تدشين المقاومة الشعبية في دارفور هل يربك حسابات الدعم السريع؟
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
الفاشر – في ظل تصاعد التوترات الأمنية في السودان، يشهد إقليم دارفور غربي البلاد تصاعدا في تشكيل "المقاومة الشعبية" من خلال تزايد إقبال السكان على حمل السلاح للدفاع عن مناطقهم وممتلكاتهم في مسعى لما يسمونها مواجهة قوات الدعم السريع.
وتأتي هذه الخطوة ردا على سيطرة الدعم السريع على معظم مناطق دارفور مثل الجنينة ونيالا وزالنجي والضعين، حيث فاقمت هذه السيطرة -حسب الروايات المحلية- من معاناة السكان الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة أثارت مخاوفهم على سلامتهم الشخصية، مما دفعهم إلى التحرك بشكل مستقل لحمل السلاح لحماية أنفسهم.
وفي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تُعد من أبرز مدن المنطقة تاريخيا، أعلن الوالي المكلف حافظ بخيت بداية تشكيل هذه المقاومة دعما للقوات المسلحة في كافة المجالات العسكرية.
وقال الوالي، خلال مخاطبته "ملتقى قبائل دارفور" الذي انعقد مؤخرا بمدينة الفاشر، إن "أعمال العنف والتخريب التي ترتكبها قوات الدعم السريع لا تتماشى مع أخلاق الشعب السوداني". وحث كافة المكونات الاجتماعية على الانضمام إلى المقاومة الشعبية والعمل على تحقيق وحدة السودان وشعبه.
وتشهد "المقاومة الشعبية" في السودان ارتفاعا في أعداد المنضمين والراغبين في حمل السلاح، وهم من السكان المحليين في مختلف ولايات البلاد، بما فيها الشمالية ونهر النيل والقضارف وسنار وكسلا، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني.
وأعرب رئيس لجنة المقاومة وإسناد القوات المسلحة بشمال دارفور نور الدين رحمة عن استيائه من "الدمار الذي خلفته قوات الدعم السريع" في مختلف مدن السودان، كما قال.
وبيّن للجزيرة نت أنه "بسبب هذه التجاوزات انضم العديد من السكان إلى المقاومة الشعبية، وقوات الدعم ارتكبت جرائم قتل ونهب وسرقة عديدة، وبعضها تم توثيقها حتى الآن من قبل العناصر نفسها".
استياء شعبيوأشار رحمة إلى تشكيل لجنة من 50 زعيم إدارة أهلية قبلية بدارفور اتفقوا جميعا على العمل مع القوات المسلحة لحماية "العرض والممتلكات"، كما طالب قوات الدعم السريع بالكف عن "استهداف المواطنين وارتكاب المزيد من الجرائم غير المبررة".
وتعكس تصريحات نور الدين رحمة الاستياء الشعبي والغضب من سلوك الدعم السريع. لكن في المقابل، يرى آخرون أنه في ظل الاستقطاب وتفشي خطاب الكراهية، فإن حمل السلاح بلا ضوابط ينطوي على خطورة كبيرة ويمكن أن يدفع البلاد "نحو الهاوية".
ويقول أحد الناشطين السياسيين -فضّل حجب اسمه- للجزيرة نت إن حمل المواطنين للسلاح يسهم في إطالة أمد الحرب وربما يؤدي إلى فوضى شاملة. ولفت إلى أن "المقاومة الشعبية" بدأت في السودان منذ وقت مبكر ثم تمددت مؤخرا إلى مختلف ولايات البلاد بما فيها إقليم دارفور.
أما آدم جديد، وهو أحد قيادات "المقاومة الشعبية" بشمال دارفور، فشدد على ضرورة حمل السلاح و"معاقبة مرتكبي الفظائع"، واعتبر أن تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان أمر ضروري لتحقيق السلام والاستقرار.
ودعا جميع أفراد الدعم السريع من أبناء المنطقة إلى الانسحاب والمغادرة فورا، والوقوف إلى جانب الوطن، كما طالب قيادات الدعم السريع بسرعة الانسحاب من كافة المدن والقرى ومن أحياء مدينة الفاشر.
وأضاف آدم جديد للجزيرة نت "نحن ملتزمون بمبادئ منصة جدة للسلام الأولى، كما ندعو حركات الكفاح المسلح التي لم توقع على اتفاق السلام إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوداني واللجوء إلى خيار السلام".
وناشد الحكومة المركزية وإقليم دارفور والدولة تعزيز الجبهة الداخلية للشعب السوداني "الوفي" لمحاربة من وصفهم بـ"المرتزقة وعملاء السفارات"، على حد تعبيره.
ويكتفي الدعم السريع بإصدار البيانات العسكرية حول تحركاته بدارفور وبنشر راتب حول انتقالاته بين مدن الإقليم دون تفسير، وبتحديد أسماء الفرق والحاميات التي يقول إنه سيطر عليها.
وسبق أن أعلنت قوات الدعم السريع أنها شكلت لجنة مكافحة الظواهر السالبة للتصدي للمتفلتين، وأوضحت أن اللجنة أنزلت عقوبات مشددة بحق معتدين على المواطنين في ولاية الجزيرة والتعامل بالرصاص الحي مع رافضي الاستجابة لأوامر اللجنة في الولاية.
دعوات للتدخلوفي ظل التطورات الراهنة، يناشد عدد كبير من أساتذة الجامعات وسكان إقليم دارفور المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التدخل الفوري لوقف ما يصفونها بالتجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في مختلف المدن، ويطالبون بالعدالة ومحاسبة الجناة ومنح الضحايا حقوقهم.
وعبّر مدير جامعة الفاشر الأستاذ عبد الله موسى عن رفضه لهذه "الانتهاكات"، وقال إن الجيش هو "صمام أمان السودان وشعبه"، وأكد أن "الاستغلال غير القانوني للموارد الوطنية وأعمال العنف والتهجير وانتهاك شرف الأفراد لا يمكن تبريره".
وحث الجميع على التعاون ونبذ الحزبية والعنصرية والانقسامات القبلية من أجل مكافحة الظواهر السالبة ودعم القوات المسلحة في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
وتعكس تصريحات موسى أيضا الرغبة في توحيد الجهود والتضامن من أجل وقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها وتعزيز العدالة وضمان حقوق الضحايا.
وشدد على أهمية تدخل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لحماية السكان ووقف هذه الانتهاكات وضمان العدالة والمحاسبة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المقاومة الشعبیة حمل السلاح
إقرأ أيضاً:
وزارة الخارجية الأميركية تعرب عن قلقها من إعلان قوات الدعم السريع وحلفائها تشكيل حكومة موازية في السودان
عبرت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها من إعلان قوات الدعم السريع وحلفائها عن دستور انتقالي وحكومة موازية في السودان قبل أيام، وذكر مكتب الشؤون الأفريقية التابع للخارجية في منشور على أكس، الأربعاء، "تشعر الولايات المتحدة بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والجهات الفاعلة المتحالفة معها قد وقعت على دستور انتقالي للسودان".
وقال إن "محاولات إنشاء حكومة موازية لا تساعد في تحقيق السلام والأمن في البلاد، وتهدد بمزيد من عدم الاستقرار والتقسيم الفعلي للبلاد".
ويذكر أن عدة دول وجهات رسمية عبرت عن رفضها لإعلان حكومة موازية في السودان، ومنها السعودية ومصر والأمم المتحدة.
وقال العضو في اللجنة التحضيرية لـ"تحالف السودان التأسيسي"، أحمد تقد لسان، لفرانس برس "تم التوقيع على الوثيقة الدستورية في نيروبي الليلة الماضية من قبل جميع الأطراف المشاركة في التوقيع على الميثاق التأسيسي".
ويشهد السودان منذ نحو عامين حربا مدمرة بين قوات الدعم السريع والجيش، أدت إلى مقتل وجرح عشرات الآلاف ونزوح وتهجير أكثر من 12 مليون شخص.
ووقعت قوات الدعم السريع والقوى السياسية والعسكرية الحليفة لها ميثاقا الأسبوع الماضي يتعهد بتأسيس حكومة "سلام ووحدة" في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين في السودان.
وقال لسان إن "الدستور الانتقالي" الذي تم التوقيع عليه، الاثنين، يحدد "مهام الفترة الانتقالية ونظام الحكم اللامركزي وهياكل السلطة التنفيذية".
وواجهت كينيا انتقادات لاستضافتها قوات الدعم السريع والقوى المتحالفة معها، وردت الحكومة السودانية المؤيدة للجيش باستدعاء سفيرها للاحتجاج على الخطوة الشهر الماضي.
واتهمت الخارجية السودانية الرئيس الكيني، وليام روتو، بالتحرك بناء على "مصالح شخصية معلومة مع قائد المليشيا ورعاتها".
وتعد هذه إشارة إلى الإمارات التي يتهمها السودان وقوى غربية بالوقوف وراء قوات الدعم السريع، وهو أمر تنفيه.
ووقعت كينيا على اتفاق شراكة اقتصادية مع الإمارات في يناير.
ووقعت 24 شخصية على دستور قوات الدعم السريع الذي اطلعت عليه فرانس برس بينهم نائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو.
وأحدثت الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش انقساما في البلاد حيث بات الجيش يسيطر على الشمال والشرق بينما تسيطر قوات الدعم السريع على كل منطقة غرب دارفور تقريبا وأجزاء من الجنوب.
الحرة