الطحين المغمس بالدم.. حكاية صمود في شمال قطاع غزة
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
عبده: الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في سياسة التجويع وسياسة إفراغ شمال غزة من السكان
يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة لليوم الـ146 على التوالي، وتوجها صباح أمس الخميس بـ"مجزرة الطحين" المروعة على شارع الرشيد جنوب غرب مدينة غزة بحق مدنيين عزل ينتظرون وصول المساعدات والطحين، وارتقى فيها ما يزيد على 360 شهيدا وجريحا.
اقرأ أيضاً : المعجزات في غزة.. انتشال عائلة من تحت الأنقاض في غزة بعد 9 أيام
وبالتزامن مع مجازر الاحتلال وإجرامه واصل بث الأكاذيب والادعاءات الزائفة حول حقيقة ما جرى، فيما اكتفت الولايات المتحدة صاحبة "الضوء الأخضر" والدعم اللامتناهي للعدوان بوصف الحادث بـ"الخطير" وانتظار التقارير حوله، لتتواصل الجريمة التي يرى فيها مراقبون استمرارًا لسياسة صهيوأمريكية متواصلة تسعى لممارسة الإبادة الجماعية بحق أهل غزة مع سبق الإصرار والترصد، والسعي بشكل أكبر لتفريغ محافظتي غزة والشمال من أكثر 700 ألف غزي رفضوا الرضوخ لسياسات العدو وإجرامه وأصروا على الصمود رغم كل المحاولات التي وصلت حد ارتكاب "جريمة حرب التجويع" أمام مرأى ومسمع العالم.
فيما أكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدكتور رامي عبده أن الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في سياسة التجويع وسياسة إفراغ شمال غزة من السكان.
وتتواصل الدعوات بضرورة استمرار الضغط على المجتمع الدولي وعلى أمريكا بكل السبل المتاحة لكسر الحصار الظالم عن قطاع غزة وإيصال المساعدات للمدنيين بما يحفظ إنسانيتهم وحقوقهم الأساسية التي نصت عليها كل العهود والمواثيق والأديان وبما يحفظ كرامتهم وحقهم في الحياة كباقي البشر.
أمريكا تصر على شراكتها في الجريمةوحمل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي وكذلك المنظمات الدولية التي تنصلت من مسؤولياتها؛ المسؤولية الكاملة عن عمليات القتل الجماعي والمجزرة والمروعة وحرب الإبادة وحرب التجويع التي نفذها وينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن، والتي تهدف لتهجير السكان قسرًا وإفراغ المنطقة.
كما ناشد كل دول العالم وكل الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالتدخل الفوري والعاجل من أجل الضغط على الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، ووقف شلال الدم ووقف قتل واستهداف المدنيين والأطفال والنساء.
من جانبه أكد الخبير العسكري الدكتور محمد المقابلة في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام أن أمريكا ترى هذا المشهد وتعلم كل تفاصيله أكثر من غيرها، وهي التي تديره، وهي التي توجهه، وتمارس إعلامًا وكلاماً معروفًا بالنفاق وتزييف الوعي، ويعتبر تسكينًا للعواطف والمشاعر، ولكن على أرض الواقع ليس موجوداً.
ولفت إلى أن هذه سياسة أمريكية نراها اليوم ورأيناها فيما مضى، وهي التي تتسبب بالقتل ثم ترسل أدواتها الإعلامية للتباكي وفتح بيوت العزاء حتى تظهر بالمظهر الإنساني لتزيف الوعي العربي.
وأضاف المقابلة: هم يقتلون القتيل ويشيعونه ويفتحون له بيت العزاء، ويتقبلون العزاء، وسيخرجون افلامًا وثائقية وتصريحات يتحدثون فيها عن إرهابٍ وإجرامٍ وهم يزيفون الوعي بأن أمريكا لم تكن توافق على هذه الأفعال.
وينوه إلى أن هذه الأفعال كلها متسقة مع العقلية الصهيونية التي قامت على أساس تزييف الوعي وارتكاب الجرائم عبر التاريخ الحديث والذي عاصرناه ورأيناه بأعيننا.
كيان قائم على الإرهابوأكد المقابلة أن سياسات هذا الكيان الإجرامي بلا نقاش في أساسها قائمة على نظرية عسكرية وليس نظرية سياسية كباقي الدول الطبيعية، بمعنى أنه قام على الإرهاب ويعتبر أن الذراع العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لإثبات وتحقيق غاياته السياسية، على عكس الآخرين الذين يريدون أن يكونوا كيانًا سياسيًا ويضعوا ذراعًا عسكريًا لحماية هذه السياسات، فهو على العكس كيان إرهابي.
وأشار المقابلة إلى أن مجزرة الطحين التي أقدم عليها العدو الصهيون، فضلاً عن أنها تهدف للضغط على الفلسطينيين في محافظتي غزة وشمالها بهدف تهجيرهم قسريٍا وتفريغ المنطقة من سكانها، أيضًا فإنها تحمل رسالة موجهة إلى عدة جهات وبعدة معاني، وإلى عدة عناوين.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: فلسطين قطاع غزة مجازر الاحتلال تل أبيب أمريكا الاحتلال الإسرائیلی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
حكاية 77 عامًا من الصراع المصري - الإسرائيلي.. من 1948 حتى اليوم
على مدار 77 عامًا، ظل الصراع بين مصر والكيان الإسرائيلي المحتل واحدًا من أبرز النزاعات في الشرق الأوسط، حيث لعبت مصر دورًا محوريًا في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي منذ نكبة 1948 وحتى يومنا هذا.
ورغم مرور العقود وتغير موازين القوى، لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يواصل اعتداءاته، وخاصة على قطاع غزة، في محاولة لفرض واقع جديد بالقوة، وسط مخاوف متزايدة من تهجير الفلسطينيين.
وفي قلب هذه المعركة المستمرة، يقف معبر رفح، بوابة غزة الوحيدة إلى العالم الخارجي، شاهدًا على المآسي والمعاناة، لكنه في الوقت ذاته رمز للصمود المصري والفلسطيني في وجه التهجير القسري، الذي تسعى إسرائيل إلى فرضه بدعم بعض القوى الغربية.
77 عامًا من الصراع.. كيف بدأت الحكاية؟يعود تاريخ الصراع المصري-الإسرائيلي إلى عام 1948، عندما أعلن الاحتلال الإسرائيلي قيام دولته على الأراضي الفلسطينية، مما أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين فيما عُرف بـ"النكبة".
ومنذ ذلك الحين، خاضت مصر عدة حروب دفاعًا عن الأرض الفلسطينية، ورفضًا للتمدد الصهيوني الذي هدد الأمن القومي المصري.
حرب 1948:
بعد إعلان دولة الاحتلال، انضمت مصر إلى الجيوش العربية في القتال ضد العصابات الصهيونية، لكن النتيجة كانت نكسة للعرب، واحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي.
حرب 1956:
بعد تأميم قناة السويس، تعرضت مصر لعدوان ثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، حيث احتلت القوات الإسرائيلية سيناء، قبل أن تضطر للانسحاب بضغط دولي.
حرب 1967:
شنت إسرائيل عدوانًا مفاجئًا، واحتلت سيناء بالكامل، إلى جانب الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية والجولان السوري.
حرب 1973:
خاضت مصر وسوريا حربًا لاستعادة الأراضي المحتلة، وتمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس وتحقيق انتصار عسكري مهم، أدى لاحقًا إلى استعادة سيناء عبر المفاوضات.
ورغم توقيع اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية عام 1979، إلا أن الصراع لم ينتهِ، خاصة مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وفرضها للحصار على غزة منذ عام 2007.
معبر رفح.. البوابة الأخيرة أمام التهجيريعتبر معبر رفح الشريان الحيوي الوحيد لسكان قطاع غزة، وهو المعبر الذي يربط القطاع بمصر، ويعد المنفذ الوحيد غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة. ومنذ الحصار الإسرائيلي على غزة، أصبح معبر رفح الأمل الوحيد للفلسطينيين للحصول على العلاج والتعليم والسفر للخارج.
ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي في 2023-2024، عاد الحديث عن تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهي خطة خطيرة تسعى إسرائيل إلى تنفيذها ضمن ما يسمى بـ"الخيار البديل"، أي تفريغ القطاع من سكانه، وفرض واقع جديد على الأرض.
لماذا ترفض مصر التهجير؟
منذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، أكدت القيادة المصرية رفضها القاطع لأي مخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، حيث شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن "تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء غير مقبول، ولن يتم السماح به أبدًا".
ويعود الرفض المصري إلى عدة أسباب:
تهديد الأمن القومي المصري:
أي تهجير قسري للفلسطينيين إلى سيناء سيخلق أزمة أمنية وسياسية في مصر، وسيحول سيناء إلى منطقة نزاع دائم.
محاولة تصفية القضية الفلسطينية: تهجير الفلسطينيين يعني إنهاء حلمهم في إقامة دولتهم المستقلة، وتحويل القضية إلى مجرد "أزمة لاجئين".
الالتزام بالمواقف التاريخية:
لطالما دعمت مصر القضية الفلسطينية، ورفضت جميع المحاولات السابقة لفرض حلول غير عادلة.
غزة.. صمود رغم العدوان
منذ بداية الحرب الأخيرة، تعرض قطاع غزة لقصف مكثف، أدى إلى مقتل وجرح عشرات الآلاف، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية بشكل شبه كامل.
ورغم كل هذه الضغوط، لا يزال سكان القطاع يرفضون مغادرة أرضهم، مؤكدين على حقهم في المقاومة والصمود.
وفي الوقت نفسه، يعمل معبر رفح على تقديم الإغاثة للجرحى والمرضى، حيث تقوم مصر بإدخال المساعدات الإنسانية، واستقبال الحالات الحرجة للعلاج في المستشفيات المصرية.
الرفض الدولي للتهجير.. ولكن؟
رغم بعض الضغوط الإسرائيلية والغربية لفرض سيناريو التهجير، فإن المجتمع الدولي حتى الآن يرفض هذه الفكرة، حيث صدرت تصريحات من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تؤكد على ضرورة منع أي عمليات تهجير قسري، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
لكن على الأرض، لا تزال إسرائيل تمارس سياسات تدفع الفلسطينيين إلى النزوح الداخلي، من خلال القصف المستمر واستهداف البنية التحتية، مما يزيد المخاوف من تنفيذ عملية تهجير بطيئة، بدلاً من الإعلان عنها بشكل رسمي.
مع دخول الصراع المصري-الإسرائيلي عامه الـ77، لا تزال القضية الفلسطينية في قلب الاهتمام المصري، حيث تواصل القاهرة دورها التاريخي في دعم الفلسطينيين، ورفض مخططات الاحتلال، ومنع أي تهجير قسري.
وعلى الرغم من المعاناة المستمرة، يظل معبر رفح شاهدًا على الصراع، بين محاولات الاحتلال لفرض واقع جديد، وبين صمود الفلسطينيين ورفض مصر لكل المحاولات التي تستهدف تصفية القضية.