ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، والتى دار موضوعها حول "الإيمان والعمل والرجاء والأمل في التذكير بالله".

خطيب الجامع الأزهر: شرعت صلاة الجمعة تذكيرا به سبحانه وتحقيقاً لمعنى الإيمان

 

وقال الصغير ، إن المولى عزَّ وجلَّ شرع صلاة الجمعة تذكيراً به سبحانه وتعالي، وتحقيقاً لمعني الإيمان به، والثقة فيما عنده، قال تعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

موضحا أن السعي إلى ذكر الله سعي إلى التذكير به سبحانه وتعالى، وتعلم شريعته، وتحقيق لمعنى الإيمان به والثقة فيه.

وذكر خطيب الجامع الأزهر ، أن الله حث عباده بالسعي إلى ذكر الله من خلال الذهاب إلى صلاة الجمعة والتذكير هنا أيضا يكون بالإيمان بالله، والثقة فيما عند الله، مؤكدا أن المتدبر في حقيقة ما نخرج به من صلاة الجمعة بعد سماع الذكر فيها، يجد إيمانا وعملا، ورجاء وأملا وإيمانا به سبحانه بأنه الواحد الخالق، المدبر القادر على كل شيء، وتذكيرا بالعمل والأخذ بالأسباب التي وضعها ليتغير الحال من سيء إلى حسن.

وتابع، بأن التذكير بالله أمل لا ينقطع مهما كان التفريط والإسراف، واليأس والقنوت، به يرجع العبد إلى ربه ويتوب ويعمل، ويتوكل عليه سبحانه وتعالى موقناً بإجابته لسؤاله وحلمه وعفوه، قال تعالي: " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم"، فإذا ما نظر الإنسان إلي ما كان من أهل الذكر، والتذكير في هذا الشهر الفضيل، شهر شعبان، الذي نعيش ثلثه الأخير، يجد أن المولى جل وعلا ساق لأهل الذكر فيه من مناطات التذكير ما يكون به الإيمان والعمل والرجاء، ما يكون به تغير الحال إلى أفضله.

وبيّن خطيب الجامع الأزهر ، أنه كان من هدي النبي ﷺ في استقبال الهلال أن يقول: (اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله)، والمتدبر في دعاء النبي ﷺ يجده مشتملاً علي الإيمان به سبحانه، ودعوة الله عزّ وجلَّ أن يهدينا سبيل الرشاد، والدعوة بأن يهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، والتوفيق لمراده سبحانه وتعالي.

وتابع فكثير من الناس من أهل الإيمان من هم في ضلال، ومن هم في خوف وافتقاد للأمل، فيسأل الله تبارك وتعالي اليمن والإيمان، وكم من مبتلى في نفسه وجسده يسأل الله السلامة والثبات على العقيدة والثقة في الله عزّ وجلَّ إذا ما دُعي. قال تعالي: ﴿إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾. سؤال بالتوفيق لما يحبه ويرضاه، كم من مبتلى سأل الله العافية والسلامة، كم من مضيق عليه في الحياة، في الرزق، أو في السعي، يسأل الله السلامة والتيسير.

وأوضح د. الصغير، أنه في خضم هذا الشهر الكريم تم تذكير الناس بهدي النبي ﷺ فيه ولا سيما الصيام، فكان النبي ﷺ يصوم في شعبان أكثر ما يصوم في غيره. (فقد روى أبو داود والنسائي وابن خزيمة من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم في شعبان؟ قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم).

وشدد أن الصيام فيه تهذيب للنفس وتوقيرها، والتعرض للنفحات فيه. حيث يكون المرء مفرطا وغافلا عما ذكر به، فيرجع إلي ربه بالصيام والصلاة والذكر والقرآن، راجياً وآملاً أن يطلع عليه رب العباد فيه، ويرفع عمله فيه وهو على هذه الحال، ثم كان التذكير بليلة النصف من شعبان التي يطلع الله عزّ وجلَّ فيها على عباده فيغفر للمستغفرين، ويتوب على التائبين، فتعطي أملا ورجاء في أن المولى جل وعلا سوف يستجيب، فيتبدل الحال، ويتغير الأمر.

وأشار فضيلته إلى التذكير بتحويل القبلة إشارة إلي امتثال العباد لأمر رب العباد، والثبات على عقيدتهم لبيان الإيمان والطاعة رغم ما قاله السفهاء وغيرهم، وبعد ما شرع الأمر، وقدر المقادير، ووجه النبي ﷺ، أمر بالذكر وحث على العمل والأخذ بالأسباب المادية والمعنوية التي بها ينفرج الحال، وتزول الكروب. قال تعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

واسترسل قائلا: ثم أمر كل محتاج ومفتقر في هذه الحياة بالصبر حتى لا يفقد الثقة فينا عند الله، لأن الصابر المحتسب، المداوم على العمل والطاعة، والعبادة لله عزّ وجلَّ، له الأجر والثواب الجزيل في الدنيا والآخرة. قال تعالي: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. حتي يعودوا إلى قضية الإيمان والعمل، والرجاء والأمل وعدم انقطاعه.

وبيّن أن هدي القرآن الكريم والشارع الحكيم وذكره طمأنينة للقلوب، فكل من النسك، العبادة، الصلاة، الزكاة، والتوجه إلي القبلة، والتعرض لأيام الله كلها عبادات شرعت لمقاصد بها يكون صلاح الحال والتدبر والتغير. فالمقصد هو التدريب على طاعته سبحانه وتعالى ، وبالتالي يكون الصلاح في الحال وفي الأعمال، وهو أثر عظيم يغير الله به الحال إلى أحسنه. فكل فرد منا يحتاج إلى التذكير بالله والثبات على طاعته، والعمل النافع، والرجاء فيما عنده جل في علاه، وحسن الظن والثقة به سبحانه وتعالى، والأمل في أن يتحول الحال إلى أفضل حال، لأن هذا هو الهدي الحكيم الذي يهدي به الله من يشاء من عباده لا بالكلام ولا بغيره. قال تعالي: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر خطبة الجمعة اليوم الإيمان والعمل خطیب الجامع الأزهر سبحانه وتعالى صلاة الجمعة قال تعالی والثقة فی النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

لاحت بشائر رمضان.. خطيب المسجد النبوي: تاج الشهور ومعين الطاعات فاغتنموه

قال الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي ،  إنه قد لاحت بشائر رمضان، واقترب فجره، وتاقت القلوب لنوره، هو تاج الشهور، ومعين الطاعات، نزل القرآن في رحابه، وعزّ الإسلام في ظلاله، وتناثرت الفضائل في سمائه.

تاج الشهور

وأوضح “ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الرابعة من شعبان اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أنه ميدان سباق لمن عرف قدره، ومنبع إشراق لمن أدرك سره، وموسم عِتق لمن أخلص أمره، وروضة إيمان لمن طابت سريرته واستنار فكره، مستشهدًا بقوله ـ صلى الله عليه وسلم  ـ (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).

 وأضاف أن هذا رمضان خيراته تتدفق، وأجوره تتزاحم وتتلاحق، موصيًا المسلمين بالاستعداد له استعدادًا يليق بمقامه، وسلوكًا يرتقي لنعمه وإجلاله، فرمضان أيامه معدودة، وساعاته محدودة، يمر سريعًا كنسيم عابر، لا يمكث طويلًا.

 وأشار إلى أن  الاستعداد لرمضان يكون بتهيئة النفس، ونقاء القلب، وإنعاش الروح، من خلال تخفيف الشواغل، وتصفية الذهن، فراحة البال تجعل الذكر أحلى، والتسبيح أعمق، وتمنح الصائم لذة في التلاوة، وأنسًا في قيام الليل.

الاستعداد لرمضان

وأفاد بأن تهيئة القلب تكون بتنقيته من الغل والحسد، وتصفيته من الضغينة والقطيعة وأمراض القلوب، فلا لذة للصيام والقلب منشغل بالكراهية، ولا نور للقيام والروح ممتلئة بالأحقاد.

 ونصح المسلمين إلى تنظيم الأوقات في هذا الشهر الفضيل، فلا يضيع في اللهو، ولا ينشغل بسفاسف الأمور، وخير ما يستعد به العبد الدعاء الصادق من قلب مخبت خاشع، موصيًا  المسلمين بتقوى الله عزوجل، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

ولفت إلى أن رمضان شهر القرآن، ولتلاوته فيه لذة تنعش القلب بهجةً وحلاوة تفيض على الروح قربًا، ففي تلاوة القرآن يشرق الصدر نورًا، وبكلماته تهدأ النفس سرورًا، وبصوت تلاوته يرق القلب حبًا.

وأردف: فتشعر وكأن كل آية تلامس روحك من جديد، وكأن كل حرف ينبض بالحياة، منوهًا بأن رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب، يدرّب الصائم على ضبط شهواته، وكبح جماح هواه، وصون لسانه عما يخدش صيامه، فيتعلّم كيف يحكم زمام رغباته.

رمضان مدرسة

وتابع: ويُلجم نزواته، ويغرس في قلبه بذور الصبر والثبات، وهذه الإرادة التي تربى عليها المسلم في رمضان تمتد لتشمل الحياة كلها، فمن ذاق لذة الانتصار على نفسه سما بإيمانه وشمخ بإسلامه فلم يعد يستسلم للهوى، ولا يرضى بالفتور عن الطاعة.

واستشهد بقولة تعالى (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، لافتًا إلى أن رمضان بشعائره ومشاعره محطة ارتقاء بالإنسان، ورُقِيّ بالحياة، فهو يبني الإنسان الذي هو محور صلاح الدنيا وعماد ازدهارها، ويهذب سلوكه، ويسمو بأهدافه.

وبين أن العبادة ليست طقوسًا جامدة، بل قوة حية تغذي الإنسان ليبني المجد على أسس راسخة من الدين والأخلاق والعلم، مستشهدًا بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

وأفاد بأن الله تعالى اختص المريض والمسافر برخصة، فجعل لهما فسحةً في القضاء بعد رمضان، مستشهدًا بقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، مبينًا أن التشريع رحمة، وأن التيسير مقصد.

ونبه إلى أن الصيام لم يُفرض لإرهاق الأجساد، بل لتهذيب الأرواح، وترسيخ التقوى، فأوجه العطاء في رمضان عديدة، وذلك من خلال إنفاق المال، والابتسامة، وقضاء حوائج المحتاجين ومساعدتهم، والصدقة الجارية، وقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود ما يكون في رمضان ، عطاؤه بلا حدود، وكرمه بلا انقطاع، يفيض بالجود كما يفيض السحاب بالمطر، لا يرد سائلًا، ولا يحجب فضلًا.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الإنسان مع كثرة العبادة يحدث له أنس بالله
  • لاحت بشائر رمضان.. خطيب المسجد النبوي: تاج الشهور ومعين الطاعات فاغتنموه
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أقوم سبيل للطمأنينة في الدنيا والسعادة بالآخرة
  • خطيب الجامع الأزهر: تقوى الله أمثل طريق للطمأنينة في الدنيا والآخرة
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد السلام بالسنطة محافظة الغربية
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. إلهي، سيدي ومولاي
  • هل أترك تحية المسجد حال صعود خطيب الجمعة للمنبر.. أمين الفتوى يوضح
  • نوح العيسوي خطيبًا.. نقل شعائر صلاة الجمعة غدًا من مسجد السلام بالغربية
  • هل يجوز قضاء الصلاة عن الأم أو الأب المقصرين؟ أمين الفتوى يوضح
  • كيف نتدرب على رمضان حتى نفوز بالأجر كله.. علي جمعة يوضح