قدمت شركة في العاصمة الإيرانية، طهران، عروضا مغرية على واحد من أهم المنتجات في البلاد، وهو جهاز هاتف “آيفون” الصادر في 2021، قبل أن يتبين أن صاحبها قاد مخطط احتيال وجمع الملايين وغادر البلاد، وفق السلطات الإيرانية.

ومع ذلك، فإن الجدل المحيط بالشركة يذهب أبعد من مخطط الاحتيال المزعوم، ليشكل علامة على المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها إيران بعد عقود من العقوبات الغربية التي تتسارع الآن مع تقدم طهران بسرعة في برنامجها النووي، ومساعدتها على تسليح روسيا في حربها على أوكرانيا، ودعم ميليشياتها في الشرق الأوسط.

عندما حظرت الحكومة الإيرانية العام الماضي “آيفون 14 و 15″، حفز الحظر اقتصادا متوازيا على الهواتف القديمة، حيث ارتفعت أسعار الأجهزة.

وعلى الرغم من أن مرشد إيران علي خامنئي ندد في السابق بالسلع الفاخرة الأميركية وسط سنوات من التوترات مع الغرب، إلا أن المستهلكين لا يزالون يريدون الهواتف والفخامة المرتبطة بها.

وقالت آرام، عاملة بمتجر في طهران، أعطت اسمها الأول خوفا من الانتقام: “الطلب مرتفع”. يستمر زبنائها في طلب “أحدث طراز من آيفون” الذي تم حظره، وقالت: “إذا تمكنوا من السماح بالواردات القانونية فسيكون ذلك أفضل بكثير”.

في المتاجر في جميع أنحاء إيران، يتراوح سعر iPhone 13S من 330 دولارا للموديلات التي تم تجديدها إلى 1020 دولارا للأجهزة الجديدة، ولايتوفر آيفون 15 المرغوب الآن في جميع أنحاء العالم.

وحتى في حال إدخال آيفون 14 و 15 إلى البلاد، فسيتوقف عن العمل على شبكات الهواتف المحمولة التي تسيطر عليها الدولة في إيران بعد شهر واحد، وهو الوقت المخصص للسياح.

ولطالما كانت واردات أجهزة “آيفون” مثيرة للجدل، وتشير الإحصاءات الحكومية إلى أن حوالي ثلث سوق استيراد الهاتف المحمول البالغ 4.4 مليار دولار كان يهيمن عليها “آيفون” قبل حظره.

يمكن للشركات الخاصة التي تستورد الهواتف المحمولة إمكانية الوصول إلى أسعار الصرف المحددة من قبل الحكومة أقل بكثير من معدل 580 ألف ريال لـ 1 دولار في مكاتب الصرف، مما يجعل الأعمال التجارية مربحة أكثر.

انتقد خامنئي بوضوح واردات “آيفون” في ملاحظات للوزراء الحكوميين في أغسطس 2020، وقال في ذلك الوقت، “الواردات المفرطة هي شيء خطير”. وأضاف”في بعض الأحيان يكون هذا الاستيراد منتجا فاخرا، مما يعني أنه لا حاجة له. لقد سمعت أن حوالي نصف مليار دولار تم إنفاقها على استيراد نوع واحد من الهواتف المحمولة الفاخرة الأميركية. ”

لكن الطلب على “آيفون” لا يزال موجودا ويبقى رمزا للمكانة للعديد من الإيرانيين الشباب.

وقال إيهسان إيهساني، طالب الهندسة المعمارية البالغ من العمر 23 عاما في طهران: “أفضل “آيفون” على أي هاتف آخر، بأي ثمن، لأنه لا يمكن مقارنته بأي علامة تجارية أخرى من حيث الرفاهية”.

وكانت قواعد استيراد أجهزة “آيفون” إلى إيران صعبة دائمًا، ولايمكن إحضار الهواتف إلا بشكل فردي من قبل المسافرين، الذين سيقومون بعد ذلك بتسجيلها عند نقطة دخول البلاد على أنها للاستخدام الشخصي. ويقدم الأشخاص أرقام جوازات سفرهم ويدفعون رسومًا قدرها 22.5 ٪ من سعر الهاتف، على النحو الذي تحدده الحكومة.

وأثار هذا عملا جانبيا حيث ينتظر تجار “آيفون” الركاب في المطار ويدفعون لهم مقابل الحصول على إذنهم لاستخدام أرقام جوازات سفرهم لتسجيل الأجهزة في ملكيتهم.

وقال نافيد بهماني، البالغ من العمر 26 عاما ويعمل في متجر “آيفون” في طهران، إنه عادة ما يدفع للمسافرين 40 دولارا لاستعمال أرقام جوازات سفرهم في مطار الإمام الخميني في طهران.

وأضاف أن السعر يعتمد على المسافرين، “بعضهم يقبل العرض الأول ، بعضهم لا.”

وساعدت المشكلات الاقتصادية لإيران في ظهور مخططات الاحتيال مثل مخطط شركة كوروش، فقد تجاوز التضخم أي سعر فائدة يقدمه البنك، والتهم الاستهلاك مدخرات الناس. نتيجة لذلك، يسعى الكثيرون إلى شراء أصل مادي، سواء كان منزلا أو مجوهرات أو حتى سيارة لحمايته من الخسائر.

ومن هنا ظهرت شركة كوروش التي عرضت iPhone 13S بدءًا من ما يعادل 360 دولارا، إذا كنت على استعداد للدفع أولا والانتظار لبضعة أسابيع قبل استلام الجهاز. وظهر المشاهير في إيران في إعلانات الشركة عبر الإنترنت ما زاد من الاهتمام.

وتلقى بعض الزبائن الهواتف ما زاد من الطلب على الشركة، وقدرت صحيفة “شارغ” الإصلاحية أن الشركة حققت 36 مليون دولار في أقل من عام، على الرغم من أن المسؤولين لم يؤكدوا ذلك، ثم نفدت الهواتف.

تقول السلطات الإيرانية إن الرئيس التنفيذي لشركة كوروش البالغ من العمر 27 عاما والعقل المدبر للمخطط، أمير حسين شريفيان غادر فجأة في سبتمبر، وما زال هاربا مع ملايين الدولارات من المدفوعات.

ولم تتمكن وكالة أسوشيتيد برس من الوصول إلى شريفيان للتعليق، على الرغم من أن موظف بالشركة أصر في مقطع فيديو عبر الإنترنت تم نشره قبل أسبوعين على أن مشكلات سلسلة التوريد تسببت في تأخير عمليات تسليم الهواتف.

وقال المتحدث باسم الشرطة الإيرانية الجنرال سعيد مونتازرالميهدي إن المحققين ما زالوا يلاحقون شريفيان.

وعلى الرغم من ذلك، يستمر الزبناء في الاصطفاف خارج المتجر، حتى بيوم كان شديد البرد مؤخرا في طهران.

وقل موتيزا زاري، 47 عاما، الذي يدير متجرًا لإصلاح السيارات “دفعت ثمن تسعة أجهزة”، وأضاف “فكرت أنها طريقة جيدة لزيادة استثماري. لكنني لم أحصل على شيء “.

أسوشيتد برس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: على الرغم من فی طهران

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الإيرانية.. مفاجآت وحيوية وصناعة نموذج

 

تُسقِط الانتخابات الإيرانية، جولة بعد أخرى، الدعاية الغربية التي كانت تسوق لفكرة أنَّ الانتخابات في إيران معلبة وموجهة ومطبوخة، وأن النظام السياسي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير ديمقراطي.
محاولات التشويه التي لم تتوقف، أفشلتها إيران من خلال تكريسها رسالة الثورة الإسلامية القائمة على أساس التوليف بين المبادئ الإسلامية والآليات الديمقراطية، جمعت الثورة بين مفهومين لم يكن متصوراً أن ينصهرا، هما الجمهورية والإسلامية في بوتقة واحدة.
هذه التوليفة أنتجت حيوية سياسية مفتقدة في أغلب دول المنطقة، وقد أدت الانتخابات المتوالية دوراً كبيراً في هذا المجال، وساهمت في تجديد حيوية المجتمع الإيراني ونخبته السياسية من دون أن يتعرض النظام للاهتزاز أو للانكشاف أمام الخارج.
الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة منذ انتصار الثورة الإسلامية، تأتي في هذا السياق، وهي تدفع إلى التوقف عند مجموعة استنتاجات ومعطيات:
أولاً: لقد أضفى وجود مرشحين ينتمون إلى التيارات المتباينة والمختلفة (تحت سقف الثورة) حيوية على المشهد، وجاءت المناظرات التلفزيونية التي حصلت لتطرح القضايا والعناوين التي تهم الناخب الإيراني، وليدلي كل مرشح بدلوه بهدوء واحترام متبادل بعيداً عن الشتائم والاتهامات والشخصنة والفضائحية التي تشهدها الانتخابات في عدد من الدول الغربية، بدليل المناظرة الرئاسية الأمريكية التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي.
ثانياً: لقد جرت مراحل هذه الانتخابات بسلاسة لافتة مع أنها أتت في ظروف استثنائية بعد رحيل مفاجئ للرئيس رئيسي. حصلت التحضيرات خلال فترة لا تتخطى 50 يوماً، ما يعكس قدرة إدارية عالية لدى الدولة الإيرانية، كما حظيت بتغطية إعلامية داخلية جيدة، وعكست الصحف الإيرانية نبض الشارع ومزاجه، فكان الإعلام مرآة عاكسة لما يجري، وأتيحت للمتنافسين فرص متكافئة ومجانية في الإطلالات الإعلامية.
ثالثاً: جرت الانتخابات وسط ترقب نتائج غير محسومة، أجمع المراقبون والمحللون والخبراء الانتخابيون على أن الشعب الإيراني سيصنع هذه المرة أيضاً المفاجآت الانتخابية، وما يؤكد هذا الأمر أن الشعب هو المقرر، وأن الانتخابات ليست مبرمجة أو معلبة، وكما هو معلوم، كلما ارتفع منسوب عدم اليقين قبل أي انتخابات، وكلما كانت النتائج مفاجئة ومغايرة للتوقعات، ازدادت الثقة بنزاهتها.
أما عندما صدرت نتائج الدورة الأولى، فقد تبين أنها أبعد ما تكون عن نسب التسعين % المتداولة في العديد من دول المنطقة، وانتقلت الانتخابات إلى مرحلة الجولة الثانية التزاماً بالقوانين، ما يؤكد أن الدولة الإيرانية هي دولة مؤسسات وقانون.
رابعاً: شكَّل تعدد المرشحين حتى ضمن التيار الواحد، وخصوصاً التيار المبدئي، دليلًا على عدم وجود “مايسترو” أو مبرمج للانتخابات التي كانت ترجمة طبيعية للمشاريع والبرامج والمقاربات المختلفة والمتنوعة في الساحة السياسية الإيرانية.
خامساً: تجري الانتخابات الايرانية في ظل منسوب جيد من الاستقرار الأمني والسياسي؛ ففي وقت يحذر الرئيس الفرنسي، الذي تخوض بلاده انتخابات تشريعية، من حصول حرب أهلية في فرنسا على خلفية الانقسامات الواقعة في بلاده، وتشهد الولايات المتحدة الأمريكية ازدياد القلق من الانعكاسات الخطيرة للانتخابات الرئاسية على السلم الأهلي الأمريكي، تخوض إيران الانتخابات في جو من التنافس الصحي، وفي ظل ضوابط تضمن استقرار البلاد، وفي إطار مبادئ النظام الإسلامي التي تكرست عبر الاستفتاء الشعبي.
في إيران، لا حديث عن حروب أهلية في زمن الانتخابات، بل تظهر التجربة الديمقراطية الإيرانية أن هناك إمكانية لتنظيم معارضة من دون أن يراق على جوانبها الدم أو يُزج نشطاؤها في السجون ويطاردون حتى الموت، كما هو سائد في العديد من الدول في العالم.
سادساً: لا يمكن فصل المشهد الانتخابي عن واقع وحقيقة أن إيران من أكثر الدول استهدافاً، وبشكل معلن، من الولايات المتحدة الأمريكية. تتعرض إيران لحجم من التهديدات والضغوط الإعلامية والاقتصادية غير المسبوقة في التاريخ، ورغم كل هذا، يحافظ النظام على ثباته ويتحقق الانتظام الدستوري.
صمدت طهران في وجه التحديات على مدى 45 عاماً. منذ العام 1979م، تغيرت صورة العالم الإسلامي من المغرب إلى إندونيسيا، انقلبت أنظمة، واختفت حكومات، وتغيرت الأولويات والتحالفات في عدد من الدول العربية، لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تتغير، وحافظت على مبادئها الاستراتيجية ومواقفها تجاه القضايا الأساسية، وها هي اليوم، وعلى الرغم من الأعاصير التي تعصف بالمنطقة، تنجز الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة محافظة على حضورها الفاعل والوازن في الإقليم.
تنتظر إيران رئيسها الجديد ليمسك بالزمام ويعين السفينة على الصمود والثبات في وجه التحديات التي لم تتوقف، والتي لا تزال تلوح في الأفق، وعلى هذا الطريق، تقدم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأفكار وتصنع النموذج الذي يحتذى ويحترم.

إعلامية لبنانية

مقالات مشابهة

  • بيزشكيان يمد يد الصداقة للجميع بعد انتخابه رئيسا جديدا لايران
  • بعروض ترفيهية شيقة وجاذبة.. مهرجان “صيف حقل 2024” يواصل تقديم فعالياته
  • مسعود بزشكيان رئيساً لإيران.. هل تغير نتائج الانتخابات المشهد السياسي؟
  • الانتخابات الإيرانية.. مفاجآت وحيوية وصناعة نموذج
  • بدء فرز الأصوات في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية
  • إقبال أكبر برئاسيات إيران.. هل تؤثر النتائج على السياستين الداخلية والخارجية؟
  • بدء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية في دورتها الـ 14 في عموم إيران وخارجها
  • إيران.. بدء عملية الاقتراع في جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة بين جليلي وبزشكيان
  • إيران ترفع أكبر علم لفلسطين في العالم بحضور وفد من عوائل شهداء معركة “طوفان الأقصى”
  • رواد “شنتشو-18” الصينية يكملون ثاني مهمة سير في الفضاء