ضبطت مديرية أمن القليوبية، مزارع في القناطر الخيرية، لنصبه على عدد من المواطنين والاستيلاء منهم على أموالهم بحجة تسفيرهم للعمل بالخارج، إلا أنه لم يلتزم بذلك واستولى على الأموال وهرب، وألقي القبض عليه وتحرر المحضر اللازم وتولت النيابة التحقيق.


 

تلقى اللواء نبيل سليم مدير أمن القليوبية، إخطارا من اللواء محمد السيد مدير مياحث القليوبية يفيد ورود بلاغا لمركز شرطة القناطر الخيرية من 5 أشخاص، أفادوا بقيام مزارع بالتحصل منهم على مبالغ مالية بحجة تسفيرهم للعمل بالخارج واستولى منهم على نحو 720 ألف جنيه ولم يفي بوعوده معهم.


 

وتوصلت جهود البحث إلى أن المتهم استولى منهم على مبلغ جملته 720 ألف جنيه لتسفيرهم للخارج بعقود إلا أنه لم يستطيع تدبير تلك العقود للسفر.


 

وفي أحد الأكمنة ألقي القبض على المتهم وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وتحرر المحضر اللازم وتولت النيابة التحقيق.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مدير أمن القليوبية شرطة القناطر الخيرية أمن القليوبية منهم على

إقرأ أيضاً:

موت مزارع!

"قصة قصيرة"

كان عبد الستار رجلا طيبا مستور الحال، يعيش في بيت صغير يقع في أعلى بقعة في إحدى جزر نهر النيل، كان يفلح قطعة أرض صغيرة ورثها من أسلافه، ورغم إنتاجها القليل الا أنه كان كافيا ليستمر على قيد الحياة مع المساعدات القليلة التي كانت تصله من بعض أقاربه الذين يعملون في دول الخليج.
ورغم ان عبد الستار لم يشتهر بالورع، اذ لم يكن يعرف من الفروض الدينية الا ما يكفيه بالكاد لأداء الصلاة، إلا أنه كان يقف أحيانا بعد صلاة الجمعة ليتحدث في بعض المسائل الصغيرة، والتي كانت في طابعها العام أقرب الي الدنيا منها الي الدين، وفي الغالب فإن أحدا لم يكن يعر كلامه أدني اهتمام، وكان الناس يضطرون للجلوس للإستماع له بدافع المجاملة او الخوف فقد كان يتمتع بجسم ضخم وقبضة حديدية أتاحت له مرة اثناء استعراض للمهارات قتل ثور بضربة واحدة علي الرأس، وفهم الكثيرون محاولاته لتنصيب نفسه كواعظ متطوع بأنها مجرد رغبة من رجل طيب يحاول تذكير الناس بأنه موجود وأن الشيخوخة لن تجبره علي التسليم والإنخراط في إستعدادات إنتظار الموت بطريقة تقليدية.

كان عبد الستار يعيش وحيدا، لا يؤنس وحدته سوي جهاز راديو قديم، كان الراديو الوحيد في العالم الذي لا يحتاج لأي نوع من الطاقة من أجل تشغيله، بل مجرد ركلة قدم قوية تحرك طاقة منسية في أحشائه فيبدأ علي الفور في ترديد الشعارات الوطنية بصوت مرتجف، وكان يمكن لبرنامج حياته أن يمضي علي الوتيرة نفسها حتي لحظة تشييعه الي مثواه الأخير، لولا الانهيار الاقتصادي الرهيب الذي طال كل مستويات الحياة اليومية، منذ بدء ظهوره مع بداية عقد التسعينات من القرن الماضي، وفجأة وجد عبد الستار نفسه وهو علي وشك ان يبدأ أول ايام الشيخوخة علي حافة الإفلاس، إنقطع الايراد القليل الذي كان يصله من أقربائه في الخارج بسبب تدهور أحوالهم، لم تنقطع غلة أرضه ولكن تكلفة الانتاج باتت عالية جدا وأسعار المحاصيل الزراعية لا تكفي للوفاء بالتكلفة المرتفعة للإنتاج، لم تكن هناك مشكلة في إيجاد التمويل اللازم للزراعة فقد فتحت عدة بنوك تجارية أبوابها علي مصراعيها وكانت علي أتم إستعداد لإقراض المزارعين أية مبالغ يطلبونها ودون تردد، الا ان عبد الستار أدرك مبكرا ان الطريق نفسه الذي يؤدي الي البنك كان ينتهي في السجن، لأنه وبمجرد أن يتم حصاد المحصولات الزراعية كانت أسعارها تنهار فجأة وكأن الامر يتم بفعل فاعل، وتقوم البنوك التجارية بتحصيل قروضها بالإستيلاء علي المحاصيل بأسعار زهيدة ولأن ذلك لا يكون في العادة كافيا للوفاء بالقروض يتم جرجرة المزارعين الي السجون، حتي أن الكثيرين كانوا يفهمون عبارة انا ذاهب الي البنك وفق معناها الحقيقي وهو : انا ذاهب الي السجن
لم يصدق عبد الستار الشعارات التي كان يرددها جهاز الراديو والتي تحث المزارعين علي زيادة المساحات المزروعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، شاعرا انه لن يحقق اذا ما انجر وراء تلك الشعارات سوي اكتفاء ذاتي من الهموم، وهو لم يكن في حاجة للمزيد منها فقد أصبح يضطر في الفترة الأخيرة لتغيير الطريق الذي يسلكه في وسط القرية ليتجنب المرور من أمام دكان السر ود الحاج، بسبب تراكم ديون حوائجه المنزلية، وطوال أيام إستغرقه قلق شديد حتي أنه كان يعبر أمام جيرانه الجالسين فوق كثبان الرمال في ضوء القمر في إنتظار حدوث فرج ما، كان يمر بهم دون أن يلقي السلام أو حتي يكترث للذين كانوا ينادونه بألقاب ساخرة من إستغراقه الفلسفي، فكر في مخرج آخر يضمن له البقاء علي قيد الحياة دون تنازلات جوهرية قد يدفع ثمنها من أوهامه المستقبلية، نظر حواليه فلم يجد شيئا، وإنتظر طوال عدة أيام على أمل ان يطرق باب بيته طارق متعجل يسلمه خطابا دسما من أحد اقربائه، ولكن مرت الأيام رتيبة، لا جديد فيها. تمضي ساعات النهار الطويلة ببطء، لم يعد يشعر فيها بطعم الحياة القديم في ساعات الضحى وغناء القمري فوق أشجار النخيل.

ركل جهاز الراديو ركلة اخيرة فانطلقت الشعارات والاغاني التي تؤكد بأنه يعيش في نعيم ارضي رغم مظاهر الجحيم التي كانت تخيم من حوله، اغلق جهاز الراديو وتركه يختفي خلف انسجة العنكبوت واتخذ قرارا مصيريا مهما: قرّر ركوب الموجة! أهمل حلاقة ذقنه عدة أيام كانت كافية لتنمو لحية صغيرة، قرر أن يتوكأ عليها لتحقيق مآرب اخري، وعن طريق بعض معارفه عرف ان هناك فرصا للتقدم لوظيفة داعية لم يكن أمامها من عقبات سوي دورة تدريب ضمن قوات الدفاع الشعبي ثم دورة تأهيلية بعد ذلك تؤهله لاعتلاء المنابر. إعتبر عبد الستار أن دورة الدفاع الشعبي ستكون مجرد رحلة قصيرة لن تخلو من تسلية ما دامت الحكومة ستتكفل نفقات إبقائه على قيد الحياة طوال تلك الفترة.
ولإضفاء صبغة عملية على توجهاته الحضارية الجديدة أصبح عبد الستار يقف ليتحدث بعد صلاة الجمعة بلسان جديد، أصبح يحث على الجهاد والتضحية بالنفس، وكان يدعو ببطن مترهل الي عدم مسايرة هوي النفس وقهرها بالصوم، وفي كل مرة كان يختتم حديثه بالقول المأثور: إخشوشنوا فان النعم لا تدوم.
في البداية اعتقد الجميع بأنه كان يمزح، أو يمر بفترة إكتئاب بسبب الفراغ او قلة المال، تجعله يتقمص دورا تبشيريا تقشفيا. ولم تخل تحولاته من مخاطر فقد طرق باب بيته السر ود الحاج مطالبا بديونه، قال له: ما دامت ذقنك قد طالت هكذا فلابد أنه سيكون معك ما يكفي لسداد ما عليك !، الا ان عبد الستار أكد له انه لم يتغير شيء حتى الآن سوي ظهور تلك الذقن ووعده بالسداد بمجرد أن تنفرج الاحوال قريبا، بعد الحصول على فوائد ما بعد الذقن!

بعد أيام اختفي عبد الستار وعرف أهل القرية بأنه اختير كداعية وأن الاختيار وقع عليه مع امرأة من نفس القرية وإنهما سافرا لتكملة دورة الدفاع الشعبي، نقل عبد الستار الي معسكر في منطقة القطينة وبسبب سمنته المفرطة فقد واجه عسف المدربين، وكان أحدهم يطعن عصاه كل يوم في بطن عبد الستار المترهلة ويقول له: هذا اللحم الحرام يجب أن يخرج! كان المدرب في كل يوم يكيل له الاتهامات منددا باللحم الذي يكتنزه والذي لم تفلح في زحزحته كل حفلات العقاب اليومي والجوع الاجباري والاكل الرديء.
في النهاية توصل عبد الستار الي قناعة ان المعسكر لم يكن للتدريب ، بل للحقد، وان كل رأسماله الذي تبقي له من الدنيا من صحة الجسم التي يدخرها لأيام المرض والشقاء، كان معرضا وبصورة متواصلة لحقد يومي معلن، فور توصله لتلك القناعة المتأخرة غادر المعسكر، كان يؤدي طقوس العقاب المسائي اليومي حيث يقف ويداه مرفوعتان طوال الليل حينما غادر المكان فجأة ودون مقدمات، لم يكترث للصافرة التي انطلقت تدعو المجندين لايقافه، ولا للمدرب الذي اتخذ وضع إستعداد إطلاق النار لايقافه، غادر المكان دون هوادة ولم يكلف نفسه ولا حتي بالبحث عن باب المعسكر فقد حطم أقرب جدار مواجه وغادر المكان .

في الخارج توقف أمام شارع الاسفلت المقفر علي أمل مرور عربة ما، كان المساء ينذر بعاصفة خريفية فقد كانت السماء ملبدة والبرق يضئ قفر اشجار الطلح والسيال من حوله، لم يكترث عبد الستار للعاصفة الوشيكة، كان مشغولا باسترجاع شريط الاهانات اليومية التي تعرض لها طوال ايام، فجأة توقفت بجانبه سيارة فارهة، فتح الباب الامامي ليصعد للسيارة ففوجئ بمنظر الرجل الجالس الي عجلة القيادة، وجده ملتحيا، فأثارت اللحية فيه كل مواجع احقاده، لم يصعد الي السيارة، صفق الباب بعنف وأصدر للرجل باشارة حادة من يده أمرا بالانصراف. قضي الليل كله ماشيا حتى لاحت تباشير أول مدينة، ومن حسن حظه فقد كان يحتفظ بمبلغ قليل من المال أتاح له ركوب المواصلات الي الخرطوم التي أمضي فيها بضعة أيام قبل أن يغادرها عائدا الي قريته.

لدي عودته لبيته استأنف فور وصوله تفاصيل حياته السابقة نفسها، نفض الغبار عن جهاز الراديو وركله بحقد، فوجده يردد الاكاذيب السابقة نفسها فأغلقه بركلة أخري، شعر رغم ضيق الحال بأنه بدأ يستعيد هدوءه السابق وان لم يستطع مكافحة شعور بالخجل بسبب عودته بخفي حنين دون أن يحرز لقب شيخ، وانه سيتعين عليه ان يحتفظ بسلوكه العلماني نفسه بسبب فشله في الحصول على ترخيص لهداية الناس!

الاّ أنه لم يستسلم، فبعد مرور عدة أيام شعر بأنه لا يمكن أن يعلن عودته الفاشلة من رحلة العذاب تلك، فإستهل دورة تدريبية عسكرية دعا لها تلاميذ المدرسة الأساسية وبعض الصغار الذين سحبهم آباؤهم من المدارس بعد أن عجزوا من سداد رسوم الدراسة الباهظة، أفرغ عبد الستار كل أحقاده في التلاميذ، زاعما أنه ينفذ توجهات الحكومة، حلق لهم رؤوسهم بقسوة، بالطريقة نفسها التي كان يحلق له بها، مستخدما أمواسا قديمة أو قطع زجاج، وطوال ايام العطلة أخضعهم لتدريب قاس حتى ضج أولياء أمورهم.
وذات يوم بعد أداء صلاة الجمعة وقف أحد آباء التلاميذ وتساءل ان كانت هناك بالفعل تعليمات حكومية تخول لهذا الرجل حلاقة رؤوس أبنائهم بتلك الطريقة المهينة وتعريضهم لذلك التدريب الشاق. لم يتلق الرجل ردا كان كل من يحمل صفة مسؤول في القرية وهم كثيرون، كان كل واحد منهم يتلفت حواليه بحثا عمن أصدر التكليف الرسمي، وحين بات واضحا أن عبد الستار كان متطوعا لإثارة المشاكل واصل الرجل كلامه قائلا: لقد ذهب عبد الستار من هنا ليتدرب في معسكر للدفاع الشعبي، وسافرت معه من هنا إمرأة، وهرب عبد الستار من معسكر الدفاع الشعبي عائدا، بينما لم ترجع المرأة حتى الآن!

شعر عبد الستار برأسه يكاد ينفجر من الغيظ، فقد تم إيقاف دورته التدريبية بقرار من مجلس آباء المدرسة الأساسية، عاد عبد الستار الي البيت محنقا، ركل جهاز الراديو فسمعه يردد الأغاني الحماسية دون حماسة بسبب ملل التكرار، أشعل عبد الستار سيجارة سحب منها نفسا واحدا واستلقي على عنقريبه جوار جهاز الراديو.. ومات!
2000

أحمد الملك

ortoot@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • مدير عام شرطة مأرب يقوم بزيارات تفقدية عيدية ويؤكد على أهمية رفع الجاهزية الأمنية
  • مدير شرطة ولاية سنار يتفقد شرطة محلية سنجه وعدد من النقاط الشرطية
  • محافظ البحر الأحمر يؤدي صلاة العيد بمسجد عبد المنعم رياض بالغردقة وسط حشد من المواطنين
  • في أجواء مبهجة.. محافظ الغربية يؤدي صلاة عيد الفطر مع آلاف المواطنين بمسجد السيد البدوي
  • صندوق النظافة بحجة ينفذ حملة نظافة شاملة
  • جهات التحقيق تستجوب متهما بالنصب على المواطنين بزعم تسفيرهم للخارج
  • «هوفر لكم شغل بالخارج».. التحقيق مع المتهم بالنصب على المواطنين في القليوبية
  • موت مزارع!
  • برلماني: تخصيص 732.6مليار جنيه للحماية الاجتماعية لتخفيف الصدمات الاقتصادية على المواطنين
  • 643 فرصة عمل في شركة مقاولات بالخارج براتب 82 ألف جنيه