مقتل ابن عم الرئيس واعتقال عمه.. ما الذي يجري في تشاد؟
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
تفجرت مواجهات عنيفة بين القوات الأمنية التشادية والموالين "للحزب الاشتراكي بلا حدود" الذي يرأسه المعارض الأبرز يحيى ديلو ابن عم الرئيس الانتقالي لتشاد الجنرال محمد إدريس ديبي، المنشق عنه. وقد أسفرت تلك المواجهات عن مقتل ديلو وآخرين واعتقال الجنرال صالح ديبي عم الرئيس.
وترجع الحكاية إلى اعتقال السلطات الأمنية أحد المسؤولين في الحزب ويدعى "أحمد الترابي"، حيث هاجمت قوة تابعة للحزب الاشتراكي مقر الأمن الداخلي حيث يحتجز الترابي، وقتلت عددا من الضباط والجنود.
بدورها، هاجمت قوة ضخمة من الأجهزة الأمنية مقر الحزب الاشتراكي مساء الأربعاء الماضي، الواقع في منطقة "كليمات" بالعاصمة نجامينا، لاعتقال يحيى ديلو حيث كان يتحصن، ووقعت مواجهات عنيفة بين الطرفين أوقعت عددا من القتلى بمن فيهم رئيس الحزب ديلو، كما أصيب 10 أشخاص حسب تصريحات الحكومة التشادية.
واعتقلت السلطات الأمنية 26 شخصا من الموالين للحزب في العملية بعد قتال عنيف دار بين الجانبين.
ما أسباب التوتر؟تتهم الحكومة التشادية أحمد الترابي، وهو المسؤول المالي للحزب الاشتراكي، أنه كان يقف خلف محاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا ويدعى سمير آدم النور، وقامت باحتجازه على ذمة الاتهام، وهنا حاول الحزب الاشتراكي التعامل مع الموقف بالقوة العسكرية مما أدى إلى المواجهات الدامية.
ينفي الحزب الاشتراكي مزاعم السلطات الرسمية، قائلا وفق تصريحه لوكالة رويترز، إن الأجهزة الأمنية قتلت أحمد الترابي يوم الثلاثاء الفائت ووضعت جثته في مقر جهاز الأمن الداخلي، وعندما ذهب أعضاء الحزب للبحث عن جثته فتح الجنود النار على مجموعة من أعضاء الحزب.
وكان زعيم الحزب يحيى ديلو قد صرح سابقا بأن الهجوم المزعوم على المحكمة العليا كان مدبرا مشيرا إلى أن "المحكمة العليا تتمتع بحماية 3 سرايا من الدرك على الأقل". وأن ما تدعيه الحكومة من ضلوع الترابي في المحاولة "محض كذب".
ما طبيعة الموقف في العاصمة التشادية؟يسود التوتر في نجامينا على الرغم من تصريحات السلطات التشادية بأنها استعادت السيطرة على الموقف، وما زال مقر الحزب الاشتراكي محاصرا، وتنتشر الآليات العسكرية والدبابات والمدرعات في شوارع العاصمة. وأغلقت السلطات وسط المدينة مع انقطاع شبه كامل لخدمة الاتصالات والإنترنت.
وأفادت بعض الصحف التشادية باعتقال عم الرئيس الانتقالي "صالح ديبي" الذي التحق مؤخرا بالحزب الاشتراكي، ولم تتجاوز الأحداث العاصمة، التي أعلنت فيها حالة الطوارئ، إلى مناطق أخرى حتى الآن.
هل هو حادث معزول؟ظل زعيم الحزب الاشتراكي يحيى ديلو معارضا شرسا للرئيس ديبي الأب، وفي 2021 قامت السلطات الأمنية بمداهمة منزله في محاولة لاعتقاله، ولكنه أفلت منها بينما لقيت والدته حتفها في الهجوم على منزله، وبالتالي هو امتداد لصراع قديم مع سلطة ديبي.
وتتحدث مصادر تشادية عديدة عن صراع داخل قبيلة الزغاوه المسيطرين على الحكم منذ 1990، وأن هناك تململا داخل العائلة منذ وفاة ديبي الأب، وقد بدأ الراحل يحيى ديلو استقطاب أطراف مهمة داخل الزغاوه من أقرب المقربين للرئيس الانتقالي مما يشكل خطرا على مستقبله في الحكم.
ما علاقة الحدث بالانتخابات القادمة؟وليس مصادفة أن تتفجر الأوضاع على النحو الذي جرى، غداة إعلان اللجنة العليا للانتخابات عن تاريخ انعقاد الانتخابات في 6 مايو/أيار 2024 بحسب معارضين. وقد أعلن حزب حركة الإنقاذ الوطني في الفترة الماضية عن الرئيس الانتقالي مرشحا عن الحزب، في ظل رفض المعارضة التشادية ترشح شاغلي المواقع السيادية في الانتخابات الدستورية.
وبالنسبة للمعارضة التشادية، يعد ديلو منافسا قويا لديبي ويشكل عقبة أمام ترتيب الحكم بيته الداخلي في الانتخابات المرتقبة.
وفي السياق ذاته، أقدمت الحكومة الانتقالية في تشاد على إقالة المدافع البارز عن حقوق الإنسان، محمد نور أحمد إيبدوا من منصبه كرئيس للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، مما اعتبرته تقارير عديدة ضربة لتشاد في الوقت الحرج الذي تستعد فيه للانتخابات.
وكان إيبدوا قد نشر عبر اللجنة تقريرا عن الاحتجاجات التي حدثت في أكتوبر/تشرين الأول من 2022، فيما عُرف عند التشاديين "بالخميس الأسود" حيث جاء في تقرير اللجنة ما يدين الأجهزة الحكومية في استخدامها لوسائل غير متناسبة في قمع الاحتجاجات، مما اعتبرته المعارضة إقالة ذات دوافع سياسية لها صلة مباشرة بالانتخابات القادمة.
لم تصدر أي تصريحات رسمية من أي جهة خارجية حتى الآن تجاه ما يحدث في نجامينا، بما فيك ذلك فرنسا التي نقلت جنودها المنسحبين من النيجر إلى قواعدها الـ3 في تشاد، وحسب تجارب التدخل السابقة فإن باريس لا تتدخل إلا عند اللحظة الحرجة أو بطلب من السلطات، وفق رأي بعض المراقبين.
ما أبرز سيناريوهات المشهد؟وفقا لوكالة "تشاد وان" فإن الموقف ما زال غامضا، وحسب الوكالة وُزعت على قوات خاصة تابعة لوكالة الأمن الوطني (جهاز الاستخبارات التشادي) قوائم بأسماء وزراء ومسؤولين كبار سابقين مطلوب القبض عليهم "أحياء أو موتى"، بحسب تعبير الوكالة.
وإزاء مشهد كهذا يصعب التكهن بمآلات الأوضاع وتطوراتها، وفي إفادة لأحد السياسيين امتنع عن نشر اسمه قال إن المشكلة الرئيسية تكمن في أن الصراع يحدث داخل الأسرة الحاكمة وأن ذوي زعيم الحزب الاشتراكي وأعضاء حزبه لن يسكتوا على ما لحق بهم.
ويتوقع السياسي التشادي في حديث للجزيرة نت توتر الأوضاع من جديد بعد الانتهاء من مراسم عزاء يحيى ديلو، أما في حالة تمكن الرئيس الانتقالي وأجهزته من قمع الحزب الاشتراكي وإسكاته فإن التخوفات من التراجع عن الانتقال قائمة وبقوة، وهو ما يمكن أن يقود البلاد إلى مزيد من التوتر وربما التدخلات الخارجية أيضا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الرئیس الانتقالی الحزب الاشتراکی عم الرئیس
إقرأ أيضاً:
مخاوف من تصاعد صراع الكونغو الديمقراطية إلى حرب إقليمية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يثير طلب جمهورية الكونغو الديمقراطية الحصول على دعم عسكري لمواجهة هجوم متمردي حركة "أم 23" المستمر منذ أشهر تساؤلات حول احتمال تحول الصراع في هذا البلد الواقع وسط إفريقيا إلى مواجهة إقليمية واسعة النطاق.
وفي إطار الاتفاقيات الأمنية والعسكرية، تدخلت بوروندي المجاورة لدعم القوات النظامية الكونغولية في محاولتها التصدي للمتمردين، الذين حققوا تقدمًا ميدانيًا وسيطروا على مناطق استراتيجية في شرق البلاد. كما أرسلت الحكومة الكونغولية وفدًا إلى تشاد للقاء رئيسها محمد إدريس ديبي إنتو، بهدف بحث إمكانية الحصول على دعم عسكري إضافي.
يسعى الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسيكيدي، إلى وقف زحف "أم 23" بكافة الوسائل، سواء عبر الجهود الدبلوماسية أو التحركات العسكرية.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد تورشين، أن "الكونغو الديمقراطية تحاول بكل السبل تأمين دعم إقليمي، وطلبها المساعدة من تشاد يعكس أهمية الجيش التشادي، الذي يتمتع بخبرة كبيرة في مواجهة الجماعات المسلحة مثل بوكو حرام في منطقة الساحل الإفريقي".
وأضاف تورشين في تصريح لـ"إرم نيوز" أن الجيش الكونغولي يأمل في الاستفادة من خبرة الجيش التشادي، نظرًا لاعتماد الحركات المتمردة في المنطقة على تكتيكات حرب العصابات، وهو الأسلوب الذي يجيده الجيش التشادي.
وأشار إلى أن استجابة تشاد لطلب الكونغو الديمقراطية قد تعزز فرص كينشاسا في وقف تقدم "أم 23"، كما قد تفتح الباب أمام تعاون عسكري أوسع بين دول المنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار. واعتبر أن ذلك لن يكون في مصلحة الجماعات المتمردة والانفصالية، لأن التحالفات الإقليمية القوية قد تحد من نفوذها وتضعف أي دعم خارجي تتلقاه.
بينما تُعد بوروندي حليفًا رئيسيًا للكونغو الديمقراطية، تواجه رواندا اتهامات بدعم متمردي "أم 23"، مما يزيد من احتمالات توسع دائرة الحرب.
وفي هذا السياق، حذر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، من أن "أي دعم عسكري من تشاد للكونغو الديمقراطية، سواء عبر العتاد أو القوات، قد يؤدي إلى تفاقم الصراع واتساع نطاقه، بل وربما يصل إلى مستوى التدخل الدولي".
وأضاف كايتا لـ"إرم نيوز" أن "شرق الكونغو الديمقراطية غني بالموارد الطبيعية، مما يجعله محل أطماع العديد من الأطراف. وبالتالي، فإن تدخل جهات خارجية قد يؤدي إلى تدويل النزاع، بدلًا من احتوائه، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة".
في ظل هذه المعطيات، يبقى مصير الصراع في الكونغو الديمقراطية رهنًا بتطورات الدعم العسكري الإقليمي والدولي، وما إذا كان سيؤدي إلى حل الأزمة أو تصعيدها إلى حرب إقليمية شاملة.