الفاشر – في ظل تصاعد التوترات الأمنية في السودان، يشهد إقليم دارفور غربي البلاد تصاعدا في تشكيل "المقاومة الشعبية" من خلال تزايد إقبال السكان على حمل السلاح للدفاع عن مناطقهم وممتلكاتهم في مسعى لما يسمونها مواجهة قوات الدعم السريع.

وتأتي هذه الخطوة ردا على سيطرة الدعم السريع على معظم مناطق دارفور مثل الجنينة ونيالا وزالنجي والضعين، حيث فاقمت هذه السيطرة -حسب الروايات المحلية- من معاناة السكان الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة أثارت مخاوفهم على سلامتهم الشخصية، مما دفعهم إلى التحرك بشكل مستقل لحمل السلاح لحماية أنفسهم.

وفي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تُعد من أبرز مدن المنطقة تاريخيا، أعلن الوالي المكلف حافظ بخيت بداية تشكيل هذه المقاومة دعما للقوات المسلحة في كافة المجالات العسكرية.

الوالي حافظ بخيت: أعمال العنف التي ترتكبها قوات الدعم السريع لا تتماشى مع أخلاق الشعب السوداني (الجزيرة) إقبال كبير

وقال الوالي، خلال مخاطبته "ملتقى قبائل دارفور" الذي انعقد مؤخرا بمدينة الفاشر، إن "أعمال العنف والتخريب التي ترتكبها قوات الدعم السريع لا تتماشى مع أخلاق الشعب السوداني". وحث كافة المكونات الاجتماعية على الانضمام إلى المقاومة الشعبية والعمل على تحقيق وحدة السودان وشعبه.

وتشهد "المقاومة الشعبية" في السودان ارتفاعا في أعداد المنضمين والراغبين في حمل السلاح، وهم من السكان المحليين في مختلف ولايات البلاد، بما فيها الشمالية ونهر النيل والقضارف وسنار وكسلا، الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني.

وأعرب رئيس لجنة المقاومة وإسناد القوات المسلحة بشمال دارفور نور الدين رحمة عن استيائه من "الدمار الذي خلفته قوات الدعم السريع" في مختلف مدن السودان، كما قال.

وبيّن للجزيرة نت أنه "بسبب هذه التجاوزات انضم العديد من السكان إلى المقاومة الشعبية، وقوات الدعم ارتكبت جرائم قتل ونهب وسرقة عديدة، وبعضها تم توثيقها حتى الآن من قبل العناصر نفسها".

استياء شعبي

وأشار رحمة إلى تشكيل لجنة من 50 زعيم إدارة أهلية قبلية بدارفور اتفقوا جميعا على العمل مع القوات المسلحة لحماية "العرض والممتلكات"، كما طالب قوات الدعم السريع بالكف عن "استهداف المواطنين وارتكاب المزيد من الجرائم غير المبررة".

وتعكس تصريحات نور الدين رحمة الاستياء الشعبي والغضب من سلوك الدعم السريع. لكن في المقابل، يرى آخرون أنه في ظل الاستقطاب وتفشي خطاب الكراهية، فإن حمل السلاح بلا ضوابط ينطوي على خطورة كبيرة ويمكن أن يدفع البلاد "نحو الهاوية".

ويقول أحد الناشطين السياسيين -فضّل حجب اسمه- للجزيرة نت إن حمل المواطنين للسلاح يسهم في إطالة أمد الحرب وربما يؤدي إلى فوضى شاملة. ولفت إلى أن "المقاومة الشعبية" بدأت في السودان منذ وقت مبكر ثم تمددت مؤخرا إلى مختلف ولايات البلاد بما فيها إقليم دارفور.

أما آدم جديد، وهو أحد قيادات "المقاومة الشعبية" بشمال دارفور، فشدد على ضرورة حمل السلاح و"معاقبة مرتكبي الفظائع"، واعتبر أن تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان أمر ضروري لتحقيق السلام والاستقرار.

ودعا جميع أفراد الدعم السريع من أبناء المنطقة إلى الانسحاب والمغادرة فورا، والوقوف إلى جانب الوطن، كما طالب قيادات الدعم السريع بسرعة الانسحاب من كافة المدن والقرى ومن أحياء مدينة الفاشر.

وأضاف آدم جديد للجزيرة نت "نحن ملتزمون بمبادئ منصة جدة للسلام الأولى، كما ندعو حركات الكفاح المسلح التي لم توقع على اتفاق السلام إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوداني واللجوء إلى خيار السلام".

وناشد الحكومة المركزية وإقليم دارفور والدولة تعزيز الجبهة الداخلية للشعب السوداني "الوفي" لمحاربة من وصفهم بـ"المرتزقة وعملاء السفارات"، على حد تعبيره.

ويكتفي الدعم السريع بإصدار البيانات العسكرية حول تحركاته بدارفور وبنشر راتب حول انتقالاته بين مدن الإقليم دون تفسير، وبتحديد أسماء الفرق والحاميات التي يقول إنه سيطر عليها.

وسبق أن أعلنت قوات الدعم السريع أنها شكلت لجنة مكافحة الظواهر السالبة للتصدي للمتفلتين، وأوضحت أن اللجنة أنزلت عقوبات مشددة بحق معتدين على المواطنين في ولاية الجزيرة والتعامل بالرصاص الحي مع رافضي الاستجابة لأوامر اللجنة في الولاية.

دعوات للتدخل

وفي ظل التطورات الراهنة، يناشد عدد كبير من أساتذة الجامعات وسكان إقليم دارفور المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التدخل الفوري لوقف ما يصفونها بالتجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع في مختلف المدن، ويطالبون بالعدالة ومحاسبة الجناة ومنح الضحايا حقوقهم.

وعبّر مدير جامعة الفاشر الأستاذ عبد الله موسى عن رفضه لهذه "الانتهاكات"، وقال إن الجيش هو "صمام أمان السودان وشعبه"، وأكد أن "الاستغلال غير القانوني للموارد الوطنية وأعمال العنف والتهجير وانتهاك شرف الأفراد لا يمكن تبريره".

وحث الجميع على التعاون ونبذ الحزبية والعنصرية والانقسامات القبلية من أجل مكافحة الظواهر السالبة ودعم القوات المسلحة في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.

وتعكس تصريحات موسى أيضا الرغبة في توحيد الجهود والتضامن من أجل وقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها وتعزيز العدالة وضمان حقوق الضحايا.

وشدد على أهمية تدخل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لحماية السكان ووقف هذه الانتهاكات وضمان العدالة والمحاسبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المقاومة الشعبیة حمل السلاح

إقرأ أيضاً:

حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)

اعترف قائد "قوات الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الجمعة، بخسارة قواته مناطق لصالح الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم.

ودعا حميدتي قواته في فيديو مسجل، إلى عدم الالتفات إلى المواقع التي استعادها الجيش وسيطر عليها مؤخرا.


وقال: "إلى كل القوات في كل المحاور، يجب عدم التفكير في ما أخذه الجيش منا في القيادة (وسط الخرطوم) وسلاح الإشارة (بمدينة بحري) وبلدة الجيلي (شمال الخرطوم) ومدينة ود مدني (عاصمة ولاية الجزيرة)".

ودعا حميدتي قواته إلى عدم النظر إلى ما خسروه أمام الجيش بل التركيز على ماذا يريدون السيطرة عليه.

وأضاف أنه قواته قادرة على طرد الجيش من الخرطوم مرة أخرى كما فعلت من قبل، على حد قوله.
#السودان | فيديو ???? | خطاب جديد لـ حميدتي :

سنطرد الجيش مرة أخرى وسبق أن طردناهم من الخرطوم في مناطق كثيرة.

الغربال «ناعم» وستتمايز الصفوف.

حقق جنودنا الآن أربعة انتصارات في أم درمان وهناك مناطق محددة سنقوم باستلامها.#برق_السودان pic.twitter.com/3Srd5DENIu — برق السودان???????? (@SDN_BARQ) January 31, 2025
وتأتي تصريحات حميدتي عقب انتصارات حققها الجيش خلال الأيام الماضية بفك الحصار عن قيادة الجيش وسلاح الإشارة، واستعادة السيطرة على معظم مدينة بحري شمالي الخرطوم ومدينة أم روابه بولاية شمال كردفان.

ويخوض الجيش و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن الدولي يدين الهجمات المكثفة على مدينة الفاشر بشمال دارفور من قبل قوات الدعم السريع
  • السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان
  • مجلس الأمن يدين هجمات قوات الدعم السريع في دارفور
  • 54 قتيلا في قصف لقوات الدعم على سوق في أم درمان
  • مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 
  • مقتل جلحة نهاية مليشيا الدعم السريع في كردفان والخرطوم
  • وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات