روائي موريتاني يفوز بجائزة للأدب الإفريقي
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
فاز الكاتب والروائي الموريتاني، امبارك ولد بيروك بجائزة LES AFRIQUES التي تمنحها الجمعية الأدبية السويسرية "لاسين ليترير" لكتّاب الأدب الإفريقي.
اختارت الجمعية الروائي المذكور من بين عشرات المؤلفين والكتاب من القارة الإفريقية وخارجها، وأعلن القائمون على الجائزة أن الكاتب سيتسلم جائزته خلال حفل سيقام في العاصمة السويسرية في يونيو القادم.
وحصل "بيروك" سابقا على العديد من التكريمات الأدبية والعالمية عن رواياته وأعماله المكتوبة، إذ فازت إحدى رواياته بجائزة الأدب الإفريقي خلال فعاليات مهرجان دكار الدولي للأدب في يوليو الماضي. وحصد جائزة الرواية الإفريقية، وجائزة الميتيس لطلاب المدارس الثانوية، وجائزة أحمدو كوروما في معرض جنيف للكتاب، كما كان أحد المرشحين النهائيين لجائزة الأدب العربي لمعهد العالم العربي والجائزة الكبرى للفرانكوفونية.
إقرأ المزيدولد امبارك ولد بيروك في أطار بموريتانيا عام 1957، وتخرج من جامعة محمد الخامس في العاصمة المغربية الرباط، حيث حصل فيها على إجازة في القانون، وعمل كروائي وصحافي ومستشار قانوني، وأصدر في موريتانيا صحيفة باللغة الفرنسية عام 1988، وعلى الصعيد الأدبي ارتبطت رواياته بالصحراء وشعوبها والحياة البدوية.
المصدر: saharamedias+وكالات
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الأدباء العرب مشاهير معلومات عامة
إقرأ أيضاً:
وهمُ الأدب الرفيع
يُطرَح دومًا الأدب الرفـيع أو الصفويّ أو النخبويّ مقابل الأدب الشعبيّ فـي مغالطة مقصودة، مدسوسة، ذلك أنّ مقابل الأدب الرفـيع هو الأدب الوضيع حتْما، ولقد استأنس بعض الأدباء عبر التاريخ وَهْم المقابلة بين الأدب الرفـيع والأدب الشعبيّ، وكأنّ العامَّة التي يُمكن أن يسود فـيها فنٌّ أو أدبٌ وينتشر هي علامةُ الوضاعة والسقوط والهبوط والميل إلى الضّلال! لابدّ أن نُدرك، ونحن فـي أمسِّ الحاجة اليوم إلى مناقشة رِفْعة الأدب ووضاعته، إنّنا إزاء سبيلين متباينين لا ينبغي أن نُداخل بينهما، السبيل الأوَل هو وجود أدبٍ شعبيّ منتشر دومًا على مرّ الدّهور، وهو الأكثر انتشارا وسريانًا بين النَّاس، هو أدبٌ سطحيٌّ وبسيطٌ، ومحقِّقٌ لحاجة النّاس منه فـي عصرٍ من العُصور، ويُمكن أن نأخذ على ذلك عيِّنةً من تراثنا العربيّ، «ألف ليلة وليلة»، هذه المدوَّنة السرديَّة الكونيّة التي اختزلت عمقًا شعبيًّا فـي التناول والتداول والرّواج، فهي قصص من أدبِ الشعب إنتاجًا وتلقيًّا، ولعلّ هذا الانتساب الشعبيّ لألف ليلة وليلة هو الذي جعلها خارج دائرة النقد العربيّ قديمًا، وحديثًا، ولم تُصبِح موضوعًا للنقد والنظر إلاّ بعد أن سوّغ الغرب دراستها وأحلّ اعتمادها فـي خانة الأدب، وبعد أن أصبح الأدب الشعبيّ موضوعًا مرشَّحا للدراسة والبحث، وما زالت بعض الجامعات العربيّة الصفويّة ترفض لحدّ اليوم اعتماد بحوثٍ تختصّ بالأدب الشعبيّ.
الأدب الشعبيُّ ليس أدبًا وضيعًا، وإنَّما هو أدبٌ بسيطٌ محقِّقٌ لذائقةٍ عامَّةٍ، مُدرَكٌ بيسْر، واضحةٌ معالمه ومقاصده، ينحو منحى الإمتاع والترفـيه، لا منحى بناء عقلٍ مُدرِك، مفكِّر. أمَّا مفهوم الأدب الرفـيع، فهو مفهومٌ ضالٌّ مُضِلٌّ، يضعُ الأدب فـي علوٍّ تمييزيٍّ، ويُعلِّقه فـي مرتبةٍ متسامية، مُفارقة لحدود الإدراك البشريّ، تقتضي من طالبه أن يرتفع بذهنه وإدراكه لبلوغه، وهو أيضًا مفهومٌ غائم، ملتبسٌ، فما الذي يُحدِّدُ رفعة الأدب؟ الأخلاقيُّون، ودعاة الأخلاق الجدد يرون فـي «الأدب النظيف» الموصول بمقاصد الوعظ والتوجيه والإرشاد رِفعةً، ويرون فـي نقيض ذلك وضاعةً وسقوطًا، المتحرِّرون المتقدِّمون المُستغربون، يرون فـي الانفتاح وإسقاط المحرّمات والمعطِّلات تحقيقًا لسموّ الأدب، الفلاسفة وأصحاب العقول يرون فـي الأدب الحامل لفكرٍ، النَّاظر فـي قضايا الوجود، المفكِّر والداعي إلى التدبُّر صفاءً وقيمةً ومنزلة، المتديّنون يرون فـي أدب الدّين وما يأخذ من الدّنيا محاسن الدّين وتحقيق مقاصده أدبًا جديرًا بالكتابة وما عداه لغو كلام ومفسدة رأي ونفسٍ، المنحلُّون العدميّون المائعون، يرون فـي أدب المفاسد ركنًا مكينًا ومطلبًا أثيرًا، فـيا ليت شعري ما الصحيح؟ وليتَ شعري ما الأدب الرفـيع؟ لقد شهد العالم العربيّ طيلة القرن العشرين نزاعًا حول موضوع الأدب الرفـيع، ودخل الأدباء فـي محاورات عميقة أحيانًا، عقيمة أحايين عديدة، حول ما يُكتَب بعد نزوع الأدب إلى الخروج عن الأنماط الكلاسيكيّة فـي الكتابة، فالمنفلوطي وإبراهيم المازني ومصطفى صادق الرافعي وأحمد شوقي والعقّاد، كلّهم وأمثالهم كُثر سعوا إلى المسكِ بالأدب الرفـيع فـي منظورهم، وهو الأدب العربيّ القديم شكلاً لا ضمنًا، حافظوا على لغةٍ عربيَّة سليمة، بليغةٍ، مبينةٍ، هي فـي اعتقادهم جوهر الأدب، وقد يكون رأيهم سليمٌ، فالأدب فـي جانبٍ كبيرٍ من جوانب جماليّته هو شكلٌ يتحقَّق، غير أنّ كتابتهم كانت بمثابة من يلبس لباسًا من القرن الثاني للهجرة ويذهب بها إلى الدّوام كلّ يومٍ، كانت عبارتهم وأشكال كتابتهم غير باقيةٍ، كما بقيت الأصول التي يتّبعونها، الجاحظُ باقٍ، والمتنبي باقٍ، والأصفهاني باقٍ، وهم مندثرون، فمن يقرأ المنفلوطي أو المازني اليوم؟
من جهةٍ أخرى ينتج عالمنا اليوم أدبًا هو فـي منظور النخبة «أدب وضيعٌ» لا عمق فـيه، ولا أثر، وإن اتَّسع جمهوره، والأمثلة عديدة، لا أريد أن أسمّيها لأنّها فـي الحقيقة لا تعنيني ولا أهتمّ بها إلاَّ خبرًا عابرًا، هذا الأدب المنتشر الجماهيريّ -على حدّ وسْم البعض- لا أراه أدبًا، وإنَّما هو شكلٌ تعبيريّ يوميّ، مثل ما تقصُّ الجدّة قديمًا لأحفادها، ومثل الحكايا اليوميّة الشائعة بين النّاس، فليست كلّ حكاية تُكتَب هي أدبٌ، الأدبُ خاصّ، سواء كان شعبيًّا أو عالمًا، فهو مرتفعُ بالضّرورة، ولهذا فإنّ المُقابل للأدب الشعبيّ هو الأدب العالم، وكلاهما شكلٌ تعبيريّ رفـيعٌ، محقّقٌ لمقصَدٍ ما، يجمع بين تخيّر الشكل وترشيح المضمون وتحديد المقصد.
اليوم نحن نلفظ أنماطًا من الكتابة ونرفضها ولا نراها جديرة بأن تكون أدبًا، كأنَّا وقفنا بشكل جليّ على ماهيَّة الأدب وحدّه، كما رفض مَن سبقنا أنواعًا من الكتابة وردّوها وأقصوها ولكنَّها مع ذلك صارت مراجع تقليديّة، ومقصَدًا وموطنًا للأدب الرفـيع، خذ مثالا بسيطًا على ذلك ما ورد فـي كتاب «أخبار أبي تمّام» للصولي من وسْمٍ لشعر أبي تمّام، يقول: «حدَّثني هارون بن عبد الله المهلبي قال: سئل دعبل عن أبي تمام قال: ثلث شعره سرقة، وثلثه غثٌ، وثلثه صالح. وقال محمد بن داود، حدثني ابن أبي خيثمة قال، سمعت دعبلًا يقول: لم يكن أبو تمام شاعرًا، إنما كان خطيبًا، وشعره بالكلام أشبه منه بالشِّعر، قال: وكان يميل عليه، ولم يدخله فـي كتابه - كتاب الشعراء -. وحُكي أنَّ ابن الأعرابي قال، وقد أنشد شعرًا لأبي تمام: إن كان هذا شعرًا فما قالته العربُ باطلٌ».
هذا ما قيلَ -ومنه الوفـير فـي تراثنا النقدي- فـي شأن شاعر أصبح من بعد ذلك عُمدة الشعر العربيّ، فتنقّل من وضيع الأدب إلى رفـيعه، بتبدُّل الذائقة، وقس على ذلك، ما شهدناه فـي شعرنا المعاصر، من رفضٍ لقصيدة التفعيلة، ثمّ تحوّل رموزها إلى مراجع يُضرَب بها المثل فـي جودة الشعر.
الأدب الرفـيع، إذن مفهوم عائمٌ، غير ثابت، فما هو مرفوضٌ اليوم قد يصبح نموذجًا للأدب فـي لاحق الزمن. زد على ذلك، ما نعيشه اليوم من هرجٍ ومرجٍ فـي انتشار أنواعٍ من الأدب سطحيّة وساذجة هي عنوانٌ كبير لمرحلة قادمة قد ينقرض فـيها الأدب بالمعنى السائد والرائج، فالآلة أصبحت تكتب وتبدع، وأعرف من الجامعيين من هو على قادرٌ على ترجمة كتابٍ فـي ليلةٍ واحدة، استعبادا للذكاء الصناعيّ، وأعرف من المبدعين من صار يتعاون مع ذات الذكاء فـي التعبير عن خوالجه، فهل ما زال لنا الحقّ أن نتحدّث عن أدب رفـيع وآخر وضيع؟