سودانايل:
2025-03-04@01:37:44 GMT

ازدواجية المعايير وتأثيراتها السالبة

تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT

mohammedhamad11960@gmail.com

بقلم: د. محمد حمد مفرح

تعكس السياسية الخارجية الامريكية، كما تبدو تجلياتها لكل متابع لسيرورتها و تفاعلاتها، مفارقة صارخة تتمثل في عدم ترجمتها للسياسة الامريكية الداخلية بصورة متوازنة او عقلانية تتسق مع نصوص و أحكام الدستور الأمريكي و موجهاته العامة. فبناء على أن السياسة الخارجية Foreign Policy لأي بلد تمثل، في وجهها العام، البعد الخارجي للسياسة الداخلية لهذا البلد، من جهة مراعاتها لمصلحته العامة، حسبما تتضمنها السياسة الداخلية للبلد المعني، فان الدول تحرص، من خلال ممارستها لسياستها الخارجية، على خدمة مصلحتها، و ذلك وفقا لما ورد في دستورها و ما فصلته قوانينها.

بيد انه يتعين على الدولة، في هذه الحالة، و خاصة الدولة الديموقراطية، الا تطلق العنان لمصلحتها او تمارسها دون ضوابط تتمثل في مباديء سامية او مثل عليا تمثل وجها من وجوه الممارسة الديموقراطية، بل و تؤطر هذه المصلحة باطار من هذه المثل المضمنة، صراحة او ضمنا، في ثنايا دستورها، بحكم توجهها الديموقراطي. لذا تحرص بعض الدول على ان تتوافق سياستها الخارجية، إلى حد كبير او معقول، مع سياستها الداخلية، فيما يلي تعبير الأولى عن الثانية خارجيا دون افراط او تفريط، و ذلك تفاديا لعدم التوازن المخل الذي ربما يكون له تأثيرات سالبة او يعرض الدولة للنقد، على اقل تقدير.
و من الشواهد على المفارقة الصارخة انفة الذكر و التي تعكسها السياسة الخارجية الامريكية، كما سلف القول، ما تضمنه الدستور الامريكي American Constitution الذي تم توقيعه و العمل به في العام ١٧٨٧م من نصوص تعمل، في توجهها العام، على تعظيم حقوق المواطن في ظل الديموقراطية، مع اختلال واضح تعكسه السياسة الخارجية على مستوى الممارسة. ذلك ان هذا الدستور اوضح بجلاء الحقوق و الواجبات لكل فرد و اختصاصات السلطات التشريعية (الكونغرس) و التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة و القضائية ممثلة في المحكمة العليا مع تحديده دائرة اختصاص كل منها، كما وضع القيود لهذه السلطات و ذلك لضمان عدم تداخل او تعارض الاختصاصات، ما يحقق دولة المؤسسات المستندة الى سيادة القانون.
و مما ينص عليه الدستور الامريكي في هذا الصدد هو:
(أقترح الكونغرس وثيقة الحقوق في ٢٥ سبتمبر ١٧٨٩م، وتم إقرارها في ١٥ ديسمبر ١٧٩١م، بمصادقة الهيئات التشريعية لمختلف الولايات وفقاً للمادة الخامسة من الدستور الأساسي.
و تحدد التعديلات العشرة الأولى للدستور الأميركي الحقوق والامتيازات والحريات التي لا يجوز للحكومة الفيدرالية أن تحرمها. هذه الحقائق بديهية، بأن كل البشر خلقوا متساوين، وأن خالقهم وهبهم حقوقاً معينة غير قابلة للتصرّف، وأن من بينها الحق في الحياة، والحرية، ونشدان السعادة. ولضمان هذه الحقوق، تمّ إنشاء الحكومات بين الناس، لتستمد سلطاتها من موافقة المحكومين).
و مما يجدر تأكيده ان هذه المعاني السامية التي نص عليها الدستور الامريكي و أستبطنها تمثل، دون شك، مباديء سامية تعكس طبيعة النظام الديموقراطي كما تعد ذات قيمة انسانية عالية كونها ترتبط ارتباطاا وثيقا بحقوق الانسان، بمفهومها الشامل حسبما نصت عليه القوانين.
و من الأهمية بمكان الإشارة الى أن الدستور الامريكي بوصف بأنه دستور جامد لا يتيح فرصة للتعديلات المتواترة او المتكررة التي يمكن ان تنال من صرامة محتواه أو تكون خصما على احكامه و نصوصه التي تمثل ثوابتا ذات اثار قانونية منتجة. و مع ذلك فهو يتيح فرصة للتعديلات التي تقتضيها المتغيرات الوطنية و الدولية، و التطور العام.
من جانب اخر، و وفقا لنص الدستور و القوانين الأمريكية، يتوجب على كل السلطات المذكورة في صدر المقال و كذا الأفراد احترام هذا الدستور دون أدنى تهاون.
لذا فعادة ما يتم تعديله باجراءات دستورية خاصة و ليس قانونا عاديا، و ذلك تأكيدا على حرفيته و تجنبا للمساس بها.
و مع كل ذلك فهنالك مفارقة تسم الواقع السباسي الامريكي تتمثل في أنه بقدر ما ان أمريكا متقيدة، على المستوى الداخلي الرسمي بالدستور و حريصة على الديموقراطية و حقوق الانسان، كما يعبر عنها دستورها، فان سياستها الخارجية تستند فحسب على المصالح التي لا تقيم للديموقراطية و حقوق الانسان وزنا. و ليس أدل على ذلك من تعامل أمريكا و مواقفها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، فضلا عن الوقائع العديدة التي تؤكد على اتباع امريكا لهذا النهج، و التي لا يتسع المحال لاستعراضها تفصيلا.
و من الأهمية بمكان الإشارة الى ان هذه المفارقة تعد وليدة جنوح السياسة الامريكية الى المصلحة الذاتية بكل تقاطعاتها الداخلية ذات الابعاد الحزبية و الشخصية.
من جهة ثانية فان مما يدلل على هذه المفارقة انه يوجد، على المستوى الفردي و الجماعي بأمريكا، افراد و جماعات و منظمات و هيئات تقر بهذا الخلل و ترى ضرورة إصلاحه كونه يمثل ازدواجية معايبر Double Standards تجسد الظلم و تنال من مباديء امريكا المضمنة في دستورها. و ليس أدل على ذلك من ان هذه الازدواجية ظلت تعمل على تعرية أمريكا امام العالم و تؤكد على ديموقراطيتها الشائهة و على هضمها لحقوق الكثير من الدول و الشعوب، علاوة على ان لها تأثيراتها السالبة على الكثير من الأصعدة الدولية.

/////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدستور الامریکی ان هذه

إقرأ أيضاً:

سوريا: الإعلان الدستوري ليس بديلاً عن الدستور الدائم

قالت اللجنة القانونية لصياغة الإعلان الدستوري إنه وفي ظل الفراغ القانوني الناتج عن إلغاء دستور 2012، الذي صاغه نظام بشار الأسد، أصبح من الضروري وضع إعلان دستوري ينظم المرحلة الانتقالية، ويوجه مسار الدولة نحو الاستقرار وإعادة البناء، ولا يعتبر بديلاً عن الدستور الدائم.

وذكرت اللجنة في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا) أن "الإعلان الدستوري يستمد مشروعيته من مؤتمر الحوار الوطني ومؤتمر النصر، حيث توافقت مختلف مكونات الشعب السوري على ضرورة وجود إطار قانوني ينظم المرحلة الانتقالية، ويحدد أسس الحكم، ويضمن الحقوق والحريات وهو وثيقة قانونية تهدف إلى إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، حيث يحدد صلاحيات السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية).

اللجنة القانونية لصياغة الإعلان الدستوري: الإعلان الدستوري هو وثيقة قانونية تهدف إلى إدارة المرحلة الانتقالية في #سوريا، حيث يحدد صلاحيات السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية).#سانا pic.twitter.com/98i1leXYyz

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) March 3, 2025

وأكدت اللجنة القانونية في بيانها: "تتولى اللجنة القانونية مسؤولية كتابة مسودة الإعلان الدستوري بعد دراسة أهم المبادئ والمواد التي يجب أن يتضمنها، بما يحقق مصلحة البلاد ويواكب متطلبات المرحلة الانتقالية، وتحرص اللجنة على استخلاص الأفكار من الحوارات والنقاشات الوطنية التي جرت في ورشات البناء الدستوري خلال مؤتمر الحوار الوطني".

وقالت اللجنة القانونية لصياغة الإعلان الدستوري: "مع انتهاء أعمال الصياغة سنقوم برفع المقترح إلى رئاسة الجمهورية في خطوة تهدف إلى تأسيس مرحلة جديدة قائمة على القانون والمؤسسات، بما يضمن الانتقال نحو سوريا أكثر استقراراً وعدالة".

اللجنة القانونية لصياغة الإعلان الدستوري: الإعلان الدستوري يستمد مشروعيته من مؤتمر الحوار الوطني ومؤتمر النصر، حيث توافقت مختلف مكونات الشعب السوري على ضرورة وجود إطار قانوني ينظم المرحلة الانتقالية يحدد أسس الحكم ويضمن الحقوق والحريات.#سانا pic.twitter.com/5qSwqBJjI4

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) March 3, 2025

وبحسب التسريبات، فإن رئيس البلاد سيعين مجلس الشعب خلال 60 يوماً من تاريخ إصدار الإعلان الدستوري، على أن يضم مجلس الشعب 100 عضو يراعي فيه التمثيل العادل للمكونات والكفاءات، على أن يعينه رئيس الجمهورية بقرار جمهوري وتكون مدته سنتين.

مقالات مشابهة

  • النيابة العامة تُجري تفتيشًا لقسم شرطة ثالث أكتوبر
  • ‏النيابة العامة تُجري تفتيشًا لقسم شرطة ثالث أكتوبر.. صور
  • سوريا: الإعلان الدستوري ليس بديلاً عن الدستور الدائم
  • روسيا تعرب عن اندهاشها من التغيير الهائل في السياسة الأمريكية
  • «الخارجية» ودورها في ترسيخ السياسة العمانية
  • تحول ميزان القوى البحثية والمعرفية عالمياً وتأثيراتها
  • عندما تُملي السياسة على التكنولوجيا.. كيف غيّر ترامب مسار غوغل؟
  • 42 % نسبة الإنجاز بمشروع ازدواجية طريق الأنصب ـ الجفنين
  • السياسة الطاقية بالمغرب.. أية رهانات للانتقال؟ قراءة في كتاب
  • بريطانيا بين مراجعة ميزانيات الإنفاق وحسابات السياسة