جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
القاهرة بيروت "العمانية" "د ب أ": واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على قرى وبلدات جنوب لبنان. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن جيش الاحتلال كثّف من اعتداءاته، وأغار على "جبل اللبونة" وأطراف بلدة الناقورة، كما سمعت أصوات انفجارات في مدينة صور. وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على أطراف بلدة عيتا الشعب، ما خلف أضرارا جسيمة في المنازل والممتلكات.
ورقة تهديد
بينما تنصب جهود العديد من الأطراف المعنية على التوصل إلى اتفاق يوقف الحرب التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر ضد حركة حماس لثنيها عن اجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تواترت تقارير إعلامية تنذر بدخول الشرق الأوسط منعرجا خطيرا حذر الكثيرون من تبعاته منذ اللحظة الأولى للهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر ألا وهو اتساع رقعة الصراع.
وعندما يأتي الحديث على لسان مسؤولين في الإدارة الأمريكية وآخرين في استخباراتها، فلا يجب النظر إلى مثل هذه التقارير إلا بعين الترقب والحذر، فشبكة "سي إن إن "الإخبارية أشارت إلى "تزايد القلق بين مسؤولي (الرئيس الأمريكي جو بايدن) من احتمال قيام إسرائيل بعملية برية في لبنان".
وذكرت "سي إن إن" ، أن إسرائيل تخطط لمثل هذه العملية وأنها ربما تنطلق في أواخر الربيع أو مع بداية فصل الصيف "حال فشل الجهود الدبلوماسية في دفع حزب الله إلى التراجع عن الحدود الشمالية مع إسرائيل".
وبينما لم يتخذ قرار إسرائيلي نهائي في هذا الصدد، تتنامى المخاوف بصورة كبيرة داخل إدارة بايدن لدرجة جعلت احتمال التوغل البري يأخذ طريقه إلى الإحاطات الاستخباراتية لمسؤولين بارزين في الإدارة، بحسب "سي إن إن".
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية: "نحن نعمل على افتراض حدوث عملية عسكرية إسرائيلية خلال الأشهر المقبلة ... ليس بالضرورة وشيكا في الأسابيع القليلة القادمة لكن ربما في وقت لاحق هذا الربيع. إن عملية عسكرية إسرائيلية احتمال واضح".
وتأتي هذه التقارير بعد أيام من تطور وصف بالأخطر منذ بداية موجة التصعيد الحالية بين إسرائيل وحزب الله، حيث شنت الأولى الإثنين غارتين جويتين على الأقل استهدفتا محيط مدينة بعلبك التي تعد معقل حزب الله الرئيسي في شمال شرق لبنان، لأول مرة منذ حرب عام .2006
وجاء هذا التصعيد بعد أشهر من الهجمات اليومية القاتلة عبر الحدود من قبل الطرفين، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان اللبنانيين والإسرائيليين من منازلهم الحدودية. وأطلقت إسرائيل نيران مدفعيتها وأطلقت طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار لضرب أهداف في الجانب اللبناني، بينما استخدم حزب الله بعض ترسانته الهائلة من الصواريخ والقذائف.
وبالتوازي مع إجراء الولايات المتحدة ، الوسيط الرئيسي في المناقشات الجارية جهود بشأن وقف القتال في غزة، تقود إدارة بايدن أيضا مساعي مع المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين بهدف إقامة منطقة عازلة بعرض أميال داخل جنوب لبنان. ويعتقد المسؤولان الأمريكيان أن هذا الاتفاق من شأنه أن يؤجل على الأرجح التوغل الإسرائيلي، وفقا لـ"سي إن إن".
وذكرت الشبكة الإخبارية الأمريكية أن أحد المسؤولين "سمع آراء متباينة داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن ضرورة الذهاب إلى لبنان"، ونقلت عنه قوله: "أعتقد أن ما تفعله إسرائيل هو أنها تثير هذا التهديد على أمل التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض".
كما نقلت "سي إن إن" عن مسؤول آخر في إدارة بايدن أن "هناك عناصر داخل الحكومة والجيش الإسرائيليين تؤيد التوغل. هناك مجموعة متنامية تقول: مرحبا، دعونا نجرب فقط. دعونا نفعل ذلك فحسب"، مضيفا أن أي توغل قد يؤدي إلى "تصعيد كبير جدا لا نعرف حتى أبعاده".
وأمام هذه التطورات التي تشي بإمكانية تفجر الوضع، كلف البيت الأبيض المبعوث الخاص عاموس هوكستين لقيادة الجهود الرامية إلى إيجاد حل دبلوماسي، وربما جاء اختيارهوكستين ، الذي يعمل عادة كمستشار كبير للطاقة، للاستفادة من خبرته وعلاقاته بعد أن توسط في اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان للتنقيب عن الغاز.
ورأى أحد مسؤولي الإدارة الأمريكيين أنه في حال نجاح جهود عاموس، فإن "احتمال القيام بعملية عسكرية في وقت لاحق من هذا العام سوف ينخفض إلى حد كبير". وأضاف أنه "إذا تم دفع حزب الله للخلف حوالي 10 كيلومترات، فإن ذلك من شأنه إزالة بعض الذخائر قصيرة المدى التي كان يستخدمها ضد إسرائيل".
وأشارت "سي إن إن" إلى أن هوكستين أجرى "مناقشات معقدة بسبب حقيقة أن في لبنان لا تتعامل الولايات المتحدة بشكل مباشر مع حزب الله، الذي يعد أقوى قوة عسكرية في البلاد وتعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية".
ويقر مسؤولون إسرائيليون بأن الحرب مع حزب الله ستكون أكثر كلفة وتدميرا لإسرائيل من الحرب الحالية مع حماس، نظرا لحجم ترسانة حزب الله وطبيعتها الأكثر تقدما.
ونقلت "سي إن إن" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن "إسرائيل على استعداد لمنح الدبلوماسية فرصة وتأمل أن تنجح... إذا لم يتم حل الأمر دبلوماسيا، فسيتعين على إسرائيل أن تفكر في وسائل بديلة".
ويرى مسؤولون أن تل أبيب لا تبحث عن مجرد ترتيب يدفع حزب الله للتراجع لعدة كيلومترات، ومن ثم فهي ترى أن القيام بعملية برية وتدمير البنية التحتية المادية لحزب الله في الجنوب، من شأنه على الأقل إبطاء العودة المستقبلية إلى المنطقة الحدودية.
ورأى أحد المسؤولين الأمريكيين بحسب "سي إن إن" أنه في حال عدم القيام بتلك العملية "فيجب ملء المنطقة العازلة بقوات من القوات المسلحة اللبنانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل).
وبينما تظل التطورات مفتوحة على كل الاحتمالات، يرى كثيرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه مصلحة في تمديد القتال لأن إنهاء الصراعات قد يؤدي إلى نهاية حكومته وستثار التساؤلات بشأن "فشله" في حماية إسرائيل في 7 أكتوبر.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين اللذين نقلت عنهما "سي إن إن": "بمجرد انتهاء الحرب، سيكون تاريخ انتهاء صلاحيته قد حل، لذلك فهو (نتنياهو) بحاجة إلى الإبقاء على الانطباع، والحفاظ على الرواية القائلة إن إسرائيل لا تزال في منتصف الحملة، لمحاولة درء الجهود الرامية إلى إزاحته".
كما قال المسؤول البارز الآخر في الإدارة الأمريكية: "أعتقد أن غالبية الأشخاص المسؤولين في كلا الجانبين لا يريدون التصعيد ويريدون حلا (دبلوماسيا) يسمح لنا بوقف التصعيد، لكن هؤلاء ليسوا هم الذين يتصدرون المشهد دائما".
على الجانب الآخر ذكرت قناة (آي 24) العبرية أن حزب الله طلب من إيران زيادة إمداداتها له بالصورايخ والطائرات المسيرة، تحسبا لقيام إسرائيل بعملية برية.
واستشهدت القناة العبرية بما ذكره موقع "عربي بوست" الإخباري التركي عن منح الحرس الثوري الإيراني حزب الله الضوء الأخضر لتصعيد الهجمات على إسرائيل حال شنها عملية برية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ونقل "عربي بوست" عن مصادر إيرانية وأخرى تابعة للحرس الثوري الإيراني، أن تلك التعليمات صدرت من قبل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، إسماعيل قاآني، إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عندما التقيا في بيروت في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ووفقا للموقع، رأى قاآني خلال الاجتماع أن ثمة حاجة للاستعداد لعملية إسرائيلية واسعة النطاق محتملة في لبنان.
وتبقى التهديدات الإسرائيلية بالاجتياح البري هي السيناريو الأخطر في موجة التصعيد الأخيرة، سواء كان التحرك نحو مدينة رفح، وما قد يترتب عليه من تداعيات حذر منها الكثيرون، أو ضد لبنان الذي يمر بواحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية في العالم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جیش الاحتلال فی الإدارة حزب الله فی لبنان سی إن إن
إقرأ أيضاً:
النائب اللبناني عن كتلة حزب الله الدكتور علي فياض: انتقلنا أكثر نحو قيادة مؤسسية جماعية تتخذ القرارات
أجرى الحوار: علي رزق – ترجمة مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان -
يواجه حزب الله اللبناني أوقاتاً صعبة غير مسبوقة، بعد أن فقد الكثير من قياداته العليا في حرب "جبهة إسناد غزة" مع الكيان الإسرائيلي. وقد أدت الأحداث في سوريا المجاورة إلى تفاقم خسائر التنظيم. فلم يخسر حزب الله طريق العبور الرئيسي لتسليم الأسلحة مع سقوط أسرة الأسد فحسب، بل إنه أصبح عليه الآن أن يعيش مع حقيقة وجود قيادة جديدة في دمشق تابعة لنفس الجماعات المتطرفة التي حاربها حزب الله دعماً للقيادة السورية السابقة.
ومع ذلك، كان موكب التشييع الأخير للأمين العام السابق للحزب الشهيد السيد حسن نصر الله بمثابة تذكير صارخ بأن الحزب لا يزال يتمتع بدعم شعبي واسع النطاق. وكان التشييع أحد أكبر الأحداث في تاريخ لبنان، حيث خرج مئات الآلاف من المعزين إلى الشوارع.
"ريسبونسبل ستيت كرافت" هي مجلة إلكترونية تابعة لمعهد كوينسي الأميركي، وتنشر تحليلات لخبراء يناقشون التطورات العالمية وعلاقتها بالمصالح الأميركية.
أجرت "ريسبونسبل ستيت كرافت"، حواراً مع النائب اللبناني عن كتلة حزب الله الدكتور علي فياض لمناقشة مستقبل الحزب في أعقاب التطورات الأخيرة. وكان فياض عضواً فعالاً في حزب الله منذ تأسيسه، وكان يرأس سابقاً مركز الحزب البحثي، "المركز الاستشاري للتوثيق والدراسات".
وأكد فياض أن نهج الحزب في ظل الظروف الحالية هو أن تتعامل الدولة اللبنانية مع الوضع مع إسرائيل التي لا تزال تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية. ومع ذلك، سارع إلى التأكيد على أن لبنان يحتفظ بحق استخدام القوة، إذا لزم الأمر، من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ويقول فياض إن أي حديث عن دمج حزب الله عسكرياً في مؤسسات الدولة اللبنانية سابق لأوانه، ويتوقف على عوامل مثل بناء الدولة لقدراتها الدفاعية.
وفيما يتعلق بسياسات إدارة ترامب تجاه لبنان، يزعم النائب عن حزب الله أن محاولات تهميش حزب الله لن تؤدي إلى استقرار لبنان. كما أثار احتمال أن تكون واشنطن تحاول إثارة مواجهة بين الجيش اللبناني والحزب المقاوم، محذراً من العواقب الوخيمة المترتبة على مثل هذا السيناريو. ولكن فياض أوضح أن القضايا التي تواجه حزب الله مع الولايات المتحدة ليست ثنائية في طبيعتها، بل تنبع من دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وما أسماه "الهيمنة غير العادلة" على الشؤون العالمية.
وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، لم يتردد فياض في الاعتراف بأن سقوط الرئيس السابق بشار الأسد كان انتكاسة كبيرة للحزب، متسائلاً عن موقف القيادة السورية الجديدة تجاه إسرائيل.
فيما يلي النص الكامل للمقابلة:
ريسبونسبل ستيت كرافت: ما هو مستقبل حزب الله بعد السيد حسن نصر الله؟
علي فياض: حزب الله ملتزم بخطى السيد حسن نصر الله ومبادئه ودوره المقاوم ورؤيته تجاه الوضع في لبنان والمنطقة. ولكن هناك أيضاً تحولات كبيرة حدثت في لبنان والمنطقة يجب أخذها في الاعتبار، وحزب الله يركز بشكل كبير على فهم هذه التحولات والتفكير في كيفية التعامل معها. لقد لعبت الزعامة الكاريزمية للسيد حسن دوراً أساسياً في قيادة الحزب وإدارة التنظيم سياسياً وعسكرياً. والآن تحت قيادة الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، من المتوقع أن نتحرك أكثر نحو حزب مؤسسة وليس حزب زعيم. وهذا يتفق مع قناعات الأمين العام الجديد.
ريسبونسبل ستيت كرافت: عندما نتحدث عن حزب مؤسسي، هل ينعكس هذا في مزيد من التركيز على الساحة الداخلية وتخفيف التركيز على المنطقة؟
فياض: إن مسألة الحزب الذي يقوده زعيم والحزب الذي يركز أكثر على البعد المؤسسي في صنع القرار لا علاقة لها بالتحولات التي حدثت في المنطقة وفي لبنان. عندما نتحدث عن التحولات، لدينا ما يتعلق بلبنان بعد صدور وثيقة تنفيذ القرار الدولي 1701 (آخر اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل)، والمحاولات الأميركية المتفشية لإعادة تشكيل المنطقة. وفيما يتعلق بلبنان، أكدنا التزامنا بالقرار 1701 ووثيقة التدابير التنفيذية، والتزمنا بشكل كامل بالالتزامات المتعلقة بجنوب نهر الليطاني، ولأن وثيقة التدابير التنفيذية تعنى بتفسير وتنفيذ القرار 1701 فإن مرجعيتها ونطاقها الجغرافي يخضعان للقرار الدولي 1701.
ريسبونسبل ستيت كرافت: ماذا يمكن أن نتوقع من حزب الله عندما يكون له طابع مؤسساتي أكثر؟
فياض: كان حضور السيد حسن نصر الله طاغياً. عندما يقرر أي شيء، كان الجميع يرحب بهذا القرار نظراً لدوره القيادي التاريخي. الآن، أصبح الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم أكثر ميلاً إلى أن تلعب المؤسسات دورها في صنع القرار؛ الآن، انتقلنا أكثر نحو قيادة مؤسسية جماعية تتخذ القرارات على أساس البيروقراطية الداخلية، المؤسسات الداخلية.
ريسبونسبل ستيت كرافت: هل حزب الله في طور التحول إلى حزب سياسي فقط؟
فياض: لا، حزب الله، على الرغم من التحولات التي حدثت، لا يزال حزب مقاومة من جهة وحزب سياسي من جهة أخرى. لكن كل مرحلة تتطلب نهجاً مختلفاً عندما يتعلق الأمر بالمقاومة. حزب الله لا يزال ملتزماً بالمقاومة ويعتبر أن من حق لبنان مواجهة أي عدوان إسرائيلي. لكن هذه المرحلة الحالية، نظراً لطبيعتها الفريدة والتحولات التي حدثت، ربما تتطلب نهجاً مختلفاً.
على سبيل المثال، من أهم التطورات في المرحلة الحالية أن الدولة اللبنانية تقدمت لإدارة الوضع ضد العدو الإسرائيلي، وحزب الله قبل هذا الدور وأعطى الدولة الفرصة لتولي إدارة الوضع مع العدو الإسرائيلي. هذا لا يعني أن حزب الله لم يعد ملتزماً بدوره كمقاومة.
ريسبونسبل ستيت كرافت: السؤال الأكثر وضوحاً والذي يريد الناس معرفة إجابته هو سلاح حزب الله، لأن هناك هذا الفهم بأن اتفاق وقف إطلاق النار يتضمن ضمناً التخلص في نهاية المطاف من سلاح الحزب.
فياض: كنت أقول إن القرار 1701 يشير جغرافياً إلى جنوب نهر الليطاني. الآن، فيما يتعلق بشمال نهر الليطاني، فإن وثيقة التنفيذ قالت إنه لا يمكن استيراد وتطوير أي سلاح. ونحن نطالب الدولة اللبنانية بممارسة دورها بشكل كامل فيما يتعلق بضبط الوضع على الحدود. لا مشكلة لدينا في هذا الصدد، ولكن كل ما يتعلق بالمقاومة في شمال الليطاني نعتبره قضية سيادية تخص الحكومة اللبنانية، وحزب الله يدعو الحكومة إلى التفاهم بشأن الوضع في شمال الليطاني.
ريسبونسبل ستيت كرافت: إذن أنت تنظر إلى دعوة الرئيس جوزيف عون إلى معالجة قضية سلاح حزب الله عبر الحوار بإيجابية؟
فياض: هذا يتوافق مع ما يريده حزب الله.
ريسبونسبل ستيت كرافت: إذا تم التفاهم بشأن السلاح، هل حزب الله جاهز للاندماج في الدولة عسكرياً؟
فياض: من المبكر الحديث عن هذه القضايا. هناك عدد من القضايا المتشابكة. هذه القضية لا يمكن معالجتها بمفردها، بل يجب التعامل معها بشكل شمولي. وعندما أقول هذا، فهذا يعني أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بضمان قدرة الدولة على ممارسة دورها في الدفاع عن الأرض والشعب في لبنان.
ريسبونسبل ستيت كرافت: هناك خمسة مواقع لا تزال إسرائيل تحتلها في لبنان. كيف سيتعامل حزب الله مع هذا الأمر إذا فشلت الدولة في معالجة هذه القضية؟
فياض: نحن نعتبر أن هذه المرحلة ـ مرحلة تطبيق إجراءات القرار 1701 ـ هي مسؤولية الدولة ونحن نتابع الوضع عن كثب. وعندما تصل الدولة إلى طريق مسدود ندعوها إلى تقييم الوضع وتحديد الفرص والنظر في الخيارات التي ستحرر الأرض. ولكن في كل الأحوال فإن وجود الإسرائيليين في النقاط الخمس هو أمر نعتبره احتلالاً وهذا يعطي لبنان الحق في استخدام كل الوسائل الممكنة لتحرير هذه الأراضي المحتلة. وهذا هو نفس الموقف الرسمي اللبناني تماماً لأن اجتماع الزعماء الثلاثة (الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب) في بعبدا (القصر الرئاسي اللبناني)... عندما أعلن الإسرائيليون أنهم سيبقون في الأراضي اللبنانية اجتمع الزعماء الثلاثة وأصدروا بياناً مهماً جداً أعلنوا فيه أن الوجود الإسرائيلي في هذه المنطقة هو احتلال وأن للبنان الحق في استخدام كل الوسائل الممكنة لتحرير هذه الأراضي.
ريسبونسبل ستيت كرافت: كل الوسائل الممكنة، هل هذا يشمل المقاومة المسلحة؟
فياض: إن عبارة "كل الوسائل الممكنة" التي وردت في اتفاق الطائف وفي برامج الحكومة لسنوات طويلة، وأعيد إدخالها في البيان الرئاسي، تعني الوسائل الدبلوماسية وغير الدبلوماسية.
ريسبونسبل ستيت كرافت: أشعر أن هناك نوعاً من التفاؤل تجاه هذه الحكومة، خاصة وأننا نعلم ما حدث مع الطائرات الإيرانية (قرر كبار المسؤولين في لبنان وقف الرحلات الجوية المباشرة بين طهران وبيروت إلى أجل غير مسمى بعد التهديدات الإسرائيلية). هل أنت متفائل في ضوء ما حدث؟
فياض: نحن نرى أن هذه الحكومة اللبنانية تستحق أن تعطى فرصة لإثبات نفسها وإظهار أنها قادرة على الوفاء بالوعد الذي قطعته في البيان الوزاري. فقد قالت إن الأولوية هي تحرير الأرض والدفاع عن الشعب. وقالت أيضاً إن هذا هو الدور الرئيسي للدولة، وصحيح أنه لا معنى لسيادة الدولة من دون القدرة على حماية الشعب والأرض. ثانياً، وعدت هذه الحكومة بإنقاذ الدولة وإصلاحها وإعادة بنائها، ونحن مستعدون تماماً للتعاون في كلا الأمرين.
ريسبونسبل ستيت كرافت: كيف ينظر الحزب إلى الدور الأميركي، وتحديداً إدارة ترامب؟ قالت المبعوثة الأميركية (نائب المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس) إن حزب الله هُزم ويجب إبعاده عن الحكومة. ما هو موقفكم من هذه التصريحات ومن إدارة ترامب على نطاق أوسع؟
فياض: هذه المواقف غير مسؤولة، وهي تدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، بالإضافة إلى أنها لا تأخذ في الاعتبار الحساسيات والأسس الدقيقة التي يقوم عليها الاستقرار السياسي اللبناني. إن هذه المواقف الأميركية تتجاهل إرادة شريحة كبيرة من الشعب اللبناني وكتلة نيابية تمثل حزب الله منتخبة ديمقراطياً، كما تبدو هذه المواقف أقرب إلى الدعاية الإعلامية منها إلى التوجه السياسي المسؤول تجاه الوضع في لبنان، لأن أورتاغوس اشترطت عدم تمثيل حزب الله في الحكومة، ولكن بينما كانت هذه المبعوثة الأميركيةتصدر هذا البيان في بعبدا كانت الحكومة تتشكل وكان حزب الله جزءاً منها، وبالتالي فإن حزب الله ممثل بوزيرين في الحكومة.
إن المواقف التي تصدر عن الإدارة الأميركية والطريقة التي يتعامل بها الأميركيون مع لبنان، تتناقض مع الهدف الأميركي المعلن الذي يعبّر عن التزام راسخ بالاستقرار وإعادة بناء دولة قوية في لبنان، ويدعو حزب الله الحكومة والفصائل الأخرى إلى مناقشة القضايا العالقة داخلياً عبر الحوار. غير أن المواقف الأميركية لا تسير في هذا الاتجاه، بل إن نتيجتها النهائية ستكون الاقتتال الداخلي اللبناني. ونحن نخشى أن يكون الهدف الأميركي هو أن تكون هناك مواجهة بين الجيش اللبناني وحزب الله ومناصريه. وهذا أمر خطير جداً على لبنان ونحن لا نريده، ونريد أن نتجنبه. بل نريد أفضل العلاقات الممكنة مع الجيش اللبناني ونحن ندعم الجيش.
ريسبونسبل ستيت كرافت: بما أنك ذكرت هذه النقطة، كيف تنظر إلى الدعم الأميركي للجيش اللبناني؟
فياض: لم نعلن يوماً عن موقف رافض للهبات (المقدمة للجيش اللبناني)، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. لكننا كنا نؤكد دائماً على استقلال المؤسسة العسكرية وعدم ارتهانها لأي قوة خارجية، وعدم ربط المساعدات الخارجية بالظروف السياسية.
ريسبونسبل ستيت كرافت: قال وفيق صفا (رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله) مؤخراً إن الأميركيين يحاولون دائماً الاتصال بالحزب ولقاء حزب الله بشكل مباشر وأن هذا لا يزال قائماً. ما هو موقف الحزب من أي محاولات لإقامة اتصال مباشر مع الولايات المتحدة؟
فياض: على الصعيد الدولي، لدينا علاقات جيدة جداً مع عدد كبير من دول العالم بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي. ولكن عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، وبسبب انحيازها الكامل لإسرائيل التي تحتل أراضينا وترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، لدينا موقف سياسي يرفض إقامة أي شكل من أشكال الاتصال مع الإدارة الأميركية. ولكننا نفرق أيضاً بين الإدارة الأميركية والمجتمع الأميركي، سواء مؤسسات إعلامية أو مؤسسات أكاديمية أو ناشطين أو مثقفين. ولا توجد أي مشكلة على الإطلاق في إقامة مثل هذه اللقاءات غير الرسمية بين حزب الله وهذه الجهات.
ريسبونسبل ستيت كرافت: كثيرون يقولون إن حزب الله يشكل خطراً مشتركاً على إسرائيل والولايات المتحدة، ويعودون إلى الهجمات على ثكنات المارينز في لبنان (1983)، ويتهمون حزب الله بالتورط في أنشطة إرهابية واستهداف الأميركيين. ولكن استناداً إلى ما أفهمه منك، فإن المشكلة الوحيدة بين الحزب والولايات المتحدة هي الدعم الأميركي لإسرائيل. هل هذا هو الحال؟
فياض: ليس لدينا مشاكل ثنائية مع الأميركيين. إن الموقف تجاه الأميركيين مرتبط في المقام الأول بالقضية الفلسطينية وهذا الانحياز لإسرائيل الذي يتجاهل حقوق الإنسان وقوانين الأمم المتحدة وحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وفي متابعة لهذه النقطة، هذا الدعم الأميركي العسكري لإسرائيل التي استخدمت أسلحتها لتدمير 200 ألف منزل (لبناني) في الحرب الأخيرة، وقتلت الأمين العام (السيد حسن نصر الله) بأسلحة لا تمتلكها إلا أميركا ـ القنابل التي تزن 2000 رطل، وقد اعترف الإسرائيليون بذلك. لقد أعاد الإسرائيليون تسليح أنفسهم مؤخراً بقنابل تزن 9000 رطل. وهذه القنابل هي أثقل القنابل غير النووية في التاريخ. إذن المشكلة مع الإدارة الأميركية هي هذه القضية أولاً وثانياً هذا التدخل في شؤون المجتمعات والدول الأخرى وممارسة الهيمنة غير العادلة على العلاقات الدولية. إذن لدينا مشكلتان، واحدة تتعلق بالصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي والتدخل في شؤوننا الداخلية، والأخرى تتعلق بالنهج الأميركي تجاه النظام العالمي. وهذا يتناقض تماماً مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونقاط وودرو ويلسون الأربعة عشر. كما يتناقض مع كل المثل الدستورية والإنسانية التي أسسها الآباء المؤسسون في الولايات المتحدة.
ريسبونسبل ستيت كرافت: كيف تردون على اتهام حزب الله بمواصلة أنشطة وخطط إرهابية في أماكن مثل قبرص وتايلاند وأماكن أخرى بعيدة؟
فياض: حزب الله لا يمارس أي نشاط إرهابي سواء في لبنان أو في الخارج. حزب الله يعمل علناً في لبنان لتحرير الأراضي المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي. - حق الدفاع عن النفس: هذا الحق منصوص عليه في قوانين الأمم المتحدة وهو أحد المبادئ الأساسية المتعلقة بحقوق الأمم والمجتمعات الإنسانية. وثانياً، لدينا الحق في الدفاع عن أنفسنا ضد الاعتداءات الإسرائيلية. وهذه المجتمعات تدفع ثمناً باهظاً وتقتل بالآلاف وتدمر مؤسساتها ومنازلها. كما أنها ضحية لأسلحة محرمة دولياً مثل استخدام الفوسفور الأبيض في جنوب لبنان. وإذا قارنت خسائر إسرائيل بتلك التي لحقت بنا، فإن هذه الخسائر تكاد لا تذكر.
ريسبونسبل ستيت كرافت: ما مدى ثقل الضربة التي وجهتها الأحداث في سوريا لحزب الله، وكيف تقيّمون تداعياتها على لبنان داخلياً وعلى أنصار حزب الله، لأننا شهدنا مواجهات على الحدود بين لبنان وسوريا؟
فياض: لا شك أن التحول السياسي الذي حدث في سوريا كان خسارة استراتيجية كبرى، ولا نستطيع أن ننكر ذلك. ولم نكن نؤيد النهج الذي تم اتباعه فيما يتعلق بالعلاقات المعقدة بين النظام السوري السابق والشعب السوري. نحن لا ندعم أي نوع من أنواع القمع والفساد أو الممارسات الطائفية.
ريسبونسبل ستيت كرافت: إذاً لماذا دعمتم النظام؟
فياض: علاقاتنا السابقة مع النظام مرتبطة بقضية محددة تتعلق بضرورة إيجاد التوازن مع إسرائيل في صراع إقليمي معقد، حيث تتلقى إسرائيل كل أشكال الدعم الدولي ومن أجل الحصول على عمق إقليمي. وكانت علاقاتنا مع النظام مرتبطة بشكل صارم بهذه الاعتبارات.
ريسبونسبل ستيت كرافت: وفيما يتعلق بالمواجهات على الحدود مع سوريا؟
فياض: فيما يتعلق بالقيادة الجديدة في سوريا، فنحن لا نبحث عن المشاكل ونتبع موقف الدولة اللبنانية الذي دعا إلى علاقات متوازنة بين البلدين. ولكننا نؤكد على أهمية حماية الأقليات واحترام الحريات وعدم وجود قيادة قمعية جديدة في سوريا. كما نراقب موقف القيادة الجديدة في سوريا تجاه إسرائيل. وهذا الموقف مربك ويطرح الكثير من الأسئلة، حيث تسللت إسرائيل واحتلت الأراضي السورية من دون صدور أي موقف من القيادة الجديدة. وهذا أمر غريب من كل النواحي القانونية والسياسية، ولا تجده في أي بلد آخر.
أما المواجهات (على الحدود اللبنانية السورية) فهي مرتبطة بالتهريب وعصابات التهريب، لكننا نعتقد أنها أكثر من ذلك، فهي تهدف إلى الضغط السياسي على لبنان، وما نريده هو استقرار الحدود الشرقية الشمالية.