ازدواجية المعايير وتأثيراتها السالبة
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
mohammedhamad11960@gmail.com
بقلم: د. محمد حمد مفرح
تعكس السياسية الخارجية الامريكية، كما تبدو تجلياتها لكل متابع لسيرورتها و تفاعلاتها، مفارقة صارخة تتمثل في عدم ترجمتها للسياسة الامريكية الداخلية بصورة متوازنة او عقلانية تتسق مع نصوص و أحكام الدستور الأمريكي و موجهاته العامة. فبناء على أن السياسة الخارجية Foreign Policy لأي بلد تمثل، في وجهها العام، البعد الخارجي للسياسة الداخلية لهذا البلد، من جهة مراعاتها لمصلحته العامة، حسبما تتضمنها السياسة الداخلية للبلد المعني، فان الدول تحرص، من خلال ممارستها لسياستها الخارجية، على خدمة مصلحتها، و ذلك وفقا لما ورد في دستورها و ما فصلته قوانينها.
و من الشواهد على المفارقة الصارخة انفة الذكر و التي تعكسها السياسة الخارجية الامريكية، كما سلف القول، ما تضمنه الدستور الامريكي American Constitution الذي تم توقيعه و العمل به في العام ١٧٨٧م من نصوص تعمل، في توجهها العام، على تعظيم حقوق المواطن في ظل الديموقراطية، مع اختلال واضح تعكسه السياسة الخارجية على مستوى الممارسة. ذلك ان هذا الدستور اوضح بجلاء الحقوق و الواجبات لكل فرد و اختصاصات السلطات التشريعية (الكونغرس) و التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة و القضائية ممثلة في المحكمة العليا مع تحديده دائرة اختصاص كل منها، كما وضع القيود لهذه السلطات و ذلك لضمان عدم تداخل او تعارض الاختصاصات، ما يحقق دولة المؤسسات المستندة الى سيادة القانون.
و مما ينص عليه الدستور الامريكي في هذا الصدد هو:
(أقترح الكونغرس وثيقة الحقوق في ٢٥ سبتمبر ١٧٨٩م، وتم إقرارها في ١٥ ديسمبر ١٧٩١م، بمصادقة الهيئات التشريعية لمختلف الولايات وفقاً للمادة الخامسة من الدستور الأساسي.
و تحدد التعديلات العشرة الأولى للدستور الأميركي الحقوق والامتيازات والحريات التي لا يجوز للحكومة الفيدرالية أن تحرمها. هذه الحقائق بديهية، بأن كل البشر خلقوا متساوين، وأن خالقهم وهبهم حقوقاً معينة غير قابلة للتصرّف، وأن من بينها الحق في الحياة، والحرية، ونشدان السعادة. ولضمان هذه الحقوق، تمّ إنشاء الحكومات بين الناس، لتستمد سلطاتها من موافقة المحكومين).
و مما يجدر تأكيده ان هذه المعاني السامية التي نص عليها الدستور الامريكي و أستبطنها تمثل، دون شك، مباديء سامية تعكس طبيعة النظام الديموقراطي كما تعد ذات قيمة انسانية عالية كونها ترتبط ارتباطاا وثيقا بحقوق الانسان، بمفهومها الشامل حسبما نصت عليه القوانين.
و من الأهمية بمكان الإشارة الى أن الدستور الامريكي بوصف بأنه دستور جامد لا يتيح فرصة للتعديلات المتواترة او المتكررة التي يمكن ان تنال من صرامة محتواه أو تكون خصما على احكامه و نصوصه التي تمثل ثوابتا ذات اثار قانونية منتجة. و مع ذلك فهو يتيح فرصة للتعديلات التي تقتضيها المتغيرات الوطنية و الدولية، و التطور العام.
من جانب اخر، و وفقا لنص الدستور و القوانين الأمريكية، يتوجب على كل السلطات المذكورة في صدر المقال و كذا الأفراد احترام هذا الدستور دون أدنى تهاون.
لذا فعادة ما يتم تعديله باجراءات دستورية خاصة و ليس قانونا عاديا، و ذلك تأكيدا على حرفيته و تجنبا للمساس بها.
و مع كل ذلك فهنالك مفارقة تسم الواقع السباسي الامريكي تتمثل في أنه بقدر ما ان أمريكا متقيدة، على المستوى الداخلي الرسمي بالدستور و حريصة على الديموقراطية و حقوق الانسان، كما يعبر عنها دستورها، فان سياستها الخارجية تستند فحسب على المصالح التي لا تقيم للديموقراطية و حقوق الانسان وزنا. و ليس أدل على ذلك من تعامل أمريكا و مواقفها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، فضلا عن الوقائع العديدة التي تؤكد على اتباع امريكا لهذا النهج، و التي لا يتسع المحال لاستعراضها تفصيلا.
و من الأهمية بمكان الإشارة الى ان هذه المفارقة تعد وليدة جنوح السياسة الامريكية الى المصلحة الذاتية بكل تقاطعاتها الداخلية ذات الابعاد الحزبية و الشخصية.
من جهة ثانية فان مما يدلل على هذه المفارقة انه يوجد، على المستوى الفردي و الجماعي بأمريكا، افراد و جماعات و منظمات و هيئات تقر بهذا الخلل و ترى ضرورة إصلاحه كونه يمثل ازدواجية معايبر Double Standards تجسد الظلم و تنال من مباديء امريكا المضمنة في دستورها. و ليس أدل على ذلك من ان هذه الازدواجية ظلت تعمل على تعرية أمريكا امام العالم و تؤكد على ديموقراطيتها الشائهة و على هضمها لحقوق الكثير من الدول و الشعوب، علاوة على ان لها تأثيراتها السالبة على الكثير من الأصعدة الدولية.
/////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدستور الامریکی ان هذه
إقرأ أيضاً:
سان جيرمان يتخلى عن «السياسة المتسرعة»!
أنور إبراهيم (القاهرة)
قرر باريس سان جيرمان الفرنسي، تغيير سياسته فيما يتعلق بسوق الانتقالات الشتوية الحالية، والتوقف تماماً عن شراء أية صفقات جديدة، مكتفياً بصفقة المهاجم الجورجي كفاراستيخيليا القادم من نابولي الإيطالي، بينما يواصل في الوقت نفسه محاولات التخلص من عدد من لاعبيه «غير المرغوب» في استمرارهم، قبل غلق «الميركاتو» في 3 فبراير المقبل.
وذكرت صحيفة «لوباريزيان» إن سان جيرمان يفكر في التصرف وفقاً للظروف الاستثنائية، بمعنى أنه من الممكن ألا ينفذ هذا القرار إذا ما تعلق الأمر، بإصابة خطيرة لأحد لاعبيه، وإن كانت الشواهد حتى الآن تؤكد أن الأولوية بالنسبة لـ«الباريسي» تتمثل في بيع اللاعبين «المنبوذين»، وبوجه خاص المدافع السلوفاكي ميلان سكرينيار، الذي تردد أنه مطلوب في فنربخشة التركي على سبيل الإعارة، مثلما رحل المهاجم الفرنسي راندال كولو مواني إلى يوفنتوس الإيطالي على سبيل الإعارة أيضاً، كما أن الجناح الإسباني ماركو أسينسيو لم يعد ضمن خطط مواطنه لويس إنريكي المدير الفني، في هذه الآونة الأخيرة، ومطلوب رحيله أيضاً، ولا يزال مستقبله غير مؤكد.
وأضافت الصحيفة أن عملية إدارة اللاعبين المعارين من سان جيرمان لأندية أخرى لا تزال تمثل مشكلة، لأن النادي ملزم بعدم تجاوز عدد معين من اللاعبين المعارين (6 لاعبين).
وأشارت الصحيفة إلى أن استراتيجية إنريكي تستهدف عدم «تكديس» أعداد كبيرة من اللاعبين هذا الشتاء، وهي سياسة تستهدف توفير نوع من الاستقرار داخل «غرفة الملابس»، وتجنب حدوث خلل أوعدم توازن داخل مجموعة اللاعبين.
ورغم ذلك، أوضحت الصحيفة أن سان جيرمان يظل منتبهاً لحدوث أي احتمال مفاجئ، حتى النهاية الرسمية لغلق «الميركاتو»، خوفاً من حدوث أمر عاجل يستلزم التعاقد مع لاعب أو أكثر.
واختتمت «لوباريزيان» تقريرها بقولها إن هذه الاستراتيجية تعني رغبة واضحة لسان جيرمان في إدارة عاقلة ومفكرة وليس نهجاً متسرعاً، وأن الأيام القادمة ستثبت ما إذا كانت هذه الاستراتيجية قادرة على مواجهة متطلبات كرة القدم.