لا يتسم المشهد الجنوبي بكثير من الغموض، لكنه ينطوي على درجة عالية من المخاطرة، فقد بات موقف حزب الله واضحا، فهو لا يريد تصعيد الوضع الجنوبي، وفي الوقت نفسه لا يستطيع التهاون في الرد على أي تجاوز او توسع في الاعتداءات الإسرائيلية، فحزب الله عندما أدخل الصاروخ أرض- جو النوعي وأسقط المسيّرة الإسرائيلية، إنما أراد القول للعدو أن تماديه لن يمر دون رد.

     تكمن المخاطرة في أن إسرائيل تعاطت مع خطوة حزب الله بوصفها تصعيدا وذهبت بعيدا في استهدافاتها في أماكن عدة وصولا إلى البقاع وبررت موقفها بأنها استهدفت منظومات ومواقع تتصل بالدفاع الجوي. وهذا هو التدحرج الذي يخشاه الجميع ويحذرون منه والذي يخشى أن يؤدي التراكم فيه في لحظة من اللحظات إلى انفلات المواجهة على نحو واسع.

حزب الله يتصرف بعقلانية ملحوظة وهي محل مراقبة دبلوماسية غربية دقيقة والعقلانية تعبر عن نفسها بتركيز الحزب هجماته وردود أفعاله في مواجهة التصعيد الاسرائيلي على أهداف عسكرية. وفي حقيقة الأمر ما يحول دون انفجار الوضع على نحو واسع، هو موقف حزب الله هذا والموقف الأميركي الضابط للموقف الإسرائيلي.   في هذا السياق، يبدو واضحا أيضا أن حزب الله يتجه إلى إيقاف العمليات العسكريّة في حال أبرم تفاهم رمضان في غزة، لكن في المقابل فإن إسرائيل تتحدث بموقف مغاير، إذ أعلن وزير الحرب الإسرائيلي بالإضافة إلى مسؤولين آخرين أن إسرائيل لن توقف استهدافاتها لحزب الله حتى لو أقرت الهدنة في غزة.

الأوساط السياسية المعنية في لبنان في الحكومة وخارجها، ترجح عكس ذلك، وهي تستند في تقديرها إلى الموقف الأميركي الذي يعتبر بأن الهدوء جنوبا هو ضرورة لاستكمال الدور الدبلوماسي بفعالية لإنتاج تفاهم يتصل بترتيب الأوضاع من خلال إجراءات مستدامة. وما يجري تناقله عن الوسيط الأميركي في ملف الطاقة آموس هوكشتاين ينطوي على شيء من التفاؤل والواقعية بإمكانية الوصول إلى مثل هذا التفاهم، إذ أن الأفكار غير المكتملة التي يتداولها الأميركيّون تبدو أكثر سهولة ومرونة بالمقارنة مع الأفكار الفرنسية، حيث جرت الإشارة الأميركية في مرحلة سابقة إلى صيغة مشابهة لصيغة تفاهم نيسان 1996، مما يعني أن الإجراءات ستكون إلى حد ما متوازية، ولا تحرج أيا من الطرفين على أن يشكل هذا الأمر مخرجا للبحث لاحقا في القضايا الأكثر تعقيدا لا سيما ما يتصل بالتطبيق الكامل للقرار الدولي 1701 ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا. مع الإشارة إلى أن المقاربة الأميركية يفترض أن توفر مخرجا للعدو الإسرائيلي في ما يتعلق بالموضوع الأكثر ضعطا عليه، وهو ملف عودة المستوطنين إلى الشمال.   أن كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يوم أمس يعتبر نوعا من الملاقاة الايجابية لهذه المقاربة ويختزن في ثناياه إدراكا دقيقا لحقيقة الموقفين الأميركي وحزب الله، فهو أشار في تصريح لوكالة رويترز إلى حديث جدي عن وقف العمليات العسكرية في غزة مطلع الأسبوع المقبل، وأن وقف القتال في غزة سيطلق المحادثات حول التهدئة في لبنان. وتوقع ميقاتي محادثات لأسابيع لتحقيق "استقرار طويل الأمد" في جنوب لبنان بمجرد التوصل إلى اتفاق غزة، وأكد بأنه "يثق أن حزب الله سيوقف إطلاق النار إذا فعلت إسرائيل الشيء نفسه".

وتعتبر أوساط سياسية أن المنهجية الأميركية لمعالجة الأوضاع جنوبا تشبه إلى حد بعيد المنهجية التي جرى اعتمادها في إنتاج هدنة غزة، إذ أن تعذر الوصول إلى وقف إطلاق نار شامل في القطاع دفع إلى اقتطاع المرحلة الأولى من هذه الصفقة على أن ينظر لاحقا في استكمالها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الوضع في جنوب لبنان، أي معالجته على مراحل وليس دفعة واحدة.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

مع تصاعد المواجهات.. واشنطن تسلح إسرائيل وطهران تدعم حزب الله

تبادل حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي القصف المدفعي والصاروخي على طول الشريط الحدودي، وفي حين جددت واشنطن تمسكها بتسليح إسرائيل، أكدت طهران دعم "محور المقاومة" لحزب الله.

وقال حزب الله إنه "استهدف مساء الاثنين مبنى يستخدمه جنود العدو في مستوطنة يرؤون بالأسلحة المناسبة وأوقعهم بين قتيل وجريح".

كما أعلن حزب الله مهاجمة تجمع لجنود إسرائيليين بين مستوطنتي المنارة ومرغليوت في الجليل الأعلى، مؤكدا تحقيق إصابة مباشرة. كما أعلن قصفه بالمدفعية انتشارا لجنود إسرائيليين في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا ‏المحتلة جنوب لبنان.

في المقابل، شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات جوية على بلدات بليدا وعيترون ومارون الراس، جنوبي لبنان.

من جانبها، قالت وكالة الأنباء اللبنانية، مساء الاثنين، إن الطيران الحربي الإسرائيلي شن 3 غارات على بلدتي جرد ماسا وجنتا بمحلة الشعرة في البقاع شرق لبنان، حيث كانت فرق الإطفاء في الدفاع المدني تخمد النيران.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان نشره عبر منصة إكس، إنه قصف أهدافا لـ"حزب الله" في عيترون وبليدا ومارون الراس بجنوب لبنان.

وزعم أن طائراته هاجمت أيضا بنية تحتية يستخدمها نظام الدفاع الجوي لحزب الله في منطقة بعلبك شرقي البلاد.

تسليح أميركي

دوليا، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن ستواصل مد إسرائيل بما تحتاج إليه من الأسلحة، مؤكدة أن الإدارة الأميركية علقت شحنة واحدة من القنابل الثقيلة.

وشددت الخارجية الأميركية في بيان على أن الولايات المتحدة مستمرة في تلبية الطلبات التي قدمتها إسرائيل بشأن الأسلحة، وهي لا تفهم تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تعليق المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.

وأضافت أن استمرار العمل العسكري في غزة يضعف إسرائيل، ويصعب التوصل إلى حل مع حزب الله في الشمال.

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجنرال بات رايدر في إحاطة غير مصورة، إن الجهود الأميركية تنصب على التوصل لحل دبلوماسي للتوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

بدورها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك اليوم الاثنين إن برلين تشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد العنف على حدود إسرائيل مع لبنان وتزايد خطر نشوب صراع أوسع في المنطقة.

وخلال كلمتها في مؤتمر أمني بإسرائيل اليوم، حذرت الوزيرة الألمانية إسرائيل من أنها قد "تخسر نفسها" في الحرب مع حركة حماس وأن الغضب المتزايد جراء معاناة المدنيين في غزة يقوض أمن إسرائيل.

دعم إيراني

وفي طهران، قال قائد القوات البرية في الجيش الإيراني، العميد كيومرث حيدري إن محور المقاومة لن يبقى صامتا إزاء أي هجوم إسرائيلي على حزب الله ولبنان، مضيفا أن الكيان الصهيوني سيتلقى ردا قاسيا على جرائمه، حسب قوله.

وأشار إلى أن إسرائيل غرقت في مستنقع غزة، وأن تهديداتها ضد حزب الله ليست بالقضية الجديدة.

وأوضح أن الهجوم الإيراني على إسرائيل غير كثيرا من المعادلات في المنطقة، وأن إيران ظهرت كقوة صاعدة في الإقليم.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان على وقع تنامي حدة المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.

ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل فلسطينية ولبنانية في لبنان بينها حزب الله مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا، أسفر عن مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.

ويربط حزب الله وقف هجماته على إسرائيل بإنهاء الأخيرة حربها على قطاع غزة، والتي خلفت أكثر من 123 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى آلاف المفقودين.

مقالات مشابهة

  • اللحظة حاسمة.. هذا ما أعلنته السفيرة الأميركيّة عن التوتّر في جنوب لبنان
  • موفد قطري ووفد من المخابرات المصرية في بيروت: خفض التصعيد جنوبا
  • ألمانيا تطلب من مواطنيها مغادرة لبنان بسبب الوضع المتوتر للغاية على الحدود
  • “سيكون القتال من مسافة صفر”.. الولائي يهدد إسرائيل بحال شنها حربا على لبنان
  • أكسيوس: نتنياهو غير مهتم بحرب مع حزب الله ويفضل الحل الدبلوماسي
  • وسط مخاوف من الحرب في لبنان.. ما هي رسالة واشنطن لحزب الله؟
  • تصاعد الضغوط الديبلوماسية الاميركية والاوروبية لمنع انفجار حربي واسع في لبنان
  • "سيكون القتال من مسافة صفر".. الولائي يهدد إسرائيل بحال شنها حربا على لبنان
  • مع تصاعد المواجهات.. واشنطن تسلح إسرائيل وطهران تدعم حزب الله
  • غالانت لهوكشتاين: ملتزمون بتغيير الوضع الأمني على الحدودية الشمالية مع لبنان ومستعدون لكل الاحتمالات