر من 14 موقعًا لصناعة السفن من بداية الكورنيش إلى نهايته، وفي الوقت الحالي لا يوجد في الولاية سوى مصنعنا، وهو الوحيد الذي استمر في صناعة السفن الشراعية.
وأضاف: مصنع السفن الشراعية الحالي أصبح نقطة جذب سياحية في ولاية صور، ويزور المصنع أعداد كبيرة من السياح من داخل سلطنة عُمان وخارجها، حيث إن المصنع يتيح لهم فرصًا لمشاهدة حيّة لعمليات صناعة السفن، حيث نصنع الكثير من السفن التقليدية الشراعية، ومنها البغلة، والغنجة، والسنبوق، والبوم، والبدن، والجانبوت، والبكارة، والبتين، وهي سفن شراعية تُستخدم للسفر والترحال.
نظرة مستقبلية
وحول أهم التحديات التي تواجه صناعة السفن كما يراها، قال: من أهم التحديات التي تواجه صناعة السفن التقليدية في الوقت الحالي هي قلّة الطلب على السفن الخشبية، وتأثير الصناعات الحديثة على الصناعات التقليدية، حيث أصبح الناس يشترون سفن "الفايبرجلاس"، مما أثّر كثيرًا على صناعة السفن التقليدية، إلى جانب عزوف الشباب عن الانخراط في هذه المهنة، وهي من أهم التحديات، مؤكدًا أن هناك جهودًا كبيرة للحفاظ على هذه المهنة التقليدية من الاندثار، ولكن لا بد من تضافر جهود الحرفيين مع الحكومة من خلال إيجاد معاهد لتدريب الشباب على هذه الحرفة، وتحفيزهم للاستمرار في صناعة السفن، وترويج التراث البحري، مؤكدًا الحفاظ على هذا الموروث من خلال إحياء رحلات السفر بالسفن الشراعية في الطرق البحرية القديمة.
وحول النظرة المستقبلية لصناعة السفن، قال: "إن فكرة تطوير صناعة السفن الخشبية وتحويلها إلى صناعة اليخوت فكرة موجودة لدينا، ونتطلع إلى أن تسير الأمور بشكل جيد، وأن نستطيع أن نصل إلى هذه الصناعات وتلبي احتياجات السوق المحلي والتصدير مستقبلًا".