متلازمة الإنكار والإقرار كظاهرة شاعت بين أنصار الجيش في الحرب السودانية
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
عمر البشاري
غرد الهندي عز الدين قائلاً :-
(أخي وصديقي شيخ الأمين في أمن وأمان فمن يكون في حماية جيش السودان لن يصيبه أذى وتشهد الولايات التي لم يدخلها التمرد المجرم على حال المواطن خلافاً لما يجري وجرى في الجزيرة والخرطوم والجنينة والقحاتة أتباع الجنجويد قلقون على أنفسهم لا على شيخ الأمين)
هذه التغريدة التعليق تتماشى مع خط التحليل النفسي لحالة مناصري الجيش والبلابسة المتناقضة فكرياً غير المتصالحة مع ذواتهم نفسياً وهي حالة تتراوح بين منزلتي الإنكار والإقرار.
هم يقرون ويثبتون تمرد الدعم السريع ويصفونه بالمليشيات الإجرامية الخارجة على سلطة الدولة التي يمثلها الجيش..
وفي نفس الوقت يتجاهلون وينكرون التقصير والغياب لدور الجيش المنوط به بموجب ادعاء مشروعية تمثيل الدولة في حماية المواطنين.. وعجزه عن التصدي لتمرد صنيعته التي جاءت من رحمه ويقع عليه واجب إخضاعها لإرادته وتطويعها لسلطته إن حاولت الخروج عليها.
فالمواطن في الخرطوم والجنينة والجزيرة يعاني ما يعاني بسبب فوضى غياب الدولة التي سببها عجز الجيش عن القيام بواجبه في حماية الشرطة والقضاء والنيابات والسجون كمؤسسات عدلية تحفظ الأمن وتقيم النظام.
فالفوضى في مناطق الدعم السريع بقدر ما هو مسؤولاً عنها فالجيش يشاركه ذات المسؤولية من ناحية التنازع على السلطة وإشعال الحرب وتحطيم الجهاز والمؤسسة العدلية فعدوان الدعم وتقصير الجيش وجهان لذات العملة وهي لا تعطي قيمة تبادلية ذات نفع وفائدة في سوق صرف المفاهيم العقلية إن غاب أحدهما وظهر الآخر.
وبطبيعة الحال العالم يدرك ذلك ولهذا يساوي بينهما في المسؤولية وعرف النزاع بأنه بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية وسلطة برهان التي يراها العالم في هذا النزاع تقتصر على أنه قائدا للجيش وحميدتي قائدا للدعم السريع…يتساويان في المقدار والمسؤولية عما وقع من خراب على أهل السودان لا أفضلية لأحدهما على الآخر كما يوهم الهندي نفسه ويريد إيهامنا معه..
والتعامل مع برهان كرئيس للدولة ضرورة أملاها الواقع حتى لا يحدث فراغاً تمثيلياً لشعبها المنكوب بالحرب والرزايا المحتاج للعون في المجال الدولي وليس لمشروعية سلطة برهان الغائبة ويريد أنصار جهاز الدولة المعطوب إقناعنا بوجودها.
وعليه نلاحظ أن أمثال الهندي يقرون بأن الجيش هو الدولة والنظام والأمن والعدل وينكرون ويتنصلون عن الاعتراف بتقصيره في قيامه بواجبه في المناطق التي ذكرها وغيرها..
ومتلازمة الإقرار والإنكار هذه حالة تدل على التناقض الوجداني العميق الذي يؤثر على الوعي والإدراك الطبيعي للواقع.. الناتج عن واقعة الحرب الصدمة التي أدت إلى انهيار الدولة نفسها..
نسبة للخلل العميق في بنيتها وأساسها وتركيبها الذي تسبب في الحرب وقاد إلى شللها (الدولة) وعدم قدرتها على القيام بوظيفتها وأداء أدنى واجباتها في صيانة حياة الناس أرواحهم وممتلكاتهم وعروضهم ومقتنياتهم..
الوضع الطبيعي الذي يدركه العالم كما ذكرنا سابقاً والناس الأسوياء أن مؤسسة الدولة السودانية ممثلة في عمودها الفقري وهيكلها الأساسي القوات المسلحة السودانية قد انهارت وتهاوت وما عادت قادرة على تحقيق الاستقرار وحفظ الأمن وذلك لأنها فرطت في دورها وواجبها في احتكار العنف فشاع بين الناس وتعددت الجيوش مما أداء أدى إلى انهيار باقي مؤسساتها ولم يعد بالإمكان استعادتها لهذا الدور وأدائها لهذا الواجب باستخدام القوة..
وعلى قيادتها الإقرار بذلك والجنوح للسلم وصيانة حياة الناس من القتل والجوع والتشرد والمرض والحصار والفوضى والإمساك عن الانسياق خلف التيارات السياسية المأزومة نفسياً وتعيش خارج السواء الذي يتيح لها إدراك الواقع بالرشاد والمسؤولية الواجبة وتسعى مدفوعة بالمطامع والمخاوف مؤججة للدمار زارعة للفتنة داعية إلى استمرار الحرب تحت شعار (بل بس ) بلا قدرة على (البلبسة) وإنما رغبة طفولية في تجنب العقاب وتحمل المسؤولية عما حدث زد عليه أحلام وأطماع خيالية بالعودة إلى سلطة الحكم وامتيازات السيطرة الاحتكارية على جهاز الدولة لأجل الهيمنة وقهر شركاء الوطن من القوى المدنية مثل تقدم التي لا يستقيم تصريح لهم من غير ربطها بالدعم السريع وبذل التهديدات الرخيصة لها مثلما أكد الهندي هنا بأن القحاتة قلقون على أنفسهم وليس شيخ الأمين.
وما أراد قوله هو إن على القوى المدنية أن تبحث لها عن وطن بديل في حالة استعادة تنظيم الهندي للسلطة عبر الجيش ، فهو يتوعدهم بالعقاب والانتقام حتى قبل حسم الحرب وعودتهم لنهب الموارد القومية والاستئثار بها دون الآخرين شركاء المواطنة.. وذلك بدفع البلهاء إلى محرقة الحرب واختباء مؤجحوا نيرانها في المنافي السعيدة البعيدة مستمتعين هم وذويهم بما نهبوا سابقاً في أمن وأمان ورفاهية حد البذخ
وكعادتهم ما داموا هم وذويهم بخير فلا يهمهم استمرار الحرب وعناء الناس ، فالجزيرة مستباحة والخرطوم تئن من الجوع وكردفان ودارفور تحت حصار جائر يمنع عن أهلها الإغاثة التي يجود بها العالم البعيد والقريب على الجائع والمريض والمحروم.. إحساسا بواجب الإنسانية التي لا يدركها البلابسة وتغيبها عن وعيهم أطماعهم واحقادهم وانحرافهم عن سواء الفطرة الإنسانية السليمة.
كفانا جنوح للجنون وجرياً لاهثا خلف من هم على شاكلة الهندي عز الدين وهو نموذجاً مثالياً للبلبوسي المختل نفسياً الانتهازي الرخيص الذي لا يغشى الوغى ولا يعف عند المغنم وقد سبق أن أكد في قول مشهور عنه إنه من حسن حظ أهل السودان أن أنعم عليهم بحاكم مثل عمر البشير ولربما يكون محقاً في أن البشير قد ساهم من حيث لا يدري الهندي ولا يريد هو نفسه في تحطيم الدولة القديمة الظالمة المتعفنة ذات الأساس النخر المسوس بتأسيس وتقنين الدعم السريع كقوة تنجز هذه المهمة هنا والآن..
عمر البشاري
الوسومعمر البشاريالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
السودان..« قوات الدعم السريع» تسيطر على قاعدة عسكرية في دارفور
قالت قوات الدعم السريع في السودان، “إنها استعادت السيطرة على قاعدة عسكرية رئيسية في شمال دارفور، بعد ساعات من إعلان الجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه السيطرة عليها.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان لها إنها “استعادت السيطرة على قاعدة الزُرُق التي تمثل أكبر قاعدة عسكرية لها غرب السودان”.
واتهمت “قوات الدعم السريع”، “مقاتلي الجيش والقوات المتحالفة معه بارتكاب تطهير عرقي بحق المدنيين العزل في منطقة الزُرق وارتكاب جرائم قتل لعدد من الأطفال والنساء وكبار السن وحرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المدنيين والمركز الصحي والمدارس وجميع المرافق العامة والخاصة”.
من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش، أحمد حسين مصطفى، إن “حديث مليشيا الدعم السريع عن استعادة منطقة الزرق غير صحيح، وقواتنا ما زالت موجودة بالمنطقة”، وأضاف: “بقايا المليشيا هربت من الزُرُق جنوبا باتجاه كُتم وكبكابية”.
وتابع: “نتوقع هجوما من مليشيا “الدعم السريع” في أي وقت بعد ترتيب صفوفها، ونحن جاهزون لها تماما”.
هذا “وتقع قاعدة الزُرق العسكرية في منطقة صحراوية، على الحدود المشتركة ما بين السودان وتشاد وليبيا، وتم تأسيسها عام 2017، وتعتبر من أهم القواعد العسكرية لقوات الدعم السريع، حيث تستقبل الإمدادات العسكرية واللوجستية القادمة من دولتي تشاد وليبيا”.
وكانت اندلعت الحرب التي يشهدها السودان، في أبريل2023، بين الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتشير الإحصائيات الدولية إلى أن “الجوع يهدد نحو 26 مليون شخص في السودان، البالغ عدد سكانه 48 مليون نسمة، بينما تسببت الحرب في تشريد 14 مليون بينهم 11 مليونا واجهوا النزوح من مكان إلى آخر داخل البلاد، ونحو 3 ملايين نزحوا إلى الخارج”.
آخر تحديث: 23 ديسمبر 2024 - 16:27