“وام” تطلق الدراسة البحثية الثانية للكونغرس العالمي للإعلام في نيروبي وتدعو إلى قيادة حاسمة في صناعة الإعلام
تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT
أطلقت وكالة أنباء الإمارات “وام”، اليوم، في العاصمة الكينية “نيروبي”، الدراسة البحثية الثانية للكونغرس العالمي للإعلام 2023، التي تتناول اتجاهات وتحديات وفرص صناعة الإعلام العالمية.
وجاءت الدراسة، التي حملت عنوان “القيادة الحاسمة في مشهد إعلامي متزايد التعقيد”، كمخرج لمختبر مستقبل الإعلام الذي ترعاه وكالة أنباء الإمارات “وام”، وهو سلسلة من المناقشات المغلقة الصريحة يقودها قادة وخبراء صناعة الإعلام حول العالم.
حضر فعالية إطلاق الدراسة البحثية، سعادة محمد جلال الريسي مدير عام وكالة أنباء الإمارات “وام” رئيس اللجنة العليا المنظمة للكونغرس العالمي للإعلام، ومجموعة من القيادات الإعلامية ووسائل الإعلام وعدد من المسؤولين الحكوميين والأكاديميين والمؤثرين، فيما شارك مدير عام “وام”، في حلقة نقاشية أدارتها الكاتبة والممثلة ومنتجة الأفلام دافينا ليونارد، ركزت على موضوع الدراسة وتأثيرها على المشهد الإعلامي الكيني والإفريقي مثل تغيير سلوك الجمهور.
كما شارك في الحلقة النقاشية أوشينغ رابورو، رئيس التحرير في “Standard Media Group”، إحدى أكبر الصحف الكينية، ووكانيكا سيغال، محرر الأعمال في مجلة “تقرير إفريقيا”، وجوزيف أوديندو، المحاضر الأول في جامعة الآغا خان للإعلام في نيروبي.
وشدد جوزيف أوديندو، على أهمية محو الأمية الرقمية عند تدريب الصحفيين الناشئين، مشيراً إلى الحاجة لمراجعة المناهج الجامعية لمواكبة التطورات التكنولوجية الجديدة.
وركزت النقاشات بشكل خاص على دور الذكاء الاصطناعي، حيث أكد أوشينغ رابورو أن تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية لتسخيرها في دعم الصحافة في المنطقة. وقال “يتم تطوير معظم أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة باستخدام مواد ومعطيات من خارج إفريقيا وكينيا بشكل خاص. ويجب علينا تسليط الضوء على الحاجة إلى تعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات جمهورنا المحلي.
وأكد سعادة محمد جلال الريسي هذه الآراء حيث سلط الضوء على أهمية حماية حقوق المؤسسات الإعلامية والصحفيين في إطار السعي العالمي لتسخير التكنولوجيا الحديثة، مشدداً على أهمية التعاون الدولي، وقال: “علينا أن نعمل معاً على المستوى الدولي لسن القوانين واللوائح اللازمة في مجال الذكاء الاصطناعي لحماية حقوق النشر”.
وأضاف الريسي: “يشهد قطاع الإعلام تغيرات متسارعة، ما يستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة. ونسعى من خلال هذه الورقة البحثية إلى تحديد القرارات التي يتعين على قادة قطاع الإعلام اتخاذها – مثل الجاهزية لدمج الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الإعلامية – وهي قرارات قد تؤثر على القطاع بشكل هائل. ولكن ما اتضح لنا من خلال الجلسة الحوارية التي عقدناها اليوم والمناقشات التي جرت خلال الكونغرس العالمي للإعلام هو التفاؤل السائد عبر قطاع الإعلام حول المستقبل. وبطبيعة الحال، سوف تواجهنا تحديات، ولكن من المبشر أن نرى مدى شغف قادة القطاع ببذل الجهود المطلوبة لصياغة ملامح مستقبله وضمان استدامته، في كينيا والعالم”.
وأردف سعادته: “كما هو واضح من مناقشات اليوم فإن هناك حالة من التفاؤل تسود وسائل الإعلام بشكل أساسي بشأن المستقبل، وبالطبع، فإن هناك تحديات أمامنا، ولكن من المشجع للغاية أن نرى كيف أن قادة وسائل الإعلام متحمسون لصياغة صناعة الإعلام المستدامة في المستقبل، في كينيا وعلى مستوى العالم”.
وتتكون الدراسة، من ثمانية فصول تناقش إحياء الصحافة المطبوعة، وأثر الذكاء الاصطناعي على صناعة الإعلام، والطرق الحديثة لفهم الجمهور، وكيفية الاستفادة من قوة الألعاب الرياضية النسائية داخل الملعب وخارجه، ودور التكنولوجيا في تحفيز مشاركة الجمهور الرياضي، والذكاء الاصطناعي والوعي الإعلامي، والصحافة البيئية، وصحافة البيانات كأداة قوية في الأيدي المناسبة، فيما جرى تدعيم الدراسة برأي أربعة من خبراء الإعلام والمحللين من مختلف دول العالم.
وجاء الفصل الأول تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي في الإعلام .. تغيير جذري أم موجة أخرى من مد الابتكار؟”، وهو يبحث في النقاش المباشر حول الذكاء الاصطناعي ودوره في غرف الأخبار، ويؤكد أن لديه القدرة على إيقاف التراجع البطيء لوسائل الإعلام التقليدية، على الرغم من وجود مخاطر وجودية بالفعل، حيث يتناول كذلك المخاوف المتزايدة حول فقدان الوظائف وقدرة الذكاء الاصطناعي على دعم نمو المؤسسات الإخبارية الأصغر حجماً وتشجيع تنوع أكبر في الأخبار.
ويتناول الفصل الثاني، الذي جاء تحت عنوان “إحياء الصحافة المطبوعة .. تحديات وآفاق مستقبلية” ظاهرة “إجهاد الأخبار” التي باتت تشكل تحديا رئيسيا أمام الصحافة التقليدية في ظل التعرض المفرط لمحتوى الأخبار، خاصة تلك المتعلقة بالمواضيع المثيرة للجدل، حيث سلط هذا الفصل الضوء على المخاطر التي قد تُلحقها هذه الظاهرة بالصحافة، مثل تزايد اللامبالاة تجاه القضايا المطروحة، وضعف الثقة في المؤسسات الإعلامية، وازدياد صعوبة تمييز الحقائق من المعلومات المضللة.
وعلى الرغم من ذلك، يُظهر هذا الفصل تفاؤلاً متزايدا حول إمكانية إحياء وسائل الإعلام المطبوعة، حيث تَتطلع هذه الصناعة إلى استحداث نهج جديد يمزج بين أفضل جوانب تراثها العريق وتوقعات الجمهور المعاصر وتوجهاتهم في ما يتعلق بنوعية وجودة الأخبار.
وأكد الفصل الثالث، تحت عنوان “فهم الجماهير بطريقة جديدة”، أن العالم يشهد تغيرات سريعة في خصائص وسمات مستهلكي الأخبار، وذلك مع ازدياد الاعتماد على منصات المحتوى القائمة على الفيديو مثل “يوتيوب” و”تيك توك”، ما يفرض تحديات جديدة على صناعة الإعلام، ويفتح آفاقا واسعة لابتكار طرق جديدة للتفاعل مع الجمهور.
ويبحث الفصل الرابع “الاستفادة من قوة الرياضة النسائية داخل وخارج الملعب”، في تصاعد أهمية المنصات الرقمية وتأثيرها في عمل الصحفيات الرياضيات، حيث تتآكل الحواجز التقليدية أمام الأفراد المهمشين، وخاصة النساء، ببطء، ونتيجة لذلك تظهر بعض النتائج الإيجابية مثل نمو عائدات الرياضات النسائية، وزيادة عدد المشاهدين، والاهتمام المتزايد بشكل عام بإنجازات النساء في الرياضة.
ويخلص هذا الفصل إلى أن ثمة فرصة حقيقية أمام الصحفيات الرياضيات للتركيز على حلول وأدوات من شأنها تعزيز العلاقة بين النساء الممارسات للرياضة والجمهور.
وأكد الفصل الخامس “دور التكنولوجيا في تعزيز تفاعل الجمهور الرياضي”، أن التكنولوجيا تحدث ثورة هائلة في الصحافة الرياضية الحديثة، حيث بات للتقنيات الحديثة مثل تحليل البيانات والواقع المعزز وجود قوي في مسارات التغطية الصحفية، إذ أدى هذا التطور إلى تغيير جذري في طريقة تفاعل الجماهير مع المحتوى الرياضي.
ويبحث هذا الفصل في كيفية دمج التقنيات الجديدة بشكل فعال في مستقبل الصحافة الرياضية لتقديم محتوى متنوع لجماهير محددة، كما يناقش التأثيرات الأخلاقية لهذه العلاقة المتطورة بين التكنولوجيا والصحافة.
وأكد الفصل السادس “الذكاء الاصطناعي والوعي الإعلامي .. الحدود الجديدة للمعلومات المضللة”، أن ظهور أدوات مثل “ChatGPT” أثر بشكل كبير في المشهد الإعلامي؛ إذ أحدث تحديات جديدة لكل من منتجي ومستهلكي المحتوى الإعلامي.
ويبين هذا الفصل، أنه على الرغم من وجود جوانب إيجابية للذكاء الاصطناعي، إلا أنه معرض أيضاً لخطر الاستغلال من قبل البعض لإنشاء معلومات مضللة، مشيرا إلى أنه مع تنامي استخدام وسائل الإعلام لتقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن هناك حاجة إلى تعزيز الثقافة الإعلامية بين الصحفيين، كما ينبغي للحكومات تثقيف الجمهور حول هذه التهديدات.
ويخلص هذا الفصل إلى أن الصناعة يجب أن تصبح أكثر يقظة، وأن تتحدى المعلومات المضللة بنشاط، وأن تكثف الجهود لمكافحة تلوث المعلومات.
وأكد الفصل السابع “الصحافة البيئية .. جسر الهوة بين القراء والقضايا البيئية”، أنه مع ازدياد تأثير تغير المناخ في المجتمعات، برزت الصحافة البيئية كجزء لا يتجزأ من الأخبار السائدة، ورغم اتساع نطاق التغطية، تُثار مخاوف حول صعوبة تفاعل الجماهير مع هذه الأخبار ما لم تحدث أزمة كبيرة.
ويسلط هذا الفصل الضوء على دور الصحفيين في تفهم علم المناخ المعقد، ونقل المعلومات بفعالية، وتعزيز الشعور بالمسؤولية.
ويختتم الفصل بالتأكيد على ضرورة سعي صناعة الإعلام، وخاصة هيئات البث العامة، إلى إعادة إشراك الجمهور من خلال : سد الفجوات بين القراء والقضايا البيئية الحرجة، وتبسيط المعلومات العلمية، وطرح حلول قابلة للتطبيق.
ويناقش الفصل الثامن والأخير “صحافة البيانات .. أداة قوية في الأيدي الصحيحة”، بشكل نقدي دور البيانات المتنامي الأهمية في صناعة الأخبار، مع التركيز على التحديات التي تواجه الصحفيين في تحويل البيانات الخام إلى قصص إخبارية قيّمة.
ويسلط الفصل الضوء على إدراك الصناعة لأهمية ترجمة البيانات وتفسيرها للجمهور، مع التأكيد على المخاطر المترتبة على استخدام البيانات غير الموثوقة أو المتحيزة، مشيرا إلى صعود صحافة البيانات، مع إبراز نقاط الخلاف حول كيفية نشرها واختيار ممثلي وسائل الإعلام لاستخدامها.
ويأتي نشر الدراسة البحثية الثانية، بعد اختتام النسخة الثانية للكونغرس العالمي للإعلام 2023 الذي عقد في نوفمبر الماضي في أبوظبي بتنظيم من مجموعة “أدنيك” بالشراكة مع وكالة أنباء الإمارات “وام”، وشهد حضور ما يقارب 24000 خبير وزائر على مدى ثلاثة أيام لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحا التي تواجه صناعة الإعلام العالمية.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: للکونغرس العالمی للإعلام وکالة أنباء الإمارات الذکاء الاصطناعی الدراسة البحثیة وسائل الإعلام صناعة الإعلام وأکد الفصل هذا الفصل الضوء على
إقرأ أيضاً:
رمضان ومطبخ الذكاء الاصطناعي
بعد أن جرى استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي فـي مسلسلات رمضان الماضي كمشاهد الحرب والديكورات الفخمة والمؤثرات السمعية والبصرية، هل سيتغلغل الذكاء الاصطناعي أكثر، ويوسّع دائرته، ليصبح عنصرا أكثر فاعلية فـي الدراما؟
الإجابة واضحة، ومتوقّعة، فاستعانة مخرج مسلسل (الحشّاشين) بيتر ميمي، بالذكاء الاصطناعي لتقليل التكلفة الإنتاجية، لقيت قبولا من الجمهور، فالتطورات سريعة، والطوفان الذي انطلق قبل سنوات لا يمكن إيقافه، فضلا عن أنّ مواكبة التطوّرات مطلوبة، كما أنّ توظيف التكنولوجيا الحديثة فـي الدراما صارت واقعا.
المشكلة أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه أن يكتب، ويخرج ويمثّل ويصمم ويلحن ويغني «ويفعل ما يشاء، هو لا مخيّر ولا مسير، هو لا يؤمن إلّا بقدرته وأقداره» كما يقول الباحث السوداني يوسف عايدابي.
وخلال حضوري المؤتمر الفكري المصاحب لفعاليات مهرجان المسرح العربي، شاهدت تجربة مسرحية سورية، عُرضت بواسطة الفـيديو، ونفّذت بطريقة الذكاء الاصطناعي حملت عنوان (كونتراست) للمخرج أدهم سفر وقد بلغت مدة عرضها (17) دقيقة كانت مزيجا من الرقص التعبيري والباليه، وقد حضر الإبهار لكن غاب الإحساس، والمسرح الذي ألفناه، وتربينا عليه، وعلى عناصره التي يمكن إجمالها، بالحوار والسرد والبناء الدرامي، والرسالة، فقد حضرت التكنولوجيا بقوّة، لتزيح بعضا من تلك العناصر، عبر التركيز على الأداء الجماعي، والمشاهد البصرية، والأمر نفسه بالنسبة للدراما التلفزيونية، خصوصا أنّ المخرج محمد عبدالعزيز خاض قبل عامين تجربة من هذا النوع فـي مسلسله (البوابات السبع) فقدّم صناعة درامية كاملة لأعمال من الذكاء الاصطناعي، وبكلّ ثقة قال: «فـي المستقبل القريب لن نكون بشرا لوحدنا، بل سنندمج مع الذكاء الاصطناعي ونصبح طرفا واحدا، نحن هنا على مشارف نهاية هذا الإنسان والبدء برحلة جديدة للإنسان المندمج مع التطبيقات الذكية».
وإذا كان الممثل الأمريكي توم هانكس يتوقّع أنّه سيستمر بالتمثيل حتى بعد رحيله عن هذا العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، فهذا الأمر حصل بالفعل مع الممثل المصري طارق عبدالعزيز الذي وافته المنية قبل استكمال تصوير مشاهده فـي مسلسل (بقينا اثنين)، فلجأ المخرج إلى تقنية الذكاء الاصطناعي ليستكمل تصوير مشاهده المتبقية، وبذلك قلّلت، هذه التقنية، من مخاوف المخرجين من رحيل أحد الممثلين قبل استكمال تصوير مشاهده، كما حصل مع الفنان رشدي أباظة عندما توفّي عام 1982 أثناء تصوير فـيلمه الأخير (الأقوياء)، فجاء المخرج أشرف فهمي ببديل هو صلاح نظمي، وكانت معظم المشاهد التي صوّرها للممثل البديل جانبية لإيهام الجمهور أنّ الذي يقف أمام عدسة الكاميرا هو رشدي أباظة، وهذه (الخدعة) لم تنطلِ على الجمهور، وغاب الفعل الدرامي، فكان نقطة ضعف فـي الفـيلم.
ومع هذه المحاسن، سيواجه هذا النوع من الدراما معارضة فـي بادئ الأمر، من قبل المشتغلين بصناعة الدراما والسينما، لأن الذكاء الاصطناعي سيجعل المنتجين يستغنون عن خدمات الكثير من العاملين فـي هذا القطاع، وهو ما جعل العاملين فـي استوديوهات هوليوود يضربون عن العمل مطالبين نقابة الممثلين بتوفـير حماية لهم من هذا الخطر الذي هدّدهم برزقهم! أما بالنسبة للجمهور فسيتقبلها تدريجيا، ويعتاد عليها مثلما تقبل مشاهدة اللقطات التي جرى تصويرها رقميا فـي أعماق البحر بفـيلم (تيتانك)، للمخرج جيمس كاميرون (إنتاج 1997)، وأظهر السفـينة بحجمها الكامل فـي تجربة رائدة فـي التصوير الرقمي، سينمائيا، وزاد ذلك فـي رفع وتيرة المؤثرات، والإبهار وأضاف، رقميا، الكثير من الماء والدخان، فنجح الفـيلم نجاحا كبيرا، وكان الإبهار الذي صنعه التصوير الرقمي من عوامل النجاح، تبعا لهذا، يمكننا تقبّل دخول الذكاء الاصطناعي فـي حقل الدراما إذا لعب الذكاء الاصطناعي دورا تكميليّا، كما قال د. خليفة الهاجري خلال حديثه عن التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، فهو «ليس بديلًا للمصمّم البشري، بل أداة تكميليّة يمكن أن تعزّز الإبداع، والابتكار فقط» وعلينا أن نضع فـي الاعتبار احتمالية الاستغناء عن الكومبارس والإبقاء على الممثلين الرئيسيين لأسباب تسويقية، والمخيف حتّى هؤلاء سيطالهم الاستغناء، وينسحبون تدريجيا ليصيروا ضيوف شرف على مائدة دراميّة تعدّ بالكامل فـي مطبخ الذكاء الاصطناعي !!