تفجرت مواجهات عنيفة بين القوات الأمنية التشادية والموالين "للحزب الاشتراكي بلا حدود" الذي يرأسه المعارض الأبرز يحيى ديلو ابن عم الرئيس الانتقالي لتشاد الجنرال محمد إدريس ديبي، المنشق عنه.

وترجع الحكاية إلى اعتقال السلطات الأمنية أحد المسؤولين في الحزب ويدعى "أحمد الترابي"، حيث هاجمت قوة تابعة للحزب الاشتراكي مقر الأمن الداخلي حيث يحتجز الترابي، وقتلت عددا من الضباط والجنود.

بدورها، هاجمت قوة ضخمة من الأجهزة الأمنية مقر الحزب الاشتراكي مساء الأربعاء الماضي، الواقع في منطقة "كليمات" بالعاصمة نجامينا، لاعتقال يحيى ديلو حيث كان يتحصن، ووقعت مواجهات عنيفة بين الطرفين أوقعت عددا من القتلى بمن فيهم رئيس الحزب ديلو، كما أصيب 10 أشخاص حسب تصريحات الحكومة التشادية.

واعتقلت السلطات الأمنية 26 شخصا من الموالين للحزب في العملية بعد قتال عنيف دار بين الجانبين.

ما أسباب التوتر؟

تتهم الحكومة التشادية أحمد الترابي، وهو المسؤول المالي للحزب الاشتراكي، أنه كان يقف خلف محاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا ويدعى سمير آدم النور، وقامت باحتجازه على ذمة الاتهام، وهنا حاول الحزب الاشتراكي التعامل مع الموقف بالقوة العسكرية مما أدى إلى المواجهات الدامية.

الجنرال محمد إدريس ديبي يتولى منصب الرئيس الانتقالي لتشاد منذ مقتل والده عام 2020 (الفرنسية) ما رواية الحزب الاشتراكي؟

ينفي الحزب الاشتراكي مزاعم السلطات الرسمية، قائلا وفق تصريحه لوكالة رويترز، إن الأجهزة الأمنية قتلت أحمد الترابي يوم الثلاثاء الفائت ووضعت جثته في مقر جهاز الأمن الداخلي، وعندما ذهب أعضاء الحزب للبحث عن جثته فتح الجنود النار على مجموعة من أعضاء الحزب.

وكان زعيم الحزب يحيى ديلو قد صرح سابقا بأن الهجوم المزعوم على المحكمة العليا كان مدبرا مشيرا إلى أن "المحكمة العليا تتمتع بحماية 3 سرايا من الدرك على الأقل". وأن ما تدعيه الحكومة من ضلوع الترابي في المحاولة "محض كذب".

ما طبيعة الموقف في العاصمة التشادية؟

يسود التوتر في نجامينا على الرغم من تصريحات السلطات التشادية بأنها استعادت السيطرة على الموقف، وما زال مقر الحزب الاشتراكي محاصرا، وتنتشر الآليات العسكرية والدبابات والمدرعات في شوارع العاصمة. وأغلقت السلطات وسط المدينة مع انقطاع شبه كامل لخدمة الاتصالات والإنترنت.

وأفادت بعض الصحف التشادية باعتقال عم الرئيس الانتقالي "صالح ديبي" الذي التحق مؤخرا بالحزب الاشتراكي، ولم تتجاوز الأحداث العاصمة، التي أعلنت فيها حالة الطوارئ، إلى مناطق أخرى حتى الآن.

هل هو حادث معزول؟

ظل زعيم الحزب الاشتراكي يحيى ديلو معارضا شرسا للرئيس ديبي الأب، وفي 2021 قامت السلطات الأمنية بمداهمة منزله في محاولة لاعتقاله، ولكنه أفلت منها بينما لقيت والدته حتفها في الهجوم على منزله، وبالتالي هو امتداد لصراع قديم مع سلطة ديبي.

وتتحدث مصادر تشادية عديدة عن صراع داخل قبيلة الزغاوه المسيطرين على الحكم منذ 1990، وأن هناك تململا داخل العائلة منذ وفاة ديبي الأب، وقد بدأ الراحل يحيى ديلو استقطاب أطراف مهمة داخل الزغاوه من أقرب المقربين للرئيس الانتقالي مما يشكل خطرا على مستقبله في الحكم.

ما علاقة الحدث بالانتخابات القادمة؟

وليس مصادفة أن تتفجر الأوضاع على النحو الذي جرى، غداة إعلان اللجنة العليا للانتخابات عن تاريخ انعقاد الانتخابات في 6 مايو/أيار 2024 بحسب معارضين. وقد أعلن حزب حركة الإنقاذ الوطني في الفترة الماضية عن الرئيس الانتقالي مرشحا عن الحزب، في ظل رفض المعارضة التشادية ترشح شاغلي المواقع السيادية في الانتخابات الدستورية.

وبالنسبة للمعارضة التشادية، يعد ديلو منافسا قويا لديبي ويشكل عقبة أمام ترتيب الحكم بيته الداخلي في الانتخابات المرتقبة.

وفي السياق ذاته، أقدمت الحكومة الانتقالية في تشاد على إقالة المدافع البارز عن حقوق الإنسان، محمد نور أحمد إيبدوا من منصبه كرئيس للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، مما اعتبرته تقارير عديدة ضربة لتشاد في الوقت الحرج الذي تستعد فيه للانتخابات.

وكان إيبدوا قد نشر عبر اللجنة تقريرا عن الاحتجاجات التي حدثت في أكتوبر/تشرين الأول من 2022، فيما عُرف عند التشاديين "بالخميس الأسود" حيث جاء في تقرير اللجنة ما يدين الأجهزة الحكومية في استخدامها لوسائل غير متناسبة في قمع الاحتجاجات، مما اعتبرته المعارضة إقالة ذات دوافع سياسية لها صلة مباشرة بالانتخابات القادمة.

المتحدث باسم الجيش التشادي يعلن في 2021 محمد ديبي رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي الحاكم بعد مقتل والده (الأناضول) هل هناك أطراف أخرى في الصراع؟

لم تصدر أي تصريحات رسمية من أي جهة خارجية حتى الآن تجاه ما يحدث في نجامينا، بما فيك ذلك فرنسا التي نقلت جنودها المنسحبين من النيجر إلى قواعدها الـ3 في تشاد، وحسب تجارب التدخل السابقة فإن باريس لا تتدخل إلا عند اللحظة الحرجة أو بطلب من السلطات، وفق رأي بعض المراقبين.

ما  أبرز سيناريوهات المشهد؟

وفقا لوكالة "تشاد وان" فإن الموقف ما زال غامضا، وحسب الوكالة وُزعت على قوات خاصة تابعة لوكالة الأمن الوطني (جهاز الاستخبارات التشادي) قوائم بأسماء وزراء ومسؤولين كبار سابقين مطلوب القبض عليهم "أحياء أو موتى"، بحسب تعبير الوكالة.

وإزاء مشهد كهذا يصعب التكهن بمآلات الأوضاع وتطوراتها، وفي إفادة لأحد السياسيين امتنع عن نشر اسمه قال إن المشكلة الرئيسية تكمن في أن الصراع يحدث داخل الأسرة الحاكمة وأن ذوي زعيم الحزب الاشتراكي وأعضاء حزبه لن يسكتوا على ما لحق بهم.

ويتوقع السياسي التشادي في حديث للجزيرة نت توتر الأوضاع من جديد بعد الانتهاء من مراسم عزاء يحيى ديلو، أما في حالة تمكن الرئيس الانتقالي وأجهزته من قمع الحزب الاشتراكي وإسكاته فإن التخوفات من التراجع عن الانتقال قائمة وبقوة، وهو ما يمكن أن يقود البلاد إلى مزيد من التوتر وربما التدخلات الخارجية أيضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الرئیس الانتقالی الحزب الاشتراکی

إقرأ أيضاً:

زعيم المعارضة التركية يهاجم حماس: "تطلق القنابل على اليهود النائمين"

وصف زعيم المعارضة التركية، أوزغور أوزيل، حركة حماس بأنها "منظمة إرهابية"، منتقدا إياها بسبب "هجماتها على المدنيين"، على حد قوله.

 

وساد غضب في تركيا بسبب تصريحات أوزيل التي أدلى بها خلال مقابلة تلفزيونية السبت، وهو موقف صدر عنه سابقا، بحسب ما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست".

 

وقال أوزيل: "حماس تمطر القنابل على الأبرياء في منتصف الليل، بالبالونات والطائرات المسيرة، ولا أعرف ماذا أيضا".

 

وأضاف أن "أصابع الاتهام تشير إليه عندما يدلي بهذه التصريحات"، مضيفا: "يجب أن تروا أن هذه القضية بدأت هناك (يقصد حماس)، وما فعلته حماس كان عملاً إرهابيا، عندما أطلقت قنابل على اليهود النائمين في منتصف الليل".

 

وانتخب حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، حزب الشعب الجمهوري، أوزيل زعيما جديدا له في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ليحل محل كمال كيليتشدار أوغلو، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس. وبعد فترة وجيزة من الانتخابات في ذلك العام، تعهد أوزيل بالسعي من أجل مستقبل سياسي أفضل، و"لجعل الناس يبتسمون".

 

وفي أعقاب التحديات الاقتصادية التي واجهتها تركيا وتداعيات زلازل شباط/ فبراير2023، تزايد عدم الرضا داخل حزب الشعب الجمهوري، حيث أضاع فرصة هزيمة أردوغان في انتخابات أيار/ مايو من ذلك العام.

 

وللعام الـ18، تحاصر "إسرائيل" قطاع غزة، وأجبرت حربها نحو مليونين من سكانه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد في الغذاء والماء والدواء.

 

ومنذ 6 أيار/ مايو الماضي، تشن "إسرائيل" هجوما بريا على مدينة رفح، واستولت في اليوم التالي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري مع مصر؛ ما أغلقه أمام إخراج جرحى للعلاج وإدخال مساعدات إنسانية شحيحة أساسا.

 

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في 29 من أيار/مايو الماضي، اكتمال السيطرة على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الحدودي؛ ما يعني فصل قطاع غزة عن مصر بالفعل.

 

وتواصل تل أبيب حربها على غزة، متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.

 

كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة.


مقالات مشابهة

  • ردود فعل غاضبة بعد هجوم زعيم المعارضة التركية على حماس
  • زعيم المعارضة التركية يهاجم حماس: "تطلق القنابل على اليهود النائمين"
  • تأجيل مؤتمر الاتحاد الاشتراكي بإقليم تطوان وسط تخبط بسبب المشاكل
  • زعيم المعارضة التركية يهاجم حماس: تطلق القنابل على اليهود النائمين
  • زعيم المعارضة التركية يصف “حماس” بالإرهابية
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: التهدئة في غزة ستؤدي للتهدئة في الشمال وهي الخيار الأفضل
  • الرئيس المشاط يوجه بمتابعة عودة الحجاج اليمنيين إلى صنعاء
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: محادثات مع أطراف مختلفة لإسقاط حكومة نتنياهو
  • الرئيس المشاط يوجه اللواء الرزامي بمتابعة عودة الحجاج اليمنيين إلى صنعاء
  • العراق.. السلطات الأمنية تكشف تفاصيل جديدة عن مقتل ضابط كبير بإقليم كردستان (صورة)